عرض مشاركة واحدة
  #70  
قديم 22-01-2015, 02:10AM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم




إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد

باب ما جاء في حماية النّبي صلى الله عليه وسلم حمى التّوحيد وسده طرق الشرك

ج / 2 ص -308- [الباب السادس والستون:]
* باب ما جاء في حماية النّبي صلى الله عليه وسلم حمى التّوحيد وسده طرق الشرك



سبق بابٌ يشبه هذا، وهو قول الشيخ رحمه الله هناك: "باب ما جاء في حماية المصطفى صلى الله عليه وسلم جناب التّوحيد، وسدّه كل طريق يوصِّل إلى الشرك"، فما الفرق بين البابين؟.
الفرق بين البابين: أنّ جناب التّوحيد معناه: جانب التّوحيد، وهنا: "حمى التّوحيد" وفرقٌ بين الجانب وبين الحمى، لأنّ الجانب بعض الشيء، وأمّا الحمى فهو ما حول الشّيء.
فهناك أراد المصنِّف رحمه الله أن يبيّن حماية النّبي صلى الله عليه وسلم للتوحيد نفسه من أن يقع فيه شرك.


وهنا أراد أن يبيّن أنّ النّبي صلى الله عليه وسلم حمى ما حول التّوحيد، بعد حمايته التّوحيد، وهذا من باب العناية التامة بشأن التّوحيد.
قوله: "باب ما جاء" يعني: من الأحاديث.
"في حماية النّبي صلى الله عليه وسلم" الحماية معناها: المنع، أي: منع النّبي صلى الله عليه وسلم.
"حمى التّوحيد" أي: ما حول التّوحيد.


"وسده طرق الشرك" الطرق هي: الأشياء التي توصِّل إلى الشيء، فالنّبي صلى الله عليه وسلم سدّ الوسائل والأسباب التي تؤدِّي إلى الشرك وإن لم تكن هي من الشِّرْك لكن لَمّا كانت تؤدِّي إلى الشرك منع منها النّبي صلى الله عليه وسلم احتياطاً للتّوحيد، فقد يكون الشيء مباحاً في نفسه، ولكن إذا كان هذا المباح يُفضي إلى محرَّم فإنّ هذا المباح يُصبح حراماً، لأنّ الوسائل لها حكم الغايات، فالوسيلة إلى المحرّم تكون حراماً، وهذا ما يسمّى عند الأُصوليّين بقاعدة (سدّ الذرائع)، فكلُّ ذريعة توصِّل إلى محظور وإلى حرام فإنّ الشّارع منع منها وحرّمها، وهذا كثيرٌ في الشريعة.


ج / 2 ص -309- عن عبد الله بن الشَّخِّير رضي الله عنه قال: انطلقت في وفد بني عامر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلنا: أنت سيِّدُنا، فقال: "السيِّد الله تبارك وتعالى".

قولُه: "عن عبد الله بن الشَّخِّير" هو عبد الله بن كعب بن عامر بن الشخِّير العامري نسبةً إلى بني عامر، قبيلة من قبائل العرب معروفة.
قال: "انطلقت في وفد بني عامر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم" وذلك عام الوُفود، وهو العام التّاسع من الهجرة، فإنّ النّبي صلى الله عليه وسلم لَمّا فتح الله عليه مكّة في السنّة الثامنة من الهجرة، دخل النّاس في دين الله أفواجاً، فصاروا يتوافدون على الرّسول صلى الله عليه وسلم يعلنون إسلامهم، فسمّيَ هذا العام عامَ الوُفود، وهذا كما قال الله سبحانه وتعالى: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ(1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً(2)}، والفتح المراد به: فتحُ مكّة.


قالوا للرّسول صلى الله عليه وسلم يخاطبونه: "أنت سيدنا" على عادة العرب أنّهم إذا قدِموا إلى كبيرٍ من كبرائهم أو ملكٍ من ملوكهم يمدحونه ويفخِّمونه بالألفاظ، فظنّوا أن النّبي صلى الله عليه وسلم كذلك يقال له مثل ما يقال لرؤساء العرب وملوك العرب، فقالوا: "أنت سيدنا وابن سيدنا".
فقال النّبي صلى الله عليه وسلم: "السيِّد الله تبارك وتعالى" أراد صلى الله عليه وسلم أن يسدّ باب الغلوّ في حقِّه صلى الله عليه وسلم، فقال لهم: "السيِّدُ الله" من أجل أن يترُكوا هذا اللّفظ.


والسيِّد يطلق ويُراد به: المالِك، كما يقال لمالك العبد: سيِّد، لأنّه يملكُه، فالله جل وعلا هو السيد، بمعنى أنّه هو المالك المطلق الذي له التصرُّف كما يشاء سبحانه وتعالى في عباده، فهو السيِّد والخلق عباده سبحانه وتعالى.
والنّبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يسدّ هذا المديح خوفاً عليهم من الغلو، كما أن الصّحابة لَمّا آذاهم منافق من المنافقين فقالوا: "قوموا بنا نستغيث برسول الله صلى الله عليه وسلم"، فقال النّبي صلى الله عليه وسلم: "إنّه لا يُستغاث بي، وإنما يُستغاث بالله"، فأراد صلى الله عليه وسلم أن يسدّ هذا الباب، وإن كانت الاستغاثة بالمخلوق فيما يقدر عليه جائزة، كما قال الله تعالى في قصة موسى: {فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ}، والنّبي صلى الله عليه وسلم قادرٌ على أن يردع هذا المنافق ولكنّه أراد أن يعلِّم الأمّة الآداب ويبعدها عن الغلو فقال: "إنّه لا يُستغاث بي، وإنّما يُستغاث بالله عزّ وجلّ".
وقال- أيضاً-: "لا تُطْرُوني" أي: لا تزيدوا في مدحي، "كما أطرت
ج / 2 ص -310- قلنا: وأفضلنا فضلاً، وأعظمُنا طَوْلاً، فقال: "قولوا بقولكم أو بعض قولكم، ولا يستجرينكم الشيطان" رواه أبو داود بسند جيِّد.


النصارى ابن مريم" أي: كما غَلَت النصارى في المسيح عيسى ابن مريم- عليه الصلاة والسلام- حتى أدّى بهم هذا الغلوّ إلى أن عبدوه من دون الله، وجعلوه إلهاً، "إنّما أنا عبد، فقولوا: عبد الله ورسولُه".
إلى غير ذلك من الأحاديث التي ينهى فيها النّبي صلى الله عليه وسلم عن الغلوّ في مدحه صلى الله عليه وسلم، خوفاً على الأمّة من الوُقوع في الشّرك، لأنّ المبالغة في المدح تُفضي إلى الغلو والشرك في الممدوح، لاسيّما إذا كان هذا الممدوح نبيًّا من الأنبياء، أو كان صالحاً من الصالحين، أو عالماً من العلماء أو ممّن كانت لهم مكانةٌ في النّاس، فإنّه لا يجوز الغلوّ في مدحه، لأنّ هذا يؤدِّي إلى الشرك.
وأيضاً: مدح الإنسان في وجهه يسبِّب إعجاب الممدوح بنفسه، فالمبالغة في المدح فيها محذوران.
المحذور الأوّل على المدح نفسه: أن يغلو في الممدوح حتى يعبُده من دون الله.

والمحذور الثّاني في حقِّ الممدوح: فقد يُعجب هذا الممدوح في نفسِه ويرى لنفسه منزلة رفيعة، فيكون ذلك ضرراً عليه ويفسد أعماله، لأنّ الإنسان إذا أُعجب بأعماله وأُعجب بصلاحه وأُعجب بعلمه فإن ذلك يؤدي إلى فساد أعماله، لأنّ الواجب على الإنسان أن يتذلّل لربِّه وأن يخضع لربِّه وأن يعرف قدْر نفسه وأنّه ضعيف، وأنّه محتاج إلى الله سبحانه وتعالى، وأنّه مخلوق كسائر المخلوقين ليس له ميزة على غيره من البشر إلاّ بالتقوى والعمل الصّالح، وإلاّ فإنّه لا فضل لعربي على عجمي ولا لأبيض على أسود إلاّ بالتقوى.

فالنّبي صلى الله عليه وسلم قال لهم: "السيِّد الله" من أجل أن يسدّ عليهم هذا الطريق الذي كانوا يعتادونه مع رؤسائهم ومع أكابرهم.
وقوله صلى الله عليه وسلم: "قولوا بقولكم" يعني القول المعتاد مع الرّسول صلى الله عليه وسلم، بأن يقال له:
يا رسولَ الله، يا نبيّ الله، هذا القول المعتاد معه صلى الله عليه وسلم، وليس فيه غلو.
وقوله: "ولا يستجرينكم الشيطان" أي: لا يتّخذكم الشيطان جرياًّ له، والجري
ج / 2 ص -311- وعن أنس رضي الله عنه: أنّ ناساً قالوا: يا رسولَ الله، يا خيرنا وابن خيرنا، وسيِّدنا وابنَ سيِّدنا، فقال: "يا أيها النّاس، قولوا بقولكم، ولا يستهوينكم الشيطان، أنا محمد؛ عبد الله ورسولُه، ما أُحِبُّ أن ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلني الله عزّ وجلّ" رواه النسائي بسند جيّد.


معناه: الرسول، أي: لا تكونوا رسلاً للشيطان يُرسلكم إلى النّاس بالغواية والمديح الكاذب.
ثم ذكر المصنِّف الحديث الثاني فقال: "عن أنس رضي الله عنه: أن ناساً قالوا: يا رسول الله، يا خيرنا وابن خيرنا، وسيّدنا وابن سيّدنا" أما قولهم: "يا رسول الله" فهذا سليم، لكن قولهم: "سيدنا وابن سيِّدنا" هذا الذي استنكره النّبي صلى الله عليه وسلم.


وكذلك قولهم: وخيرنا وابن خيرنا" هذا- أيضاً- استنكره النّبي صلى الله عليه وسلم، لأن الرّسول صلى الله عليه وسلم لا يريد المدح، وإنّما يريد أن يوصف بما وصفه الله تعالى به من الرّسالة والنبوّة، وكفى بذلك شَرَفاً له صلى الله عليه وسلم.
قوله صلى الله عليه وسلم: "ولا يستهوينكَم الشيطان" يستهوينَّكم: يوقعكم في الهوى الذي يضلُّ عن سبيل الله عزّ وجلّ. أو يسهوينّكم: من الهُوِي وهو: الوُقوع في الهلاك، أي: لا يوقعكم الشيطان في الضّلال، أو لا يوقعكم في الهوى الذي يضلّكم عن سبيل الله عزّ وجلّ، فإنّ الشيطان يتدرَّج في بني آدم شيئاً فشيئاً إلى أن يُهلكهم. فعلى المسلم أن يحذر من الشيطان واستدراجه واستهوائه، ولا يتساهل مع الشيطان في شيء ولو كان صغيراً فإنّه يكَبُر ويعظم.


ثم قال صلى الله عليه وسلم: "أنا محمد؛ عبد الله ورسوله" هذا ما يمدح به صلى الله عليه وسلم العبودية
والرسالة.
"ما أُحبُّ أن ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلني الله عزّ وجلّ " هذا بيان الحكمة في منعه صلى الله عليه وسلم؛ أّنه خشي عليهم في مدحهم له أن يرفعوه فوق منزلته التي أنزله الله وهي العبوديّة والرّسالة، لئلا يعتقدوا فيه جانب الرّبوبيّة، كما حصل للنصارى في حقّ عيسى- عليه الصلاة والسلام-.
فعبده: فيه منع من الغلوّ.


ج / 2 ص -312- ورسوله: فيه المنع من تنقص حقه صلى الله عليه وسلم.
فلا تعتبره أنّه لا ميزة له على البشر في شيء، كما يقول الكفار: {مَا أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا}، لأنّه جُحودٌ للرّسالة.
ففي قولنا: "عبده ورسوله" منع من الإفراط ومن التفريط.


فهذان الحديثان يُستفاد منهما فوائد عظيمة:

الفائدة الأولى:
فيه التحذير من الغلوّ في حقِّه صلى الله عليه وسلم عن طريق المديح، وأنّه صلى الله عليه وسلم إنّما يوصف بصفاته التي أعطاه الله إيّاها: العبوديّة والرِّسالة، أمّا أن يغلى في حقِّه فيوصف بأنّه يفرِّج الكروب ويغفر الذنوب، وأنّه يُستغاث به- عليه الصلاة والسلام - بعد وفاته، كما وقع فيه كثيرٌ من المخرِّفين اليوم فيما يسمّونه بالمدائح النبويّة في أشعارهم كـ "البردة" للبوصيري، وما قيل على نَسْجِها من المخرِّفين، فهذا غلوٌّ أوقع في الشرك، كما قال البوصيري:
يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به سواك عند حلول الحادث العمم
إن لم تكن في معادي آخذا بيدي فضلاً وإلاّ قل يا زلّة القدم
فإنّ من جودك الدنيا وضرَّتها ومن علومك علم اللوح والقلم

فهذا غلوٌّ- والعياذ بالله- أفضى إلى الكفر والشِّرْك، حتى لم يترُك لله شيئاً، كلّ شيء جعله للرّسول صلى الله عليه وسلم: الدنيا والآخرة للرّسول، علم اللوح والقلم للرّسول، لا ينقذ من العذاب يوم القيامة إلاّ الرّسول، إذاً ما بقي لله عزّ وجلّ؟.
وهذا من قصيدةٍ يتناقلونها ويحفظونها ويُنشدونها في الموالد.
وكذلك غيرها من الأشعار الكفريّة الشركيّة، خصوصاً ما يُنشد في الموالِد المبتدعة من الأناشيد الشركيّة، كلّ هذا سببه الغلوّ في الرّسول صلى الله عليه وسلم.


وأمّا مدحه صلى الله عليه وسلم بما وصفه الله به بأنّه عبدٌ ورسول، وأنّه أفضل الخلق، فهذا لا بأس به، كما جاء في أشعار الصّحابة الذين مدحوه، كشعر حسّان بن ثابت، وكعب بن زُهير، وكذلك كعب بن مالك، وعبد الله بن رواحة، فهذه أشعار نزيهة طيِّبة، قد سمعها النّبي صلى الله عليه وسلم وأقرّها، لأنّها ليس فيها شيءٌ من الغلو، وإنّما فيها ذكر أوصافه صلى الله عليه وسلم.


ج / 2 ص -313- الفائدة الثانية: في الحديث النّهي عن وصف الرّسول صلى الله عليه وسلم بالسيّ‍د، وهذا فيه إشكال عند أهل العلم: حيث إنّه أنكر على من قال له: "أنت سيِّدُنا"، وقال " السيِّد الله".
بينما جاءت أحاديث أخرى فيها إطلاق السيِّد عليه صلى الله عليه وسلم وعلى غيره، فقد صحَّ عنه صلى الله عليه وسلم إنّه قال: "أنا سيِّد ولد آدم ولا فخر"، وقال في الحسن بن علي رضي الله عنهما: "إن ابني هذا سيِّد، وسيصلح الله به بين طائفتين عظيمتين من المسلمين"، وقال: "الحسن والحسين سيِّدا شباب أهل الجنّة"، ولما جيء بسعد بن معاذ رضي الله عنه عام الخندق، قال صلى الله عليه وسلم للأنصار: "قوموا إلى سيِّدكم".


فالعلماء اختلفوا في الجواب على ثلاثة أقوال:
القول الأوّل: تحريم إطلاق لفظ (السيِّد) على المخلوق، فلا يقال السيِّد إلاّ في حقِّ الله سبحانه وتعالى، كما جاء في هذين الحديثين: "السيِّد الله" وهذا مرويٌّ عن الإمام مالك رحمه الله.
وأجابوا عن الأحاديث المخالفة بأنها أحاديث متقدّمة، وحديث: "السيِّد الله" متأخر لأنّه كان في عام الوفُود في السنّة التاسعة، فيكون ناسخاً للأحاديث التي تدلّ على جواز إطلاق لفظ (السيِّد) على المخلوق.

القول الثّاني:
جواز إطلاق السيِّد على المخلوق عملاً بالأحاديث التي فيها ذلك: "أنا سيِّد ولد آدم"، "إن ابني هذا سيِّد"، "قوموا إلى سيِّدكم"، فيجوز إطلاق لفظ السيد على المخلوق كما في هذه الأحاديث.
وأجابوا عن حديث المنع بأنّه محمولٌ على كراهة التنزيه، فيكون النّهي للتنزيه.

والقول الثالث:
الجواز مطلقاً بلا كراهة، إلاّ إذا خيف من الغلو، فإنّ النّبي صلى الله عليه وسلم خاف عليهم من الغلو، كما في الحديثين المذكورين، فإذا خيف على الإنسان من الغلو يُنهى عن ذلك، أمّا إذا لم يُخفْ عليه من الغلو فلا بأس عملاً بالأحاديث الكثيرة التي جاء فيها إطلاق السيد على المخلوق.
وهناك قولٌ رابع ألمح إليه المشايخ، وهو: أنّه لا يجوز إطلاق السيِّد على
ج / 2 ص -314- الشخص في حضورِه ومواجهته، ويجوز إطلاقُه عليه وهو غائب، لأنّ النّبي صلى الله عليه وسلم إنّما استنكر هذا لَمّا واجهوه به صلى الله عليه وسلم، فيُمنع مواجهة الإنسان بقول: (أنت السيِّد)، (أنت سيِّدنا) أو ما أشبه ذلك خوفاً عليه من الإعجاب بنفسه، كما نهى النّبي صلى الله عليه وسلم من مدح الإنسان حال حضوره.
هذا حاصل الأقوال في هذا المسألة.


تنبيه: الآن لفظ (السيِّد) صار يطلق على من يُعتقد فيهم النفع والضر، مثل من يسمّونهم السادة من أهل البيت أو السادة من الصوفية، وصار يصحب هذا القول اعتقاد في الأشخاص، وهذا لا شكّ في تحريمه.
فإذا أُطلق (السيِّد) على مثل هؤلاء فإنّه محرَّم، لأنّه ينبئ عن اعتقاد باطل وشرك بالله عزّ وجلّ، وأنّ هؤلاء ينفعون ويضرّون وتحلّ البركة منهم.

المسألة الثالثة:
فيه ما عقد المصنِّف هذا الباب من أجله، وهو حمايته صلى الله عليه وسلم حمى التّوحيد وسدّه الطرق التي تُفضي إلى الشّرك، حيث إنّه منع من وصفه صلى الله عليه وسلم بالسيادة وبالفضل وبالطَّوْل من أجل سدّ الوسيلة إلى الغلو وإلى الشرك، ففيه: شاهد للترجمة.

الفائدة الرّابعة:
فيه المنع من الغلوّ في مدحه صلى الله عليه وسلم سواءً في النثر أو في الشِّعر، والشِّعر أشد، لأنّ الشعر يُحفظ ويُرغب فيه أكثر من النّثر، وبعضهم إذا جاء لزيارة قبر النّبي صلى الله عليه وسلم يقف ويدعو النّبي صلى الله عليه وسلم يستغفر، ويقول: جئتك تائباً يا رسول الله، يا حبيب الله جئتك تائباً وما أشبه ذلك من الغلو، لأنّ التوبة إلى الله سبحانه وليست إلى الرسول صلى الله عليه وسلم.



المصدر :

كتاب :
إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد

رابط تحميل الكتاب

http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/.../mostafeed.pdf



رد مع اقتباس