عرض مشاركة واحدة
  #14  
قديم 02-05-2015, 02:03AM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم





في بيان أحكام القضاء

لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه /
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
- حفظه الله ورعاه -


الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه
أجمعين . . أما بعد : -

اعلموا أن من أفطر في رمضان بسبب مباح ، كالأعذار الشرعية التي تبيح الفطر ، أو بسبب محرم كمن أبطل صومه بجماع أو غيره وجب عليه القضاء لقوله تعالى : فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ويستحب له المبادرة بالقضاء لإبراء ذمته ، ويستحب أن يكون القضاء متتابعًا - لأن القضاء يحكي الأداء ، وإن لم يقض على الفور وجب العزم عليه ، ويجوز له التأخير لأن وقته موسع وكل واجب موسع يجوز تأخيره مع العزم عليه ، كما يجوز تفرقته بأن يصومه متفرقًا - لكن إذا لم يبق من شعبان غلا قدر ما عليه فيجب عليه التتابع إجماعًا لضيق الوقت ولا يجوز تأخيره إلى ما بعد رمضان الآخر لغير عذر .

لقول عائشة رضي الله عنها : كان يكون علي الصوم من رمضان فما أستطيع أن أقضيه إلا في شعبان لمكان
رسول الله صلى الله عليه وسلم . . متفق عليه .


فدل هذا على أن وقت القضاء موسع إلى أن لا يبقى من شعبان إلا قدر الأيام التي عليه فيجب عليها صيامها قبل دخول رمضان الجديد ، فإن أخر القضاء حتى أتى عليه رمضان الجديد فإنه يصوم رمضان الحاضر ، ويقض ما عليه بعده ، ثم إن كان تأخيره لعذر لم يتمكن معه من القضاء في تلك الفترة فليس عليه إلا القضاء . وإن كان لغير عذر وجب عليه مع القضاء إطعام مسكين عن كل يوم . نصف صاع من قوت البلد .


وإذا مات من عليه القضاء قبل دخول رمضان الجديد فلا شيء عليه ، لأن له تأخيره في تلك الفترة التي مات فيها ، وإن مات بعد رمضان الجديد فإن كان تأخيره القضاء لعذر كالمرض والسفر حتى أدركه رمضان الجديد فلا شيء عليه أيضًا ، وإن كان تأخيره لغير عذر وجبت الكفارة في تركته بأن يخرج منها إطعام مسكين عن كل يوم ، وإن مات من عليه صوم كفارة ، كصوم كفارة الظهار والصوم الواجب عن دم المتعة في الحج فإنه يطعم عنه عن كل يوم مسكينًا ولا يصام عنه ، ويكون الإطعام من تركته ولا يصام عنه .


لأنه صيام لا تدخله النيابة في الحياة فكذا بعد الموت ، وهذا هو قول أكثر أهل العلم ، وإن مات من عليه صوم نذر استحب لوليه أن يصوم عنه لما ثبت في الصحيحين : أن امرأة جاءت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت إن أمي ماتت وعليها صيام نذر ، أفأصوم عنها ، قال : نعم .


والولي هو الوارث ، قال الإمام ابن القيم رحمه الله : يصام عنه النذر دون الفرض الأصلي وهذا مذهب أحمد وغيره ، والمنصوص عن ابن عباس وعائشة ، وهو مقتضى الدليل والقياس لأن النذر ليس واجبًا بأصل الشرع ، وإنما أوجبه العبد على نفس فصار بمنزلة الدين ولهذا شبهه النبي صلى الله عليه وسلم بالدين .


وأما الصوم الذي فرضه الله عليه ابتداء فهو أحد أركان الإسلام فلا تدخله النيابة بحال . كما لا تدخل الصلاة والشهادتين . فإن المقصود منهما طاعة العبد بنفسه وقيامه بحق العبودية التي خلق لها وأمر بها ، وهذا لا يؤديه عنه غيره ولا يصلي عنه غيره .


وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : يطعم عنه كل يوم مسكين ، وبذلك أخذ أحمد وإسحاق وغيرهما وهو مقتضى النظر كما هو موجب الأثر فإن النذر كان ثابتًا في الذمة فيفعل بعد الموت ، وأما صوم رمضان فإن الله لم يوجبه على العاجز عنه بل أمر العاجز بالفدية طعام مسكين ، والقضاء إنما يجب على من قدر عليه لا على من عجز عنه فلا يحتاج إلى أن يقضي أحد عن أحد ، وأما الصوم وغيره من المنذرات فيفعل عنه بلا خلاف للأحاديث الصحيحة .


وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ...


المصدر :

http://www.alfawzan.af.org.sa/node/2494




رد مع اقتباس