عرض مشاركة واحدة
  #31  
قديم 19-04-2015, 01:06AM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -



[112] : عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله _ أنه قال : " إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة ،
فإن شدة الحر من فيح جهنم " .



موضوع الحديث :

الإبراد بالظهر في شدة الحر .


المفردات :

أبردوا : أخروا حتى تدخلوا في البرد .
شدة الحر : أي قوته وفورانه .
من فيح جهنم : أي ما تفوح به من فائض حرها وسمومها الذي أذن الله لها به أن ترسله إلى أهل الأرض ليستدلوا به
على ما وراءه من حرارتها التي لا يطيقها البشر وقانا الله حرها ، وصرف عنها عذابها ، إن عذابها كان غراماً .



المعنى الإجمالي :

اشتداد الحر في الهواجر حين تسامت الشمس الرؤوس في الصيف يثير القلق وعدم الإطمئنان ، مما يمتنع معه
أداء الصلاة على الوجه الأكمل ، فلذلك أمر النبي ﷺ أن تؤخر الظهر في اشتداد الحر حتى ينكسر الحر
وتخف حدته لكي تؤدى الصلاة بخشوع ، وذلك لأن اشتداد الحر من فيح جهنم أي مما أذن الله لها أن تقذف
به إلى الأرض من فائض حرارتها ، نعوذ بالله من ذلك .



فقه الحديث :

أولاً : اختلف العلماء في الإبراد هل هو سنة أو رخصة وبنوا على ذلك أن الإبراد لا يشرع لمن يصلي في
بيته إذا كان الإبراد رخصة ويشرع في حقه الإبراد إذا كان سنة .



قال ابن دقيق العيد : إنه سنة لورود الأمر به مع ما اقترن به من العلة ، وهو أن شدة الحر من فيح جهنم .


ثانياً : يؤخذ من قوله : " إذا اشتد الحر فابردوا " أن الإبراد لا يسن إلا عند الحر ، لأنه علق عليه بإذا الشرطية ،
ومفهومه أن الإبراد لا يسن في الربيع وهو لفظ حديث رواه النسائي عن أنس رضي الله عنه بلفظ : " كان النبي
ﷺ إذا كان الحر أبرد " ، وإذا كان البرد عجّل ، وقد أوردته في شرح الحديث رقم 47 ، ورجاله خرّج
لهم البخاري وقد ذكره البخاري معلقاً كما سبق إلا أن أبا خلدة الراوي له عن أنس من الطبقة الخامسة وقد رواه
عن أنس بلا واسطة وصرح بسماعه منه وهو ثقة وحديثه مؤيد بمفهوم هذا الحديث والله أعلم .



ثالثاً : نقل الصنعاني في العدة عن الكرماني الإجماع على عدم وجوب الإبراد .

ونقل عن القاضي عياض القول بالوجوب عن قوم ، والذي يظهر لي أن القول بالسنية أقرب ؛ وذلك أن أحاديث
الإبراد تعارضت مع الأحاديث الدالة على فضيلة أول الوقت ، فأفادت الإباحة للتأخير من دون إثم . والله أعلم .



رابعاً : يؤخذ منه أن الخشوع وأسبابه أولى بأن يحرص عليها من أول الوقت ومثل هذا قوله : " لا صلاة بحضرة
طعام ولا هو يدافعه الأخبثان " .



خامساً : التعليل بشدة الحر من فيح جهنم ، هل هو على حقيقته أنه من فيح جهنم ، أو أنه من جنس فيح جهنم ،
وحمله على الحقيقة أولى كما هو مذهب الجمهور ، وأيده القاضي عياض وابن حجر واستدل له بحديث :

" اشتكت النار إلى ربها فأذن لها في كل عام بنفسين ، نفسٌ في الشتاء ، ونفسٌ في الصيف ، فهو أشد ما تجدون
من الحرارة ، وأشد ما تجدون من البرد " .



سادساً : أن الإبراد هو إلى أن تنكسر حدة الحر قليلاً وليس معنى الحديث إلى أن يذهب الحر بالكلية ، بدليل
حديث خباب عند مسلم : " شكونا على النبي _ شدة الرمضاء ف جباهنا وأكفنا فلم يشكنا " ، وفي معناه
حديث أنس الآتي رقم (113) وليس بينهما وبين حديث الباب تعارض كما توهمه بعضهم ، إذ إن حديث
الباب لا يقتضي التأخير إلى أن يذهب الحر بالكلية ولكن إلى أن تخف حدته قليلاً ، وإذا كان كذلك فإن الصلاة
رغم الإبراد تقع في وقت لا يستطيع الإنسان فيه أن يضع جبهته ولا كفيه على الأرض دون حائل يمنع الحرارة ،
وكل من عرف المدينة وما حولها في أيام الحر يعلم بالضرورة أنه يدخل أول وقت العصر في أيام الصيف والحر
موجود ، فكيف إذا صليت الظهر في أوسط وقتها .


ومن هذا تبين أن الإبراد ليس معناه إلى أن يذهب الحر بالكلية ؛ إذ لو قال بذلك قائل لزم من قوله أن يخرج
الوقت قبل أن تصلي الظهر . والله أعلم .




تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحيى النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [2]
[ المجلد الثاني ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam2.pdf


التصفية والتربية

TarbiaTasfia@






رد مع اقتباس