عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 27-02-2016, 02:28PM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم



تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -




كتاب الحدود :

تعريف الحدود : الحدود جمع حد والحد هو المانع الذي يفصل بين شيئين وسميت الحدود حدوداً لأنها تمنع من مواقعة ما جعلت عقوبة على فعله فالسارق إذا علم أنه ستقطع يده ترك السرقه والزاني إذا علم أنه يرجم ويجلد ويغرب سنة ترك الزنا وهكذا وتطلق الحدود على محارم الله عز وجل وقد جاء في الحديث ( لا يضرب فوق عشرة أسواط إلا في حد من حدود الله )

الحديث الأول :
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قدم ناس من عكل أو عرينة فاجتووا المدينة فأمر لهم رسول الله ﷺ بلقاح وأمرهم أن يشربوا من أبوالها وألبانها فانطلقوا فلما صحوا قتلوا راعي النبي ﷺ واستاقوا النعم فجاء الخبر في أول النهار فبعث في آثارهم فلما ارتفع النهار جيء بهم فأمر بهم فقطعت أيديهم وأرجلهم من خلاف وسمرت أعينهم وتركوا في الحرة يستسقون فلا يسقون. قال أبو قلابة فهؤلاء سرقوا وقتلوا وكفروا بعد إيمانهم وحاربوا الله ورسوله )



موضوع الحديث :
حد المحاربين



المفردات
قدم ناس من عكل أو عرينة : أقول عكل اسم قبيلة وعرينة اسم قبيلة أيضاً
اجتووا المدينة : أي استوخموها واستوبأوا جوها ولم يطيقوه فأمر لهم النبي ﷺ بلقاح
اللقاح : هي الإبل ذات اللبن وأمرهم أن يشربوا من أبوالها وألبانها هذه الجملة فيها طب نبوي فالشرب من أبوال الإبل وألبانها بأن يأخذ قليلاً من البول ويحلب عليه لبناً ويشربه هذا أحسن دواء لداء البطن
فانطلقوا : أي ذهبوا في الإبل آخذين ما أمر لهم به فلما صحوا أي عادت إليهم صحتهم قتلوا راعي النبي ﷺ واستاقوا النعم أي أخذوها
والنعم : اسم جنس للإبل غالباً وللأربعة الأنواع إذا اجتمعت إلا أن الغنم وحده لا يطلق عليه نعم إذا كان وحده هكذا قال أهل اللغة
قوله فبعث في آثارهم : أي أرسل ورائهم خيلاً ورجالاً فأمر بهم الآمر هو النبي ﷺ
فقطعت أيديهم وأرجلهم من خلاف : أي لأنهم حاربوا الله ورسوله وارتدوا عن الإسلام
قوله سمرت أعينهم : أي كحلوا بالمسامير المحماة حتى سالت أعينهم جزاءً لهم على ما فعلوه بالراعي
وتركوا في الحرة : الحرة هي أرض مرتفعة تعلوها حجارة سوداء
يستسقون : أي يطلبون السقيا من الماء فلا يسقون
فوله فهؤلاء سرقوا وقتلوا وكفروا بعد إيمانهم وحاربوا الله ورسوله : هذا من كلام أبو قلابة والراوي هو أنس بن مالك رضي الله عنه .


المعنى الإجمالي
جاء نفر من قبيلة عكل أو عرينة فأسلموا وبايعوا النبي ﷺ ثم إنهم استوخموا المدينة بحيث أن جوها لم يناسبهم فمرضوا فأمر لهم النبي ﷺ بإبل ذات لبن يقال أنها خمسة عشر وأمرهم أن يشربوا من ألبانها وأبوالها ففعلوا فلما صحوا قتلوا الراعي وسمروا عينيه وجعلوا الشوك في لسانه ثم استاقوا الإبل فأرسل النبي ﷺ في آثارهم فأتى بهم وأمر بهم فقطعت أيديهم وأرجلهم من خلاف وتركوا من دون حسم وسمر أعينهم وتركوا في الحرة يستسقون فلا يسقون حتى ماتوا ونزلت في شأنهم الآية التي في سورة المائدة وهي قوله تعالى ( إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) [ المائدة : 33 ]


فقه الحديث
يؤخذ من هذا الحديث عدة مسائل
أولاً : قدوم القبائل على الإمام لبعض الشئون فهؤلاء قدموا فأسلموا ثم ارتدوا


ثانياً : يؤخذ من هذا أنه ينبغي للإمام أن ينظر في مصالح هؤلاء القادمين ويأمر لهم بما يناسب حالهم وصلاح أبدانهم


ثالثاً : طهارة بول ما يؤكل لحمه وهو مذهب مالك وأحمد وقول ابن خزيمة والروياني من الشافعية لكن اشترط المالكيون للحكم بعدم نجاسة أبوالها بأن لا تكون مما يستعمل النجاسة قالوا فإن كانت تستعمل النجاسة فنجسه على المشهور


وأقول : المعروف عن الإبل أنها لا تستعمل النجاسة لكن قد يوجد في البقر أن بعضها تأكل العذرة اليابسة فهذا الشرط يمكن أن يكون في البقر دون الإبل علماً بأن طواف النبي ﷺ على البعير دال على طهارة بوله وروثه وصلاة النبي ﷺ في مرابض الغنم دال على طهارة روثها ولهذا فالقول الصحيح أن أبوال الإبل وأرواثها وكذلك البقر ما لم تكن جلالة وكذلك الغنم كلها طاهرة وقد ذهب الحنفية وجمهور الشافعية إلى أن بول وروث الإبل وكذلك البقر والغنم نجس واعتذروا عن هذا الحديث ونحوه أن ذلك جائز في التداوي


رابعاً :قال ابن الملقن يؤخذ منه ثبوت أحكام المحاربة في الصحراء واختلف العلماء في ثبوت أحكامها في الأمصار فنفاه أبو حنيفة وأثبته مالك والشافعي قال ووافق بعض المالكية الحنفية


وأقول : إن الآية مطلقة فلا تقيد بالصحاري دون المدن وكذلك الحديث


خامساً : يؤخذ منه مشروعية المثلة في القصاص والنهي عن المثلة محمول على ما إذا لم تكن على سبيل المكافأة أما إن كانت على سبيل المكافأة فهي جائزة وتقدم أن النبي ﷺ رضخ رأس اليهودي الذي رضخ رأس جارية ليأخذ أوضاحها فالأحاديث في النهي عن المثلة تؤخذ على غير المكافأة أما إذا كان القاتل مثل بالمقتول فإنه يجوز أن يمثل به لقـوله تعالى (وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ [ النحل : 126]


سادساً : أنه إذا فعل الإمام بالمحاربين وأهل الفساد شيئاً من العقوبات المنفرة فإن ذلك لا يعد من عدم الرحمة بل هو يعد رحمة من أجل أن يرتدع من يهوون الفساد عن فسادهم


سابعاً : جاءت عقوبة المحاربين في هذا الحديث على وفق ما ورد في الآية {إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ }[ المائدة : 33 ]


ثامناً : أن أو في هذه الآية الأصح فيها أنها للتخيير ومعنى ذلك أن يختار الإمام ما يراه مناسباً لحالهم وما يكون به ردع لأمثالهم وقال بعض أهل العلم أن أو في الآية هي للتقسيم فعقوبة من قتل القتل وعقوبة من أخاف الآمنين قطع الأيدي والأرجل إذا هو جمع بين أخذ المال والإخافة وهكذا .


تاسعاً : يؤخذ منه أن المرتد بالحرابة يقتل بدون استتابة فلا يستتاب


عاشراً : يؤخذ منه قتل الجماعة بالواحد إذ المأثور أنهم كانوا ثمانية وهم قتلوا الراعي وهو واحد
الحادي عشر : قتل الجماعة بواحد سواء قتلوه غيلة أو حرابة وبه قال الشافعي ومالك وجماعة وخالف في ذلك أبو حنيفة .


الثاني عشر: أن من حصلت منهم الحرابة فلا بد أن يثبت عليهم إما باعتراف أو ببينة أما الذين في الحديث فالحكم ثابت عليهم لقتلهم الراعي وأخذهم الإبل


الثالث عشر: مناسبة نوع العقوبة لنوع الذنب فهؤلاء سقاهم النبي ﷺ بأمره لهم بالإبل أن يشربوا لبنها فلما قتلوا الراعي وأخذوا الإبل أمر بهم بعد قطع أيديهم وأرجلهم أن يلقوا في الحرة يستسقون فلا يسقون جزاءً لهم على ذنبهم وهكذا كل من كفر الإحسان يعاقبه الله على ذلك عقوبة يكون بها عبرة لغيره وبالله التوفيق



--------

تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384








رد مع اقتباس