عرض مشاركة واحدة
  #15  
قديم 13-11-2015, 07:30AM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -



[265]الحديث الخامس :
عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله ﷺ يقول عام الفتح ( إن الله ورسوله حرم بيع الخمر والميته
والخنزير والأصنام فقيل يا رسول الله أرأيت شحوم الميتة فإنه يطلى بها السفن ويدهن بها الجلود ويستصبح بها الناس فقال لا هو حرام ثم
قال رسول الله ﷺ عند ذلك قاتل الله اليهود إن الله لما حرم عليهم شحومها جملوه ثم باعوه فأكلوا ثمنه )
. قال جملوه أذابوه



موضوع الحديث :
تحريم بيع ما حرم أكله أو شربه لنجاسته وتحريم بيع الأصنام على هيئتها



المفردات
الخمر : ما خامر العقل أي غطاه حتى لا يعرف شاربه المشرق من المغرب
والميتة هي : ما ماتت من الحيوانات حتف
أنفها أي بدون ذكاة

أما الخنزير : فهو حيوان خبيث حرم الله أكله لما ينشأ عنه من الخلائق السيئة
أما الأصنام : فهي التماثيل من الخشب أو الحجارة أو غيرهما وهي التي تمثل على شكل الآلهة التي يعبدونها
قوله أرأيت شحوم الميتة : استفهام عن الحكم بعد التعليل
قوله فإنه يطلى بها السفن: هذا تعليل يقصد منه هل يكون مؤثراً في الحكم تأثير إباحة
قوله ويدهن بها الجلود ويستصبح بها الناس : هاتان الجملتان معطوفتان على الجملة التي قبلها
قوله فقال لا : الضمير في قال يعود على رسول الله _ ولا نهي أو نفي للحكم المتوهم



وقوله هو حرام : هذه الجملة تأكيد لما تفيده لا ثم قال رسول الله ﷺ عند ذلك قاتل الله اليهود : هذا دعاء عليهم إن
الله لما حرم عليهم شحومها أي شحوم بهيمة الأنعام وذلك أن الله عز وجل حرم الشحوم على بني إسرائيل

جملوه : أي أذابوه
قوله ثم باعوه فأكلوا ثمنه : أي آل بهم الأمر إلى أنهم أكلوا ثمن ما حرم عليهم


المعنى الإجمالي
سئل رسول الله ﷺ حين قال إن الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام فسألوه عن المنافع
غير الأكل فقال لا هو حرام ثم قال قاتل الله اليهود عندما حرم الله عليهم الشحوم عملوا الحيلة لبيع ما أذابوه منها فذموا على
استعمالهم تلك الحيلة ليأكلوا بها ما حرم الله عز وجل .



فقه الحديث
أولاً: يؤخذ من هذا الحديث تحريم بيع الخمر والميتة والخنزير لما فيهما من الضرر والمعصية لله تعالى


ثانياً : يؤخذ منه أنه لا يجوز بيع الأصنام بحالتها الراهنة أي وهي باقية على شكلها


ثالثاً: لما كانت الأصنام من مواد طاهرة وإنما حرمت لما طرأ عليها من جعلها تماثيل لمعبودات الوثنيين فإنه لو كانت الأصنام
من الخشب فكسرت وبيعت حطباً فإنه في هذه الحالة يجوز بيعها لأنها قد تحولت عما كانت عليه وهذا حكي فيه الاتفاق



رابعاً : الميتة نجسة بصريح الآية واتفاق العلماء والخنزير حرام بالإجماع للنص عليه لكن هل حرمت الخمر لنجاستها أو
لما ينشأ عن شربها من ضياع العقل وتسكيره حتى يعود صاحبه لا عقل له فلما كان الخمر متردد تحريمه بين
هاتين العلتين اختلف فيه أهل العلم هل هو نجس وهل أن التحريم تلازمه النجاسة فذهب قوم إلى أن التحريم تلازمه النجاسة
وذهب قوم إلى أنه لا تلازمه النجاسة واستدلوا بأنه قد يكون التخدير أو التسكير طبيعة في شيء من النباتات
كالحشيش والهيروين وغيرهما وإذا كان الأمر كذلك فإن التحريم لما يترتب على شربه أو أكله وليس للنجاسة بل إن الشجر الذي
تؤخذ منه هذه المادة طاهر باتفاق ومثل ذلك أيضاً الحَشَر الذي يستعمل في الشيشة فإن شجره طاهر أيضاً باتفاق
لهذا فقد تبين بأن التحريم لا تلازمه النجاسة بل قد يكون الشيء محرماً أكله أو شربه وهو طاهر في نفسه وإنما حرم أكله وشربه
لما يترتب عليه من تخدير العقل وتسكيره



خامساً: لما حرمت الخمر وأمر النبي ﷺ بإراقتها وكان فيها مال أيتام فأريق ذلك المال وكان بعد الإراقة
التي ساحت في شوارع المدينة لا بد أن يطأ فيها الناس فلما لم ينههم النبي ﷺ عن الوطأ فيها وهي مراقة ولم يأمر من
وطأ فيها أن يغسل ما أصابه منها دل هذا على أنها طاهرة وليست بنجسة .



سادساً: لما سأل الصحابة رسول الله ﷺ عن الانتفاع بهذه الأشياء التي هي الخمر والميتة فسألوه عن الميتة
لأنه تطلى بها السفن وتدهن بها الجلود ويستصبح بها الناس فسألوه عن ذلك ملتمسين الحكم لعله أن تكون هذه المنافع التي
هي غير الأكل والشرب مؤثرة في جواز استعمالها قال النبي ﷺ لا وأكد ذلك بقوله هو حرام



سابعاً : هل يؤخذ من هذا أن من ماتت له بهيمة فاستعمل شحومها للاستصباح أو لطلي السفن هل يكون ذلك مباحاً هذا
محل نظر فإن وجد الإجماع وصح على جواز ذلك إذا لم يكن فيه بيع دل على أن التحريم إنما هو من أجل ما يؤول إليه من البيع
وعلى هذا فيمكن أن نقول أن النبي ﷺ لما ذكر اليهود عند ذلك وذمهم بجمل الشحوم وبيعها وأكل ثمنها كان ذلك
دال على أن التحريم إنما هو للبيع وأكل الثمن وليس لمطلق الانتفاع



ثامناً : ولقد أباح النبي ﷺ أخذ جلد الميتة ودبغه والانتفاع به وقال إنما حرم أكلها فدل ذلك على أن التحريم إنما هو للبيع
الذي يؤدي إلى أكل الثمن حين قال ﷺ ( قاتل الله اليهود إن الله لما حرم عليهم الشحوم جملوه ثم باعوه وأكلوا ثمنه .



تاسعاً : يؤخذ من هذا الحديث أيضاً تحريم الذرائع التي توصل إلى الحرام كما حصل لليهود وبالله التوفيق .


--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]

[ المجلد الرابع ]

رابط تحميل الكتاب :


http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf






.

رد مع اقتباس