عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 10-05-2012, 02:54AM
أم سمية أم سمية غير متواجد حالياً
مفرغة صوتيات - وفقها الله -
 
تاريخ التسجيل: Apr 2011
الدولة: المملكة المغربية حرسها الله
المشاركات: 156
افتراضي التتمة

قال المصنف رحمه الله كتاب المناسك اقرأ.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله قال الشيخ شرف الدين أبو النجا موسى بن أحمد الحجاوي الصالحي الدمشقي الحنبلي رحمه الله في كتابه زاد المستقنع باختصار المقنع كتاب المناسك.
الشرح: كتاب المناسك: المناسك جمع مفرده منسَك والمنسك هو مكان العبادة أو زمانها ويطلق على التعبُّد وجاء في قوله تعالى:﴿ وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا ﴾ أي متَعبدا يتعبدون فيه ويطلق على الذبيحة أو على الذبح كما قال الله تعالى: ﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي ﴾ أي ذبحي تسمى الذبيحة نسيكة وجعل المنسك ما يتعلق بالحج والعمرة لمَ؟ لأن فيهما الهدي والفدية وهما من النسك الذي هو بمعنى الذبح فقوله: الحج والعمرة واجبان. كلام المصنف رحمه الله في حكم الحج والعمرة فقال: واجبان أما الوجوب في الحج فمتفق عليه بالكتاب والسنة والإجماع، هل يصح أن نقول والفطرة والعقل؟ كلا لأن هذا شيء يتعلق بالسمع، الفطرة والعقل في مثل علو الله سبحانه وتعالى على خلقه فنقول بالكتاب والسنة والإجماع، وأما العمرة فاختلف فيها الفقهاء رحمهم الله على قولين؛ فلنبدأ بالحج ودليل وجوبه، دليل وجوبه قول الله تعالى: ﴿ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ۚ﴾ فهو واجب بقيد الاستطاعة فمن لم يستطع إليه سبيلا فلا يجب عليه الحج وعلى ذلك فليس لأحد أن يسأل الناس ليحج ويقول ما حججت تبرع علي هذه من المسألة المذمومة المحرمة، وأما إذا عرض عليه إنسان ملا ليحج فله أن لا يقبله لأن ذلك منة قد يؤدي إلى المنة وهو غير مستطيع والهبة إنما تجب بالقبول أما إذا قبل الهبة وتملكها فهو مستطيع يجب عليه الحج فإن الهبة تجب بالقبول، فإنسان أخرج لك من جيبه ثلاثة ألاف وقال اقبل هذه الهبة مني لتحج فأنت بين أمرين: إما أن تأخذ ثلاثة ألاف فإذا قبضتها فأصبحت ملكا لك فإذا قبلتها أصبحت ملكا لك وحينئذ يكون الآخذ لها مستطيعا ويجب عليه الحج لأنه أصبح مستطيعا أما قبل القبض فلا تلزمه ولا يلزمه قبول الهبة لأن في ذلك منة وإنما الحج لمن استطاع إليه سبيلا وانتشر عند بعض العامة أنه لا يجوز الحج بمال الغير تبرعا حتى سمعنا قائلهم يقول لن أحج إلا بمالي الخاص فيعرض عليه الحج مجانا فيقول لا يجزئني يظن أنه لا يجزئه حتى يحج من ماله الخاص وهذا الكلام ليس له أصل بل متى ما تمكن من هذه الفريضة ولو من ماله غيره فله أن يقبل لكن لا يلزمه قبول التبرع لكي يحج وإنما الحج لمن استطاع إليه سبيلا.
وكذلك العمرة تجب لمن استطاع إليها سبيلا فهي من جنس الحج فلا تجب على من لا يستطيع وسنذكر حد الاستطاعة والدليل على وجوب الحج قوله قوله تعالى: ﴿ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ۚ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ﴾ فقوله:{ عَلَى النَّاسِ } أي يجب عليهم حج بيت الله سبحانه وتعالى، وقوله: { وَمَنْ كَفَرَ } ليس معناه أن من لم يحج فقد كفر وإنما معناه من جحد كما قال ابن عباس وعليه تارك الحج على قسمين: إما أن يجحد وجوبه فهذا كافر والله غني عنه وإما أن يعتقد أن الحج واجب عليه فيتركه تكاسلا فهذا بين قولين: من قال أن الحج على الفور أثَّمه ومن قال على التراخي فإنه يلزمه بالحج إذا بقي في زمن يمن يغلب على الظن أنه لا يبقى أكثر منه والصحيح في هذه المسألة أن الحج يجب على الفور خلافًا لمن قال أنه على التراخي كالشافعي والدليل أنه على الفور قوله تعالى: { وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ } وقول النبي صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة أنه قال خطبنا النبي صلى الله عليه وسلم فقال: " إن الله كتب عليكم الحج فحجوا " والأصل في الأمر في الكتاب والسنة أنه على الفور ودليله أن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لما أمرهم في عمرة الحديبية لما صدوا عنها أن يتحللوا بالنحر والحلق وأبوا غضب فلو كان الأمر على التراخي لما غضب النبي فدل على أن الأمر إذا أطلق في الكتاب والسنة أنه على الفور، ولذلك يحرم على الرجل المزكي إذا بلغ ماله النصاب وحال عليه الحول فلا يجوز له أن يؤخر الزكاة يجب أن يزكي على الفور لأن الله قال: { وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ } فالأصل في الأوامر في الكتاب والسنة أنها على الفور ويدل على ذلك أيضًا ما رواه أحمد في مسنده عن ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه سلم قال: " تعجلوا الحج فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له " وأما المخالفون القائلون بأنه على التراخي فلهم أدلة منها: أنهم قالوا أنه لم يحج النبي في الوقت الذي فرض فيه الحج وهو في السنة التاسعة فحج في السنة العاشرة فلو كان على الفور لحج النبي في التاسعة فكونه يحج في العاشرة هذا يدل على التراخي فهذا يصرف الأمر عن الوجوب على الفورية كونه أخره للسنة العاشرة صلى الله عليه وسلم ولأنه كالصلاة ، الحج فرض كالصلاة فكما أن الصلاة يسوغ فيها التراخي وقد جاء في وقت محدود فقال: { ِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا } أي مؤقتا فالحج لم يُجعل له وقت فعليه فوقته طوال العمر؛ والجواب عن هذا أن يُقال أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما ترك الحج في السنة التاسعة لأمرين:
الأمر الأول أنها كانت سنة الوفود فكانت تأتيه الوفود فيعلمهم ليعلموا أقوامهم الشريعة وهذا فرض على النبي تعليمهم فقدمه وهو أوجب عليه صلى الله عليه وسلم فكذلك إذا تعارض على المسلم واجبان يقدم الأحق الواجب الأحق كأن تناديه أمه ويناديه أبوه يا حمزة تعال، الأم تقول في حجرة وفي نفس الوقت الأب في حجرة ثانية يا حمزة تعالى فيجب عليه أن يقدم حق الأم فيذهب ويقول للأم أجبتك واصبري لعلي أجيب الأب وأرى ماذا يريد، ويستأذنها فيقدم حق الأم على حق الأب وكذلك الزوجة تقدم حق الزوج على حق الأم فلو ناداها زوجها أن تحضر إلى منزله لأنه قد حضر من العمل وهي في زيارة أمها فقالت أمها اجلسي نسمر والزوج يقول ائتي فواجب عليها طاعة الزوج ومعصية الأم لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها " ولم يقل لأمها وذلك من عظم حق زوجها عليها " ولو كان زوجها قروحا وقيحا فلعقته ما أدت حقه " حتى أنه سمعت امرأة بذلك فقالت: لن أتزوج من شدة حق الرجل على المرأة فقدم النبي حق تعليم الوفود فإنه يفوت وهو واجب عليه ثم أن الوجه الثاني أو الأمر الثاني أنه حج في ذلك العام من المشركين نفر وكانوا لا يتأدبون في حجهم فغير لائق بالنبي صلى الله عليه وسلم أن يحج في وسط هؤلاء العراة الذين لم يعظموا دين الله ولذلك أبا بكر أن يتكلف يوم النحر هو طائفة من الصحابة يؤذنون في الناس في السنة التاسعة أذَّن فيهم في يوم النحر أن لا يطوف بالبيت مشرك ولا عريان ، لا يحج بعد هذا العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان أو كما قال، فتلك السنة كانت تمهيدية لحج النبي سيد البرية صلى الله عليه وسلم فأجل النبي الحج لأجل هذا العذر والرجل لا يدري متى يموت حتى يقول يكون على التراخي لأنه لا يدري ما يعرض له قد يعرض له الموت ومطلوب منه الحج والتبكير به لتبرأ ذمته وقد قال الله تعالى: { َاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ۚ} هذا أمر { أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا ۚ} وقد قال عمر: (( من وجد جدة فلم يحج فلا عليه أن يموت يهوديا أو نصرانيا )) أو كما قال فهذا يدل على أنه على الفور لأنه قال من وجد فلم يحج فعلق الأمر بوجود القدرة رضي الله عنه فيصلح أن يكون هذا مذهبا لعمر بن الخطاب فما سمح له بالتراخي قال أول ما يجد يحج فإذا لم يفعل ثم مات حينئذ دعا عليه أن يموت يهوديا أو نصرانيا أو كما قال؛ قال ابن حجر: (( وهذا محمول على من استحل ترك الحج )) يعني يموت يهوديا أو نصرانيا من استحل ترك الحج فإذا كان ذلك كذلك وعُلم بالكتاب والسنة والإجماع فرض الحج فما حكم حينئذ العمرة وقبل ذلك ما الحج؟ بعضهم عرف الحج بقوله قصد مكة لعمل مخصوص فانتقض هذا التعريف قيل هذا قاصر؛ لأنه قد يقصد مكة بعمل مخصوص كالتجارة لكن لو قيل التعبد لله بأداء المناسك بأوقاتها على ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أوقاتها يعني المخصوصة كليلة منى تبيت في منى وعرفة تقف في وقتها وما كان موسعا كطواف الإفاضة على قول أنه يجوز تمديده إلى ما بعد الحج وقول أنه لا بد أن يكون في شهر الحج فلا يزيد عليه فحينئذ تكون هناك من المناسك ما هو مؤقت ومنها ما هو موسع فلا بد حينئذ من أن أداء الشيء المؤقت في وقته كالمبيت في مزدلفة وفي منى والوقوف بعرفة .
أما العمرة فهي في اللغة الزيارة وفي الاصطلاح التعبد لله بقصد مكة بأعمال تعبدية مخصوصة كالطواف والسعي والحلق والتقصير والإحرام بذلك ، فإذن هذه هي العمرة ذاك الحج، والعمرة فرض في أصح قوليه أهل العلم وذلك لأن الله عز وجل قال في كتابه: { وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ۚ} فهنا قال الشارح رحمه الله: وهذه الآية لا تدل على وجوب العمرة وانتقد الوجوب استدلالا بهذه الآية لأن مقصود الآية الإتمام وليس الإقامة فإنه قال: { وَأَتِمُّوا } أي إذا دخلت في نسك العمرة فأتموها والرد على الشارح رحمه الله من وجهين:
الوجه الأول: أن فهم ابن عباس للآية مقدم على الشارح فإن ابن عباس قال: (( العمرة فرض مرة في العمر فإنها قرينة الحج في كتاب الله )) ففهم الوجوب وهو حبر الأمة وقد دعا له النبي صلى الله عليه وسلم بأن يعلمه الله سبحانه الكتاب فقال كما في صحيح البخاري: " اللهم علمه الكتاب " فخرج الطبري عن ابن مسعود بإسناد صحيح أنه كان يقول: (( نِعْمَ تُرْجُمَانُ الْقُرْآنِ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاس )) ولم يعلم له مخالف في فهم هذه الآية بإيجاب العمرة أخذا بها ويدل على ذلك أيضا على غلط ما ذهب إليه الشارح رحمه الله من قوله لا يُستفاد من هذه الآية وجوب العمرة قراءة أخرى لابن مسعود بإسناد صحيح: { وأقيموا الحج والعمرة } من جنس قوله: { وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ } فهذا يدل على الوجوب وجوب العمرة وشارك في هذا المذهب عبد الله ابن عباس ابن عمر شاركه في وجوب الحج والعمرة وأنهما حتم فهذا أصح القولين في هذه المسألة؛ ومن اعتمر عمرة التمتع أجزأته عن عمرة الإسلام ولكن قل من يعرف من العامة وجوب العمرة عليه وأنه لا بد أن يأتي بعمرة الإسلام في حياته وإن كان الشارح قد استدل على وجوب العمرة بحديث آخر خرجه البخاري في صحيحه وهو عن عائشة حين قالت للنبي هل على النساء جهاد؟ قال: " نعم، عليهن جهاد لا قتال فيه الحج والعمرة " فقال عليهن فدل على الوجوب لكن هذا الحديث قد خرجته وجمعت طرقه فوجدت أنه شاذ بهذا اللفظ فلا يصلح دليلا للوجوب والمعروف أنه قال: " لكن أفضل الجهاد وهو حج مبرور " أو كما جاء فروي بلفظين هذا اللفظ شاذ فاللفظ الأصح بهذا اللفظ الذي ذكرت لكم أو بلفظ غيره لكن هذا الذي يحضرني أنه شاذ فذلك لما جمعت في وجوب العمرة الأدلة لم أستدل بهذا وجدت أنه شاذ ويكفينا قول ابن عباس الذي لم يُعرف له مخالف في فهم الآية رضي الله عنه. اقرأ.
رد مع اقتباس