عرض مشاركة واحدة
  #12  
قديم 03-08-2009, 08:13PM
أم سلمة أم سلمة غير متواجد حالياً
عضو مشاركة - وفقها الله -
 
تاريخ التسجيل: Jul 2009
المشاركات: 32
::: آخر الفوائد المختارة من سورة النازعات :::

[كيف يكون حال الكافر عند الموت؟!]

إن الكافر إذا بُشِّر ـ والعياذ بالله ـ بما يسوؤه عند الموت كره لقاء الله وهربت نفسه وتفرقت في جسده حتى ينتزعوها منه كما يُنْتَزَع السَّـفُّود من الشعر المبلول، والشعر المبلول إذا جُرَّ عليه السَّـفُّود وهو معروف عند الغزالين يكاد يمزقه من شدة سحبه عليه هكذا روح الكافر ـ والعياذ بالله ـ تتفرق في جسده؛ لأنها تبشر بالعذاب فتخاف.

***ــــــــــــــــ***

[هل يمكن للإنسان أن يُدرك الجنة قبل أن يموت؟!!]

الإنسان قد يدركها قبل أن يموت بما يُبَشَّر به، وقد قال أنس بن النضر رضي الله عنه لسعد بن معاذ : (يا سعد والله إني لأجد ريح الجنة دون أحد)[1] وهذا ليس معناه الوجدان الذوقي، وجدان حقيقي، قال ابن القيم رحمه الله: (إن بعض الناس قد يدرك الآخرة وهو في الدينا)، ثم انطلق فقاتل وقُتل رضي الله عنه، فالحاصل أن الجنة فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.

***ــــــــــــــــ***

[كيف هو سؤال الناس عن الساعة؟!]

قال الشيخ رحمه الله تعالى عند الآية (يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ):
سؤال الناس عن الساعة ينقسم إلى قسمين:
ـ سؤال استبعاد وإنكار وهذا كفر كما سأل المشركون النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم عن الساعة واستعجلوها، وقد قال الله عن هؤلاء: (يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ).
ـ وسؤالٌ عن الساعة يسأل متى الساعة ليستعد لها وهذا لا بأس به.
وقـد قال رجل للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: يا رسول الله متى الساعة؟
قال له: (ماذا أعددت لها؟)
قـال: حب الله ورسوله.
قـال: (المرء مع من أحب)[2].
فالناس يسألون النبي عليه الصلاة والسلام؛ ولكن تختلف نياتهم في هذا السؤال، ومهما كانت نياتهم ومهما كانت أسئلتهم فعلم الساعة عند الله.

***ــــــــــــــــ***

[فائدة في الرد على أدعياء خرافات الإعجاز العددي: مَنْ يعلم متى الساعة؟!]

قال الشيخ رحمه الله تعالى عند الآية (فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا):
يعني أنه لا يمكن أن تذكر لهم الساعة، لأن علمها عند الله كما قال تعالى في آية أخرى: (قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ) [الأحزاب: 63]. وقد سأل جبريلُ عليه السلام وهو أعلم الملائكة، سأل النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّم وهو أعلم الخلق من البشر، قال: أخبرني عن الساعة.
فقال له النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّم: (ما المسؤول عنها بأعلم من السائل)[3]، يعني أنت إذا كانت خافية عليك فأنا خافية علي.
وإذا كان أعلم الملائكة وأعلم البشر لا يعلمان متى الساعة فما بالك بمن دونهما، وبهذا نعرف أن ما يشيعه بعض الناس من أن الساعة تكون في كذا وفي كذا وفي زمن معين كله كذب، نعلم أنه كذب؛ لأنه لا يعلم متى الساعة إلا الله عز وجل.

***ــــــــــــــــ***

[فائدة مسلكية: هل الواجب السؤال: متى نموت؟! وأين نموت؟!!]

قال الشيخ رحمه الله تعالى عند الآية (إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا):
نقول أنتَ لا تسأل متى تموت ولا أين تموت؛ لأن هذا أمر لا يحتاج إلى سؤال ... أمر مفروغ منه ولابد أن يكون ومهما طالت بك الدنيا فكأنما بقيت يومًا واحدًا بل كما قال تعالى هنا: (كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا)؛ ولكن السؤال الذي يجب أن يرد على النفس ويجب أن يكون لديك جواب عليه هو:

على أي حال تموت؟!
ولست أريد على أي حال تموت هل أنت غني أو فقير؟ أو قوي أو ضعيف؟! أو ذو عيال أو عقيم؟!
بـل على أي حـال تمـوت في العمــل؟!!!
فإذا كنت تساءل نفسك هذا السؤال فلابد أن تستعد؛ لأنك لا تدري متى يفجَؤُك الموت.
كم من إنسان خرج يقود سيارته ورجع به محمولًا على الأكتاف؟!
وكم من إنسان خرج من أهله يقول هيئوا لي طعام الغداء أو العشاء ولكن لم يأكله؟!
وكم من إنسان لبس قيمصه وزر أزرته ولم يفكها إلا الغاسل يغسله؟
و هذا أمر مشاهد لكل أحد بحوادث بغتة.
فانظرْ الان وفكرْ على أي حال تموت؟!!

ولهذا ينبغي لك أن تكثر من الاستغفار ما استطعت، فإن الاستغفار فيه من كل هم فرج، ومن كل ضيق مخرج، حتى إن بعض العلماء يقول إذا استفتاك شخص فاستغفر الله قبل أن تفتيه، لأن الذنوب تحول بين الإنسان وبين الهدى واستنبط ذلك من قول الله تبارك وتعالى: (إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا * وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا) [النساء: 105-106]. وهذا استنباط جيد، ويمكن أيضًا أن يستنبط من قوله تعالى: (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآَتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ) [محمد: 17].
والاستغفار هو الهدى، لذلك أوصيكم بالمراقبة، وكثرة الاستغفار، ومحاسبة النفس حتى نكون على أهبة الاستعداد خشية أن يفجأُنا الموت ـ نسأل الله أن يحسن لنا الخاتمة ـ.

***ــــــــــــــــ***

[موعظة وتذكير: كم مضى عليك من السنوات وأنت حي؟!! فهل من معتبر؟!!]


قال الشيخ رحمه الله تعالى عند الآية (كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا):
أي يرون القيامة ... والعشية من الزوال إلى غروب الشمس، والضحى من طلوع الشمس إلى زوالها، يعني كأنهم لم يلبثوا إلا نصف يوم، وهذا هو الواقع لو سألنا الان كم مضى من السنوات علينا؟ هل نشعر الآن بأنه سنوات أو كأنه يوم واحد؟ لا شك أنه كأنه يوم واحد.
والإنسان الآن بين ثلاثة أشياء:
ـ يوم مضى فهذا قد فاته.
ـ ويوم مستقبل لا يدري أيدركه أو لا يدركه.
ـ ووقت حاضر هو المسؤول عنه.
وأما ما مضى فقد فات وما فات فقد مات، هلك عنك الذي مضى، والمستقبل لا تدري أتدركه أم لا، والحاضر هو الذي أنت مسؤول عنه.


وإلى هنا تنتهي سورة النازعات وعندها قال الشيخ رحمه الله تعالى:
نسأل اللهَ تَعَالى أن يحسن لنا العاقبة، وأن يجعل عاقبتنا حميدة،
وخاتمتنا سعيدة إنه جواد كريم.
والحمـدُ لله رب العالميـن، وصَلَّى اللهُ وسَلَّم عَلَى نبينــا محمـد
وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين~


ــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] أخرجه البخاري: كتاب (المغازي)، باب (غزوة احدرقم الحديث (4048).
[2] أخرجه البخاري: كتاب (الأدب باب (ما جاء في قول الرجل ويلك)، رقم الحديث (6167)، ومسلم: كتاب (البر باب (المرء مع من أحب)، رقم الحديث ( 2639).
[3] أخرجه البخاري: كتاب (الإيمان)، باب (سؤال جبريل)، رقم الحديث (50)، ومسلم: كتاب (الإيمان باب (بيان الإيمان والإسلام)، رقم الحديث (10).
__________________
..:: أم سَلَمَة المالكية ::..
غفر الله تعالى لها ولوالديها ولجميع المسلمين
رد مع اقتباس