عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 28-02-2017, 06:17PM
عمرو التهامى عمرو التهامى غير متواجد حالياً
إداري - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Nov 2015
المشاركات: 520
افتراضي حجب القلوب عن السير لعلام الغيوب و ضعف أثر العمل على القلب مقال للشيخ ماهر القحطانى

حجب القلوب عن السير لعلام الغيوب
وضعف أثر العمل على القلب


بسم الله الرحمن الرحيم

عباد الله إننا اليوم نرى كثيرا من أهل الإسلام يعبدون الله و الحمد لله بعبادات متنوعة كثيرة منها مفروضات كالصلوات الخمس في جماعات و اخراج الزكاة و صوم رمضان و الحج و العمرة و ترك كثير من الكبائر و الموبقات كالسرقة والزنا وشرب الخمر وذلك من أفضل العبادات فمن أعظم العبادات المفروضة ترك المحرمات تقربا لرب الأرض والسموات وفي الحديث ما تقرب عبدي إلي بمثل ما افترضته عليه
وأعمال أخرى أيضا من نوافل و مستحبات كصوم عاشوراء وعرفة و قراءة القرآن و الصدقات
ولكن ما بالنا لا نرى أثر تلك العبادات و روحها و مقصودها من صلاح القلب والباطن فتورث حينئذ الخشية التي كانت عند السلف النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتي تذاب على إثرها قسوة القلب وترفع عنه الغفلة والسكرة والذين كانوا إذا تليت عليهم آيات الله يخرون للأذقان ويبكون ويزيدهم خشوعا
فهذا نبينا صلى الله عليه وسلم يبكي عند سماع القرآن كما خرج الترمذي وغيره عن عبد الله بن مسعود قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر : " اقرأ علي " . قلت : أقرا عليك وعليك أنزل ؟ قال : " إني أحب أن أسمعه من غيري " . فقرأت سورة النساء حتى أتيت إلى هذه الآية ( فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا )قال : " حسبك الآن " . فالتفت إليه فإذا عيناه تذرفان (متفق عليه)
وأبوبكر رضي الله عنه كان رجلا اسيفا ما يقرأ القرآن إلا بكى حتى أُعتُذِر له من الإمامة مرة لما اراد نبينا أن يستخلفه
وعمر يسمع له بكاء ونشيج من وراء الصفوف عندما كان يقرأ بسورة يوسف في الفجر حتى تنقطع ربما قراءته وقصصهم واخبارهم في ذلك كثيرة يطول المقام لسردها
ولكن ما السبب عباد الله الذي جعل هذه القلوب اليوم لا تستفيد من هذه العبادات فيصل اثرها إلى سويداءها فتورث خشية تذوب على اثرها القسوة
ذلكم كما قال بن القيم لأنها قد غُطيت بحجب منعت وصول ذلكم الأثر المبارك للعبادات
فمن تلكم الحُجُب
ما شاع من التساهل بصغائر الذنوب والمحقرات منها وادمان ذلك وتلاعب الشيطان وتلبيسه في ذلك بأن يوسوس بها ويزينها ويقول لمرتكبها انت لست بمشرك ولا بتارك صلاة ولا تشرب الخمر و لا تزني.... فيغريه بترك الكبائر ليتساهل في الصغائر حتى يدمنها وذلك اصلا كبيرة
كما قال بن عباس لا صغيرة مع إصرار ولا كبيرة مع استغفار
وحتى يجعله يفعل الكبيرة من بعدها الأخرى والتي يكون منتهاها الحجاب الأكبر الذي ينقطع به العبد عن ربه بالكلية وهو الشرك ودعوة غير الله فالكبائر بريد الكفر
فكم ولَدَت صغيرة من سوء خاتمة كما في قصة برصيصا العابد والتي رويت عن ابن عباس والذي كان يعبد الله أربعين سنة لا يلتفت لشيء فجعل الشيطان يصرع الناس بقريته ويدلهم عليه فيخرج من المصروع ثم راح يصرع أجمل فتيات الأرض بنت ملك من الملوك فدل إخوانها على برصيصا فراودوه على رقياها فأبى فوضعوها عند منزله وقالوا هي عندك وذهبوا فأقبل على عبادته فوسوس له ان ارقها وارجع لعبادتك وتخلص منها فاستجاب وأقبل يقرأ في خلوة بها فجعل الشيطان يصرعها وتتحرك حتى انكشف شيء من مفاتنها فنظر إليه (وكم نظرة فتكت بصاحبها فتك السهام من غير قوس ولاوتر) فوثب عليها وزنا بها فوسوس له ان اقتلها واخفها ففعل فعلم أهلها وأخذوه للصلب فقال له الشيطان أطير بك من هذا المكان واسجد لي سجدة ففعل فقُتِل مصلوبا كافرا
قال تعالى" كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ "(سورة الحشر أية 16)
فما هي قصة ذلك القلب الذي حجب بما استهان صاحبه من محقرات الذنوب ما رواه مسلم قالَ حُذَيفةُ رضى الله عنه : سمِعتُ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ يقولُ تُعرَضُ الفتنُ علَى القلوبِ كالحصيرِ عودًا عودًا فأيُّ قلبٍ أُشرِبَها نُكِتَ فيهِ نُكتةٌ سَوداءُ وأيُّ قلبٍ أنكرَها نُكِتَ فيهِ نُكتةٌ بَيضاءُ حتَّى تصيرَ علَى قلبَينِ علَى أبيضَ مِثلِ الصَّفا فلا تضرُّهُ فتنةٌ ما دامتِ السَّماواتُ والأرضُ والآخرُ أسوَدُ مُربادًّا كالكوزِ مُجَخِّيًا لا يعرِفُ معروفًا ولا ينكرُ مُنكرًا إلَّا ما أُشرِبَ مِن هواهُ (صحيح مسلم 144)
ولذلك حذر نبينا منها كما خرج أحمد في مسنده عن سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِيَّاكُمْ وَمُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ، فَإِنَّمَا مَثَلُ مُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ كَقَوْمٍ نَزَلُوا بَطْنَ وَادٍ، فَجَاءَ ذَا بِعُودٍ، وَجَاءَ ذَا بِعُودٍ، حَتَّى حملوا ما أَنْضَجُوا به خُبْزَتَهُمْ، وَإِنَّ مُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ مَتَى يُؤْخَذْ بِهَا صَاحِبُهَا تُهْلِكْهُ ".
فمن ذلك معاصي الخلوات كمعصية النظر للصور المحرمة والأفلام والتمثيليات الماجنة والإباحية الهابطة والنظر للمقاطع المرئية عبر اليوتيوب والسناب شاة والانترنت
كم نظرة فتكت بصاحبها فتك السهام من غير قوس ولا وتر
ومن الحُجُب الكبائر
كالغيبة وهي ذكرك اخاك بما يكره
والنميمة وهي نقل كلام من انسان لانسان ليفسد الود بينهما
والمجادلة والكلام على الله بغير علم وذلك من أعظم الحجب فأصل الجدال والمراء يذهب نور العلم من القلب فكيف اذا كان بغير علم...وللمغالبة قال تعالى " وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ" (سورة الحج أية 8)
و قال تعالى" يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ۚ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ (168) إِنَّمَا يَأْمُرُكُم بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (سورة البقرة أية 169)
ومن ذلك حجاب العقل والفرح بالرأي وتقديمه على الكتاب والسنة قال علي رضى الله عنه لو كان الدين بالرأي لكان المسح على باطن الخف أولى من الظاهر ولقد رأيت نبينا يمسح على ظاهر خفيه
عباد الله إن ثم حجاب هو أعظم الحجب عن الله قاطبة وهو الذي يقطع السير إليه بالكلية ولايُغفر إلا بالتوبة ويحُبط العمل ويخلد في النار ألا وهو حجاب الشرك الأكبر
فانك تجد اليوم من يصلي ويصوم ويضحي ويدعو رسول الله بعد موته بقبره و يستغيث بنفيسة والبدوي وزينب وآل البيت كالرافضة فيشرك بالله في عبادة الدعاء فهذا لا يُقبل منه صوم ولا صلاة ولا حج ولا زكاة ولا جهاد وهو اعظم ذنب عُصي الله به
كما في صحيح البخاري عن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم أي الذنب عند الله أعظم أو قال أكبر قال أن تجعل لله ندا وهو خلقك...(صحيح البخارى 4761)
قال تعالى " وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (سورة الأنعام أية 88)
وقال تعالى " إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ ۖ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ "(سورة المائدة أية72)
والشرك أنواع شرك في الألوهية وشرك في الربوبية و شرك في الأسماء و الصفات
ومن حيث العاقبة والصفة إلى شرك أكبر كدعاء غير الله وأصغر كالرياء والحلف بغير الله....
عباد الله إن أعظم ما فرضه الله علينا التوحيد وأنه مما يؤدي الى ذهابه وقوع النزاعات والتباغض والتدابر والتحاقد بين المسلمين
قال تعالى " وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ وَاصْبِرُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ "(سورة الأنفال أية 46)
ومن أعظم أسباب ذلك الإنكار العلني على ولي الامر ولو كان بحق
فإن نبينا والسلف نهو عنه وهو من الحجب للقلب عن الاستفادة من العبادات لأنه بدعة وكل بدعة ضلالة وعلى ذلك أدلة كثيرة
ولذلك ربط نبينا بين تقوى الله والسمع والطاعة
وشدد الائمة في هذه المسألة وذكروها في مصنفاتهم وهي البيعة ووجوب لزوم الجماعة والسمع والطاعة لولي الامر ولو فسق وعصى وكان من الظلمة كالحجاج وحذر نبينا من الخوارج وسماهم كلاب النار وتوعد بقتلهم لو كان حيا واستأصالهم كقوم عاد وأخبثهم القعدة وهم كما ذكر أهل العلم الذين يزينون الخروج ولا يباشرونه بذكرهم مثالب ولي الامر وربط المنكرات به علانية
ففي الحديث من كان له نصيحة عند ذي سلطان فلا يبده علانية...
اللهم احفظ لنا أمن بلادنا بهذا التوحيد والسنة واجمع كلمتنا على ما كان عليه سلف الأمة


كتبها/ ناصح لنفسه وغيره
اخوكم ابو عبدالله
ماهر بن ظافر القحطاني




منقول من رسائل الشيخ ماهر القحطانى حفظه الله فى وسائل التواصل الإجتماعى السبت28-05-1438
رد مع اقتباس