عرض مشاركة واحدة
  #25  
قديم 14-03-2016, 05:58PM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم





تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -




الحديث الخامس :
عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ ( من حلف على يمينٍ صبرٍ يقتطع بها مال امرئ مسلم هو فيها فاجر لقي الله وهو عليه غضبان ونزلت ( إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلاً ) إلى آخر الآية



موضوع الحديث :
اليمين الغموس التي يقتطع بها مال المسلم



المفردات
من : اسم شرط
جملة حلف : فعل الشرط
على يمين : المقصود هنا المحلوف عليه
على يمينٍ صبر : كلمة صبر أي مصبورة بمعنى أنه حبس نفسه عليها أي على فعلها
ورد بالتنوين على يمين صبرٍ وورد بالإظافة على يمينِ صبر وسميت صبراً لأنه تجرأ عليها وأطاع الشيطان وعصى الله فيها
قوله يقتطع بها : هذه صفة لليمين يقتطع بها مال امرئ مسلم
قوله هو فيها فاجر : صفة أخرى لليمين أي أنه كاذب فيها
لقي الله : هذا الفعل هو جواب الشرط وجزاءه
لقي الله وهو عليه غضبان : الواو واو الحال والجملة بعده حالية وهو أي الحال أن الله عليه غضبان
وهذه اليمين هي ما تسمى باليمين الغموس
قوله ونزلت إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمناً قليلاً إلى آخر الآية


المعنى الإجمالي
اليمين الفاجرة هي اليمين على دعوى كاذبة يدعيها مسلم على مسلم قل نصيبه من الله وخفت بضاعته من الإيمان فرغب في الدنيا وزهد في الآخرة وحلف على شيء لهذا مالي أو حقي وليس ماله ولا حقه فإنه متوعد بهذا الوعيد وهو قول الله عز وجل ( إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلاً أُولَئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) حتى ولو كان المحلوف عليه شيئاً يسيراً فقد جاء في الحديث أيضاً ( عَنْ أَبِي أُمَامَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ مَنْ اقْتَطَعَ حَقَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينِهِ فَقَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ لَهُ النَّارَ وَحَرَّمَ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ وَإِنْ كَانَ شَيْئًا يَسِيرًا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ وَإِنْ كان قَضِيبًا مِنْ أَرَاكٍ )


فقه الحديث
يؤخذ من الحديث
أولاً : تحريم اليمين الغموس وهي اليمين على دعوى كاذبة يدعيها العبد في مال غيره


ثانياً : هذه اليمين عظيمة لأنها موجبة لغضب الله عز وجل ومعنى عظيمة أي فضيعة آثارها على العبد سيئة عواقبها عليه كريهة ونسأل الله العفو والعافية


ثالثاً : إنما كان ذلك لأن حرمة مال المسلم عظيمة وأخذها بغير حق جريمة


رابعاً : اختلف أهل العلم في تكفير اليمين الغموس هل تكفر أو لا تكفر والقول الصحيح أنها لا تكفر لأن تكفير اليمين إنما يتعلق بيمين يحلف على شيء مستقبل والله لأفعلن كذا أو والله لا أفعل كذا فإذا رأى الحالف أن البر في ترك هذه اليمين وما تقتضيه كفر عنها وأتى الذي هو خير أما اليمين الغموس فهي يمين على شيء مضى بأن يحلف بأن هذا مالي فيدعيه له وهو ليس له سواء كانت سلعة أو داراً أو عقاراً حتى ولو كان سوطاً فإنه يستحق هذا الوعيد وقد اختلف الأئمة في جواز تكفير اليمين الغموس أو عدم جواز ذلك
فالشافعي أجاز تكفيرها والثلاثة منعوا ذلك وهم مالك وأحمد وأبو حنيفة وقول الثلاثة هنا هو الحق


خامساً : يؤخذ من قوله يقتطع بها مال امرئ مسلم التشنيع على الحالف حيث أنه لا يجوز أن يقتطع مال أخيه المسلم بغير حق وإذا كان لا يجوز له أخذ مال الكافر بغير حق فإن أخذ مال المسلم أشد


سادسا : وإذا كان في ذلك دليل على حرمة مال المسلم فإنه من باب أولى دليل على حرمة دمه وعرضه إلا ما قصد به بيان حق أو دفع باطل


سابعا : الوعيد في هذه الاية وعيد شديد (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلاً ) المراد بالثمن القليل الدنيا بأسرها فإذا استبدلت الثمن القليل بأن تحلف بالله عز وجل فاجراً عليه فإنك حينئذ قد غبنت أشد الغبن واقرأ كامل الآية واسمع ماذا يقول ربك عز وجل ( أُولَئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) [ آل عمران : 77 ] وعيد ترتعد له المفاصل وتختلج له الأعضاء ممن يخاف الله عز وجل نسأل الله أن يجعلنا ممن يخافه


ثامنا : قال ابن الملقن هذه الآية يدخل فيها الكفر فما دونه من جحد حقوق ونحوها وكل أحد يأخذ من وعيدها على قدر جريمته وهذا كلام جيد حسن مهما كانت الحقوق التي جحدها العبد


تاسعا : أن حكم الحاكم إذا حكم لك بمال غيرك بناءً على اليمين فإن هذا الحكم لا يبيح لك مال الغير والأمر يبقى على حقيقته أي أن ما أخذته باليمين الكاذبة فهو حرام عليك أخذه وبذلك قال الشافعي ومالك وأحمد والجمهور خلافاً لأبي حنيفة
أما قول أبي حنيفة بأن ما حكم به الحاكم يباح أخذه للمحكوم له فهذا قول ضعيف لا يلتفت إليه وقد قال النبي ﷺ ( إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ وَأَقْضِيَ لَهُ عَلَى نَحْوِ مَا أَسْمَعُ فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا فَلا يَأْخُذْ فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنْ النَّارِ ) وبالله تعالى التوفيق .



--------

تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384










رد مع اقتباس