عرض مشاركة واحدة
  #15  
قديم 01-04-2015, 08:13PM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -





باب
وجوب الطمأنينة في الركوع والسجود




[97] : عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي ﷺ دخل المسجد ، فدخل رجل فصلى ، ثم جاء فسلم
على النبي ﷺ فقال : "ارجع فصل فإنك لم تصل " فرجع فصلى كما صلى ثم جاء فسلم على
النبي ﷺ فقال : " ارجع فصل فإنك لم تصل " ثلاثاً . فقال : والذي بعثك بالحق فما أحسن
غيره فعلمني . فقال : "إذا قمت إلى الصلاة فكبر ، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن ، ثم اركع حتى
تطمئن راكعاً ، ثم ارفع حتى تعتدل قائماً ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً ، ثم ارفع حتى تعتدل جالساً ، ثم
اسجد حتى تطمئن ساجداًَ ، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها ".


موضوع الحديث :


وجوب الطمأنينة في الصلاة وأنه لا تتم صلاة أحد إلا بها .

المفردات :


الرجل المذكور : هو خلاد بن رافع .
ارجع فصل فإنك لم تصل : النفي للصلاة الشرعية أي أن الصلاة التي صلاها لا تسمى صلاة في
الشريعة .

والذي بعثك بالحق : أي أرسلك بالحق .
فما أحسن غيره : الضمير يعود إلى الفعل المتقدم .
ما تيسر : ما سهل عليك .
ثم افعل ذلك في صلاتك كلها : أي في ركعات صلاتك كلها .


المعنى الإجمالي :


وفيه جمع الطرق التي بلغت درجة الصحة بينما النبي _ جالس في المسجد دخل رجل فصلى
صلاة لم يتم ركوعها ولا سجودها ، ثم جاء فسلم على النبي ﷺ فرد عليه السلام ثم قال له : " ارجع
فصل فإنك لم تصل " ، فعل ذلك ثلاث مرات والنبي ﷺ يأمره بالإعادة كلما صلى ، ثم قال : والذي
بعثك بالحق لا أحسن غيره فعلمني ، فعلمه الكيفية المذكورة .



قولـه : " والذي بعثك بالحق لا أحسن غيره فعلمني " . وفي رواية : فقال الرجل : فأرني وعلمني فإنما
أنا بشر أصيب وأخطئ ، فقال : " إذا قمت إلى الصلاة فكبر " ، وفي رواية : " فتوضأ كما أمرك الله ، ثم
تشهد وقم " ، وفي رواية : " إنها لا تتم صلاة أحدكم حتى يسبغ الوضوء كما أمر الله ، فيغسل وجهه
ويديه إلى المرفقين ثم يمسح رأسه ورجليه إلى الكعبين ، ثم يكبر الله ويمجده ، ثم اقرأ ما تيسر معك من
القرآن " ، وفي رواية : " إن كان معك من القرآن فاقرأ وإلا فاحمد الله وكبره وهلله " ، وفي رواية :

" ثم اقرأ بأم القرآن ، ثم اقرأ بما شئت ، ثم اركع حتى تطمئن راكعاً " ، وفي رواية : " ثم يقول الله أكبر
فيركع حتى تطمئن مفاصله ويسترخي " ، وفي رواية : " فإذا ركعت فاجعل راحتيك على ركبتيك وامدد
ظهرك وتمكن لركوعك ، ثم ارفع حتى تعتدل قائماً " ، وفي رواية : " حتى تطمئن قائماً " ، وفي لفظ :
" فأقم صلبك حتى ترجع العظام إلى مفاصلها ، ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً " ، وفي رواية : " ثم
يكبر فيسجد حتى يمكن وجهه أو جبهته حتى تطمئن مفاصله وتسترخي ثم ارفع حتى تطمئن جالساً " ،

وفي روية : " ثم يكبر فيرفع حتى يستوي قاعداً على مقعدته ويقيم صلبه" ، وفي رواية : " فإذا رفعت
رأسك فاجلس على فخذك اليسرى " ، وفي رواية :

" فإذا جلست في وسط الصلاة فاطمئن جالساً ، ثم افترش فخذك اليسرى ثم تشهد ثم افعل ذلك في
صلاتك كلها " ، وفي رواية : " ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً ، ثم ارفع حتى تطمئن جالساً " .



قال ابن حجر : وقد قال بعضهم هذا دليل على إيجاب جلسة الاستراحة ، ولم يقل به أحد ، وأشار البخاري
إلى أن هذه اللفظة وَهْمٌ ، فإنه عقبه بقوله : قال أبو أسامة في الأخير تستوي قائماً ، وحكى عن البيهقي
قريباً من ذلك ، قال : ويمكن أن يحمل – إن كان محفوظاً – على الجلوس للتشهد ، وتقوى به رواية إسحاق . اهـ.



ويعني برواية إسحاق الرواية السابقة ما رواه في مسنده عن أبي أسامة كما قال ابن نمير بلفظ :" ثم
اسجد حتى تطمئن ساجداً ، ثم اقعد حتى تطمئن قاعداً ، ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً ، ثم اقعد
حتى تطمئن قاعداً ، ثم افعل ذلك في كل ركعة " .



ويعني برواية إسحاق الرواية السابقة بلفظ : " فإذا جلست في وسط الصلاة فاطمئن جالساً " إلى أن
قال : فهذا مجموع الروايات القوية في حديث أبي هريرة ورفاعة (_) . اهـ. نقلاً عن الفتح بتصرف .



فقه الحديث :


جاء استدلال الفقهاء بهذا الحديث على وجهين :
الأول : الاستدلال بما ذكر فيه على الوجوب .
الثاني : الاستدلال بعدم الذكر فيه على عدم الوجوب . قال : ابن دقيق العيد تكرر من الفقهاء الاستدلال
بهذا الحديث على وجوب ما ذكر فيه وعدم وجوب ما لم يذكر فيه ، فأما وجوب ما ذكر فيه فلتعلق
الأمر به وأما عدم وجوب غيره فليس ذلك لمجرد كون الأصل عدم الوجوب ؛ بل لأمر زائد على ذلك ،
وهو أن الموضع موضع تعليم وبيان للجاهل وتعريف بواجبات الصلاة وذلك يقتضي انحصار الواجبات
فيما ذكر إلى أن قال : إن على طالب التحقيق ثلاث وظائف :

أحدها : أن يجمع طرق هذا الحديث . ويحصي الأمور المذكورة فيه ، ويأخذ بالزائد ؛ لأن الأخذ بالزائد
واجب(_). اهـ.



قال الحافظ في الفتح بعد نقل كلام ابن دقيق العيد : قلت : امتثلت ما أشار إليه وجمعت طرقه
القوية من رواية أبي هريرة ورفاعة ، وقد أمليت



الزيادات التي اشتملت عليها . اهـ.
قلت : قد نقلت ما أملاه من الزيادات فتخلص منها المسائل الآتية :
أولها : الوضوء كما أمر الله ، وفيه دليل على وجوب الترتيب .
ثانيها : الشهادتين بعد الوضوء لقوله _ : " فتوضأ كما أمرك الله ، ثم تشهد وأقم " . ولا أعرف أحداً
قال بوجوبها .

ثالثها : الإقامة ، وفي حكمها خلاف تقدم مع الآذان في بابه .
رابعها : الاستقبال وهو شرط في صحة الصلاة بلا خلاف أعلمه .
خامسها : التكبير للإحرام وهو ركن من أركان الصلاة بل شرط في انعقادها ، وفيه دليل على تعيين لفظ التكبير ،
وقد تقدم الكلام فيه .



سادسها : الاستفتاح ومأخذه من قوله : "ثم يكبر الله ويحمده ويمجده" ولا أعرف من قال بوجوبه .
وذكره في هذا الحديث يدل للوجوب ، اللهم إلا أن يقال ما صح الإجماع على عدم وجوبه مما ذكر
في هذا الحديث كان – أي الإجماع – صارفاً له عن الوجوب إلى الندبية ويكون الاستفتاح واحداً منها .



سابعها : قراءة الفاتحة وما تيسر في كل ركعة ، وفي ذلك بحث سيأتي .
ثامنها : التكبير والتحميد والتسبيح لمن لم يستطع قراءة الفاتحة ، وسيأتي فيه بحث .
تاسعها : جعل الراحتين على الركبتين ومد الظهر .
عاشرها : التمكين فيه حتى تطمئن المفاصل وتسترخي .
الحادي عشر : الاطمئنان في الرفع من الركوع حتى ترجع العظام إلى مفاصلها .
الثاني عشر : تمكين الجبهة في السجود والتحامل عليها حتى تطمئن المفاصل وتسترخي .



الثالث عشر : الاعتدال بين السجدتين والطمأنينة فيه .
الرابع عشر : الافتراش في الجلسة بين السجدتين ، ويعارضه حديث طاووس عن ابن عباس عند
مسلم أنه قال في الإقعاء ، أنه من السنة فقال طاووس (_) : إنا لنراه جفاء بالرجل ، فقال : إنه من سنة
نبيكم ﷺ ، والإقعاء هو جلوس المصلي بإليتيه على عقبيه أي على أعقاب قدميه وهما منصوبتان ،
وهذا الإقعاء هو غير الإقعاء المنهي عنه ، فذاك صفته أن يجلس المصلي بعقبه على الأرض وينصب ساقيه ،
وعلى هذا فيكون حديث ابن عباس صارفاً للأمر بالافتراش بين السجدتين الوارد في بعض الروايات في
حديث المسيء كما تقدم عن الوجوب إلى الاستحباب ، وعن تعيين الافتراش إلى التخيير بينه وبين الإقعاء
الوارد في حديث ابن عباس مع ترجيح الافتراش على الإقعاء للأمر به ، وحمل بعضهم رواية الأمر بالافتراش
وهو قولـه : " فإذا رفعت رأسك فاجلس على فخذك اليسرى " حملوه على الجلوس للتشهد .



الخامس عشر : الطمأنينة في السجود الثاني كالأول ، واستدل الجمهور بذكر الطمأنينة في الركوع
والسجود والاعتدال منهما على وجوبها في الكل ، وللحنفية في ذلك خلاف مرجوح كما تقدم .

السادس عشر : وجوب تكبير النقل والجمهور على سنيته كما تقدم والحديث دليل لما ذهب
إليه الإمام أحمد رحمه الله من الوجوب .



السابع عشر : جلسة الاستراحة إن صحت بها الرواية ، وقد تقدم أن البخاري رحمه الله حكم
عليها بالوهم .

الثامن عشر : وجوب التشهد الأول ، وفي وجوبه خلاف ، سيأتي في بابه إن شاء الله .
التاسع عشر : الجلوس له ، وسيأتي فيه بحث أيضاً .
العشرون : الافتراش في التشهد ، وقد تقدم ذكر الخلاف فيه . والله أعلم .

الحادي والعشرون : وجوب الإعادة على من أخل بالطمأنينة .



الوجه الثاني : الاستدلال بما لم يذكر فيه على عدم الوجوب وفيه مسائل :
أحدها : النية وهي فرض باتفاق ، كذا عدها منها النووي والحافظ في الفتح ، وعندي في ذلك نظر ،
فإن قوله : " فإذا قمت إلى الصلاة " مشعر بالقصد وهو النية .

الثانية : القعود الأخير وهو متفق على وجوبه .
الثالثة : التشهد الأخير ، وسيأتي الخلاف فيه في بابه إن شاء الله .
الرابعة : الصلاة على النبي _ فيه ، سيأتي .
الخامسة : التسليم من الصلاة ، وقد تقدم البحث فيه وتبين أن الراجح وجوبه .



السادسة : وضع اليمنى على اليسرى على الصدر ، والأرجح وجوبه لحديث أبي حازم(_) عن
سهل بن سعد عند البخاري بلفظ : كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل اليد اليمنى على ذراعه اليسرى
في الصلاة . قال أبو حازم : لا أعلمه إلا ينمي ذلك إلى النبي _ ، وهذا حكمه الرفع إذ لا آمر للصحابة
سوى النبي _(_)، والأمر يقتضي الوجوب إلا أن يصرفه صارف ، ولا أعلم ما يصلح لصرفه ، والله أعلم .



السابعة : إذا استدل على عدم وجوب شيء بعدم ذكره في هذا الحديث ثم جاء الأمر به في حديث
آخر ، قدم الأمر به على عدم الذكر في هذا الحديث ؛ لأنه أقوى . والله أعلم .


تنبيه :
كل ما تقدم من المسائل فيما يتعلق بأفعال الصلاة من حيث الوجوب وعدمه ، وإليك مسائل أخرى تؤخذ
من هذا الحديث :

الأولى : تكرير السلام ولو لم يطل الفصل أو الفراق ولم يبعد .
الثانية : الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
الثالثة : حسن التعليم بغير تعنيف .
الرابعة : الاعتراف بالتقصير لقوله : " لا أحسن غيره فعلمني " .
الخامسة : طلب المتعلم من العالم أن يعلمه .



السادسة : ملازمة جواز الخطأ لحكم البشرية وهو إقرار .
السابعة : حسن خلقه _ ولطفه وحسن معاشرته .
الثامنة : استحباب التعليم بكل ما له تعلق بما وقع فيه الإخلال لقوله : "إذا قمت إلى الصلاة فاسبغ
الوضوء كما أمرك الله ثم استقبل القبلة فكبر " والله أعلم .





تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحيى النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [2]
[ المجلد الثاني ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam2.pdf


التصفية والتربية
TarbiaTasfia@







رد مع اقتباس