عرض مشاركة واحدة
  #11  
قديم 27-02-2016, 02:39PM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم



تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -




الحديث الثاني :
عن عبيد الله بن عبدالله بن عتبة بن مسعود عن أبي هريرة رضي الله عنه وزيد بن خالد الجهني رضي الله عنهما أنهما قالا إن رجلاً من الأعراب أتى رسول الله ﷺ فقال يا رسول الله أنشدك الله إلا قضيت بيننا بكتاب الله فقال الخصم الآخر وهو أفقه منه نعم فاقض بيننا بكتاب الله وائذن لي فقال رسول ﷺ قل قال إن ابني كان عسيفا على هذا فزنى بامرأته وإني أخبرت أن على ابني الرجم فافتديت منه بمائة شاة ووليده فسألت أهل العلم فأخبروني أن على ابني جلد مائة وتغريب عام وأن على امرأة هذا الرجم فقال رسول الله ﷺ والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله الوليدة والغنم رد عليك وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام واغد يا انيس لرجل من أسلم الى امرأة هذا إن اعترفت فارجمها قال فغدا عليها فاعترفت فأمر بها رسول الله ﷺ فرجمت .

العسيف : الأجير


موضوع الحديث :
حد الزنا في حق البكر والثيب



المفردات
الأعراب : جمع أعرابي وهم أهل البادية لأن فقههم قليل
أنشدك الله : أي أسألك به رافعاً نشيدي أي صوتي
إلا قضيت بيننا : أي حكمت بيننا بكتاب الله أي بما شرع الله عز وجل فقال الخصم الآخر وهو أفقه منه قوله وهو أفقه مأخوذ من قرينة الحال إذ أن استئذانه سبره للقضية دال على فقهه
قوله قل أي أن رسول الله ﷺ أمره أن يتكلم بعد الاستئذان
قوله إن ابني كان عسيفاً على هذا : أي أجيراً وسمي الأجير عسيفاً لأنه يعسف أي يجبر على العمل الذي استؤجر فيه
قوله فزنا بامرأته : الفاء هنا فاء السببيه أي أنه بالتقارب الحاصل بين العسيف وامرأة الرجل أدى ذلك إلى زناه بها
قوله وإني أخبرت أن على ابني الرجم فافتديت منه بمائة شاة ووليدة : الوليدة هي الأمة وسيأتي الكلام في هذا الافتداء وحكمه
فسألت أهل العلم المراد بهم الذين قرأوا القرآن وجالسوا الرسول ﷺ وعرفوا الأحكام الشرعية قال الله تعالى عن المنافقين ( حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا ) [ محمد : 16 ]
قوله تغريب عام بأن يغرب الزاني إلى بلد يكون فيها غريباً
قوله والذي نفسي بيده : هذا قسم من النبي ﷺ لأقضين بينكما بكتاب الله وصف جزم رسول الله ﷺ بأنه هو كتاب الله
قوله الوليدة والغنم رد عليك : أي مردودة عليك
وعلى ابنك جلد مائة : أي بأن يجلد مائة جلدة
وتغريب عام : أي سنة
واغد يا أنيس : اغد بمعنى اذهب في الغدو إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها ومعنى اعترفت أقرت
فارجمها أي الرجم الشرعي أي حتى تموت فغدا عليها فاعترفت فأمر بها رسول الله ﷺ فرجمت


المعنى الإجمالي
أن رجلاً كان أجيراً عند آخر فزنا بامرأته ولعل ذلك قد اشتهر وسمع بالاشاعات التي لا تكون وافيه بمعرفة الحكم بل إنما سمع بطرف الخبر أن على كل زان الرجم فافتدى من زوج المرأة بمائة شاة ووليدة ولعله سأل من هم أخص بالأحكام الشرعية من أهل العلم فاخبروه أن الرجم على المرأة لكونها محصنة وأن ابنه ليس عليه رجم وإنما عليه الجلد والتغريب فمن أجل ذلك ذهب والد الزاني إلى النبي ﷺ وبدأ زوج المرأة المزني بها فطلب من النبي ﷺ الحكم بينهما بكتاب الله ثم طلب الآخر وهو والد الزاني وأدى القصة إلى النبي ﷺ فقال النبي ﷺ والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله فأخبره أن المائة شاة والوليدة مردودة على صاحبها وأن على ابنه جلد مائة وتغريب عام وأمر أنيساً أن يذهب إلى المرأة المزني بها فيسألها عن صحة ما قذفت به فسألها فاعترفت فأمر النبي ﷺ برجمها


التعريف بالراوي : عبيدالله بن عبدالله بن عتبة بن مسعود قال ابن الملقن هو أبو عبدالله الهذلي المدني التابعي الفقيه الأعمى روى عن أبيه وعائشة وغيرهما واتفقوا على توثيقه وأمانته وجلالته وكثرة علمه وفقهه وحديثه وصلاحه وقال في التقريب عبيد الله بن عبدالله المدني ثقة فقيه ثبت من الثالثة مات سنة ثمان وتسعين روى له الجماعة قلت : هو ابن ابن أخي عبدالله بن مسعود فجده عتبه بن مسعود وهو أخو عبدالله بن مسعود


فقه الحديث
يؤخذ من هذا الحديث عدة مسائل
أولاً : جواز النّشد بالله أي السؤال به لقوله أنشدك الله كقول أسألك بالله إلا قضيت بيننا بكتاب الله


ثانياً : أن القضاء بكتاب الله هو المطلب المفضل لكل مسلم


ثالثاً : هل المراد بكتاب الله القرآن الكريم أو المراد به الأحكام الشرعية التي أنزلها الله على رسوله وامتن عليه بذلك في قوله (ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا ) [الجاثية : 18 ] والظاهر أن المراد بذلك الشرع المأخوذ من الكتاب والسنة


رابعاً : يؤخذ من قوله فقال الخصم الآخر وهو أفقه أن الحكم بالقرائن مأخوذ به ومتفق عليه لا كما يدافع به الحزبيون عن الحزبيات والمتحزبين ويزعمون أن ذلك تدخل في السرائر


خامساً : إذا كان قد قال الراوي وهو أفقه أخذاً بالقرائن فما هي القرينة التي أخذ منها ذلك والجواب أن القرينة هي في تأدبه مع النبي ﷺ بطلب الإذن في الكلام وبيانه للقضية بياناً شافياً


سادساً : أن رسول الله قد أمره أن يقول فيدعي أويبين فيفصح عن الحقيقة


سابعاً : فيه فضل الصحابة وإن كانوا ممن فيهم جفاء حيث أن الذي قال الحقيقة التي أقر له بها خصمه ولو كان قد كذب في قوله لما أقر له الخصم


ثامناً : قال الرجل في دعواه أو في بيانه إن ابني كان عسيفاً على هذا فزنا بامرأته يؤخذ منه جواز إيجار الإنسان نفسه وأن ذلك يجوز له شرعاً


تاسعاً : قوله فزنا بامرأته الفاء للسببية بسبب ذلك زنا بامرأة من هو عسيف عنده فيؤخذ من هذا أن الإختلاط موجب لحدوث مثل هذا المنكر


عاشراً : أن الواجب على المسلمين أن الرجل إذا استأجر أجيراً ما فإن الواجب على صاحب البيت أن لا يتيح للأجير الفرصة في الاختلاط في النساء ومن مشكلات العصر وجود السائقين في البيوت وعند كثير من الناس الذين يتساهلون في التحصن أو التحصين من مثل هذه الأمور فإنه ينتج عن ذلك قضايا يندى لها الجبين


الحادي عشر : يؤخذ من قوله وأن على ابني الرجم أن الأخبار الشرعية قد تتناقل بنوع من القصور وإذا كان هذا قد حدث في زمن النبي ﷺ فما بالك بزمن غيره ومعنى ذلك أن هذا الخبر دل على أن الرجم على كل زان وليس بصحيح وإنما الرجم على الزاني المحصن


الثاني عشر :يؤخذ من قوله فافتديت منه بمائة شاة ووليدة وهذا ما يقال له عند كثير من الناس ما يسمى بالعيب فيؤخذ فيه مقابل مالي وقد تبين من هذا أن هذا المقابل غير صحيح


الثالث عشر : يؤخذ من قول النبي ﷺ الوليدة والغنم رد عليك أنما أخذ بمثل هذا السبب فإنه يكون باطلاً لأمرين :
الأول : أنه يراد منه إسقاط الحد الشرعي وهذا لا يجوز

الثاني : أنه قد عوض زوج المرأة عن العرض بالمال والتعويض عن العرض بالمال غير جائز في الشرع وإنما تؤخذ الأعراض والاعتداء عليها بالحدود الموضوعة لذلك


الرابع عشر: قوله فسألت أهل العلم وأخبروني أنه في كل مجتمع قد يوجد أهل علم وقد يكون هذا العلم علم على الحقيقة أو علم يخالف كتاب الله وسنته وأنما قلت هذا لأن في المجتمعات الإسلامية اليوم أناس يدعى لهم أنهم أهل علم وليسوا كذلك .


الخامس عشر : وبناء على ما سبق فإن قوله وسألت أهل العلم أن المراد بأهل العلم في زمن النبي ﷺ هم أهل العلم بكتاب الله وسنة رسوله ﷺ ولهذا قال القائل


العلـــم قال الله قال رسوله ​قال الصحابة هم أولوا العرفان
ما العلم نصبك للخلاف سفاهة ​بين الرسول وبين قول فلان


السادس عشر : لكون أهل العلم قد أخبروه بأنه ليس على ابنه رجم فلذلك كأنه يعرض بالرجوع فيما بذل والله أعلم بذلك


السابع عشر : يؤخذ من قول النبي ﷺ والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله الحلف على الأمر الذي يعتقده العبد في نفسه واثقاً منه والنبي ﷺ حلف أن قضاءه هذا هو قضاء بكتاب الله عز وجل


الثامن عشر : يؤخذ من قوله الوليدة والغنم رد عليك أن ما أخذ في مقابل الحدود من المال فهو باطل فيكون محرماً على باذله بذله ومحرم على آخذه أخذه


التاسع عشر : يؤخذ من قوله وعلى ابنك جلد مائة
وتغريب عام يؤخذ منه جلد البكر مائة جلدة في موضع واحد


العشرون : أن الجلد لا بد أن يكون فيه إيلام وإيجاع لأن الله تعالى قال (وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) [ النور : 2 ]


الحادي والعشرون : يؤخذ من هذا الحديث وغيره أن من حد الزاني وتكملة الحد تغريب عام بأن يغرب في بلد بعيد عن بلده وقد أخذ بهذا الجمهور وخالف في ذلك أبو حنيفة وقوله باطل مردود


الثاني والعشرون : قد استشكل تغريب المرأة الزانية بأنه قد يؤدي إلى الوقوع في زنا آخر وإن غرب معها وليها كانت العقوبة على الولي بغير ذنب


الثالث والعشرون : أن الله لا يشرع شرعاً إلا ويكون حقاً وعدلاً وأن تغريب المرأة الزانية مع وليها قد يكون سببه التساهل في حفظ النساء عن التعرض لما يجلب العار والإثم


الرابع والعشرون : يصح أن يكون التغريب في سجن يقع في بلد بعيد عن بلد المرأة الزانية


الخامس والعشرون : أن هذا لا يكون إلا إذا كان السجن محصناً فيكون المشرفين على السجن أهل أمانة وعدالة


السادس والعشرون : يؤخذ من قوله واغد يا أنيس لرجل من أسلم إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها جواز النيابة في الحد فيما يثبته وفي إقامته


السابع والعشرون : أن النبي ﷺ كان يرسل لكل قوم رجلاً منهم حيث الحمية عند العرب تجعل ذلك غير مقبول إذا كان من قبيلة أخرى وهذا من السياسة الشرعية حيث أن الناس غالباً يخضعون لرؤسائهم وذوي السيادة فيهم


الثامن والعشرون : يؤخذ من قوله فإن اعترفت فارجمها أن الاعتراف فيه مرة واحدة وبهذا قال جماهير أهل العلم وقال بعضهم أن الاعتراف لا بد أن يكون أربع مرات وهذا قول الحنفية والحنابلة


التاسع والعشرون : أن الزاني المحصن كما في هذه المرأة وكما في ماعز والغامدية وكما في اليهوديين يرجم ولا يجلد أما حديث عبادة بن الصامت البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام والثيب بالثيب جلد مائة والرجم فهذا قد اخذ به علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقد جلد شراحة يوم الخميس ورجمها يوم الجمعة وأخذ به بعض أهل العلم والقول الصحيح أن ذلك منسوخ حيث أن النبي ﷺ رجم ولم يجلد وبالله التوفيق .



--------

تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384








رد مع اقتباس