عرض مشاركة واحدة
  #19  
قديم 06-02-2015, 02:22AM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم




عقيدة التوحيد
وبيان ما يضادها من الشرك الأكبر والأصغر
والتعطيل والبدع وغير ذلك


ادعاء حق التشريع والتحليل والتحريم

الفصل السابع
ادعاء حق التشريع والتحليل والتحريم

تشريع الأحكام التي يسير عليها العباد في عباداتهم ومعاملاتهم وسائر شئونهم، والتي تفصل النزاع بينهم وتُنهي الخصومات حق لله تعالى رب الناس، وخالق الخلق: {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [الأعراف: 54] .


وهو الذي يعلم ما يصلح عباده، فيشرعه لهم، فبحكم ربوبيته لهم يشرِّعُ لهم، وبحكم عبوديتهم له يتقبلون أحكامه، والمصلحةُ في ذلك عائدة إليهم، قال تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} [النساء: 59] .
وقال تعالى: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي} [الشورى: 10] .


واستنكر سبحانه أن يتخذَ العباد مُشرِّعًا غيره فقال: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} [الشورى: 21] .
فمن قبل تشريعًا غير تشريع الله؛ فقد أشرك بالله تعالى، وما لم يشرعه الله ورسوله من العبادات فهو بدعة، وكل بدعة ضلالة، قال - صلى الله عليه وسلم -: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» وفي رواية: «من عمل»


(1/123)


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــ

«عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد» وما لم يشرعه الله ولا رسوله في السياسة والحكم بين الناس فهو حكم الطاغوت، وحكم الجاهلية: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} [المائدة: 50] .

وكذلك التحليل والتحريم حق لله تعالى، لا يجوز لأحدٍ أن يُشاركه فيه، قال تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ} [الأنعام: 121] .


فجعل سبحانه طاعة الشياطين وأوليائهم في تحليل ما حرّم الله شركًا به سبحانه، وكذلك من أطاع العلماء والأمراء في تحريم ما أحل الله، أو تحليل ما حرم الله، فقد اتخذهم أربابًا من دون الله؛ لقول الله تعالى: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [التوبة: 31] .

وفي الحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تلا هذه الآية على عَديّ بن حاتم الطائي - رضي الله عنه - فقال: «يا رسول الله، لسنا نعبُدُهم، قال - صلى الله عليه وسلم -: أليسَ يُحلّون لكم ما حرَّم الله فتُحلّونه، ويحرمون ما أحلّ الله فتحرمونه؟ ! قال: بلى، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: فتلكَ عبادتُهم» .

(1/124)


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــ

فصارت طاعتُهم في التحليل والتحريم من دون الله عبادة لهم وشركًا، وهو شركٌ أكبرُ يُنافي التوحيد الذي هو مدلول شهادة أن لا إله إلا الله، فإنّ مِنْ مدلولها: أنَّ التحليل والتحريم حقٌّ لله تعالى، وإذا كان هذا فيمن أطاع العلماء والعُبَّاد في التحليل والتحريم الذي يخالف شرع الله وهو يعلم هذه المخالفة، مع أنهم أقرب إلى العلم والدين، وقد يكونُ خطؤهم عن اجتهاد لم يصيبوا فيه الحق، وهم مأجورون عليه، فكيفَ بمن يُطيعُ أحكام القوانين الوضعية التي هي من صنع الكفار والملحدين، يجلبها إلى بلاد المسلمين، ويحكم بها بينهم؟ فلا حول ولا قوة إلا بالله.

إنَّ هذا قد اتخذ الكفار أربابًا من دون الله، يُشرِّعونَ له الأحكام، ويبيحونَ له الحرام، ويحكمون بين الأنام.

(1/125)


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــ


المصدر

http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...les/atwbmy.pdf




رد مع اقتباس