عرض مشاركة واحدة
  #17  
قديم 31-03-2015, 01:26AM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم




【 شرح العقيدة الواسطية 】

لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه /
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
- حفظه الله ورعاه -

شرح العقيدة الواسطية. ( 15 )


[ المتن ]


وما وصف به نفسه في أعظم آية في كتابه حيث يقول‏:‏ ‏{‏اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ
وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا
خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا ـ
أي لا يكرثه ولا يثقله ـ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيم‏}‏ ولهذا كان من قرأ هذه الآية في ليلة لم يزل عليه من الله
حافظ حتى يصبح‏.‏



[ الشرح ]

(‏وما وصف به نفسه في أعظم آية من كتابه‏)‏ أي‏:‏ ودخل في الجملة السابقة ما وصف الله به نفسه الكريمة
‏(‏في أعظم آية‏)‏ والآية في اللغة‏:‏ العلامة‏.‏ والمراد بها هنا طائفة من كلمات القرآن متميزة عن غيرها
بفاصلة، وتسمى هذه الآية التي أوردها هنا آية الكرسي لذكر الكرسي فيها‏.‏



والدليل على أنها أعظم آية في القرآن ما ثبت في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم عن أبي بن كعب ـ
رضي الله عنه ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ سأله‏:‏ أي آية في كتاب الله أعظم‏؟‏ قال‏:‏ الله ورسوله
أعلم، فرددها مرارًا ثم قال أبي‏:‏ آية الكرسي‏.‏ فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ‏:‏ ‏(‏ليهنك العلم
أبا المنذر‏)‏ وسبب كونها أعظم آية لما اشتملت عليه من إثبات أسماء الله وصفاته وتنزيهه عما لا
يليق به‏.‏


فقوله تعالى‏:‏ ‏{‏اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ‏}‏ أي‏:‏ لا معبود بحق إلا هو، وما سواه فعبادته من أبطل الباطل‏.‏ ‏{‏الْحَيُّ‏}‏
أي‏:‏ الدائم الباقي الذي له كمال الحياة والذي لا سبيل للفناء عليه‏.‏ ‏{‏الْقَيُّومُ‏}‏ أي‏:‏ القائم بنفسه المقيم
لغيره، فهو غني عن خلقه، وخلقه محتاجون إليه‏.‏ وقد ورد أن ‏{‏الْحَيُّ الْقَيُّومُ‏}‏ هو الاسم الأعظم الذي
إذا دعي الله به أجاب، وإذا سئل به أعطى لدلالة ‏{‏الْحَيُّ‏}‏ على الصفات الذاتية، ودلالة ‏{‏الْقَيُّومُ‏}‏
على الصفات الفعلية، فالصفات كلها ترجع إلى هذين الاسمين الكريمين العظيمين ولكمال قيوميته‏.‏


‏{‏لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ‏}‏ السنة‏:‏ النعاس وهو نوم خفيف ويكون في العين فقط والنوم أقوى من السنة،
وهو أخو الموت ويكون في القلب‏.‏ ‏{‏لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ‏}‏ ملكًا وخلقًا وعبيدًا فهو
يملك العالم العلوي والسفلي‏.‏ ‏{‏مَن ذَا الَّذِي‏}‏ أي‏:‏ لا أحد‏.‏ ‏{‏يَشْفَعُ عِنْدَهُ‏}‏ الشفاعة‏:‏ مشتقة من
الشفع وهو ضد الوتر، فكأن الشافع ضم سؤاله إلى سؤال غيره فصيره شفعًا بعد أن كان وترًا‏.‏ والشفاعة‏:‏
سؤال الخير للغير، بمعنى أن يسأل المؤمن ربه أن يغفر ذنوب وجرائم بعض المؤمنين‏.‏ لكنها ملك لله
سبحانه فلا تكون ‏{‏إِلاَّ بِإِذْنِهِ‏}‏ أي‏:‏ بأمره وذلك لكبريائه وعظمته سبحانه وتعالى لا يستطيع أحد أن يتقدم
إليه بالشفاعة عنده لأحد إلا بعد أن يأذن‏.‏


‏{‏يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ‏}‏ أي‏:‏ علمه واطلاعه محيط بالأمور الماضية والمستقبلة فلا يخفى
عليه منها شيء ‏{‏وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء‏}‏ أي‏:‏ العباد لا يعلمون شيئًا من علم
الله إلا ما علمهم الله إياه على ألسنة رسله وبطرق وأسباب متنوعة ‏{‏وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ‏}‏
كرسيه سبحانه قيل‏:‏ إنه العرش، وقيل‏:‏ إنه غيره فقد ورد أنه موضع القدمين_، وهو كرسي بلغ من
عظمته وسعته أنه وسع السموات والأرض ‏{‏وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا‏}‏ أي‏:‏ لا يكرثه ولا يشق عليه ولا يثقله
حفظ العالم العلوي والسفلي لكمال قدرته وقوته‏.‏


‏{‏وَهُوَ الْعَلِيُّ‏}‏ أي‏:‏ له العلو المطلق علو الذات بكونه فوق جميع المخلوقات ‏{‏عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى‏}‏‏.‏
وعلو القدر، فله كل صفات الكمال ونعوت الجلال، وعلو القهر فهو القادر على كل شيء المتصرف
في كل شيء لا يمتنع عليه شيء ‏{‏الْعَظِيمِ‏}‏ الذي له جميع صفات العظمة، له التعظيم الكامل في قلوب
أنبيائه وملائكته وعباده المؤمنين، فحقيق بآية تحتوي على هذه المعاني أن تكون أعظم آية في القرآن‏.
‏ وأن تحفظ قارئها من الشرور والشياطين‏.‏



والشاهد منها‏:‏ أن الله جمع فيها فيما وصف وسمى به نفسه بين النفي والإثبات، فقد تضمنت إثبات
صفات الكمال ونفي النقص عن الله، ففي قوله‏:‏ ‏{‏اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ‏}‏ نفي الإلهية عما سواه وإثباتها له‏.
‏ وفي قوله‏:‏ ‏{‏الْحَيُّ الْقَيُّومُ‏}‏ إثبات الحياة والقيومية له‏.‏ وفي قوله‏:‏ ‏{‏لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ‏}‏ نفي السنة
والنوم عنه، وفي قوله‏:‏ ‏{‏لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ‏}‏ إثبات ملكيته الكاملة للعالمين العلوي
والسفلي‏.‏ وفي قوله‏:‏ ‏{‏مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ‏}‏ نفي الشفاعة عنده بغير إذنه لكمال عظمته
وفناه عن خلقه‏.‏ وفي قوله‏:‏ ‏{‏يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ‏}‏ إثبات كمال علمه لكل شيء ماضيًا أو
مستقبلًا‏.‏


وفي قوله‏:‏ ‏{‏وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء‏}‏ بيان حاجة الخلق إليه وإثبات غناه عنهم‏.‏
وفي قوله‏:‏ ‏{‏وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ‏}‏ إثبات كرسيه وإثبات كمال عظمته وجلالته وصغر
المخلوقات بالنسبة إليه‏.‏ وفي قوله‏:‏ ‏{‏وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا‏}‏ نفي العجز والتعب عنه سبحانه‏.‏ وفي قوله‏:‏
‏{‏وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ‏}‏ إثبات العلو والعظمة له سبحانه‏.‏



وقول المصنف ـ رحمه الله ـ ‏(‏ولهذا كان من قرأ هذه الآية في ليلة لم يزل عليه من الله حافظ ولا يقربه
شيطان حتى يصبح‏)‏ يشير إلى ما رواه البخاري في صحيحه عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ فيه‏:‏
‏(‏إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي‏:‏ ‏{‏اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ‏}‏، حتى تختم الآية فإنك
لن يزال عليك من الله حافظ ولا يقربك شيطان حتى تصبح‏)‏ الحديث‏.‏ والشيطان‏:‏ يطلق على
كل متمرد عات من الجن والإنس ـ من ‏(‏شطن‏)‏ إذا بعد ـ سمي بذلك لبعده عن رحمة الله، أو من شاط
يشيط إذا اشتد‏.‏




------


[ المصدر ]

http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf








رد مع اقتباس