عرض مشاركة واحدة
  #26  
قديم 04-05-2015, 02:05AM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم





التعليق على رسالة حقيقة الصيام
وكتاب الصيام من الفروع ومسائل مختارة منه


لفضيلة الشيخ العلامة /
محمد صالح بن عثيمين
- رحمه الله تعالى-



باب
صوم التطوع وذكر ليلة القدر



باب صوم التطوع وذكر ليلة القدر

وما يتعلق بذلك

أفضل صوم التطوع صيام داود. نص عليه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمرو: «صم يوما وأفطر يوما، فذلك داود، فذلك صيام داود - صلى الله عليه وسلم - وهو أفضل الصيام». قلت: فإني أطيق أفضل من ذلك. فقال: «لا أفضل من ذلك». متفق عليه. ويستحب صوم ثلاث أيام من كل شهر (و)، وأيام البيض أفضل (وش)، نص على ذلك؛ للأخبار الصحيحة في ذلك، وأنه «صوم الدهر»، وفي بعضها: «كصوم الدهر»، قال شيخنا وغيره: مراده أن من فعل هذا، حصل له أجر صيام الدهر، بتضعيف الأجر من غير حصول المفسدة، والله أعلم.


وأيام البيض: ثلاث عشرة، وأربع عشرة، وخمس عشرة(278)، سُمِّيَتْ بذلك لابيضاض ليلها. وذكر أبو الحسن التميمي أن الله تاب فيها على آدم، وبيض صحيفته. وعن مالك: يكره صومها (279).
ويستحب صوم الاثنين والخميس. نص عليه.


ويستحب إتباع رمضان بست من شوال، ولمسلم وغيره، من رواية سعد بن سعيد أخي يحيى بن سعيد، عن عمر بن ثابت، عن أبي أيوب مرفوعا: «من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال، فذلك صيام الدهر». سعد مُختَلفٌ فيه، وضعفه أحمد، ورواه أبو داود، عن النفيلي، عن عبد العزيز - وهو الداروردي - عن صفوان بن سليم، وسعد بن سعيد عن عمر. فذكره، وهو إسناد صحيح، وكذا رواه النسائي عن خلاد بن أسلم، عن الداروردي. ورواه أيضا من حديث يحيى بن سعيد عن عمر، لكن فيه عتبة بن أبي حكيم، مُخْتَلفٌ فيه، ورواه أحمد أيضا من حديث جابر مرفوعا، وكذا من حديث ثوبان، وفيه: «وستة أيام بعد الفطر». فلذلك استحب أحمد، والأصحاب رحمهم الله، لمن صام رمضان أن يُتبِعَه بصوم ستة أيام من شوال.


قال جماعة منهم صاحب «المغني»، و«المحرر»: وإنما كُرِهَ صوم الدهر؛ لما فيه من الضَّعْفِ والتشبه بالتَّبَتُّلِ، ولولا ذلك لكان فيه فضل عظيم؛ لاستغراق الزمان بالطاعة والعِبَادةِ، والمراد بالخبر: التشبيه به في حصول العبادة به على وجه لا مشقة فيه، كما قال عليه السلام في أيام البيض، وهي مستحبة، قال في «المغني»: بغير خلاف. قال: ولذا نُهِيَ عبدالله بن عمرو عن قراءة القرآن في أقل من ثلاث، وقال: «من قرأ: {قل هو الله أحد} [الإخلاص: 1] فكأنما قرأ ثلث القرآن»، أراد التشبيه بثلث القرآن في الفضل، لا في كراهة الزيادة عليه.


وتحصل فضيلتها متتابعة ومتفرقة، ذكره جماعة، وهو ظاهر كلام أحمد، وقال: في أول الشهر وآخره، واستحب بعضهم تتابعها، وهو ظاهر الخرقي وغيره، وبعضهم: عقب العيد، واستحبهما ابن المبارك والشافعي وإسحاق، وهذا أظهر(280)، ولعله مراد أحمد والأصحاب؛ لما فيه من المسارعة إلى الخير، وإن حصلت الفضيلة بغيره، وسمى بعض الناس الثامن عيد الأبرار، واختار شيخنا الأول؛ لظاهر الخبر، وذكره قول الجمهور، وقال: ولا يجوز اعتقاد ثامن شوال عيدا، فإنه ليس بعيد، إجماعا، ولا شعائره شعائر العيد، والله أعلم(281).


ويتوجه احتمال: تحصل الفضيلة بصومها في غير شوال، وفاقاً لبعض العلماء، ذكره القرطبي؛ لأن فضيلتها كون الحسنة بعشر أمثالها، كما في خبر ثوبان، ويكون تقييده بشوال لسهولة الصوم لاعتباره رخصة، والرخصة أولى، ويتوجه تحصيل فضيلتها لمن صامها وقضاء رمضان، وقد أفطره لعذر، ولعله مراد الأصحاب، وما ظاهره خلافه خُرِّجَ على الغالب المعتاد، والله أعلم(282).
وكره أبو حنيفة ومالك صوم ستة أيام من شوال، وذكر مالك أن أهل العلم يكرهون ذلك ويخافون بدعته، وأن يلحق برمضان ما ليس منه. قال أصحابنا وغيرهم: يوم الفطر فاصل، بخلاف يوم الشك(283).


ويستحب صوم عشر ذي الحجة(284). وآكده التاسع - وهو يوم عرفة - إجماعا، قيل: سمي بذلك للوقوف بعرفة فيه. وقيل: لأن جبريل حج بإبراهيم - عليهما السلام -، فلما أتى عرفة قال: قد عرفت؟ قال: قد عرفت. وقيل: لتعارف آدم وحواء بها. ثم الثامن، وهو يوم التروية، قيل: سمي بذلك لأن عرفة لم يكن بها ماء، فكانوا يتروون من الماء إليها، وقيل: لأن إبراهيم عليه السلام رأى ليلة التروية الأمر بذبح ولده، فأصبح يتروى؛ هل هو من الله، أو حُلْمٌ؟ فلما رآه الليلة الثانية عرف أنه من الله (285). ولا وجه لقول بعضهم: آكده الثامن ثم التاسع، ولعله أخذه من قوله في «الهداية» وغيرها: آكده يوم التروية وعرفة.


ولا يستحب للحاج بعرفة صوم يوم عرفة (و م ش)، وفطره أفضل، وكرهه جماعة؛ لفطره صلى الله عليه وسلم بعرفة، وهو يخطب الناس. متفق عليه. ولأحمد وابن ماجه النهي عنه من حديث أبي هريرة، من رواية مهدي الهجري - وفيه جهالة، ووثقه ابن حبان -، وليتقوى على الدعاء. وعن عقبة مرفوعا: «يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق، عيدنا أهل الإسلام، وهي أيام أكل وشرب». رواه أحمد، وأبو داود، والنسائي، والترمذي وصححه. قال صاحب «المحرر»: والمراد به؛ كراهة صومه في حق الحاج، واستحبه أبو حنيفة، وإسحاق، إلا أن يضعفه عن الدعاء، واختاره الآجري، قال صاحب «المحرر»: وحكى الخطابي عن إمامنا نحوه، وجزم في «الرعاية» بما ذكره بعضهم؛ أن الأفضل للحاج الفطر يوم التروية، ويوم عرفة بهما (286).


ويستحب صوم المحرم، قال صلى الله عليه وسلم: «أفضل الصلاة بعد المكتوبة جوف الليل، وأفضل الصيام بعد شهر رمضان شهر الله المحرم». رواه مسلم وغيره، من حديث أبي هريرة. ولعله عليه السلام لم يكثر الصيام فيه لعذرٍ، أو لم يعلم فضله إلا أخيراً.


قال ابن الأثير: إضافته إلى الله تعظيما وتفخيما، كقولهم: بيت الله، وآل الله، لقريش. قال: والشهر: الهلال، سُمِّيَ به؛ لشهرته وظهوره. وأفضله عاشوراء، وهو العاشر، وفاقا لأكثر العلماء، ثم تاسوعاء، وهو التاسع – ممدودان، وحُكِيَ قصرهما -، وعن ابن عمر: يكره صوم عاشوراء، وعن بعض السلف: فرض، وهما آكده، ثم العشر، روى مسلم عن أبي قتادة مرفوعا، في صيام يوم عرفة: «إني لأحتسب على الله أن يُكَفِّرَ السنة التي قبله والسنة التي بعده». وقال في صيام عاشوراء: «إني أحتسب على الله أن يُكَفِّر السنة التي قبله».


والمراد به الصغائر، حكاه في «شرح مسلم» عن العلماء، فإن لم تكن صغائر، رُجِيَ التخفيف من الكبائر(287)، فإن لم تكن رفعت درجات، وعن الحسن، عن ابن عباس قال: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بصوم عاشوراء، يوم العاشر، من المحرم. إسناده ثقات، رواه الترمذي، وقال: حسن صحيح. وقال ابن المديني: لم يسمع الحسن من ابن عباس، وقال: مرسلات الحسن التي رواها عنه الثقات صحاح. وعن معقل بن يسار، وغيره: يوم عاشوراء هو اليوم التاسع؛ لأن الحكم بن عبدالله الأعرج سأل ابن عباس عن صومه: أي يوم؟ قال: إذا رأيت هلال المحرم، فاعدد، فإذا أصبحت من تاسعه، فأصبح منها صائما، قلت: أكذلك كان يصومه محمد صلى الله عليه وسلم ؟ قال: نعم. رواه مسلم.


ومعناه: أهكذا كان يأمر بصيامه أو يحث عليه؟ جمعا بينه وبين غيره، ذكره صاحب «المحررِ»، وعن ابن عباس القولان، واختارت طائفة صوم اليومين، صح عن ابن عباس. وقال: خالفوا اليهود. وعن أبي رافع - صاحب أبي هريرة - وابن سيرين، وقاله الشافعي، وأحمد وإسحاق، وقول ابن عباس: لما صام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء وأمر بصيامه، قالوا: إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى - وفي لفظ أبي داود: تصومه اليهود والنصارى - فقال: «فإذا كان العام المقبل - إن شاء الله - صمنا اليوم التاسع». فلم يأت العام المقبل حتى توفي. رواه مسلم وأبو داود. وهو يدل على أنه لم يكن يصوم التاسع بل العاشر، وأنه عاشوراء، وقصد صوم التاسع مع العاشر؛ مخالفة لليهود، وليس يدل على اقتصاره على التاسع.


وقد روى الخلال في «العلل»: حدثنا محمد بن إسماعيل، أنبأنا وكيع، عن ابن أبي ذئب، عن القاسم بن عباس، عن عبد الله بن عمير مولى ابن عباس، عن ابن عباس مرفوعا: «لئن بقيت إلى قابل، لأصومن التاسع والعاشر». إسناده جيد. واحتج به أحمد في رواية الأثرم، وبقول ابن عباس: صوموا التاسع والعاشر. ولا يكره إفراد العاشر بالصوم، وقد أمر أحمد بصومهما، ووافق شيخنا المذهب أنه لا يكره. وقال: مقتضى كلام أحمد: يكره، وهو قول ابن عباس (وهـ)، ولم يجب صوم عاشوراء، اختاره الأكثر، منهم القاضي، قال صاحب «المحررِ»: وهو الأصح من قول أصحابنا (وش).


وعن أحمد: وجب ثم نُسِخَ، اختاره شيخنا، ومال إليه الشيخ (و هـ)؛ للأمر به، وقد روى أبو داود أنه صلى الله عليه وسلم أَمَرَ من أكل بالقضاء، ثم لا يلزم من عدم القضاء عدم وجوبه، بدليل الخلاف فيمن صار أهلا للوجوب في أثناء يوم من رمضان، وحديث معاوية: «لم يكتب عليكم صيامه»، فمعاوية أسلم عام الفتح، وقيل: في عمرة القضية، وقيل: زمن الحديبية، فإنما سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول ذلك بعد هذا، وعاشوراء إنما وجب في العام الثاني للهجرة، فوجب يوما ثم نُسِخَ برمضان ذلك العام، والأخبار في ذلك مشهورة، ومن اختار الأول حمل الأمر قبل رمضان على تأكيده وكراهة تركه، فلما فُرِضَ رمضان بقي أصل الاستحباب، والله أعلم.



سأل ابن منصور أحمد: هل سمعت في الحديث أن: «من وسع على عياله يوم عاشوراء وسع الله عليه سائر السنة»؟ فقال: نعم، رواه سفيان بن عيينة، عن جعفر الأحمر، عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر - وكان من أفضل أهل زمانه - أنه بلغه: أن من وسع على عياله يوم عاشوراء وسع الله عليه سائر سنته. قال ابن عيينة: قد جربناه منذ خمسين أو ستين فما رأينا إلا خيرا. وذكره ابن الجوزي في «العلل المتناهية» من حديث ابن عمر، قال الدارقطني: منكر، ومن حديث أبي هريرة، والإسناد ضعيف، وعن جابر مرفوعا مثله، وفيه: «على نفسه وأهله». ذكره ابن عبد البر في «الاستذكار»: قال جابر: جربناه فوجدناه كذلك. وقال أبو الزبير مثله، وقال شعبة مثله. وعن الليث بن سعد، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب، عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - مثله، ولفظه: «من وسع على أهله».


قال يحيى بن سعيد: جربنا ذلك فوجدناه حقا. وكره شيخنا ذلك وغيره سوى صومه، قال: وقول إبراهيم بن محمد بن المنتشر أنه بلغه، لم يذكر عمن بلغه، وبعض الجهال والنواصب ونحوهم، وضع في ذلك قبالة الرافضة. قال: ولم يستحب أحد من الأئمة فيه غسلا ولا كحلا ولا خضابا، ونحو ذلك، والخبر بذلك كذب اتفاقا، وغلط من صحح إسناده، واستحب ذلك صاحب «التلخيص» في كتابه «الخطب»، والله أعلم (288).




-----------------------



(278) أفضل الصيام: صوم يوم وإفطار يوم، وصيام ثلاثة أيام من الشهر، وهي تعدل صوم الدهر، لكن الأفضل أن تكون في الأيام البيض، وإن صامها في أول الشهر، أو في وسطه، أو في آخره، حصل المقصود، كما نقول - مثلاً - في الصلاة: صَلِّ الصلاة في كل الوقت، لكن تقديمها أفضل، فيكون فضل صيام الأيام البيض فضل الزمن فقط، وأما الأجر وأنه يحصل له صيام الدهر كله فحاصل سواء صام الثلاثة في الأيام البيض، أو في غيرها، وسواء صامها متتابعة، أم متفرقة، فلو صام في العشر الأول يوماً، وفي العشر الأوسط يوماً، وفي العشر الثالث يوماً، حصل المقصود؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يشترط التتابع، ولو كان التتابع شرطاً لبينه.


(279) قول الإمام مالك - رحمه الله - ضعيف ؛ لأن ذلك جاءت به السنة.
(280) وهذا هو الصحيح أنه يبادر بها ويتابعها، أي: الست من شوال؛ لأنه أسبق إلى الخير وأسرع في فعله فكان أولى، ولكن لو أخرها إلى آخر الشهر فلا بأس، أو فرقها في أيام فلا بأس.


(281) هذا أدركناه، يسمون اليوم الثامن: عيد الأبرار؛ لأن يوم الثامن يصادف يوم العيد، وهذا غير صحيح؛ لأن مفهوم هذا الكلام لو أخذناه بظاهره أن من لم يصم ستة أيام من شوال غير بار، وهذا كذب.


(282) وعلى هذا فنقول: إن صامها في غير شوال لعذر حصل له الأجر، وإن صامها في غير شوال لغير عذر كما لو أخرها، فإنه لا تحصل له فضيلة صيام الستة.


مثال الأول: لو صادف أنه بعد الانتهاء من رمضان مرض، وطال به المرض حتى خرج الشهر، ثم شُفي وصامها، فإنه يحصل له ذلك، وكذلك يحصل ثوابها إذا كان على الإنسان شهر رمضان كاملاً، فإنه يلزم من ذلك أن لا يصوم الست إلا في ذي القعدة، فيحصل له الأجر؛ لأنه أخرها لعذر.


ومثال الثاني: لو فَرَّط وتهاون، وقال: هذا الشهر شهر نزهة وسفر، وسوف أصوم في ذي القعدة، فإنه لا يحصل له ثوابها، ونعلم مما سبق أنه لو صامها قبل أن يتم رمضان فإنها لا تنفعه، حتى لو قلنا بجواز صوم النفل قبل القضاء؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من صام رمضان»، ومن عليه قضاء لا يقال: إنه صام رمضان، بل صام بعضه.


مثاله: إنسان عليه سبعة أيام من رمضان، وانتهى الشهر، فقال: أصوم الست؛ لئلا يفوت الشهر، فصام الست، ثم صام الأيام الباقية في ذي القعدة، فإنه لا يحصل له ثوابها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم اشترط شرطين:
الأول: أن يصوم رمضان؛ لقوله: «من صام رمضان ثم أتبعه».
والثاني: أن يكون من شوال.


ولأن صيامها بعد شوال بمنزلة الراتبة بعد الفريضة، ولو قدم الراتبة على الفريضة لم يحصل له ثوابها، كما لو قدم راتبة المغرب مثلاً، أو راتبة العشاء، أو الراتبة التي بعد صلاة الظهر، فإنه لا يحصل له ذلك الأجر، أما صوم التطوع غير الست فهل يجوز أو لا يجوز، كما لو صام يوم عرفة مثلاً، أو يوم عاشوراء، أو صام تطوعا قبل أن يقضي ما عليه من رمضان؟ فيه خلاف، فالمشهور من المذهب أن ذلك لا يصح، والقول الثاني: أنه يصح ما دام الوقت واسعاً للقضاء، فإن ضاق الوقت بحيث لم يبق عليه إلا مقدار ما عليه من الأيام، فإن النافلة لا تصح، وهذا أقيس، بدليل أن صلاة الفريضة موسع وقتها، ويجوز للإنسان أن يتنفل بما شاء قبل أن يصليها.


(283) لاوجه للكراهة، وكما قال الأصحاب وأجابوا عن اشتباه الفرض بالنفل بأنه يفصل بينهما بيوم فطر واجب، وهو يوم العيد.
(284) قوله: «ويستحب صوم عشر ذي الحجة» هذا هو الصواب بلا شك، وأما قول عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يصومها [أخرجه مسلم في الصيام/باب في صوم عشر ذي الحجة (1176).]. فقد عورض بحديث حفصة رضي الله عنها وهو أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يصومها [أخرجه أبو داود في الصيام/باب في صوم العشر (2437)؛ والنسائي في الصيام/باب كيف يصوم ثلاثة أيام من كل شهر (4/220).] ، ثم يقال: إن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر» [أخرجه البخاري في العيدين/باب فضل العمل في أيام التشريق (969).]، وكونه لا يصومها - على تسليم أنه لا يصومها - قد يكون تركها لعذر أو خاف أن لا يشق على أمته، وإلا فمن يستطيع أن يقول: ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر إلا الصوم؟ لا أحد يستطيع أن يقول هذا، والرسول صلى الله عليه وسلم عَمَّمَ، والصواب: أن صومها مستحب بلا شك.


(285) الصواب أن عرفة سميت بذلك؛ لأنها مرتفعة، وكل شيء مرتفع يسمى: عرف، ومنه الأعراف وهو المكان المرتفع بين الجنة والنار، وقيل: لأن الناس يتعارفون فيها، وهذا يحتمل، أما قوله: «وقيل: لأن جبريل حج بإبراهيم - عليهما السلام -، فلما أتى عرفة قال: قد عرفت؟ قال: قد عرفت» فهذا لا أصل له، أما التروية فصحيح؛ لأنهم كانوا يتروون الماء لأن عرفة ومنى ليس فيهما ماء، فكان يتزودون بالماء قبل أن يقدم الحجاج إليهم.


(286) الصواب أنه لا يستحب صوم يوم عرفة للحاج، ولو قيل بالكراهة استئناساً بالحديث الذي فيه ضعف، واحتجاجاً بكون الرسول صلى الله عليه وسلم: دعا بالإناء ضحى يوم عرفة وشرب والناس ينظرون [أخرجه البخاري في الصوم/باب صوم يوم عرفة (1988)؛ ومسلم في الصيام/باب استحباب الفطر للحاج بعرفات يوم عرفة (1123).]، مما يجعل ذلك تأكيداً في فطره، أقول: لو قيل بالكراهة لكان له وجه، وإذا قلنا بالكراهة فإنه لا يثاب على صوم هذا اليوم.


(287) قوله: «فإن لم تكن له صغائر » هذا بعيد جداً أن يكون إنسان ليس له كبائر ولا صغائر، ولكن على فرض أنه حصل فإنه يرفع درجاته، ويمكن أن يحصل بما إذا وجدت الأسباب في كفارة الذنوب، ثم تعددت هذه الأسباب، فما زاد يكون رفعة في الدرجات، مثل: الجمعة إلى الجمعة كفارة لما بينهما، والصلوات الخمس كفارة لما بينهما، فهذا يكون زيادة في رفعة الدرجات، لكن من يجزم أن صلاته تكفر ما بينها وبين الصلاة الأخرى؟! لأن أكثر الناس الآن صلواتهم تجزئ فقط، بسبب كثرة الوساوس وانشغال القلب.


(288) والصواب ما قاله شيخ الإسلام - رحمه الله - أنه يوم كالأيام، لا يسن فيه التوسعة، وإنما يسن فيه الصيام، أما غيره فلا، ولكن هذا الذي حصل؛ حصل مصادفة - إن صح الخبر - فهؤلاء الذين قالوا: جربناه فوجدنا خيراً، أو فوجدناه كذلك، حصل مصادفة، ثم من فعله أراد بذلك مقابلة الرافضة؛ لأن الروافض في يوم عاشوراء يجعلونه يوم أحزان وهموم وغموم، ويعذبون أنفسهم في ذلك اليوم.


المصدر :

http://www.ibnothaimeen.com/all/book...le_18307.shtml







رد مع اقتباس