عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 19-03-2015, 09:11PM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم





تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -




[84] : عن عائشة رضي الله عنها قالت : " كان رسول الله ﷺ يستفتح الصلاة بالتكبير والقراءة
بـ [الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ]، وكان إذا ركع لم يشخص رأسه ولم يصوبه ولكن بين ذلك ، وكان
إذا رفع رأسه من الركوع لم يسجد حتى يستوي قائماً ، وكان إذا رفع رأسه من السجدة لم يسجد حتى
يستوي قاعداً ، وكان يقول في كل ركعتين التحية ، وكان يفرش رجله اليسرى وينصب اليمنى ، وكان
ينهى عن عقبة الشيطان ، وينهى أن يفترش الرجل ذراعيه افتراش السبع ، وكان يختم الصلاة بالتسليم " .


موضوع الحديث :


بيان كيفية صلاة النبي ﷺ ليأخذ المكلف منها القدوة والأسوة ويعمل جاهداً على تطبقيها في
صلاته امتثالاً لقوله : {صلوا كما رأيتموني أصلي } .


المفردات :


يشخص رأسه : يرفعه .
يصوبه : يخفضه عن ظهره .
التحية : هي اسم للتشهد (التحيات) .
يفرش رجله اليسرى : أي يجعلها تحت مقعدته مبسوطة ظاهر القدم إلى الأرض وباطنها تحت المقعدة .
وينصب اليمنى : أي عن يمينه بأن يستقبل بأطراف أصابعه القبلة والقدم منصوبة .



عُقْبة الشيطان : هي بضم العين وإسكان القاف وإضافتها إلى الشيطان يدل على قبحها ، وصورتها أن
يفرش الرجل قدميه ويجعلها عن يمينه وعن يساره ويفضي بعقبه إلى الأرض بينهما .

افتراش الشبع : أي افتراشاً كافتراش الشبع ، وهو وضع المصلي لذراعيه مع كفيه .

المعنى الإجمالي :


وصفت عائشة رضي الله عنها صفة صلاة النبي ﷺ فأخبرت أنه يدخل في الصلاة بالتكبير أي
بلفظ "الله أكبر" ، ويفتتح بالقراءة بـ [الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ]أي أنه يقرأ الفاتحة قبل السورة ، أو
أنه لا يجهر بالبسملة قبل الفاتحة ، وكان إذا رفع رأسه من الركوع لم يسجد حتى يعتدل قائماً ،
وإذا رفع رأسه من السجدة الأولى لم يسجد ثانية حتى يطمئن قاعداً ، وكان يقول في كل ركعتين
التحية أي يتشهد بعد كل ركعتين ، وكان يجلس جلسة الافتراش في التشهد وكان ينهى عن الجلسة
التي تسمى بعقبة الشيطان ، وينهى عن بسط الذراعين في السجود ويخرج من الصلاة بالتسليم .



فقه الحديث :


قال ابن دقيق العيد : سهى المصنف في إيراد هذا الحديث في هذا الكتاب ، فإنه مما انفرد
به مسلم عن البخاري ، فرواه من حديث حسين المعلم، عن بديل بن ميسرة، عن أبي الجوزاء، عن عائشة
رضي الله عنها ، وشرط الكتاب تخريج الشيخين للحديث . قال ابن حجر : وله علة ، لأنه أخرجه
مسلم من رواية أبي الجوزاء عن عائشة ولم يسمع منها . اهـ

قلت : وإخراج مسلم له يدل على صحته عنده ، وفيه عشر مسائل :


الأولى : تعيين التكبير في التحريمة بلفظة "الله أكبر" وهو مذهب الثلاثة : مالك والشافعي وأحمد ،
وأجاز أبو حنيفةإبدال اسم أكبر بما دل على معناه كأجل وأعظم .


وأوجب ابن حزم هذا الاسم وأجاز إبدال لفظ الجلالة بالرحمن أو الرحيم ، أو غيرهما من الأسماء
مستدلاً بقوله تعالى : [وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً ] (الإسراء: من الآية111) .

لكن يترجح مذهب الثلاثة ،
للعمل المتداول المنقول جيلاً عن جيل من عصر النبوة إلى يومنا هذا على هذا اللفظ في التحريمة ،
ولما روى ابن ماجة من حديث أبي حميد الساعدي رضي الله عنه قال : كان رسول الله ﷺ إذا
قام إلى الصلاة اعتدل قائماً وقال : الله أكبر ، قال الحافظ : رجاله ثقات ، لكن فيه إرسال . قال :
وروى البزار من حديث علي بسند صححه ابن القطان ، أن النبي ﷺ كان إذا قام إلى الصلاة
من الليل قال : "الله أكبر ، وجهت وجهي ... الخ " .


قال ابن القطان : وهذا يعني تعيين لفظ "الله أكبر" عزيز الوجود غريب في الحديث لا يكاد يوجد حتى
لقد أنكره ابن حزم وقال : ما عرف قط . وهو في مسند البزار وإسناده من الصحة بمكان ، قال
الحافظ : قلت : هو على شرط مسلم . اهـ



الثانية : استدل بقول عائشة والقراءة بـ [الحمد لله رب العالمين ] من لم يرَ البسملة من الفاتحة وهم
المالكية ، ومن يرى الإسرار بها وهم الحنفية والحنابلة ، أما الشافعي فقال : إنما معنى الحديث
أنه يبدأ بالفاتحة قبل السورة .


كما يقال قرأت تبارك الذي بيده الملك وأنت تريد السورة بأكملها والبسملة منها ، وسيأتي مزيد
بيان لذلك – إن شاء الله – والله أعلم .



الثالثة : يؤخذ من قولها : " وكان إذا ركع .... الخ " ، سنية المحاذاة بين الرأس والظهر وكراهة
التشخيص والتصويب الذي سبق بيانه ، بل السنة أن يَهصُرَ المصلي ظهره ويجعل رأسه محاذياً
لظهره لا أرفع منه ولا أنزل .



الرابعة : يؤخذ من قولها : " وكان إذا رفع رأسه من الركوع لم يسجد حتى يستوي قائماً " وجوب الاعتدال
بين الركوع والسجود وهو مذهب الأئمة الثلاثة ولم يوجبه أبو حنيفة تمشياً على أصله وهو تقديم المطلق
على المقيد مستدلاً بقوله تعالى : [ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ
لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ] (الحج:77) .

قال : إن الله أمر في هذه الآية بمطلق الركوع والسجود فإذا حصل ما يسمى ركوعاً وسجوداً لغوياً
كفى . ويجيب الأئمة الثلاثة والجمهور بأن الأمر المطلق الوارد في القرآن بالركوع والسجود وعموم
الصلاة قد بيّنه رسول الله ﷺ بفعله وقوله ، وقال : { صلوا كما رأيتموني أصلي } وأنكر
على من صلى ولم يتم الركوع والسجود وأمر بالإعادة ونفى عنه الصلاة الشرعية بقوله : { ارجع
فصل فإنك لم تُصل } . وكان قد حصل منه ما يسمى صلاة في اللغة فاتجه النفي إليها ، وتبين بأن
الصلاة لا تسمى صلاة في الشرع ولا تبرأ بها الذمة إلا إذا وقعت على النحو الذي بينه رسول الله ﷺ ،
وقد تبين بهذا ضعف ما ذهب إليه هذا الإمام – رحمه الله – والله أعلم .



الخامسة : يؤخذ من قوله :" وكان إذا رفع رأسه من السجود ...الحديث " وجوب الطمأنينة فيه
والبحث فيه وفي الركوع والسجود والاعتدال بين الركوع والسجود واحد .



السادسة : يؤخذ من قولها : " وكان يقول في كل ركعتين التحية ..." وجوب التشهد الأول وهو
مذهب الإمام أحمد ، وقال مالك وأبو حنيفة بسنية التشهدين جميعاً وقال الشافعي بسنية الأول
وفرضية الثاني ، وسأستوفي البحث في بابه – إن شاء الله - .



السابعة : يؤخذ من قولها : "وكان يفرش رجله اليسرى وينصب اليمنى .." حجة لمذهب أبي
حنيفة ، أن جلسة التشهد الافتراش سواء كان أولاً أو أخيراً ، وقال مالك بعكسه ، وهو سنية
التورك فيهما ، وقال الشافعي وأحمد بالفرق بين الأول والأخير ، فالأول جلسته الافتراش ، والثاني
جلسته التورك كما ورد في حديث أبي حميد ، وهو الراجح الذي يؤكده الأدلة .



الثامنة : يؤخذ من قولها : "وكان ينهى عن عُقبة الشيطان" كراهية هذه الهيئة ، وفسرت بتفسيرين :
أحدهما : أن يفرش قدميه على الأرض ويجلس بعقبه عليهما .
الثاني : أن ينصب قدميه ويفضي بعقبه إلى الأرض بينهما .
وقد تعقب الصنعاني ابن دقيق العيد في الصورة الأولى بأنها هي الواردة في حديث ابن عباس عند
مسلم وأخبر أنها هي السنة أي في الجلسة بين السجدتين ، وجعل الصورة الثانية أن يجلس
بإليتيه على الأرض وينصب ساقيه .

قلت : هذه الصورة هي التي فسر بها الإقعاء وهو مكروه باتفاق ، إلا أن الإقعاء غير عُقبة الشيطان ،
والأقرب أنها هي الصورة الثانية التي يفضي فيها المصلي بعقبه إلى الأرض بين قدميه ، وهذا هو
الأقرب إلى تسميتها عقبة والله أعلم .



التاسعة : يؤخذ من قولها : " وكان ينهى أن يفترش الرجل ذراعيه " كراهية افتراش الذراعين في
السجود ، وتتأكد الكراهية بمشابهة السبع .



العاشرة : يؤخذ من قولها : " وكان يختم الصلاة بالتسليم " دليل لمن قال بوجوب السلام وهم
الجمهور ، وقال أبو حنيفة : لا يجب ، مستدلاً بحديث عبد الله بن عمرو مرفوعاً بلفظ : { إذا جلس
في آخر صلاته فأحدث قبل أن يسلم فقد تمت صلاته } وفي سنده عبد الرحمن بن زياد بن أنعم
الأفريقي وهو ضعيف ، ومذهب الجمهور هو الأرجح ، لما عليه من الأدلة الكثيرة التي لا سبيل
إلى ردها ، منها هذا الحديث ومنها حديث علي : " وتحليلها السلام " وهو حديث صحيح صححه
الترمذي وابن عبد البر وأحمد شاكر وضعفه بعضهم بعبد الله بن محمد بن عقيل ، والطعن فيه
من قبل حفظه ، لكن حكى الترمذي عن محمد بن إسماعيل البخاري أنه قال فيه : مقارب الحديث
كان أحمد بن حنبل وإسحاق بن إبراهيم والحميدي يحتجزن بحديثه ، والأحاديث الدالة على
السلام كثيرة ولكن أغلبها وردت من الفعل وفي الإيجاب به نزاع عند أهل الأصول غير أنه
هنا يفيد الوجوب لأمور



هنا يفيد الوجوب لأمور ثلاثة :


أحدها : أن صلاة النبي ﷺ وقعت بياناً للمجمل الوارد في القرآن أعني الأمر بالصلاة فقد بينه
ﷺ بفعله .

ثانيها : أن النبي ﷺ قال : { صلوا كما رأيتموني أصلي } فأمره هذا أمر بأفعاله الواردة في
الصلاة ومن لازم ذلك أنها واجبة .

ثالثها : أنه لم يعرف أن النبي ﷺ خرج من صلاته بغير سلام ، ومواظبته عليه طول
عمره تدل على الوجوب . والله أعلم .



فائدة :

في قول عائشة رضي الله عنها : " وكان يختم الصلاة بالتسليم " دليل لمن قال بوجوب التسليمتين
باعتبار أن (أل) للعهد الذهني ، أي التسليم المعهود في الذهن ، ويؤيد هذا المفهوم بأدلة كثيرة ،
فيها الصحيح والحسن والضعيف ، ومن أصحها حديث عامر بن سعد عن أبيه عند مسلم قال :
كنت أرى رسول الله _ يسلم عن يمينه وعن يساره حتى أرى بياض خده ، وعزاه في المنتقى إلى
أحمد والنسائي ، وحديث ابن مسعود عند أحمد والأربعة بسند صحيح ولفظه عند أبي داود ، أن النبي
_ كان يسلم عن يمينه وعن شماله حتى يرى بياض خده "السلام عليكم ورحمة الله ، السلام
عليكم ورحمة الله " ، وحديث أبي معمر عند مسلم ، وحديث جابر بن سمرة رواه مسلم ، وفي آخر
حديثه : " علام تؤمئون بأيديكم " الخ، أما الاكتفاء بتسليمة واحدة فقد وردت فيه أحاديث
كلها ضعيفة إلا ما رواه الترمذي من طريق أبي حفص التنيسي، عن زهير بن محمد ، عن هشام بن
عروة ، عن أبيه ، عن عائشة رضي الله عنها ، أن رسول الله _ كان يسلم في الصلاة تسليمة واحدة
تلقاء وجهه يميل إلى الشق الأيمن شيئاً ، ورواه الحاكم وقال : صحيح على شرط الشيخين ولم
يخرجاه . ووافقه الذهبي ، وتكلم البخاري في زهير بن محمد فقال : أهل الشام يروون عنه
مناكير ، ورواية أهل العراق عنه أشبه وأوضح .

وقال أبو حاتم : هو حديث منكر .
وضعفه الطحاوي وصوب ابن معين والنووي وابن عبد البر عدم رفعه ورجحوا أنه موقوف على
عائشة ، لكن وجد الحديث مرفوعاً من طريق أخرى عزاها الحافظ في التلخيص إلى بن حبان
والسراج في مسنده ، وقال هو على شرط مسلم غير أنه يدل على أن وقوع ذلك إنما كان في قيام
الليل ، وعلى هذا فجواز الاكتفاء بالتسليمة والواحدة إنما كان في النافلة لثبوت الحديث بذلك ،
وقد اختلف القائلون بالتسليمتين في حكمها هل هي واجبة كلها أم لا ؟

فقال بوجوب التسليمتين
الإمام أحمد – رحمه الله – بل ذهب في المشهور عنه إلى أن التسليمتين ركن من أركان الصلاة .

وذهب الشافعي – رحمه الله – إلى وجوب الأولى ، وسنية الثانية .
وذهب أبو حنيفة ومالك – رحمهما الله – إلى سنيتها .


وما ذهب إليه الإمام أحمد هو الأرجح ؛ لمواظبة النبي _ على فعلها وقولـه : { صلوا كما رأيتموني
أصلي } وما ورد من إطلاق في بعض الأحاديث ، فهو محمول على المقيد . والله أعلم .




تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحيى النجميَ

[ المجلد الثاني ]


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [2]
[ المجلد الثاني ]


http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam2.pdf

التصفية والتربية

TarbiaTasfia@








رد مع اقتباس