عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 18-10-2010, 06:54PM
الغريبة
عضو غير مشارك
 
المشاركات: n/a
افتراضي

2- النقطة الثانية :

زعم الشيخ أنه لم يقل بوجوب التمتع في الحج أحد من علماء المسلمين ، والدليل على ذلك قوله في رده : " فهلا ذكر واحداً باسمه من أئمة الاجتهاد والتشريع في الإسلام قال بوجوب التمتع " .
فأقول : قد فعلت ذلك في المقال نفسه الذي نشرته المجلة فقد جاء فيه ما نصه : " بل ذهب بعض العلماء المحققين إلى وجوبه إذا لم يسق معه الهدي ، منهم ابن حزم وابن القيم تبعاً لابن عباس وغيره من السلف " وأحلت في تفصيل ذلك على كتاب " المحلى " و" زاد المعاد " .

والشيخ حمدي على علم بقولي هذا ، فإنه أشار إليه في رده إشارة سريعة بقوله : " وتلقف أقوالاً عن بعض الصحابة وبعض العلماء المحققين بوجوبه إذا لم يسق الهدي " .

لقد حكى الشيخ هذا عني ، ثم لم يجب عنه ولو بشطر كلمة ، لأنه لا جواب عنده ، ثم يعود فيطلب تسمية أحد من أئمة الاجتهاد قال بوجوب التمتع ؟! ولا أجادله في ابن حزم وابن القيم ، فحسبنا الآن إثبات ما نسبنا لحبر الأمة :

روى مسلم في " صحيحه " عن أبي حسان قال : " قيل لابن عباس : إن هذا الأمر قد تقشع بالناس ( أي انتشر بينهم ) من طاف بالبيت فقد حل ، الطواف عمرة ، فقال : سنة نبيكم -صلى الله عليه وسلم- وإن رغمتم " .

وزاد في رواية له من طريق عطاء :
" وكان يأخذ ذلك من أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- حين أمرهم أن يحلوا في حجة الوداع ".

وهذا هو مستند العلامة المحقق ابن القيم -رحمه الله- حين قال في " زاد المعاد ، في هدي خير العباد " بعد أن ذكر أن جواز التمتع واستحبابه محكم إلى يوم القيامة :
" لكن أبى ذلك الحبر ابن عباس ، وجعل الوجوب للأمة إلى يوم القيامة ، وأن فرضاً على كل مفرد وقارن لم يسق الهدي ، أن يحل ولابد ، بل قد حل ، وإن لم يشأ ، وأنا إلى قوله أميل " .

فقد تبين للقراء الكرام أننا حين قلنا بوجوب التمتع لم نأت بشيء جديد ، بل اتبعنا فيه حبر الأمة ، وغيره من الأئمة (1) ، لا مقلدين لهم ، بل متبعين ، كما أمر رب العالمين ( قل هذه سبيلي أدعوا إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني ) وأننا حين خالفنا عمر أمير المؤمنين ، فما ذلك إلا اتباعاً لأمر سيد المرسلين ، وفراراً من غضبه -عليه السلام- كما سبق ذكره ، وأنه سبقنا إلى مخالفته ابن عمه عبد الله ، ووافقنا فى المخالفة الشيخ حمدي نفسه ، لأنه لا ينهى عن التمتع ، كما نهى عمر !

ثم إن الشيخ -هدانا الله وإياه- حكى مذاهب العلماء في الأفضل من أنواع الحج الثلاثة ، ونقل دليل كل منهم فيما ذهب إليه دون أن يحاول بيان الراجح من المرجوح منها ، أو التوفيق بين ما يمكن التوفيق منها ، وبذلك ترك القراء في حيرة في معرفة الأفضل من ذلك ولا بأس ، فإن لهم به أسوة ! وليس يهمنا من كلامه هنا إلا قوله :
" وكان أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- منهم القارن ، والمفرد ، والمتمتع ، وكل منهم يأخذ عنه أمر نسكه -صلى الله عليه وسلم- ويصدر عن فعله . . . ".

فإن كان يعني أنه كان فيهم المفرد في آخر الأمر بحيث أنه لم يتحلل من إحرامه بعمرة ، مع كونه لم يكن ساق الهدي، فهذا غير صحيح ، فلم يكن معه -صلى الله عليه وسلم- في حجته صحابي واحد لم يسق الهدي ، حج حجاً مفرداً ، وإنما كانوا في أول إحرامهم منهم القارن ، ومنهم المفرد ، ومنهم المتمتع وكانوا جميعاً على قسمين منهم من ساق الهدي معه من الحل ، ومنهم من لم يسق الهدي ، فأمر -صلى الله عليه وسلم- هذا القسم الثاني يأن يحل من الحج يعمرة فحلوا جميعاً من كان منهم قارناً أو مفرداً ، كما قالت السيدة عائشة -رضي الله عنها-: " فحل من لم يكن ساق الهدي ، ونساؤه لم يسقن الهدي ، فأحللن " أخرجه الشيخان .

ومن هنا يتبين وهم من يحتج ببعض الأحاديث التى فيها أنه -صلى الله عليه وسلم- أمر أهله أن يهلوا بحج وعمرة ، فإن هذا كان في أول الإحرام ، وأما فيما بعد فقد أمرهن أن يفسخوا ذلك إلى عمرة لأنهن لم يسقن الهدى كما سبق .

وقبل أن أنتقل إلى النقطة الثالثة والأخيرة ، أريد أن أنبه القراء أيضاً إلى قول الشيخ الجويجاتي بعد أن ذكر الصحابة والأئمة :
" فيغمزهم جميعاً بعملهم خلافاً للكتاب والسنة ، ويتناول بالقدح والذم عباد الله حجاج بيته الطائعين من ذلك العهد الطاهر حتى يومنا هذا ، بوصفهم بخلاء ومحتالين " .

وفي هذا النص نقطتان مخالفتان لا واحدة ، قد نبهت على الأولى إدارة المجلة فأغنتني عن الإعادة لا سيما و هي تفهم مما سبق من كلامنا . أما الفرية الأخرى ، فهي قوله إن قدحت جميع الحجاج من ذلك العهد الطاهر إلى يومنا هذا بوصفهم بخلاء ومحتالين !

والحقيقة ، أنني لم أقدح إلا في جماعة من الحجاج اتصلت بهم في بعض المواسم عرفت من كلامهم ما به يستحقون الوصف المذكور ، وهذا نص كلامي المنشور في مقالي السابق :

" وقد اتصلنا بكثير من الحجاج فعرفنا منهم أنهم مع كونهم يعلمون أن التمتع أفضل من الإفراد ، فكانوا يفردون ، ثم ياتون بالعمرة بعد الحج من التنعيم ، وذلك لئلا يلزمهم الهدي . . . و ( إنما يتقبل الله من المتقين ) وليس من البخلاء المحتالين " .

فتأمل أيها القارىء الكريم في كلامنا ، ثم فيما نسبه الشيخ إلينا ، والله المستعان .

رد مع اقتباس