عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 10-01-2015, 12:24AM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم



الملخص في شرح كتاب التوحيد
لفضيله الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان
-حفظه الله ورعاه-



ص -51- باب الدعاء إلى شهادة أن لا إله الله

وقوله الله تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [يوسف: 108].


مناسبة الباب لكتاب التوحيد:
أن المصنِّف رحمه الله لما ذكر في الأبواب السابقة التوحيدَ وفضله وما يوجب الخوف من ضده
ذكر في هذا الباب أنه لا ينبغي لمن عرف ذلك أن يقتصر على نفسه بل يجب عليه أن يدعو
إلى الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة كما هو سبيل المرسَلين وأتباعهم.
الدعاء: أي دعوة الناس.
إلى شهادة أن لا إله إلا الله: أي إلى توحيد الله والإيمان به وبما جاءت به رسُلُه مما
هو مدلول هذه الشهادة.
قل: الخطاب للرسول –صلى الله عليه وسلم-.
هذه: أي الدعوة التي أدعو إليها والطريقة التي أنا عليها.
سبيلي: طريقتي ودعوتي.
أدعو إلى الله: إلى توحيد الله لا إلى حظ من حظوظ الدنيا ولا إلى رئاسة ولا إلى حزبية.
على بصيرة: على علم بذلك وبرهان عقلي وشرعي، والبصيرة



ص -52- المعرفة التي يميز بها بين الحق والباطل.
ومن اتبعني: أي آمن بي وصدَّقني: يحتمل أنه عطف على الضمير المرفوع في (أدعو) فيكون
المعنى: أنا أدعو إلى الله على بصيرة ومن اتبعني كذلك يدعو إلى الله على بصيرة: ويحتمل
أن يكون عطفاً على الضمير المنفصل (أنا) فيكون المعنى: أنا وأتباعي على بصيرة.
والتحقيق: أن العطف يتضمن المعنيين فأتباعه هم أهل البصيرة الداعون إلى الله.
وسبحان الله: وأنزه الله وأقدِّسه عن أن يكون له شريك، في ملكه أو معبودٌ بحق سواه.


المعنى الإجمالي للآية:
يأمر الله رسولَه أن يخبر الناس عن طريقته وسنته أنها الدعوة إلى شهادة أن لا إله إلا الله على
علم ويقين وبرهان، وكل من اتبعه يدعو إلى ما يدعو إليه على علم ويقين وبرهان، وأنه هو
وأتباعُه ينزهون الله عن الشريك له في ملكه وعن الشريك له في عبادته ويتبرأ ممن أشرك به
وإن كان أقرب قريب.


مناسبة الآية للباب:
أن الله ذكر فيها طريقة الرسول وأتباعه هي الدعوة إلى شهادة أن لا إله إلا الله على علم بما
يدعون إليه. ففيها وجوب الدعوة إلى شهادة أن لا إله إلا الله الذي هو موضوع الباب.


ما يستفاد من الآية:
1- أن الدعوة إلى شهادة أن لا إله إلا الله هي طريقة الرسول وأتباعه.
2- أنه يجب على الداعية أن يكون عالماً بما يدعو إليه عالماً بما ينهى عنه.
3- التنبيه على الإخلاص في الدعوة بأن لا يكون للداعية مقصد سوى

ص -53- وجه الله لا يقصد بذلك تحصيل مال أو رئاسة أو مدح من الناس أو دعوة إلى
حزب أو مذهب.
1- أن البصيرة فريضةٌ لأن اتباعه –صلى الله عليه وسلم- واجبٌ ولا يتحقق اتباعُه إلا بالبصيرة
وهي العلم واليقين.

2- حسن التوحيد لأنه تنزيه لله تعالى.
3- قبحُ الشرك لأنه مسبةٌ لله تعالى.
4- وجوب ابتعاد المسلم عن المشركين لا يصير منهم في شيء فلا يكفي أنه لا يشرك.



ص -54- عن ابن عباس: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- لما بعث معاذاً إلى اليمن
قال له: "إنك تأتي قوماً من أهل الكتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله"
وفي رواية: "إلى أن يوحدوا الله.فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس
صلوات في كل يوم وليلة. فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة
تُؤخذ من أغنيائهم فتُرد على فقرائهم. فإن هم أطاعوك لذلك فإياك وكرائم أموالهم واتق
دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب"
أخرجاه(1).

بعث معاذاً: وجَّهه وأرسله.
إلى اليمن: إلى الإقليم المعروف جنوب الجزيرة العربية داعياً إلى الله ووالياً وقاضياً وذلك
في سنة عشرٍ من الهجرة.
أهل الكتاب: هم اليهود والنصارى لأنهم كانوا في اليمن أكثر من مشركي العرب أو أغلب.
شهادة: يجوز فيها الرفع على أنه اسم يكن مؤخَّراً وأول خبرها مقدمٌ ويجوز العكس.
وفي رواية: أي في رواية أخرى في صحيح البخاري.
أطاعوك لذلك: أي شهدوا وانقادوا لدعوتك وكفروا بما يُعبد من


(1) أخرجه البخاري برقم (1395)، ومسلم برقم (19) والترمذي برقم (625)، وأبو
داود برقم (1584) وأحمد في مسنده (1/233).

ص -55- دون الله.
افترض عليهم: أوجب عليهم.
أطاعوك لذلك: آمنوا بفرضيَّتها وأقاموها.
إياك: كلمة تحذير.
وكرائم: منصوبٌ على التحذير جمع كريمة، وهي خيار المال ونفائسه.
اتق دعوة المظلوم: احذرها واجعل بينك وبينها وقاية بفعل العدل وترك الظلم.
فإنه: أي الحال والشأن.
ليس بينها وبين الله حجاب: أي لا تحجب عن الله بل ترفع إليه فيقبلها.
أخرجاه: أي أخرجه البخاري ومسلم في الصحيحين.


المعنى الإجمالي للحديث:
أن النبي –صلى الله عليه وسلم- لما وجه معاذ بن جبل رضي الله عنه إلى إقليم اليمن
داعياً إلى الله ومعلماً رسم له الخطة التي يسير عليها في دعوته، فبين له أنه سيواجه قوماً
أهل علم وجدَل من اليهود والنصارى، ليكون على أهبةٍ لمناظرتهم ورد شبههم، ثم
ليبدأ في دعوته بالأهم فالأهم فيدعو الناس إلى إصلاح العقيدة أولاً لأنها الأساس، فإذا
انقادوا لذلك أمرهم بإقام الصلاة لأنها أعظم الواجبات بعد التوحيد، فإذا أقاموها أمر
أغنياءهم بدفع زكاة أموالهم إلى فقرائهم مواساة لهم وشكراً لله، ثم حذّره من أخذ جيد
المال لأن الواجب الوسط، ثم حثّه على العدل وترك الظلم لئلا يدعو عليه المظلوم ودعوتُه


ص -56- مستجابة.


مناسبة الحديث للباب:
أن أول ما يُدعى إليه شهادة أن لا إله إلا الله، وفيه إرسال الدعاة لذلك.


ما يستفاد من الحديث:
1- مشروعية إرسال الدعاة إلى الله.
2- أن شهادة أن لا إله إلا الله أول واجب وهي أول ما يدعى إليه الناس.
3- أن معنى شهادة أن لا إله إلا الله توحيدُ الله بالعبادة وترك عبادة ما سواه.
4- أنه لا يحكم بإسلام الكافر إلا بالنطق بالشهادتين.
5- أن الإنسان قد يكون قارئاً وهو لا يعرف معنى لا إله إلا الله، أو يعرفه ولا يعمل به
كحال أهل الكتاب.
6- أن مخاطبة العالم ليست كمخاطبة الجاهل: "إنك تأتي قوماً أهل كتاب".
7- التنبيه على أنه ينبغي للإنسان خصوصاً الداعية أن يكون على بصيرة من دينه، ليتخلص
من شبهات المشبِّهين وذلك بطلب العلم.
8- أن الصلاة أعظم الواجبات بعد الشهادتين.
9- أن الزكاة أوجب الأركان بعد الصلاة.
10- بيان مصرفٍ من مصارف الزكاة وهم الفقراء وجواز الاقتصار عليه.
11- أنه لا يجوز أخذ الزكاة من جيد المال إلا برضا صاحبه.
12- التحذير من الظلم، وأن دعوة المظلوم مستجابة ولو كان عاصياً.



ص -57- ولهما عن سهل بن سعد -رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم-
قال يوم خيبر: "لأعطين الراية غداً رجلاً يحب اللهَ ورسولَه ويحبه اللهُ ورسولُه، يفتح الله على
يديه"، فبات الناس يدُوكُون ليلتهم أيهم يُعطاها، فلما أصبحوا غدوا على رسول الله - صلى الله
عليه وسلم- كلُّهم يرجو أن يعطاها. فقال: "أين علي بن أبي طالب؟" فقيل: هو يشتكي عينيه،
فأرسلوا إليه فأُتي به فبصق في عينيه ودعا له، فبرأ كأن لم يكن به وجع، فأعطاه الراية
وقال: "انفُذ على رِسْلِك حتى تنزل بساحتهم ثم ادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم
من حق الله تعالى فيه، فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خيرٌ لك من حُمْر النَّعم"
(1).
يدوكون أي: يخوضون.

سهل بن سعد: هو سهل بن سعد بن مالك بن خالد الأنصاري الخزرجي الساعدي
صحابي شهير مات سنة 88هـ، وقد جاوز المائة.
ولهما: أي البخاري ومسلم في صحيحيهما.
يوم خيبر: أي يوم حصار خيبر سنة 7هـ.
الراية: علم الجيش الذي يرجعون إليه عند الكر والفر.
يفتح الله على يديه: إخبارٌ على وجه البشارة بحصول الفتح.


(1) أخرجه البخاري برقم (2942)، ومسلم برقم (2406).



ص -58- ليلتَهم: منصوب على الظرفية.
أيُّهم: برفع (أي) على البناء لإضافتها وحذف صدرِ صلتها.
علي بن أبي طالب: هو ابن عم رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وزوج ابنته فاطمة والخليفة
الرابع من أسبق السابقين إلى الإسلام وأحد العشرة المبشرين بالجنة رضي الله عنهم أجمعين قتل سنة 40هـ.
يشتكي عينيه: أي تؤلمانه من الرمد.
فبَرَأ: بفتح الباء على وزن ضَرَبَ، ويجوز كسرها على وزن علِم، أي عوفي عافية كاملة.
أعطاه الراية: دفعها إليه.
انفُذْ: أي امض لوجهِك.
على رسْلِك: على رِفْقِك من غير عجَلة.
بساحتهم: بفناء أرضهم وما قرُب من حصونهم.
إلى الإسلام: وهو الاستسلام لله بالتوحيد والانقياد له بالطاعة والخلوص من الشرك وأهله.
وأخبرهم... إلخ: أي أنهم إن أجابوك إلى الإسلام الذي هو التوحيد، فأخبرهم بما يجب عليهم
بعد ذلك من حق الله في الإسلام من الصلاة والزكاة والصيام والحج وغير ذلك.
لأن يهدي الله: في تأويل مصدر مبتدأ خبرُه (خير).
حمُر النَّعم: أي الإبل الحمر، وهي أنفس أموال العرب.


المعنى الإجمالي للحديث:
أن النبي –صلى الله عليه وسلم- بشّر الصحابة بانتصار المسلمين على اليهود من الغد على يد
رجل له فضيلةٌ عظيمة وموالاة لله ولرسوله فاستشرف الصحابة لذلك، كلٌّ يود أن يكون هو ذلك الرجل



ص -59- من حرصهم على الخير، فلما ذهبوا على الموعد طلب النبي –صلى الله عليه
وسلم- علياً وصادف أنه لم يحضر لِما أصابه من مرض عينيه، ثم حضر فتفل النبي –صلى
الله عليه وسلم- فيهما من ريقه المبارك فزال ما يحس به من الألم زوالاً كاملاً وسلَّمه
قيادة الجيش، وأمره بالمضي على وجهه برفق حتى يقرب من حصن العدو فيطلب منهم
الدخول في الإسلام، فإن أجابوا أخبرهم بما يجب على المسلم من فرائض، ثم بين –صلى
الله عليه وسلم- لعلي فضل الدعوة إلى الله وأن الداعية إذا حصل على يديه هداية رجل واحد
فذلك خير له من أنفس الأموال الدنيوية، فكيف إذا حصل على يديه هداية أكثر من ذلك.


مناسبة الحديث للباب:
أن فيه مشروعية الدعوة إلى الإسلام الذي هو معنى شهادة أن لا إله إلا الله، وبيان فضل
الدعوة إلى ذلك.


ما يستفاد من الحديث:
1- فضيلةٌ ظاهرة لعلي بن أبي طالب –رضي الله عنه-، وشهادةٌ من الرسول –صلى الله
عليه وسلم- له بموالاته لله ولرسوله وإيمانه ظاهراً وباطناً.
2- إثبات أن الله يحب أولياءه محبة تليق بجلاله كسائر صفاته المقدسة الكريمة.
3- حرص الصحابة على الخير وتسابقهم إلى الأعمال الصالحة رضي الله عنهم.
4- مشروعية الأدب عند القتال وترك الطيش والأصوات المزعجة التي لا حاجة إليها.
5- أمر الإمام عماله بالرفق واللين من غير ضعف ولا انتقاص عزيمة.
6- وجوب الدعوة إلى الإسلام لا سيما قبل قتال الكفار.
7- أن من امتنع من قبول الدعوة من الكفار وجب قتاله.



ص -60- 8- أن الدعوة تكون بالتدريج فيطلب من الكافر أولاً الدخول في الإسلام بالنطق
بالشهادتين، ثم يُؤمر بفرائض الإسلام بعد ذلك.

9- فضل الدعوة إلى الإسلام وما فيها من الخير للمدعو والداعي، فالمدعو قد يهتدي
والداعي يُثاب ثواباً عظيماً، والله أعلم.
10- دليلٌ من أدلة نبوة الرسول –صلى الله عليه وسلم- وذلك ببشارته بالفتح قبل وقوعه
وبراءة الألم بريقه.
11- الإيمان بالقضاء والقدر، لحصول الراية لمن لم يسْع إليها ومنْعها ممن سعى إليها.
12- أنه لا يكفي التسمي بالإسلام بل لا بد من معرفة واجباته والقيام بها.



المصدر :


http://ia600304.us.archive.org/34/it...mskt2/mskt.pdf




التعديل الأخير تم بواسطة ام عادل السلفية ; 10-01-2015 الساعة 02:13PM
رد مع اقتباس