عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 18-02-2013, 10:24PM
أم سفيان أم سفيان غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Oct 2012
المشاركات: 22
افتراضي فوائد من شرح القواعد الاربعة 01

بسم الله الرحمن الرحيم

شرح القواعد الأربعة 01
لصاحب الفضيلة الشيخ ماهر القحطاني
- حفظه الله تعالى -



مقدمة في فضل العلم والجلوس في مجالسه

قال أبو واقد: بينما النبي - صلى الله عليه وسلم - جالسٌ في المسجد والناس معه اذا أقبل نفر ثلاثة فأقبل اثنان وذهب الثالث. فوقف على النبي - صلى الله عليه وسلم - فأما أحدهما فوجد فرجة في الحلقة فجلس فيها وأما الآخر فجلس خلف الحلقة فلما أنتهى النبي - صلى الله عليه وسلم - من حديثه قال:

((ألا أخبركم بخبر الثلاثة؟ أما الأول) ويعني رسول الله الذي جلس في حلقة العلم وسد الفرج (فأوى إلى الله فآواه الله))

قال بعض شراح الأحديث: أي, ادخله الجنة.

وأما الآخر الذي جلس خلف الحلقة, فقال عنه النبي - صلى الله عليه وسلم -:
((وأما الآخر فاسحيا فاستحيا الله منه ))

وأما الآخر وهو الذي قام من مجلس العلم وأعرض عنه - نسأل الله العافية - زهدًا فيه, فقال عنه النبي - صلى الله عليه وسلم: ((وأما الآخر فأعرض فأعرض الله عنه)).

وإذا أعرض الله عن عبد, عباد الله, فكيف تكون له السعادة في الدنيا والفلاح في الآخرة؟

وبما جاء أيضًا في فضل حلق الذكر ومجالس العلم ما رواه الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة - رضى الله تعالى عنه - أن البني - صلى الله عليه وسلم- قال:

((وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه فيما بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده - سبحان وتعالى))

فيكفيك من هذا الفضل, يا عبد الله, الذي جاء في هذا الحديث الذي راوه مسلم - يكفيك في هذا الفضل أن الله يذكرك فيمن عنده - سبحانه وتعالى - ولو أن ملكًا من ملوك الدنيا علمت أنه ذكرك فيمن عنده لكاد قلبك يطير فرحًا وأُنسًا قائلًا في نفسك: أنها ما ستكون لحاجة إلا سهل الله علي قضاها من طريق ذلك الأمير أو الملك, فكيف إذا ذكرك ملك الملوك, علام الغيوب - سبحانه وتعالى - فيمن عنده؟! فذلك من باب أولى وأَحرى أن تفرح وأن تسعد بذكر الله - سبحانه وتعالى - لك.

وما روى أيضًا أبو داود في مسنده من حديث سهل بن الحنظلية - رضى الله تعالى عنه - قال, قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
((ما اجتمع قوم على ذكر ثم تفرقوا إلا قيل لهم: قوموا مغفروًا لكم ))

وهذا لعله - أيها الناس - سبب إنشراح الصدور عند مفارقة مجلس الذكر بعد الفراغ منها - أنه سببٌ في تكفير الذنوب لأن الذي يحسه الرجل من الشقاء الذي يخلق في قلبه إنما هو من جراء معصيته لربه - سبحانه وتعالى - فإذا غفرت تلك الذنوب زالت العلة وانشرح الصدر وفُرحت النفس. الا ترى انشراك عند انصارفك من عرفات وأنت تبيت في مزدلفة؟ فإن هذا موطن يرجى فيه أن يكون الله قد غفر لك- سبحان وتعالى - . فترى قلبك مرتحا مستريحا وأنت مستلقيا تريد أن تنام لتقوم تباشر أعمال أيام النهر.

وكما قال عبد الله مبارك:
رَأَيْتُ الذُّنُوبَ تَمِيتُ القُلُوب***فَقَد يُورِثُ الذُّلَ إِدْمَانُهَا

حَيَاة القُلُوبِ فِي تَرْكِ الذُّنُوب*** وَخَيْرٌ لِنَفْسِكَ عِصْيَانِهَا

إذا سبب ما يجده الرجل من ضيق ومن انقباض في قلبه كل ذلك بسبب مصيته لربه - سبحانه وتعالى -. كما قال ابن القيم:

إنَّ العبد اذا عصى الله سلط الله عليه جنديان لا ينفكان عنه حتى يتوب إلى الله. الجند الأول اسمه "الغم" الجندي الثاني اسمه "الهم" (( وَمَا يعلم جنود ربك إلا هو)).

وهذه رحمة للناس حتى يتوبوا إلى ربهم وخالقهم - سبحانه وتعالى - العبد لو ... قلبه قبل المعصية وبعدها فلم يجد حرارة لما وجد في نفسه اقبالا على التوبة ولكن الله أنعم علينا - سبحانه وتعالى - بحرارة تجدها في القلوب عند خشيان الذنوب. ولذلك ابن القيم لما سأل شيخه شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمة الله عليه - عن ذلك الدعاء

((وطَهِّرْنِي مِنَ الذُّنُوبِ ... بالْمَاءِ والثلج وَالْبَرَدِ))فما السبب في تخصيص الماء والثلج والبرد في هذا الحديث؟ فأَجابَ شيخه الإمام شيخ الإسلام - رحمة الله عليه - أنه لما كان للذنوب حرارة - يعني تخلق في القلوب - ناسب ذكر الماء والثلج والبرد في إطفائها أو إزالتها أو كما قال - رحمة الله عليه - . وأحسن من هذا كله قول الله تعالى في كتابه:

((مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ))


قال ابن عباس - رحمة الله عليه - في تفسير ((حَيَاةً طَيِّبَةً)): السعادة.

يعني يخلقها الله في قلب الطائع الذي جاهد نفسه في الطاعة وترك المعصية ويحرمها الله من قلب العاصي الذي اتبع هوائه وركب المعاصي فإن الله يخلق في قلبه من الشقاء بقدر ذنوبه...فكلما زاد ذنوبه زاد شقائه.

قال الله - تعالى-:

((وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِير))

إذن إذا أردت سببا في التكفير فالزم مجالس الذكر يا عبد الله فإنها سببٌ من أسباب غفران الذنوب كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما مضى ذكره في الحديث الذي رواه أبو داود في مسنده عن حديث سهل بن حنظلية - رضى الله تعالى عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :

((ما اجتمع قوم على ذكر ثم تفرقوا إلا قيل لهم: قوموا مغفروًا لكم ))

وحسبك هذا فضل من فضل مجالس العلم الذكر.

__________________



فاليومَ أبكي على ما فاتني أسَفاً، وهل يُفيدُ بُكائي حينَ أبكيهِ
واحسرَتاهُ لعُمرٍ ضاعَ أكثرُهُ، والويلُ إن كانَ باقيهِ كماضيهِ

التعديل الأخير تم بواسطة أم سفيان ; 18-02-2013 الساعة 10:43PM
رد مع اقتباس