عرض مشاركة واحدة
  #68  
قديم 11-01-2015, 04:07PM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم




الملخص في شرح كتاب التوحيد
لفضيله الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان
-حفظه الله ورعاه-





ص -428- باب قول الله تعالى: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ
جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى
عَمَّا يُشْرِكُونَ}
[الزمر: 67].



مناسبة هذا الباب لكتاب التوحيد:
أراد المصنف –رحمه الله- أن يختم كتابه بهذا الباب المشتمل على النصوص الدالة على
عظمة الله، وخضوع المخلوقات له؛ مما يدل على أنه هو المستحق للعبادة وحده، وأن له
صفات الكمال ونعوت الجلال.
باب قول الله تعالى: أي: ما جاء في معنى هذه الآية الكريمة من الأحاديث والآثار.
ما قدروا الله حق قدره: أي: ما عظّم المشركون الله حق تعظيمه؛ إذ عبدوا معه غيره.
والأرض... إلخ: جملةٌ حالية.
جميعاً: أي: بجميع جهاتها وطبقاتها.
سبحانه: تنزيهاً له.
وتعالى عما يشركون: به من الأصنام والأنداد العاجزة الحقيرة.
المعنى الإجمالي للآية: يخبر الله تعالى أن المشركين ما عظّموا الله حق تعظيمه؛ حيث
عبدوا معه غيره، وهو العظيم الذي لا أعظم منه،

ص -429- القادر على كل شيء، المالك لكل شيء، وكل شيء تحت قهره وقدرته،
والمخلوقات كلها بالنسبة إليه صغيرة حقيرة، ثم نزّه نفسه عن شرك المشركين وتنقص الجاهلين.


تنبيه:
1- مذهب السلف في قوله تعالى:{...وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ
مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ...}
هو إمراره كما جاء مع اعتقاد ما دل عليه من غير تحريف ولا تكييف.
والأحاديث والآثار تفَسِّرها وتوَضِّحها.
2- ما يستفاد من هذه الآية يأتي بعد ذكر ما يتعلق بها من الأحاديث الواردة في هذا الباب.

ص -430- عن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: "جاء حَبْر من الأحبار إلى رسول
الله - صلى الله عليه وسلم- فقال: يا محمد، إنا نجد أن الله يجعل السماوات على
أَصبُع، والأرضين على أصبع، والشجر على أصبع، والثرى على أصبع، وسائر الخلق على أَصبُع،
فيقول: أنا الملك. فضحك النبي - صلى الله عليه وسلم- حتى بدت نواجِذُه، تصديقاً
لقول الحَبْر". ثم قرأ:
{وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} الآية. وفي
رواية لمسلم: "والجبال والشجر على أصبع ثم يهزهن فيقول: أنا الملك، أنا الله"، وفي رواية
للبخاري:
"يجعل السماوات على أصبع، والماء والثرى على أصبُع، وسائر الخلق على
أصبُع"
"1" أخرجاه.
ولمسلم عن ابن عمر مرفوعاً:
"يطوي الله السماوات يوم القيامة، ثم يأخذهن بيده اليمنى،
ثم يقول: أنا الملك، أين الجبارون؟ أين المتكبرون؟ ثم يطوي الأرَضين السبع، ثم يأخذُهن
بشِماله، ثم يقول: أنا الملك، أين الجبارون؟ أين المتكبرون""2" ورُوي عن ابن عباس قال:
"ما السماوات السبع والأرَضون السبع في كفِّ الرحمن إلا كخردلة في يد أحدكم"
.

حبر: بفتح الحاء وكسرِها أحد أحبار اليهود وهو العالم بتحبير


"1" أخرجه البخاري برقم "4811"، ومسلم برقم "2786".
"2" أخرجه مسلم برقم "2788".

ص -431- الكلام وتحسينه سُمّي حبراً؛ لما يبقى له من أثر علومه في قلوب الناس.
على أَصْبُع: واحد الأصابع يذكّر ويُؤنّث.
الثرى: التراب النديّ ولعل المراد به هنا الأرض.
الشجر: ما له ساقٌ صلبٌ كالنخل وغيره.
وسائر الخلق: أي: باقيهم.
نواجذه: جمع ناجِذ وهي: أقصى الأضراس، وقيل: الأنياب، وقيل: ما بين الأسنان
والأضراس، وقيل: هي الضواحك.
يهزّهن: هز الشيء تحريكه أي: يحركهن.
الجبّارون: جمع جبّار وهو العاني المتسلِّط.
كخردلة: هي حبةٌ صغيرةٌ جداً.


المعنى الإجمالي للحديث:
ذكر عالمٌ من علماء اليهود للنبي –صلى الله عليه وسلم- ما يجدونه في كتابهم التوراة
من بيان عظمة الله، وصغر المخلوقات بالنسبة إليه –سبحانه- وأنه يضعها على أصابعه، فوافقه
النبي –صلى الله عليه وسلم- على ذلك، وسُرّ به وتلا ما يصدِّقه من القرآن الكريم التي
أنزله الله عليه.


ما يستفاد من الآية والحديث برواياته:
1- بيان عظمة الله سبحانه وصغر المخلوقات بالنسبة إليه.
2- أن من أشرك به سبحانه لم يُقدِّره حق قدره.
3- إثبات اليدين والأصابع واليمين والشمال والكف لله سبحانه على ما يليق به.
4- أن هذه العلوم الجليلة التي في التوراة باقيةٌ عند اليهود الذين في زمن الرسول –صلى الله
عليه وسلم- لم ينكِروها ولم يحرِّفوها.
5- تفرّد الله سبحانه بالملك وزوال كل ملكٍ لغيره.

ص -432- وقال ابن جرير: حدثني يونس، أنبأنا ابنُ وهب، قال: قال ابنُ زيد: حدَّثَني أبي
قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "ما السماوات السبع في الكُرْسيّ إلا
كدراهم سبعة ألقيت في تُرْس" قال: وقال أبو ذر: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم-
يقول: "ما الكرسي في العرش إلا كحلقة من حديد أُلقيت بين ظَهْرَيْ فلاة من الأرض".


تُرْس: بضم التاء: القاع المستدير المتسع، والترس أيضاً صفحة فولاذ تُحمل لاتِّقاء السيف
والمراد هنا المعنى الأول.
فلاة: هي الصحراء الواسعة.


المعنى الإجمالي للحديثين:
يخبر –صلى الله عليه وسلم- عن عظَمة الكرسي والعرش، وأن السماوات السبع على سِعتها،
وكثافتها، وتباعد ما بينها بالنسبة لسعة الكرسي، كسبعة دراهم وُضعت في قاعٍ واسعٍ،
فماذا تشغل منه؟! إنها لا تشغل منه إلا حيِّزاً يسيراً.
كما يخبر –صلى الله
عليه وسلم- في حديث أبي ذرّ أن الكرسي مع سعته وعظمته بالنسبة للعرش كحلقة حديد وُضعت
في صحراء واسعة من الأرض؛ وهذا يدل على عظمة خالقها وقدرته التامة.


مناسبة ذكر الحديثين في الباب:
أنهما يدلان على عظمة الله وكمال قدرته وقوة سلطانه.


ما يستفاد من الحديثين:

ص -433- 1- أن الكرسي أكبر من السماوات، وأن العرش أكبر من الكرسي.
2- عظمة الله وكمال قدرته.
3- أن العرش غيرُ الكرسي.
4- الرد على من فسّر الكرسي بالمُلك أو العلم.



ص -434- وعن ابن مسعود –رضي الله عنه- قال: "بين السماء الدنيا والتي تليها خمسمائة
عام، وبين كل سماء خمسمائة عام، وبين السماء السابعة والكرسي خمسمائة عام، وبين الكرسي
والماء خمسمائة عام، والعرش فوق الماء، والله فوق العرش، لا يخفى عليه شيء من أعمالكم".

أخرجه ابن مهدي عن حماد بن سلمة عن عاصم عن زرّ عن عبد الله.
ورواه بنحوه عن المسعوديّ عن عاصم عن أبي وائل عن عبد الله. قاله الحافظ الذهبي رحمه الله،
قال: وله طرق.

وعن العباس بن عبد المطلب -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-:
"هل تدرون كم بين السماء والأرض؟" قلنا: الله ورسوله أعلم. قال: "بينهما مسيرة خمسمائة سنة،
وبين كل سماء إلى سماء مسيرة خمسمائة سنة، وكِثَفُ كل سماء مسيرة خمسمائة سنة،
وبين السماء السابعة والعرش بحرٌ، بين أسفله وأعلاه كما بين السماء والأرض، والله فوق ذلك؛
لا يخفى عليه شيء من أعمال بني آدم"
"1". رواه أبو داود وغيره.

هل تدرون؟: أخرج الأخبار بصيغة الاستفهام؛ ليكون أبلغ في


"1" أخرجه أبو داود برقم "4723"، والترمذي برقم "3317"، وابن ماجه برقم "193"،
وأحمد في مسنده "1/206، 207".

ص -435- النفوس.
الله ورسوله أعلم: إسناد العلم إلى الرسول –صلى الله عليه وسلم- إنما يكون في حياته،
أما بعد وفاته فيقال: الله أعلم فقط.
كثف كل سماء: الكثف هو: السمك والغلظ.


المعنى الإجمالي للحديث:
يخبر –صلى الله عليه وسلم- عن المخلوقات العلوية، من حيث عظمتها وسعتها وتباعد ما
بين أجرامها، فيخبر أن السماوات سبع طباقٍ بعضُها فوق بعض، وأن مسافة ارتفاعها عن الأرض
مسيرة خمسمائة عام، وبين كل سماء والتي تليها مسافة خمسمائة عام، وسمك كل سماء
مسيرة خمسمائة عام، وفوق السماء السابعة الكرسي، وفوق الكرسي البحر، بينه وبينه مسيرة
خمسمائة عام، وعمق البحر كما بين السماء والأرض، وفوق البحر العرش، والله فوق العرش
لا يخفى عليه شيءٌ من أعمال بني آدم.


مناسبة هذين الحديثين للباب:
بيان عظمة الله سبحانه وقدرته الباهرة وعلوه على مخلوقاته وعلمه بأحوالهم.


ما يستفاد من الحديثين:
1- فيهما بيان عظمة الله وقدرته ووجوب إفراده بالعبادة.
2- فيهما بيان صفة الأجرام العلوية وعظمتها واتِّساعها وتباعد أقطارها.
3- فيها الرد الواضح على أهل النظريات الحديثة الذين لا يؤمنون بوجود السماوات والكرسيّ
والعرش ويزعمون أن الكون العلوي فضاءٌ وكواكبٌ فقط.
4- فيهما إثبات علو الله على خلقه بذاته المقدسة؛ خلاف ما تزعمه

ص -436- الجهمية والمعتزلة والأشاعرة الذين ينفون علو الله على خلقه.
5- فيها إثبات علم الله المحيط بكل شيء مع علوه فوق مخلوقاته.
6- فيها مشروعية بيان هذه الحقائق العظيمة للناس؛ ليعرفوا عظمة الله وقدرته والله أعلم. وصلى الله
وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.





المصدر :


http://ia600304.us.archive.org/34/it...mskt2/mskt.pdf




اسال الله ان ينفع بها الجميع



رد مع اقتباس