عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 13-06-2011, 02:52PM
أبو حمزة مأمون
عضو غير مشارك
 
المشاركات: n/a
افتراضي

الآثار المروية عن السلف الصالح في العمرة الرجبية

الحمد لله الكريم المنان، والصلاة والسلام على عبده ورسوله المصطفى من بني عدنان، وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان.
أما بعد ـ أيها القارئ الكريم ـ سددك الله ـ:
فهذا جزء يحمل في أوراقه جملة من الآثار الثابتة عن السلف الصالح ـ رضي الله عنهم ـ من الصحابة والتابعين في تقصد العمرة في شهر رجب.
وأسأل الله جل وعلا أن يكون زيادة علم وفقه للكاتب والقارئ والناشر، إنه سميع مجيب.
وسيكون الكلام في هذا الجزء في مسائل:
المسألة الأولى / وهي عن الآثار المروية عن الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ في هذه العمرة.
ومن هذه الآثار:
أولاً: أثر عبد الله بن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنهما ـ.
حيث قال أبو محمد الحسن بن محمد بن الحسن الخلال ـ رحمه الله ـ في "فضائل شهر رجب"(9):
حدثنا أبو بكر أحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك القطيعي ثنا إبراهيم بن عبد الله بن مسلم ثنا عبد الرحمن بن حماد ثنا كهمس بن الحسن عن سالم بن عبد الله بن عمر قال: (( كان ابن عمر ـ رضي الله تعالى عنهما ـ يعجبه أن يعتمر في رجب، شهر حرام بين ظهراني السنة )).
وإسناده حسن أو صحيح.
ثانياً: أثر أم المؤمنين عائشة ـ رضي الله عنها ـ.
حيث قال ابن أبي شيبة ـ رحمه الله ـ في "مصنفه"(13329):
حدثنا عبدة بن سليمان عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب قال: (( كانت عائشة تعتمر في آخر ذي الحجة، وتعتمر من المدينة في رجب، تهل من ذي الحليفة )).
وإسناده صحيح.
وأخرجه البيهقي (4/344) من طريق يحيى بن أيوب وغيره عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب، بنحوه.
المسألة الثانية / وهي عن الآثار المروية عن التابعين ـ رحمهم الله ـ في هذه العمرة.
أولاً: أثر الأسود ـ رحمه الله ـ.
حيث قال ابن أبي شيبة ـ رحمه الله ـ في "مصنفه"(13330):
حدثنا أبو خالد عن محمد بن سوقة قال: (( كان الأسود يعتمر في رجب ثم يرجع )).
وإسناده حسن.
ثانياً: أثر أصحاب عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ورحمهم ـ.
حيث قال ابن أبي شيبة ـ رحمه الله ـ في "مصنفه"(13332):
حدثنا يحيى بن آدم عن يعلى بن الحارث قال سمعنا أبا إسحاق وسئل عن عمرة رمضان فقال: (( أدركت أصحاب عبد الله لا يعدلون بعمرة رجب ثم يستقبلون الحج )).
وإسناده صحيح.
ثالثاً: أثر القاسم بن محمد ـ رحمه الله ـ.
حيث قال ابن أبي شيبة ـ رحمه الله ـ في "مصنفه"(13333):
حدثنا أبو عامر العقدي عن أفلح قال: (( كان القاسم يعتمر في رجب )).
وإسناده حسن.
رابعاً: أثر محمد بن سيرين ـ رحمه الله ـ.
حيث قال الحافظ ابن رجب الحنبلي ـ رحمه الله ـ في كتابه " "لطائف المعارف"(ص177) بعد ذكره من استحب الاعتمار في رجب من الصحابة:
ونقل ابن سيرين عن السلف: (( أنهم كانوا يفعلونه )).اهـ
قلت: ولم أقف على هذا الأثر مسنداً في ما بين يدي من الكتب، فعسى الله تعالى أن ييسر.
المسألة الثالثة / وهي عن كلام أهل العلم في هذه العمرة.
أولاً: جاءت الآثار السابقة عن السلف الصالح ـ رضي الله عنهم ـ في "مصنف ابن أبي شيبة" ـ رحمه الله ـ تحت هذا التبويب:
في عمرة رجب، من كان يحبها ويعتمرها.اهـ
ثانياً: قال الحافظ ابن رجب الحنبلي ـ رحمه الله ـ في كتابه " "لطائف المعارف"(ص176-177):
واستحب الاعتمار في رجب عمر بن الخطاب وغيره، وكانت عائشة تفعله، وابن عمر أيضاً، ونقل ابن سيرين عن السلف أنهم كانوا يفعلونه.اهـ
وقد قال ابن أبي شيبة ـ رحمه الله ـ في "مصنفه"(13334 في باب: "في عمرة رجب، من كان يحبها ويعتمر فيها"):
حدثنا يزيد بن هارون عن حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن أبيه عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب عن أبيه قال: (( اعتمرت مع عمر وعثمان في رجب )).
وإسناده صحيح.
ثالثاً: قال الإمام الجهبذ والمحدث الفقيه عبد العزيز بن عبد الله بن باز ـ رحمه الله ـ كما في "مجموع فتاويه"(11/489أو429) و"مجلة الدعوة"(العدد:1566ـ1417):
أما العمرة فلا بأس بها في رجب، لما ثبت في الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم: (( اعتمر في رجب )).
وكان السلف يعتمرون في رجب، كما ذكر ذلك الحافظ ابن رجب رحمه الله في كتابه "اللطائف" عن عمر وابنه وعائشة رضي الله عنهم، ونقل عن ابن سيرين أن السلف كانوا يفعلون ذلك.اهـ
وفي شرحه ـ رحمه الله ـ على كتاب الجامع من "بلوغ المرام من أدلة الأحكام"(الشريط الثاني ـ الوجه الثاني ـ السيدي رقم:7 الدقيقة:16 قبل حديث: "إني حرمت الظلم على نفسي" من باب: الترهيب من مساوئ الأخلاق) جرت بينه وبين بعض الحاضرين لدرسه هذه المناقشة:
السائل: أحسن الله إليكم يا شيخ هل ورد في السنة ميزة للعمرة في رجب؟
الشيخ: ثبت من حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتمر في رجب، كان السلف يعتمرون في رجب، لا بأس، ذكره ابن رجب في "الطبقات" في كتابه "الطبقات".
سائل ثاني: هل يجوز قصدها يا شيخ للعمرة؟.
الشيخ: لا بأس.
سائل ثالث: ابن رجب له كتاب في "الطبقات"؟.
الشيخ: في "اللطائف" في "اللطائف" "لطائف المعارف".
سائل رابع: اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم في رجب؟.
الشيخ: ثبت من حديث ابن عمر، وعائشة وجماعة خالفوا ابن عمر، وقالوا: ما اعتمر في رجب.
سائل خامس: من يقول ببدعيتها؟.
الشيخ: لا لا مو صحيح، حديث ابن عمر ثابت ومعروف، ابن رجب ذكرها عن السلف، عن عمر وغيره.اهـ
قلت: وقد قمت منذ زمن ببحث ودراسة ما يتعلق بتقصد هذه العمرة، وعاودته مرات متعددة، وفي فترات مختلفة، فلم يمر بي نقل عن أحد من السلف الصالح أو أئمة أهل السنة والحديث المشهورين يقول بالبدعية، وزدت فتذاكرت مع بعض إخواني من طلبة العلم، وطلبت من بعضهم التفتيش فلم نفلح.
وإن وجُد من يعين ويرشد ويفيد، فجزاه الله الخير في دنياه وأخراه، ورفع قدره وأعلاه.
رابعاً: قال الشيخ عبد الله بن عقيل ـ سلمه الله ـ في "فتاويه"(2/255):
وأما الاعتمار في شهر رجب فكان السلف يعتمرون فيه، ويقولون: إن العمرة مستحبة في رجب، ومنهم: عمر وابنه وعائشة وغيرهم.اهـ
خامساً: قال الحطاب الرُّعيني المالكي ـ رحمه الله ـ في "مواهب الجليل لشرح مختصر الخليل"(4/40):
وفي "مختصر الواضحة" ونقله ابن فرحون:
أفضل شهور العمرة رجب ورمضان، انتهى... وقد استمر عمل الناس اليوم على الإكثار منها في رجب وشعبان ورمضان وبعد أيام من آخر الحجة.اهـ
سادساً: قال ابن عابدين الحنفي ـ رحمه الله ـ في "رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار"(3/477):
نقل بعضهم عن الملا علي في رسالته المسماة "الأدب في رجب" أن كون العمرة في رجب سنة بأن فعلها عليه الصلاة والسلام أو أمر بها لم يثبت، نعم روي أن ابن الزبير لما فرغ من تجديد بناء الكعبة قبيل سبعة وعشرين من رجب نحر إبلاً وذبح قرابين وأمر أهل مكة أن يعتمروا حينئذ شكراً لله تعالى على ذلك، ولا شك أن فعل الصحابة حجة، وما رآه المسلمون حسناً فهو عند الله حسن، فهذا وجه تخصيص أهل مكة العمرة بشهر رجب. اهـ ملخصاً.اهـ
وينظر:
الأدب في رجب (ص49-52).
سابعاً: قال ابن العطار الشافعي ـ رحمه الله ـ في "حكم صوم رجب وشعبان"(ص46):
ومما بلغني عن أهل مكة ـ زادها الله شرفاً ـ اعتياد كثرة الاعتمار في رجب، وهذا مما لا أعلم له أصلاً.اهـ
ولعل مأخذ هذا الاعتمار وشهرته بين الناس في الأمصار منذ قرون طويلة ما تقدم من آثار عن السلف الصالح ـ رحمهم الله ـ.

وجمعه: عبد القادر بن محمد بن عبد الرحمن الجنيد.
رد مع اقتباس