عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 09-05-2011, 10:53AM
ماهر بن ظافر القحطاني ماهر بن ظافر القحطاني غير متواجد حالياً
المشرف العام - حفظه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2003
الدولة: جدة - حي المشرفة
المشاركات: 5,146
إرسال رسالة عبر مراسل ICQ إلى ماهر بن ظافر القحطاني إرسال رسالة عبر مراسل AIM إلى ماهر بن ظافر القحطاني إرسال رسالة عبر مراسل Yahoo إلى ماهر بن ظافر القحطاني
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لانبي بعده أما بعد :
فقد قال تعالى : ومن يشاقق الرسول من بعد ماتبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ماتولى ونصله نار جهنم وساءت مصيرا
ففي هذه الآية بيان لوجوب اتباع مااتفق عليه السلف الصالح من النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة ومن أخذ عنهم ولم يختلف قولهم من الاتباع واتباع الاتباع
فمن خالفهم في الاعتقاد او المنهج أو في مصادر التلقي من الكتاب والسنة فقد ضل السبيل وابتدع فويله من الواحد القدير
ولذلك كان الائمة كالامام أحمد يحتج في فهم النصوص بفهم الصحابة اذا لم يختلفوا ولايجيز الخروج عنهم ولو قال قائل ان العمل بقواعد اصول الفقه تمنع من الرجوع أحيانا في الفهم المأخوذ من النص الى الصحابة إذا خالفها كلامهم ويكون الاستنباط على مقتضى القواعد من النصوص متعين فيقدم العمل بمقتضاها على فهم الصحابة لأنهم لم يدرسوا أصول الفقه ولم يصنفوا فيه قلنا إنها لإحدى الكبر وهو الفهم السقيم المستقى من العقلانيين من المعتزلة والجهميين القائلين فهم السلف أسلم ، وفهم الخلف أحكم وأعلم ليصدوا الناس عن اتباع كلامهم في الصفات من إمرارها كما جاءت من غير تحريف ولاتمثيل ولاتشبيه ولاتعطيل
بل إن الامر كما قال ابن القيم رحمه الله أن معرفتهم بأصول الفقه وقواعده كان عندهم سليقة ولذلك كان أحمد رحمه الله إذا تعارض عنده الأخذ بقاعدة يفهم بها النص من قواعد الاصول ولكن الأخذ بها يقتضي العدول عن مااتفقوا عليه في فهم النص او العمل به أعرض عن القاعدة والاستباط بها وجنح الى تقديم كلامهم واعتماده طاعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم القائل وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة قيل من هي يارسول الله قال من كان على مثل ماأنا عليه وأصحابي
فهذا وغيره جعل مذهب الصحابي حجة إذا لم يخالفه أحد في فهم النص
ولذلك لما نظر في حديث ابي داود والذي خرجه في سننه بسنده إلى عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ
قال هذا في النذر كما
قَالَ أَبُو دَاوُد هَذَا فِي النَّذْرِ وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ
مع أن مقتضى القاعدة الاصوليه جعل هذا الصوم عاما لأن لفظ صوم جاء نكرة في سياق شرط فيدل على العموم فيدخل صوم رمضان لمن مات وعليه أيام لم يقضها لانه قد افطر لمرض مزمن حتى مات وفي كفارة الظهار وقتل الخطأ
قال الامام أحمد ماذكرنا أنه خاص بالنذر لأنه قول عائشة وابن عباس ولم يخالفهما أحد من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال ابن القيم ذلك في حاشيته على سنن أبي داود
فما ضل من ضل من الفرق الا باعجابه برأيه واستكباره عن فهوم الصحابة وعملهم المبين لعموم النصوص والمفسر لمجملاتها كجماعة التكفير من الخوارج واخذهم بقول الله تعالى ومن لم يحكم بماأنزل الله فأولئك هم الكافرون
فكفّروا الحاكم بغير ماأنزل الله مطلقا وتركوا فهم السلف ورأسهم ابن عباس القائل كفر دون كفر وهكذا سائل الفرق
وإذا أردنا ان نضرب الامثلة قصر الزمان علينا دون ذلك فيكفي ماضربناه مثلا لمعرفة حقيقة ذلك
ومن ذلك القول بإنه يكفي في الايمان القول وتصديق القلب استدلالا بحديث اخراج الوجبة الاخيرة من النار وهم اناس لم يعملوا خيرا قط
فإن فهم السلف وقولهم في تعريف الايمان مجمعين متفقين أنه قول عمل ويقصدون بالعمل عمل الجوارح ليس عمل القلب فقط لأنه لايتصور ممن كان في قلبه اعمال من خوف ورجاء وخشية لاينعكس أثرها على الجوارح بظهور أثر ايمان القلب عليه لتلازم الظاهر والباطن
كما يدل على ذلك الحديث الذي خرجه البخاري و مسلم في صحيحيهما عن النعمان بْنَ بَشِيرٍ قال سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ الْحَلَالُ بَيِّنٌ وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ وَبَيْنَهُمَا مُشَبَّهَاتٌ لَا يَعْلَمُهَا كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ فَمَنْ اتَّقَى الْمُشَبَّهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ كَرَاعٍ يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يُوَاقِعَهُ أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى أَلَا إِنَّ حِمَى اللَّهِ فِي أَرْضِهِ مَحَارِمُهُ

والشاهد في قوله في الحديث نفسه
أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ
فمن فهم حديث الوجبة أنه يكفي في الايمان القول والتصديق ولو من غير عمل فما فهم السنة بفهم السلف المتفقين على أنه قول وعمل وليس قول وتصديق فقط فإن مقصود العمل ماذكرنا أنفا ويضاف أن يظهر أثر الايمان في القلب على الجوارح بظهور شيء من افراد العمل وادنى ذلك على الصحيح الصلاة
قال ابن تيمية ويستحيل أن يبقى الرجل دهرا طويلا لايصلي ولايصوم ولايميط اذى عن طريق ويكون في الباطن مؤمنا
وذلك لما ذكرت من التلازم وقول السلف ان الايمان قول وعمل
فحينئذ نفهم الحديث حديث الوجبة الاخيرة والتي تخرج من النار ولم تعمل خيرا قط على مقتضى يوافق تعريفهم للإيمان فنقول لم يعملوا خيرا قط اما للمبالغة أو أنهم نطقوا بالشهادة ولم يمكثوا زمنا يمكنون فيه من العمل حتى ماتوا مع فعل بعض المعاصي التي اقتضت دخولهم النار كرجل كافر يعلم في الاسلام حرمة الغيبة فاسلم فاغتاب انسان ثم مات قبل أن يصلي ولايزال عنده متسع في وقت الصلاة
أو في اقوام لايعرفوا ماصوم ولاصلاة وادركوا اباءهم على كلمة التوحيد فلم يعملوا خيرا من الاعمال لأنهم لايعرفوا فهذه الاحتمالات حينئذ تتجاوب مع قول السلف انه قول وعمل ويجمع بها بين كلامهم وحديث الوجبة وقد علم أن ذلك الرجل التائب والذي قص النبي صلى الله عليه وسلم قصته وقد قتل تسعة وتسعين نفسا ولايزال أن يسأل عن أعلم أهل الارض ثم دل على أرض التوبة ومات في الطريق وأن ملائكة العذاب لما اختصمت مع ملائكة الرحمة قالت لم يعمل خيرا قط أن ذلك للمبالغة مع كونه عمل فخرج يسأل ومشى خطوات إلى أرض التوبة وتاب والتوبة عمل صالح بح ذاته وفي الحديث الندم توبة
فحينئذ لايكفي في الحكم بالايمان على شخص ان كان ينطق بكلمة الاسلام ويصدق ولكن لاينقاد بالعمل الذي هو علامة الايمان وشرطه واعني افراده ولو بعضها مما يظهر اثر ايمان القلب وادناه الصلاة ترجيحا لقول من يكفر بتركها مطلقا
قال سفيان بن عيينه رحمه الله رجل يقول لا إله إلا الله ولايصلي ولايزكي ويدعي أنه مسلم أو مؤمن قال هذا قول المرجئة
أي لابد من أثر ايمان القلب وشرط وجوده وهو عمل الجوارح فالسلف قالوا هو قول وعمل عرفوه بذلك فمن قال قول وتصديق فقط فلم يعرف الايمان ومن لم يدخل في مسمى الايمان ومعناه عند السلف فليس بمؤمن حقيقة
روى مسلم في صحيحه عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنْ الطَّرِيقِ وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنْ الْإِيمَانِ
فعرف النبي صلى الله عليه وسلم وهو رأس السلف الايمان بأنه قول وعمل ولا كلام لأحد مع كلام النبي صلى الله عليه وسلم
فتعرف حينئذ خطأ مرجئة الفقهاء القائلين قول وتصديق لأنهم خالفوا التعريف الشرعي والمقدم على التعريف اللغوي أو العقلاني ولقد أخطأ في هذه المسألة بعض أفاضل أهل العلم ووافقوا المرجئة ومع ذلك لايبدعوا لأن جهة اعتقاد ذلك الاحتجاج بالنص وليس العقلانية كما تدل القرائن من جهودهم في نصرة السنة والرد على أهل الاهواء
كما أن مالك في قول له قال الايمان يزيد ولاينقص ولم يبدعه احد لأنه تأوّل أنه لادليل على النقص وانما الادلة على الزيادة ولكن قال ابن حجر إذا كان يزيد فهو ينقص وحديث حنظلة يدل عليه
قال ابن تيمية في رسالته المعارج وقد ينطق العالم من مجتهدي السلف بالبدعة لحديث ضعيف يظنه صحيح ولتأول مرجوح يظنه راجحا ولا يكون مبتدعا كما تقدم في قول مالك رحمه الله
__________________
ماهر بن ظافر القحطاني
المشرف العام على مجلة معرفة السنن و الآثار
maher.alqahtany@gmail.com

التعديل الأخير تم بواسطة أبو عبد الله بشار ; 09-05-2011 الساعة 03:11PM
رد مع اقتباس
[ ماهر بن ظافر القحطاني ] إنَّ عُضْواً يشْكُرُكَ : [ جَزَاك اللهُ خَيْرًا عَلَى هَذِهِ الُمشَارَكَةِ الُممَيَّزَة ].