عرض مشاركة واحدة
  #59  
قديم 02-02-2015, 01:20PM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم




القول المفيد على كتاب التوحيد

باب: ما جاء في ال (لو)

ج / 2 ص -361- باب: ما جاء في ال (لو)

ــ
قوله: في "اللو": دخلت "أل" على "لو" وهي لا تدخل إلا على الأسماء، قال ابن مالك:

بالجر والتنوين والندا وأل ومسند للاسم تمييز حصل1
لأن المقصود بها اللفظ; أي: باب ما جاء في هذا اللفظ. والمؤلف رحمه الله جعل الترجمة مفتوحة ولم يجزم بشيء;

لأن "لو" تستعمل على عدة أوجه:
الوجه الأول: أن تستعمل في الاعتراض على الشرع، وهذا محرم، قال الله تعالى: {لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا}2 في غزوة أحد حينما تخلف أثناء الطريق عبد الله بن أبي في نحو ثلث الجيش، فلما استشهد من المسلمين سبعون رجلا اعترض المنافقون على تشريع الرسول صلى الله عليه وسلم، وقالوا: لو أطاعونا ورجعوا كما رجعنا ما قتلوا، فرأينا خير من شرع محمد، وهذا محرم وقد يصل إلى الكفر.


الثاني: أن تستعمل في الاعتراض على القدر، وهذا محرم أيضا، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزّىً لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا}3 أي: لو أنهم بقوا ما قتلوا; فهم يعترضون على قدر الله.



1 "ألفية ابن مالك" (ص 3).
2 سورة آل عمران آية: 168.
3 سورة آل عمران آية: 156.


ج / 2 ص -362-


الثالث: أن تستعمل للندم والتحسر، وهذا محرم أيضا; لأن كل شيء يفتح الندم عليك فإنه منهي عنه; لأن الندم يكسب النفس حزنا وانقباضا، والله يريد منا أن نكون في انشراح وانبساط، قال صلى الله عليه وسلم: "احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيء، فلا تقل: لو أني فعلت كذا لكان كذا; فإن لو تفتح عمل الشيطان"1.


مثال ذلك: رجل حرص أن يشتري شيئا يظن أن فيه ربحا فخسر، فقال: لو أني ما اشتريته ما حصل لي خسارة; فهذا ندم وتحسر، ويقع كثيرا، وقد نهي عنه.
الرابع: أن تستعمل في الاحتجاج بالقدر على المعصية; كقول المشركين: {لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا}2 وقولهم: {لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ}3 وهذا باطل.


الخامس:
أن تستعمل في التمني، وحكمه حسب المتمنى: إن كان خيرا فخير، وإن كان شرا فشر، وفي "الصحيح" عن النبي صلى الله عليه وسلم في قصة النفر الأربعة قال أحدهم: "لو أن لي مالا لعملت بعمل فلان"4 فهذا تمنى خيرا، وقال الثاني: "لو أن لي مالا لعملت بعمل فلان"5 فهذا تمنى شرا. فقال النبي صلى الله عليه وسلم في الأول: "فهو بنيته، فأجرهما سواء"6 وقال في الثاني: "فهو بنيته، فوزرهما سواء"7.
السادس: أن تستعمل في الخبر المحض. وهذا جائز، مثل: لو



1 يأتي (ص 440).
2 سورة الأنعام آية: 148.
3 سورة الزخرف آية: 20.
4 الترمذي: الزهد (2325) , وابن ماجه: الزهد (4228).
5 الترمذي: الزهد (2325) , وابن ماجه: الزهد (4228).
6 الترمذي: الزهد (2325).
7 أخرجه: الإمام أحمد (4/230, 231), والترمذي في (الزهد, باب ما جاء مثل الدنيا مثل أربعة نفر, 7/81)- وقال: "حسن صحيح"- , وابن ماجه في (الزهد, باب النية, 2/1413); عن أبي كبشة عمرو بن سعد الأنماري رضي الله عنه.



ج / 2 ص -363- وقول الله تعالى: {يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا}1.


حضرت الدرس لاستفدت، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم "لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي ولأحللت معكم"2 فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه لو علم أن هذا الأمر سيكون من الصحابة ما ساق الهدي ولأحل، وهذا هو الظاهر لي. وبعضهم قال: إنه من باب التمني، كأنه قال: ليتني استقبلت من أمري ما استدبرت حتى لا أسوق الهدي. لكن الظاهر: أنه خبر لما رأى من أصحابه، والنبي صلى الله عليه وسلم لا يتمنى شيئا قدر الله خلافه.


وقد ذكر المؤلف في هذا الباب آيتين:
الآية الأولى قوله تعالى: (يقولون): الضمير للمنافقين.
قوله: "مَا قُتِلْنَا": أي: ما قتل بعضنا; لأنهم لم يقتلوا كلهم، ولأن المقتول لا يقول.
قوله: "لو كان لنا من الأمر" (لو): شرطية، وفعل الشرط: (كان)، وجوابه: {مَا قُتِلْنَا}3 ولم يقترن الجواب باللام; لأن الأفصح إذا كان الجواب منفيا عدم الاقتران، فقولك: لو جاء زيد ما جاء عمرو أفصح من قولك: لو جاء زيد لما جاء عمرو، وقد ورد قليلا اقترانها مع النفي; كقول الشاعر:

ولو نعطى الخيار لما افترقنا ولكن لا خيار مع الليالي


1 سورة آل عمران آية: 154.
2 أخرجه: البخاري في (الحج, باب تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف, 1/506), ومسلم في (الحج, باب بيان وجوه الإحرام, 2/885); عن جابر رضي الله عنه.
3 سورة آل عمران آية: 154.


ج / 2 ص -364- وقوله: {الَّذِينَ قَالُوا لإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا}1.


قوله: "ها هنا": أي: في أحد.
قوله: {قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ}2 هذا رد عليهم; فلا يمكن أن يتخلفوا عما أراد الله بهم.
وقولهم: {لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ}3 هذا من الاعتراض على الشرع; لأنهم عتبوا على الرسول صلى الله عليه وسلم حيث خرج بدون موافقتهم، ويمكن أن يكون اعتراضا على القدر أيضا; أي: لو كان لنا من حسن التدبير والرأي شيء ما خرجنا فنقتل.
قوله: (وقعدوا): الواو إما أن تكون عاطفة، والجملة معطوفة على (قالوا)،


ويكون وصف هؤلاء بأمرين:
1- بالاعتراض على القدر بقولهم: {لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا}4.
2- وبالجبن عن تنفيذ الشرع "الجهاد" بقولهم: (وقعدوا).
أو تكون الواو للحال والجملة حالية على تقدير "قد"; أي: والحال أنهم قد قعدوا; ففيه توبيخ لهم حيث قالوا مع قعودهم، ولو كان فيهم خير لخرجوا مع الناس، لكن فيهم الاعتراض على المؤمنين، وعلى قضاء الله وقدره.


قوله: (لإخوانهم): قيل: في النسب لا في الدين، وقيل: في الدين ظاهرا; لأن المنافقين يتظاهرون بالإسلام، ولو قيل: إنه شامل للأمرين; لكان صحيحا.
قوله: {لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا} هذا غير صحيح، ولهذا رد الله عليهم بقوله: {قُلْ فَادْرَأُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِين َ}5 وإن كنتم قاعدين; فلا تستطيعون أيضا أن تدرءوا عن أنفسكم الموت



1 سورة آل عمران آية: 168.
2 سورة آل عمران آية: 154.
3 سورة آل عمران آية: 154.
4 سورة آل عمران آية: 168.
5 سورة آل عمران آية: 168.


ج / 2 ص -365- وفي الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه ؛.......


فهذه الآية والتي قبلها تدل على أن الإنسان محكوم بقدر الله كما أنه يجب أن يكون محكوما بشرع الله.


مناسبة الباب للتوحيد
أن من جملة أقسام (لو) الاعتراض على القدر ومن اعترض على القدر; فإنه لم يرض بالله ربا، ومن لم يرض بالله ربا; فإنه لم يحقق توحيد الربوبية. والواجب أن ترضى بالله ربا، ولا يمكن أن تستريح إلا إذا رضيت بالله ربا تمام الرضا، وكأن لك أجنحة تميل بها حيث مال القدر، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم "عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن: إن أصابته سراء شكر; فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر; فكان خيرا له"1 ومهما كان; فالأمر سيكون على ما كان، فلو خرجت مثلا في سفر ثم أصبت في حادث; فلا تقل: لو أني ما خرجت من السفر ما أصبت; لأن هذا مقدر لا بد منه.
قوله: "وفي الصحيح": أي: "صحيح مسلم"، وانظر ما سبق في: باب تفسير التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله (1/157). والمؤلف رحمه الله حذف منه جملة، وأتى بما هو مناسب للباب، والمحذوف قوله صلى الله عليه وسلم: "المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير"2.



1 أخرجه: مسلم في (الزهد, باب المؤمن أمره كله خير, 4/ 2295); عن صهيب بن سنان رضي الله عنه.
2 مسلم: القدر (2664) , وابن ماجه: المقدمة (79) والزهد (4168) , وأحمد (2/366 ,2/370).


ج / 2 ص -366-


شرح الحديث:
قوله: "القوي": أي: في إيمانه وما يقتضيه إيمانه، ففي إيمانه; يعني: ما يحل في قلبه من اليقين الصادق الذي لا يعتريه شك، وفيما يقتضيه; يعني: العمل الصالح: من الجهاد، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والحزم في العبادات وما أشبه ذلك.


وهل يدخل في ذلك قوة البدن؟
الجواب: لا يدخل في ذلك قوة البدن إلا إذا كان في قوة بدنه ما يزيد إيمانه، أو يزيد ما يقتضيه; لأن "القوي" وصف عائد على موصوف وهو المؤمن; فالمراد: القوي في إيمانه أو ما يقتضيه، ولا شك أن قوة البدن نعمة، إن استعملت في الخير فخير، وإن استعملت في الشر فشر.


قوله: "خير وأحب إلى الله": خير في تأثيره وآثاره; فهو ينفع ويقتدى به، وأحب إلى الله باعتبار الثواب.
قوله: "من المؤمن الضعيف": وذلك في الإيمان أو فيما يقتضيه، لا في قوة البدن.
قوله: "وفي كل خير": أي: في كل من القوي والضعيف خير، وهذا النوع من التذييل يسمى عند البلاغيين بالاحتراس حتى لا يظن أنه لا خير في الضعيف.
فإن قيل: إن الخيرية معلومة في قوله: "خير وأحب"; لأن الأصل في اسم التفضيل اتفاق المفضل والمفضل عليه في أصل الوصف ؟
فالجواب: أنه قد يخرج عن الأصل; كما في قوله تعالى: {أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرّاً}1 مع أن أهل النار لا خير في مستقرهم. كذلك الإنسان إذا سمع هذه الجملة: "خير وأحب" صار في



1 سورة الفرقان آية: 24.


ج / 2 ص -367- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "احرص على ما ينفعك 1،..........

نفسه انتقاص للمؤمن المفضل عليه، فإذا قيل: "وفي كل خير" رفع من شأنه، ونظيره قوله تعالى: {لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلاً وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى}2.
قوله: "احرص على ما ينفعك": الحرص: بذل الجهد لنيل ما ينفع من أمر الدين أو الدنيا.


وأفعال العباد بحسب السبر والتقسيم لا تخلو من أربع حالات:
1- نافعة، وهذه مأمور بها.
2- ضارة، وهذه محذر منها.
3- فيها نفع وضرر.
4- لا نفع فيها ولا ضرر، وهذه لا يتعلق بها أمر ولا نهي، لكن الغالب أن لا تقع إلا وسيلة إلى ما فيه أمر أو نهي، فتأخذ حكم الغاية; لأن الوسائل لها أحكام المقاصد.


فالأمر لا يخلو من نفع أو ضرر; إما لذاته أو لغيره، فحديثنا العام قد لا يكون فيه نفع ولا ضرر، لكن قد يتكلم الإنسان ويتحدث؛ لأجل إدخال السرور على غيره، فيكون نفعا، ولا يمكن أن تجد شيئا من الأمور والحوادث ليس فيها نفع ولا ضرر; إما ذاتي، أو عارض إنما ذكرناه لأجل تمام السبر والتقسيم. والعاقل يشح بوقته أن يصرفه فيما لا نفع فيه ولا ضرر، قال النبي صلى الله عليه وسلم "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر; فليقل خيرا أو ليصمت"3.



1 مسلم: القدر (2664) , وابن ماجه: المقدمة (79) والزهد (4168) , وأحمد (2/366 ,2/370).
2 سورة الحديد آية: 10.
3 أخرجه: البخاري في (الأدب, باب حق الضيف, 4/116), ومسلم في (الإيمان, باب الحث على إكرام الجار, 1/68); عن أبي هريرة رضي الله عنه.


ج / 2 ص -368- واستعن بالله،....


واتصال هذه الجملة بما قبلها ظاهر جدا; لأن من القوة الحرص على ما ينفع. و"ما": اسم موصول بفعل (ينفع)، والاسم الموصول يحول بصلته إلى اسم فاعل، كأنه قال: احرص على النافع، وإنما قلت ذلك لأجل أن أقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم أمرنا بالحرص على النافع، ومعناه أن نقدم الأنفع على النافع; لأن الأنفع مشتمل على أصل النفع وعلى الزيادة، وهذه الزيادة لا بد أن نحرص عليها; لأن الحكم إذا علق بوصف كان تأكد ذلك الحكم بحسب ما يشتمل عليه تأكد ذلك الوصف، فإذا قلت: أنا أكره الفاسقين كان كل من كان أشد في الفسق إليك أكره; فنقدم الأنفع على النافع لوجهين:
1- أنه مشتمل على النفع وزيادة.


2- أن الحكم إذا علق بوصف كان تأكد ذلك الحكم بحسب تأكد ذلك الوصف وقوته.
ويؤخذ من الحديث وجوب الابتعاد عن الضار; لأن الابتعاد عنه انتفاع وسلامة لقوله صلى الله عليه وسلم: "احرص على ما ينفعك"1.
قوله: "واستعن بالله": الواو تقتضي الجمع; فتكون الاستعانة مقرونة بالحرص، والحرص سابق على الفعل; فلا بد أن تكون الاستعانة مقارنة للفعل من أوله.
والاستعانة: طلب العون بلسان المقال; كقولك: "اللهم أعني"، أو: "لا حول ولا قوة إلا بالله" عند شروعك بالفعل أو بلسان الحال، وهي أن تشعر بقلبك أنك محتاج إلى ربك عز وجل أن يعينك على هذا الفعل، وأنه إن وكلك إلى نفسك وكلك إلى ضعف وعجز وعورة. أو طلب



1 مسلم: القدر (2664) , وابن ماجه: المقدمة (79) والزهد (4168) , وأحمد (2/366 ,2/370).


ج / 2 ص -369- ولا تعجزن،...


العون بهما جميعا، والغالب أن من استعان بلسان المقال; فقد استعان بلسان الحال.
ولو احتاج الإنسان إلى الاستعانة بالمخلوق كحمل صندوق مثلا; فهذا جائز، ولكن لا تشعر نفسك أنها كاستعانتك بالخالق، وإنما عليك أن تشعر أنها كمعونة بعض أعضائك لبعض، كما لو عجزت عن حمل شيء بيد واحدة; فإنك تستعين على حمله باليد الأخرى، وعلى هذا; فالاستعانة بالمخلوق فيما يقدر عليه كالاستعانة ببعض أعضائك، فلا تنافي قوله صلى الله عليه وسلم "استعن بالله".


قوله: "ولا تعجزن": فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة، و"لا": ناهية، والمعنى: لا تفعل فعل العاجز من التكاسل وعدم الحزم والعزيمة، وليس المعنى: لا يصيبك عجز; لأن العجز عن الشيء غير التعاجز; فالعجز بغير اختيار الإنسان; ولا طاقة له به، فلا يتوجه عليه نهي، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: "صل قائما، فإن لم تستطع; فقاعدا، فإن لم تستطع; فعلى جنب"1 فإذا اجتمع الحرص وعدم التكاسل، اجتمع في هذا صدق النية بالحرص والعزيمة بعدم التكاسل؛ لأن بعض الناس يحرص على ما ينفعه ويشرع فيه، ثم يتعاجز ويتكاسل ويدعه، وهذا خلاف ما أمر به الرسول صلى الله عليه وسلم، فما دمت عرفت أن هذا نافع، فلا تدعه، لأنك إذا عجزت نفسك خسرت العمل الذي عملت ثم عودت نفسك التكاسل والتدني من حال النشاط والقوة إلى حال العجز والكسل، وكم من إنسان بدأ العمل -ولا سيما النافع- ثم أتاه الشيطان



1 أخرجه: البخاري في (تقصير الصلاة, باب إذا لم يطق قاعدا صلى على جنب, 1/348); عن عمران بن حصين رضي الله عنه.


ج / 2 ص -370- وإن أصابك شيء; فلا تقل: لو أني فعلت كذا، لكان كذا وكذا،


فثبطه؟! لكن إذا ظهر في أثناء العمل أنه ضار; فيجب عليه الرجوع عنه; لأن الرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل.
وذكر في ترجمة الكسائي أنه بدأ في طلب علم النحو ثم صعب عليه، فوجد نملة تحمل طعاما تريد أن تصعد به حائطا، كلما صعدت قليلا سقطت، وهكذا حتى صعدت; فأخذ درسا من ذلك، فكابد حتى صار إماما في النحو.
قوله: "إن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كذا لكان كذا وكذا"1 هذه هي المرتبة الرابعة مما ذكر في هذا الحديث العظيم إذا حصل خلاف المقصود.


فالمرتبة الأولى: الحرص على ما ينفع.
والمرتبة الثانية: الاستعانة بالله.
والمرتبة الثالثة: المضي في الأمر، والاستمرار فيه، وعدم التعاجز. وهذه المراتب إليك.
المرتبة الرابعة: إذا حصل خلاف المقصود; فهذه ليست إليك، وإنما هي بقدر الله، ولهذا قال: "وإن أصابك..."; ففوض الأمر إلى الله تعالى.
قوله: "وإن أصابك شيء": أي: مما لا تحبه ولا تريده، ومما يعوقك عن الوصول إلى مرامك فيما شرعت فيه من نفع.


فمن خالفه القدر ولم يأت على مطلوبه، لا يخلو من حالين:
الأولى: أن يقول: لو لم أفعل ما حصل كذا.



1 مسلم: القدر (2664) , وابن ماجه: المقدمة (79).


ج / 2 ص -371- ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل;....

الثانية: أن يقول: لو فعلت كذا، لأمر لم يفعله لكان كذا.
مثال الأول قول القائل: لو لم أسافر ما فاتني الربح.
ومثال الثاني أن يقول: لو سافرت لربحت.


وذكر النبي صلى الله عليه وسلم الثاني دون الأول; لأن هذا الإنسان عامل فاعل; فهو يقول: لو أني فعلت الفعل الفلاني دون هذا الفعل لحصلت مطلوبي، بخلاف الإنسان الذي لم يفعل، وكان موقفه سلبيا من الأعمال.
قوله: "كذا": كناية عن مبهم، وهي مفعول لفعلت.
قوله: "لكان كذا": فاعل كان، والجملة جواب لو.
قوله: "قدر الله": خبر لمبتدأ محذوف; أي: هذا قدر الله.


وقدر بمعنى مقدور; لأن قدر الله يطلق على التقدير الذي هو فعل الله، ويطلق على المقدور الذي وقع بتقدير الله، وهو المراد هنا; لأن القائل يتحدث عن شيء وقع عليه، فقدر الله أي مقدوره، ولا مقدر إلا بتقدير; لأن المفعول نتيجة الفعل.


والمعنى: إن هذا الذي وقع قدر الله وليس إلي، أما الذي إلي فقد بذلت ما أراه نافعا كما أمرت، وهذا فيه التسليم التام لقضاء الله عز وجل، وأن الإنسان إذا فعل ما أمر به على الوجه الشرعي; فإنه لا يلام على شيء، ويفوض الأمر إلى الله.
قوله: "وما شاء فعل": جملة مصدرة ب "ما" الشرطية، و"شاء": فعل الشرط، وجوابه: "فعل"; أي: ما شاء الله أن يفعله فعله; لأن الله لا راد لقضائه ولا معقب لحكمه، قال تعالى: {وَاللَّهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ}1 وقد سبق ذكر قاعدة، وهي أن كل



1 سورة الرعد آية: 41.


ج / 2 ص -372- فإن (لو) تفتح عمل الشيطان"1.


فعل لله تعالى معلق بالمشيئة; فإنه مقرون بالحكمة، وليس شيء من فعله معلقا بالمشيئة المجردة، لأن الله لا يشرع ولا يفعل إلا لحكمة، وبهذا التقرير نفهم أن المشيئة يلزم منها وقوع المشاء، ولهذا كان المسلمون يقولون: ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن.


وأما الإرادة ووقوع المراد; ففيه تفصيل:
فالإرادة الشرعية لا يلزم منها وقوع المراد، وهي التي بمعنى المحبة، قال تعالى: {وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ}2 بمعنى يحب، ولو كانت بمعنى يشاء لتاب الله على جميع الناس.
والإرادة الكونية يلزم منها وقوع المراد; كما قال الله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ}3.
قوله: "فإن لو تفتح عمل الشيطان": "لو": اسم إن قصد لفظها; أي: فإن هذا اللفظ يفتح عمل الشيطان.


وعمله: ما يلقيه في قلب الإنسان من الحسرة والندم والحزن; فإن الشيطان يحب ذلك، قال تعالى: {إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئاً إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ}4 حتى في المنام يريه أحلاما مخيفة ليعكر عليه صفوه ويشوش فكره، وحينئذ لا يتفرغ للعبادة على ما ينبغي، ولهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة حال تشوش الفكر; فقال صلى الله عليه وسلم: "لا صلاة بحضرة طعام، ولا هو يدافعه الأخبثان"5 فإذا رضي الإنسان بالله ربا، وقال: هذا قضاء الله وقدره، وأنه لا بد أن يقع; اطمأنت نفسه وانشرح صدره.



1 أخرجه: مسلم في (القدر, باب في الأمر بالقوة وترك العجز, 4/2052); عن أبي هريرة رضي الله عنه.
2 سورة النساء آية: 27.
3 سورة البقرة آية: 253.
4 سورة المجادلة آية: 10.
5 أخرجه: مسلم في (المساجد, 1/393).


ج / 2 ص -373-


ويستفاد من الحديث:
1- إثبات المحبة لله عز وجل لقوله: "خير وأحب".
2- اختلاف الناس في قوة الإيمان وضعفه; لقوله: "المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف"1.
3- زيادة الإيمان ونقصانه؛ لأن القوة زيادة والضعف نقص، وهذا هو القول الصحيح الذي عليه عامة أهل السنة.
وقال بعض أهل السنة: يزيد ولا ينقص; لأن النقص لم يرد في القرآن، قال تعالى: {وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَاناً}2 وقال تعالى: {لِيَزْدَادُوا إِيمَاناً مَعَ إِيمَانِهِمْ}3.


والراجح القول الأول;
لأنه من لازم ثبوت الزيادة ثبوت النقص عن الزائد، وعلى هذا يكون القرآن دالا على ثبوت نقص الإيمان بطريق اللزوم، كما أن السنة جاءت به صريحة في قوله صلى الله عليه وسلم: "ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن"4 يعني: النساء.


والإيمان يزيد بالكمية والكيفية; فزيادة الأعمال الظاهرة زيادة كمية، وزيادة الأعمال الباطنة كاليقين زيادة كيفية، ولهذا قال إبراهيم عليه السلام: {رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي}5.
والإنسان إذا أخبره ثقة بخبر، ثم جاء آخر فأخبره نفس الخبر; زاد يقينه، ولهذا قال أهل العلم: إن المتواتر يفيد العلم اليقيني، وهذا دليل



1 مسلم: القدر (2664) , وابن ماجه: المقدمة (79) والزهد (4168) , وأحمد (2/366 ,2/370).
2 سورة المدثر آية: 31.
3 سورة الفتح آية: 4.
4 أخرجه: مسلم في (الإيمان, باب نقصان الإيمان, 1/86); عن ابن عمر رضي الله عنه. وأخرجه: البخاري (304), ومسلم (80); عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
5 سورة البقرة آية: 260.


ج / 2 ص -374-


على تفاوت القلوب بالتصديق، وأما الأعمال; فظاهر، فمن صلى أربع ركعات أزيد ممن صلى ركعتين.
4- أن المؤمن وإن ضعف إيمانه فيه خير; لقوله: "وفي كل خير".
5- أن الشريعة جاءت بتكميل المصالح وتحقيقها; لقوله: "احرص على ما ينفعك"1 فإذا امتثل المؤمن أمر الرسول صلى الله عليه وسلم فهو عبادة، وإن كان ذلك النافع أمرا دنيويا.
6- أنه لا ينبغي للعاقل أن يمضي جهده فيما لا ينفع; لقوله: "احرص على ما ينفعك"2.


7- أنه ينبغي للإنسان الصبر والمصابرة; لقوله: "ولا تعجزن".
8- أن ما لا قدرة للإنسان فيه فله أن يحتج عليه بالقدر; لقوله: "ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل"3 وأما الذي يمكنك; فليس لك أن تحتج بالقدر.
وأما محاجة آدم وموسى حيث لام موسى آدم عليهما الصلاة والسلام; وقال له: "لماذا أخرجتنا ونفسك من الجنة; فقال: أتلومني على شيء قد كتبه الله علي";4 فهذا احتجاج بالقدر.


فالقدرية الذين ينكرون القدر يكذبون هذا الحديث; لأن من عادة أهل البدع أن ما خالف بدعتهم، إن أمكن تكذيبه كذبوه، وإلا حرفوه، ولكن هذا الحديث ثابت في "الصحيحين" وغيرهما.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: إن هذا من باب الاحتجاج بالقدر



1 مسلم: القدر (2664) , وابن ماجه: المقدمة (79) والزهد (4168) , وأحمد (2/366، 2/370).
2 مسلم: القدر (2664) , وابن ماجه: المقدمة (79) والزهد (4168) , وأحمد (2/366 ,2/370).
3 مسلم: القدر (2664) , وابن ماجه: المقدمة (79) والزهد (4168) , وأحمد (2/366، 2/370).
4 أخرجه: البخاري في (القدر, باب تحاج آدم وموسى, 4/212), ومسلم في (القدر, باب حجاج آدم وموسى, 4/2044); عن أبي هريرة رضي الله عنه.


ج / 2 ص -375-

ـ
على المصائب لا على المعائب; فموسى لم يحتج على آدم بالمعصية التي هي سبب الخروج، بل احتج بالخروج نفسه.
معناه: أن فعلك صار سببا لخروجنا، وإلا; فإن موسى عليه الصلاة والسلام أبعد من أن يلوم أباه على ذنب تاب منه، واجتباه ربه وهداه، وهذا ينطبق على الحديث.


وذهب ابن القيم رحمه الله إلى وجه آخر في تخريج هذا الحديث، وهو أن آدم احتج بالقدر بعد أن مضى وتاب من فعله، وليس كحال الذين يحتجون على أن يبقوا في المعصية، ويستمروا عليها; فالمشركون لما قالوا: {لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلا آبَاؤُنَا}1 كذبهم الله; لأنهم لا يحتجون على شيء مضى ويقولون: تبنا إلى الله; ولكن يحتجون على البقاء في الشرك.
9- أن للشيطان تأثيرا على بني آدم; لقوله: "فإن لو تفتح عمل الشيطان"2 وهذا لا شك فيه، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم"3.


فقال بعض أهل العلم: إن هذا يعني الوساوس التي يلقيها في القلب، فتجري في العروق.
وظاهر الحديث: أن الشيطان نفسه يجري من ابن آدم مجرى الدم، وهذا ليس ببعيد على قدرة الله عز وجل، كما أن الروح تجري مجرى الدم،



1 سورة الأنعام آية: 148.
2 مسلم: القدر (2664) , وابن ماجه: المقدمة (79) والزهد (4168) , وأحمد (2/366، 2/370).
3 أخرجه: البخاري في (الاعتكاف, باب زيارة المرأة زوجها في اعتكافه, 2/68), ومسلم في (السلام, باب بيان أنه يستحب لمن رئي خاليا بامرأة, 4/1712); عن صفية بنت حيي رضي الله عنها.



ج / 2 ص -376- فيه مسائل:
الأولى:
تفسير الآيتين في آل عمران.


وهي جسم، إذا قبضت تكفن وتحنط وتصعد بها الملائكة إلى السماء.
ومن نعمة الله أن للشيطان ما يضاده، وهي لمة الملك; فإن للشيطان في قلب ابن آدم لمة وللملك لمة، ومن وفق غلبت عنده لمة الملك لمة الشيطان، فهما دائما يتصارعان، نفس مطمئنة، ونفس أمارة بالسوء، وأما النفس اللوامة فهي وصف للنفسين جميعا.
10- حسن تعليم النبي صلى الله عليه وسلم حين قرن النهي عن قول "لو" ببيان علته; لتتبين حكمة الشريعة، ويزداد المؤمن إيمانا وامتثالا.


فيه مسائل:

الأولى: تفسير الآيتين في آل عمران: وهما:
الأولى: {الَّذِينَ قَالُوا لإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا}1.
الثانية: {يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا}2 أي: ما أخرجنا وما قتلنا، ولكن الله تعالى أبطل ذلك بقوله: {قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ}3 والآية الأخرى: {لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا}4 فأبطل الله دعواهم هذه بقوله: {فَادْرَأُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}5 أي: إن كنتم صادقين في البقاء وأن عدم الخروج مانع من القتل; فادرءوا عن أنفسكم الموت، فإنهم لن يسلموا من الموت، بل لا بد أن يموتوا، ولكن لو أطاعوهم وتركوا الجهاد; لكانوا على ضلال مبين.



1 سورة آل عمران آية: 168.
2 سورة آل عمران آية: 154.
3 سورة آل عمران آية: 154.
4 سورة آل عمران آية: 168.
5 سورة آل عمران آية: 168.


ج / 2 ص -377- الثانية: النهي الصريح عن قول (لو) إذا أصابك شيء
الثالثة: تعليل المسألة بأن ذلك يفتح عمل الشيطان.
الرابعة: الإرشاد إلى الكلام الحسن.
الخامسة: الأمر بالحرص على ما ينفع مع الاستعانة بالله.
السادسة: النهي عن ضد ذلك، وهو العجز.


الثانية: النهي الصريح عن قول "لو" إذا أصابك شيء: لقول الرسول صلى الله عليه وسلم "فإن أصابك شيء; فلا تقل: لو أني فعلت كذا لكان كذا"1.
الثالثة: تعليل المسألة بأن ذلك يفتح عمل الشيطان: فالنهي عن قول "لو" علتها أنها تفتح عمل الشيطان وهو الوسوسة، فيتحسر الإنسان بذلك ويندم ويحزن.
الرابعة: الإرشاد إلى الكلام الحسن: يعني قوله: "ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل"2.
الخامسة: الأمر بالحرص على ما ينفع مع الاستعانة بالله: لقوله صلى الله عليه وسلم "احرص على ما ينفعك واستعن بالله"3.
السادسة: النهي عن ضد ذلك، وهو العجز: لقوله: "ولا تعجزن"، فإن قال قائل: العجز ليس باختيار الإنسان، فالإنسان قد يصاب بمرض فيعجز; فكيف نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن أمر لا قدرة للإنسان عليه؟
أجيب: بأن المقصود بالعجز هنا التهاون والكسل عن فعل الشيء; لأنه هو الذي في مقدور الإنسان.



1 مسلم: القدر (2664) , وابن ماجه: المقدمة (79).
2 مسلم: القدر (2664) , وابن ماجه: المقدمة (79) والزهد (4168) , وأحمد (2/366، 2/370).
3 مسلم: القدر (2664) , وابن ماجه: المقدمة (79) والزهد (4168) , وأحمد (2/366، 2/370).





المصدر :

كتاب
القول المفيد على كتاب التوحيد

رابط التحميل المباشر


http://waqfeya.com/book.php?bid=1979




رد مع اقتباس