بسم الله الرحمن الرحيم
( تطريز رياض الصالحين)
للعلامة / فيصل بن عبد العزيز آل مبارك
(1313هـ 1376هـ
[151] وعن أبي رِبعِي حنظلة بنِ الربيعِ الأُسَيِّدِيِّ الكاتب أحدِ كتّاب
رَسُول الله ﷺ ، قَالَ : لَقِيَنِي أَبُو بَكر رضي الله عنه فَقَالَ : كَيْفَ أنْتَ يَا حنْظَلَةُ ؟ قُلْتُ : نَافَقَ حَنْظَلَةُ ! قَالَ : سُبْحَانَ الله مَا تَقُولُ ؟! قُلْتُ : نَكُونُ عِنْدَ رَسُول الله ﷺ يُذَكِّرُنَا بالجَنَّةِ وَالنَّارِ كأنَّا رَأيَ عَيْنٍ فإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِ رَسُول الله ﷺ عَافَسْنَا الأَزْواجَ وَالأَوْلاَدَ وَالضَّيْعَاتِ نَسينَا كَثِيراً ، قَالَ أَبُو بكر رضي الله عنه : فَوَالله إنَّا لَنَلْقَى مِثْلَ هَذَا ، فانْطَلَقْتُ أَنَا وأبُو بَكْر حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى رَسُول الله ﷺ . فقُلْتُ : نَافَقَ حَنْظَلَةُ يَا رَسُول اللهِ ! فَقَالَ رَسُول الله ﷺ : « وَمَا ذَاكَ ؟ » قُلْتُ : يَا رَسُول اللهِ ، نَكُونُ عِنْدَكَ تُذَكِّرُنَا بِالنَّارِ والجَنَّةِ كأنَّا رَأيَ العَيْن فإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِكَ عَافَسْنَا الأَزْواجَ وَالأَوْلاَدَ وَالضَّيْعَاتِ نَسينَا كَثِيراً . فَقَالَ رَسُول الله ﷺ : « وَالَّذِي نَفْسي بِيَدِهِ ، لَوْ تَدُومُونَ عَلَى مَا تَكُونونَ عِنْدِي ، وَفي الذِّكْر ، لصَافَحَتْكُمُ الملائِكَةُ عَلَى فُرُشِكُمْ وَفي طُرُقِكُمْ ، وَلَكِنْ يَا حَنْظَلَةُ سَاعَةً وسَاعَةً » ثَلاَثَ مَرَات . رواه مسلم .
قولُهُ : « رِبْعِيٌّ » بِكسر الراء . وَ« الأُسَيِّدِي »بضم الهمزة وفتح السين وبعدها ياء مكسورة مشددة .
وقوله : « عَافَسْنَا » هُوَ بِالعينِ والسينِ المهملتين أي : عالجنا ولاعبنا . وَ« الضَّيْعاتُ »: المعايش .
قوله ﷺ : « ساعة وساعة » ، أي : ساعة لأداء العبودية ، وساعة للقيام بما يحتاجه الإنسان .
قال بعض العارفين : الحال التي يجدونها عند النبي ﷺ وفي الذكر مواجيد ، والمواجيد تجيء وتذهب ، وأما المعرفة ، فهي ثابتة لا تزول .
وفي حديث أبي ذر المشهور : « وعلى العاقل أنْ يكون له ساعات ، ساعة يناجي فيها ربه ، وساعة يحاسب فيها نفسه ، وساعة يفكَّر فيها في سمع الله إليه ، وساعة يخلو فيها لحاجته من مطعم ومشرب » . وبالله التوفيق .