عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 25-10-2007, 05:29PM
أبو عبد الرحمن السلفي1
عضو غير مشارك
 
المشاركات: n/a
[الأسئلة]
1/ يقول: بالنسبة لأهل البدع غير المكفرة هل يشهر بهم ويحذر منهم ومن آرائهم؟
الجواب: أن هدي السلف الصالح أنّ أهل البدع سواءً كانت بدعتهم مكفرة أو كانت بدعتهم ليست بمكفرة أنهم يلزم أن يبيَّن للناس من حالهم؛ لأجل أن لا يتعدى ضررهم إلى الناس، لأنه ما من مبتدع إلا وسيمارس بدعته، إن لم يدع إليها قولا دعا إليها فعلا، وهذا يتعين أن يُحمى الدين من هؤلاء؛ لأن حماية الدين وحراسة الملة أصل من أصول الإسلام وواجب من واجباته العظام على هذه الأمة، فلا بد أن تبقى في هذه الأمة طائفة تحرس هذا الدين من بدع المبتدعين، سواء أكانت بدع مكفرة أو كانت بدعهم غير مكفرة؛ لأن حماية الدين أغلى من حماية ورعاية الأشخاص، ومهما كان مقامهم في العلم، مقامهم في السلوك ونحو ذلك، فالسلف مازالوا ينكرون في وقتهم على من كان معروفا بالصلاح؛ أنكر الإمام أحمد على الحارث المحاسبي، أنكر الإمام أحمد على طائفة، بل أنكر الأئمة الواقفة في خلق القرآن، مع ما حصل في تلك الأزمنة من المحنة العظيمة.
فإذن هدي السلف الإنكار على أهل البدع، لكن هذا متوقف على شيء، وهو أن يثبت وصف البدعة لمن ينكر عليه، فإذا ثبت وصف البدعة على من ينكر عليه، بوصف أهل العلم الراسخين العارفين بالبدع، بوصفهم لذلك، فإنه ينكر عليهم، لا يكون مسألة البدع والابتداع محل اجتهادات فلان من الشباب يرى أن هذه بدعة والآخر لا يرى، إن اختلفنا في هذه المسألة من جنس المسائل الأخرى الرجوع فيها إلى أهل العلم، هل هذه بدعة أو لا؟ فإن من الناس من يكفر بما ليس بمكفر، ومنهم من يبدع من ليس بمبدع، وهكذا، فيجب أن يثبت العرش أولا مثل يقول القائل: أثبت العرش ثم أنقش، يعني أولا يثبت أنها بدعة بإثبات أهل العلم، ثم بعد ذلك ينكر على أصحابها إنكار أهل بدع.
هناك مقولة انتشرت ألا وهي أنه لا ينكر إلا على أهل البدع المكفرة، وهذه المقولة خطأ ومخالفة لمنهج سلف هذه الأمة من أصله.
2/ يقول: إذا كان لابد من فهم الحجة هل يعني هذا أنه لابد من ذكر الأدلة ووجه الدلالة ولا يكفي أن يقال إن هذا شرك أو بدعة أو حتى معصية أم لا؟
الجواب: الحكم ليس إقامة الحجة لمن ذكر حكم مسألة لواقع فيها لا يعتبر هذا إقامة للحجة حتى يبين له الحجة الرسالية، كما يعبر عنها أهل العلم يقولون إقامة الحجة هي إقامة الحجة الرسالية، ليس إقامة الحجة في رأي أحد؛ يعني تبيين له آيات من القرآن العظيم، تبين له الأدلة من السنة من كلام النبي ، ثم يبين له وجه دلالتها، ويبين له ذلك من هو عارف بأوجه الاستدلال فاهم لذلك، فإذا بُيِّن له ذلك من هو عارف بأوجه الاستدلال فأصر ولم يستجب فقد أقيمت عليه الحجة، وإقامة الحجة مختلف فبعض المسائل لا يكفي في إقامة الحجة فيها فعل الواحد من أهل العلم، بل لابد أن تجلى مسائلها وذلك لكونها غامضة، فإقامة الحجة تبع لأصل المسألة.
فإذا كانت المسألة واضحة كانت إقامة الحجة فيها أسهل وأيسر مثل كون الاستغاثة بغر الله جل وعلا من الأصوات شرك هذه ظاهرة واضحة، الأدلة عليها ما تحتاج مزيد بيان ومتابعة في ذلك.
لكن هناك مسألة غلِط فيها طائفة من أهل العلم، وهي طلب الشفاعة من النبي  شرك أم لا؟ هذه المسألة إقامة الحجة فيها يجب أن يكون بأبلغ من إقامة الحجة في الأولى؛ لأن تلك واضحة بينة، وأما هذه ملتبسة فيكون إقامتها بإقامة الدلائل وإيضاحها وتوالي ذلك وتصنيف المصنفات ونحو ذلك حتى تقام وتبين؛ لأنها فيها نوع اشتباه عند كثير من الناس، لاشك أنه من قال بها وهم قلة أن قولهم خطأ وقول ضعيف لا يلتفت إليه، بل هي من جنس غيرها طلب الشفاعة من النبي  ومن جنس طلب غير الشفاعة من الدعاء وغيره، بل إن الشفاعة معناها أن تطلب من النبي  أن يدعو؛ أن يكلم الطالب من النبي أن يدعو له، وهذا طلب ودعاء ولهذا نحتاج إلى مزيد بيان.
فإذن إقامة الحجة له مراتب مختلفة، فكلما كانت المسألة أكثر اشتباها كانت إقامة الحجة فيها لابد أن يكون أكثر وأبلغ، وهذه المسألة نصّ عليها وذكرها أئمتنا منهم الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله في فتاويه.
3/ سؤال يتعلق بالدعوة لكن سؤال يكثر، يعني بعض الأسئلة ما أحب أن أجيب عنها لكنه إذا ردد السؤال مرارا يعني كأنه فيه حاجة إلى الجواب، هذا السؤال يقول صاحبه: هل وسائل الدعوة توقيفية أم لا؟ من أتى بوسيلة لم يأتِ بها النبي صلى الله عليه وسلم هل يكون من التقدم بين يدي الله ورسوله، ويكون مبتدعا؟
يهمنا الطرف الأول من السؤال. هل وسائل الدعوة توقيفية؟
إذا قيل إن وسائل الدعوة توقيفية فهذا غلط، وإذا قيل إن وسائل الدعوة اجتهادية فهذا غلط، والصواب التفصيل:
أن من وسائل الدعوة ما هو توقيفي ومن وسائل الدعوة ما هو اجتهادي، وبسط جواب هذا السؤال يحتاج إلى مقام أوسع لبيان أصوله من كلام أهل العلم وقواعدهم، لكن يُضرب مثال لذلك وهو أنّ:
التسجيل مثلا وتصنيف الكتب، هذا لم يكن في عهد النبي  ولكنه وسيلة نافعة، لم؟ لأن الأصل فيها الجواز، وهذا من جنس كثير من الوسائل التي عمل بها أهل العلم لما لم يكن في الزمن الأول، فهذه تكون وسائل اجتهادية.
القسم الثاني وسائل لا يجوز فيها الاجتهاد، بل يجب أن يكون فيها توقيف وتلك الوسائل هي ما كان في الشرع ما يغني عنه، ما كان في السنة ما يدل على طريقة من الطرق، التربية مثلا للدعوة، ثم يأتي آت ويخالف تلك الطريقة إلى طريقة أخرى محدثة ويدعو بها، خاصة إذا كانت تلك الطرق مما عمل به بعض المبتدعة، من مثل ما يسمونه في زمن الإمام أحمد والشافعي ((التغبير))، التغبير نوع من الأشعار التي يُزهد بها الناس؛ يزهد فيها الناس بالدنيا ويرغبون فيها بالآخرة، كانت تُلقى على الناس على وجه فيه ألحان، وربما صاحبها طرق الجلود القديمة حتى ينفضّ عنها الغبار فسمّيت تلك الطريقة تغبيرا، أهل السنة أنكروها، وقالوا إنها بدعة، ونحو ذلك من كلامهم، بل أقاموا على أصحابها الحجة بأن هذه مخالفة للسنة ومخالفة للهدي لم؟ لأن المقصود من تلك الوسيلة هي ترقيق قلوب الناس والشرع؛ القرآن والسنة إنما أتى لترقيق قلوب الناس، فإذا أُحدثت طريقة في هذه المسألة وهي الترقيق والترغيب، غير الطريقة الأولى، فإنها ولو كانت نافعة في الدعوة، لكنها وسيلة محدثة وتلك الوسيلة ليس بابها الاجتهاد، والتغبير من جنس ما يكون في هذا الزمان من الأناشيد الصوفية ونحو ذلك ممن تأثر بهم من الأناشيد وغيرها، هذه مشابهة للتغبير الأول الذي نهى عنه أهل العلم.
المقصود إن تفصيل هذه المسألة يحتاج إلى مزيد بيان، لكن أصلها أن مسائل الدعوة منها ما هو توقيفي ومنها ما هو اجتهادي.
ومثل هذه المسائل التي هي أصول ينبغي أن يسأل طلاب العلم فيها وأهل الدعوة يسألون فيها أهل العلم؛ لأن ميزة المتبعين لسلف هذه الأمة أنهم لا يقدمون رأيا على حكم الشرع، وإذا كان كذلك فإذا اشتبهت مسألة: هل يسوغ لنا أن نأخذ بها أم لا؟ يسأل أهل العلم، فإذا أفتى أهل العلم بالجواز كانت جائزة، وإذا أفتى أهل العلم بالمنع كانت ممنوعة، فيكون المرء قد خرج عن رأيه في المسألة، واتبع كلام أهل العلم، متبعا في ذلك قول الله سبحانه و﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾( ).
4/ هذه عدة أسئلة أختار منها واحد، يقول: ما معنى قولهم لابد من إقامة الحجة من انتفاء الموانع وثبوت الشروط؟
انتفاء الموانع وثبوت الشروط، لا أعلم –ربما القصور- أنها جعلت تبعا لمسألة إقامة الحجة، وإنما جعلت هذه في مسائل الأحكام والأسماء؛ يعني هل يكفر؟ الكفر متى يطلق؟ البدعة متى تطلق؟ الفسق متى يطلق؟ ونحو ذلك، هذه من الأسماء، وهذه الأوصاف عي التي قال فيها أهل العلم لا بد حين إطلاقها على المعين أن تجتمع الشروط وأن تنتفي الموانع، أما في إقامة الحجة فلا أذكر أحدا في ذلك.
5/ ما معنى قولهم قامت الحجة ببعثة النبي  ؟
نعم الحجة ببعثة النبي  قامت على العالمين، على العالمين جميعا ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾[الأنبياء:107]، والنبي  بُعث للناس أجمعين، قد قال عليه الصلاة والسلام «لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم لا يؤمن بي إلا أدخله الله النار»وسمعتُ من كلام العلامة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني أنه قال في شرح هذا الحديث -سمعتُ منه مشافهة- أنه قال: (لا يسمع بي أحد من هذه الأمة) هذا كقول النبي  «من رآني في المنام فقد رآني»، ذلك أنه يعني في تفسير حديث المنام أنه من رآه على صورته التي خلقه الله جل وعلا عليها، وقوله في الحديث (لا يسمع بي) يعني بي على ما بعثني الله جل وعلا عليه، فإذا كان هناك سماع محرّف، سماع ليس فيه وصف لما جاء به النبي جل وعلا على ما جاء به النبي فهو من جنس رؤية النبي  على غير صورته، فلا يكفي ذلك في معرفة الحق. وهذا من الشيخ كلام نفيس فيما أحسب؛ لأنه لابد أن يكون في إيضاح الحجة وإقامتها أن يكون الدين واضحا، لا يكفي أن يسمع ببعض الحجة ولا يفهم يعني ولا تقام عليه بدلائلها، لا يكفي أن يسمع شيئا والتشويشات عليه، بل لا بد أن يسمع اليهود والنصارى ونحوهم أن يسمعوا ببعثة النبي  على ما بعث به، فإذا كان منهم من سمع هذا الكلام، من سمع عن النبي  سماعا، لكن ما عرف دينه ما عرف ما جاء به حقا كما يبلغه أهل العلم، إذا ما عرف القرآن وما أقيمت عليه الحجة من وجه آخر، هذا لا يقال أنه أقيمت عليه الحجة الرسالية، لكن هذا إنما نعني به طائفة من الذين ربما ما سمعوا بالنبي  أو سمعوا به سماعا محرفا هذا قد ينجيهم، ويُبعث لهم يوم القيامة رسول من أطاعه دخل الجنة ومن عصاه دخل النار، إذا كان لم يسمعوا بالإسلام الذي بعث الله جل وعلا به نبيه محمدا ، كذلك المشركون في هذه الأمة إذا سمعوا شيئا مثلا في بعض البلاد يسمعون شيئا من أخبار أهل السنة، مثلا جماعة أنصار السنة في البلاد التي فيها شرك، يسمعون شيئا من أخبارها لكن ما أقيمت عليهم الحجة بمعني بينت لهم الدلائل فهل السماع يكفي، هذه مسألة اختلف فيها أهل العلم، وأئمة الدعوة قالوا إن السماع بدعوة محمد بن عبد الوهاب لا يكفي إلا في الجزيرة؛ لأنها ظهرت –يعني في وقتهم- الدعوة ومشت في الفتوح وبينت للناس في ذلك في جميع بلاد الجزيرة، وأما في غيرها فإذا كان لم يُسمع بالدعوة فلا بد من إقامة الحجة، هنا إذا لم تقم الحجة عل يكفر عبدة القبور أم لا؟ الجواب نعم، من قام به الشرك فهو مشرك، الشرك الأكبر من قام به فهو مشرك، وإنما إقامة الحجة شرط في وجوب العداء، كما أن اليهود والنصارى نسميهم كفار، هم كفار ولو لم يسمعوا بالنبي  أصلا، كذلك أهل الأوثان والقبور ونحو ذلك من قام به الشرك فهو مشرك، وترتَّب عليه أحكام المشركين في الدنيا، أما إذا كان لم تقم عليه الحجة فهو ليس مقطوعا له بالنار إذا مات، وإنما موقوف أمره حتى تقام عليه الحجة بين يدي الله جل وعلا.
فإذن فرق بين شرطنا لإقامة الحجة، وبين الامتناع من الحكم بالشرك، من قام به الشرك الأكبر فهو مشرك ترتب عليه آثار ذلك الدنيوية، أنه لا يستغفر له ولا تؤكل ذبيحته ولا يضحى له ونحو ذلك من الأحكام، وأما الحكم عليه بالكفر الظاهر والباطن فهذا موقوف حتى تقام عليه الحجة، فإن لم تقم عليه الحجة فأمره إلى الله جل وعلا.
هذا تحقيق كلام أهل العلم في هذه المسألة وهي مسألة مشهورة دقيقة موسوعة بمسألة العذر بالجهل.
6/ قول العلماء ما هو معلوم من الدين بالضرورة وما ليس معلوما من الدين بالضرورة؟
هذا ليس تقسيما لإقامة الحجة هذا تقسيم لما يكفر به المؤمن، يرتد به المسلم من المسائل التي ينكرها، فأهل العلم يقولون إذا أنكر معلوما من الدين بالضرورة فهذا يكفر، أما إذا لم ينكر معلوما من الدين بالضرورة؛ المسائل التي يخفى دليلها فلا بد من التعريف، من المسائل التي اختلف فيها أهل العلم، هذا يمنع من التكفير، حتى ولو اعتقد إباحتها مثل مثلا الحنفية رحمهم الله يرون إباحة النبيذ أعني متقدميهم يرون إباحة النبيذ، مع أن الدلائل من السنة على تحريمه ظاهرة، مع ذلك أهل العلم لم يكفروهم؛ لأنهم اعتقدوا ذلك، لأنهم كانت لهم شبهة في هذا، فهُم ما أباحوا الحرام الذي يعلمون أنه حرام، وإنما أباحوا ما اعتقدوا أنه حلال، فلم يكفرهم أهل العلم بذلك، كذلك المسائل التي تجدّ في كل عصر من المسائل المختلف فيها، ولو كان هناك قول شاذ أو ضعيف في المسألة فهذه شبهة تدرأ التكفير.
هناك بعض المسائل يكون أصلها معلوم من الدين بالضرورة وأما أفرادها فتكون مختلفا فيها، مثل الربا أصله في القرآن بلا شك، فمن زعم أن الربا مباح فهو كافر بالله جل وعلا، لكن بعض صور الربا بعض أهل العلم يقول هذا من الربا، وآخرون يقولون هذا ليس من الربا، فإذا اختلف الناس يعني من أهل العم في صورة هل هي من الربا أم لا؟ فهذه شبهة تمنع من التكفير، هذا أصل عند أهل السنة نبّه عليه شيخ الإسلام رحمه الله في غير ما موضع.
7/ بعض الأسئلة ما أفهم المراد منها تماما فأتركها، قال تعالى ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا﴾[الإسراء:15]، وقال تعالى ﴿لِئلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ﴾[النساء:165]، يستدل بذلك بعض الجماعات بأن الحجة قامت على الناس بإرسال خاتم النبيين والمرسلين، ويستنبطون من ذلك تكفير كل من ارتكب ما يكفره بدون إقامة حجة عليه، فما رأيكم في هذا القول؟
هذا أوضحناه مرارا من أنه لا يكفي في إقامة الحجة ببعثة النبي  في كل مسألة الناس خالفوا فيها الأصل الذي جاء به عليه الصلاة والسلام، بل مثل ما قلت لكم المسائل تقسم ما يعلم من الدين بالضرورة وما لا يعلم من الدين بالضرورة، المسائل تقسَّم إلى أشياء واضحة جلية تكون إقامة الحجة فيها سهلة، وأخرى تحتاج إلى إقامة حجة تلوى حجة، الذين يكفِّرون الناس بهذا الأمر هؤلاء خارجون عن السنة هؤلاء من جنس الخوارج، بل الخوارج كما هو معلوم لا يزالون يخرجون إلى قيام الساعة حتى يقاتل آخرهم مع الدجال والعياذ بالله، فهؤلاء هم الذين يكفرون الناس بالمعصية أو يكفرون الناس بدون إقامة للحجة بما يبيّنه أهل العلم.
إنما عندهم هوى فيكتفون بأصل بعثة النبي  عن إقامة الحجة.
8/ أيضا في مسألة إقامة الحجة يقول: الذين خالفوا أئمة الدعوة رحمهم الله في فهمهم للحجة هل لم يعلموا قول الأئمة في إقامة الحجة؟
لا، الذين أقيمت عليهم الحجة عُلموا وبينت لهم برسائل خاصة، بمصنفات، بمناظرات أقيمت، بينت لهم الأدلة، وجه الاستدلال، هدي سلف هذه الأمة، بينت لهم الأدلة من الكتاب والسنة بين لهم الهدى أوضح لهم ذلك تماما، فإذا كان عرض لهم شيء من أن ما عندهم من الحجج أظهر، فهذا يكون عقوبة لهم، الحجة أقيمت عليهم، فليس كما ذكرت من الشرط أن تفهم الحجة فهم استجابة، بل يكفي أن تقام الحجة ولو قال لم أفهمها، فهذا ليس مانع من أن يكون أقيمت عليه الحجة، فإقامة الحجة معناها إبانة المسألة بدلائلها الواضحة الخالية عن معارضة واضحة ظاهرة، أما جنس المعارضات مثلا بأحاديث ضعيفة، بأحاديث موضوعة، بأوجه من فعل أهل العلم، بإقرار بعض الناس لبعض بتلك الشركيات وتلك المنكرات فهذه ليست بحجة ترد بها الأدلة.
نختم بهذا وأسأل الله لي ولكم لتوفيق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد. ( )
[المتن]
(المسألة السابعة عشرة) نسبة باطلهم باطلهم إلى الأنبياء، كقوله ﴿وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ﴾[البقرة:102]، وقوله ﴿مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا﴾[آل عمران:67].
(المسألة الثامنة عشرة) تناقضهم في الانتساب ينتسبون إلى إبراهيم مع إظهارهم ترك اتباعه.
(المسألة التاسعة عشرة) قدحهم في بعض الصالحين بفعل بعض المنتسبين إليهم كقدح اليهود في عيسى وقدح اليهود والنصارى في محمد .
(المسألة العشرون) اعتقادهم في مخاريق السحرة وأمثالهم أنها من كرامات الصالحين ونسبته إلى الأنبياء كما نسبوه إلى سليمان عليه السلام.
[الشرح]
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه، أما بعد:
فالمسألة السابعة عشرة من المسائل التي خالف فيها الرسول  أهل الجاهلية، وأهل الجاهلية المراد بهم كلّ من كان على غير دين الإسلام، سواء كان من المشركين أو من أهل الأديان المحرّفة أو المنسوخة أو من أهل الأديان المبتدعة، هذا تذيكر بما قاله الشيخ في أول الكتاب.
فمن ما كان عليه المشركين من الجاهلية ومن المشركين ومن اليهود والنصارى أنهم كانوا ينسبون باطلَهم إلى الأونبياء، إذا فعلوا فعلا نسبوه إلى الأنبياء ليكون حجة ولتلقى عنهم التبعة.
المشركون؛ مشركوا العرب كانوا ينتسبون إلى إبراهيم عليه السلام ويعتقدون أن كثيرا من الدين الذي هم عليه كان عليه إبراهيم عليه السلام، ويستدلون بذلك على صحته.
وكذلك كان اليهود وكذلك كان النصارى.
قال الله جل وعلا في الصنف الأول ﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾[النحل:120]، وقال ﴿ وَمَا كَانَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ ﴾( ).
وقال جل وعلا في إبطال دعوى أولئك ﴿مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا﴾[آل عمران:67].
كذلك كان أولئك الجاهليون ينسبون باطلهم وما هم عليه من الضلال الذي لم تأمر به الرسل مطلقا من مثل السحر ينسبونه إلى بعض الأنبياء كما مرّ معنا في نسبتهم ذلك إلى سليمان عليه السلام، قال جل وعلا ﴿وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ﴾[البقرة:102]، ولهذا كان السحرة السابقون لبعثة النبي  ينسبون سحرهم وما تعلموه من السحر إلى سليمان عليه السلام، كما قال هنا (وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ)؛ لأن سليمان عليه السلام لم يأمر بالسحر ولم يرض به، وإنما فعلت الشياطين ما فعلت بأنْ دسَّت كتب السحر تحت كرسيه حتى لما مات أُستخرج ذلك ونُسب لسليمان عليه السلام، قال تعالى (وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ) يعني بما أملوه في الكتب وجعلوه مستورا مركوما ودفن تحت كرسي سليمان ثم استخرج بعد موته.
كذلك اليهود والنصارى الجميع يقول إنّ إبراهيم عليه السلام الذي هو إمام الحنفاء ووالد لأنبياء والرسل عليهم جميعا صلوات الله وسلامه، ينسبون إبراهيم عليه السلام إليهم، فاليهود يقولون إن إبراهيم كان يهوديا، والنصارى يقولون إن إبراهيم كان نصرانيا؛ يعني كان على اعتقاد اليهود المتأخر الذي أُحدث، فاليهود أحدثت اعتقادات، وأحدثوا أنواعا من الباطل، يقولون أن إبراهيم كان على ذلك الاعتقاد الذي وضعه علماؤهم بعد موسى عليه السلام، كذلك النصارى ينسبون إبراهيم الخليل إليهم، وكذلك المشركون، فردّ الله جل وعلا دعوى الجميع بقوله ﴿مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ﴾[آل عمران:67]، فأبطل دعوى المشركين في نسبة باطلهم إلى إبراهيم، وأبطل دعوى اليهود في نسبة باطلهم إلى إبراهيم، وأبطل دعوى النصارى في نسبة باطلهم إلى إبراهيم عليه السلام.
وهذا الأمر ألا وهو نسبة الباطل إلى الأنبياء لمِا كان عليه أهل الجاهلية هذا كثير في هذه الأمة، ما من دعوى مضِلَّة في هذه الأمة إلا وأصحابها ينسبونها للنبي ؛ لأنه من أجمع عليه أنه لا يجوز الإتيان بدين لم يكن عليه النبي ، كأهل الضلالات والأهواء المختلفة في هذه الأمة كل ينتسب في دينه إلى النبي :
الخوارج أول ما خرجت قالت نحن المنتسبون إلى النبي  والصحابة كفروا بمحمد عليه الصلاة والسلام لأنهم لم يقيموا الدين الذي جاء به.
وكذلك الرافضة فعلت ذلك، وهكذا كل نحلة تنسب باطلها إلى النبي  ليكون ذلك أقوى لها، وأيضا لأنهم كان عندهم بعض الشبه في ما راموه وما ذهبوا إليه من المسائل.
كذلك المتكلمون والصوفية ونحوهم مما ذكرنا سالفا مرارا في شرح هذه المسائل كل ينتسب إلى النبي .
ونسبة الباطل إلى الأنبياء يكون على طريقين:
الطريق الأولى: أن ينسب الباطل إلى الأنبياء بأنهم فعلوه وأنهم اعتقدوه.
والثانية: أن ينسب الباطل إلى الأنبياء يعني إلى أنه من دينهم.
وهذا هو الذي حصل في هذه الأمة فكان بعض هذه الأمة نسب باطله إلى النبي  اعتقادا وفعلا مثل ما فعل طائفة من المتكلمين أكثرهم وأهل البدع في مسائل الاعتقاد نسبوا إلى النبي عليه الصلاة والسلام كان على هذا الاعتقاد، وكذلك أهل التصوف يقولون إن النبي عليه الصلاة والسلام كان على ما يفعلونه، وهذا كان مشهور من بعض أسانيدهم في لبس الخرقة [الشركية] المعروفة بإسناد معروف، فيقولون إن أول من ألبسها هو النبي عليه الصلاة والسلام، وهذا من جنس ذلك الباطل الذي كان عليه أهل الجاهلية في أنهم يبتدعون دينا يقولون إن النبي عليه الصلاة والسلام فعله، وهذا ولا شك مما يروج ذلك الباطل عند الجهلة إذا كان نسبه إلى النبي  موسوما بالصلاح أو موسوما بالعلم، هذه الجهة الأولى.
والثانية أنهم ينسبونها إلى النبي عليه الصلاة والسلام استنباطا لم يكن فعله، وهذا أكثر في هذه الأمة فإنه في المسائل التي لم يظهر النص فيها تماما، ويكون عند بعض السلف فيها شبهة في بعض مسائل الصفات والإيمان والقدر ونحو ذلك، ومسائل الأسماء؛ أسماء الكفر البدعة الفسوق وما أشبه ذلك، والأحكام والوعد والوعيد ونحو ذلك، هذه ينسبونها إلى النبي  استنباطا، لا يقولون أن النبي  قال هذا نصا أو اعتقد هذا نصا، لكن يقولون هذا يستنبط من فعله عليه الصلاة والسلام وما كان عليه.
فطائفة من ضلال هذه الأمة ينسبون باطلهم إلى النبي  بالأمر الأول وطائفة ينسبون إليه عليه الصلاة والسلام بالأمر الثاني.
ولهذا كل أحد في هذه الأمة لا يخرج من الفرق الاثنين والسبعين، فقد لا يخرج في انتسابه للكتاب والسنة، فكل يقول إننا على الكتاب والسنة، وسواء في ذلك ما كان من دينهم صوابا أو ما كان خطأ وضلالا، فالكل يقول نحن ننتسب إلى الكتاب والسنة، ولهذا اعتنى أئمة الإسلام من سلف هذه الأمة بالتنصيص على شيء زائد على اتباع الكتاب والسنة، ألا وهو اتباع سلف هذه الأمة لأنّ نسبة الباطل إلى الأنبياء كثر في الأمة جدا، نسبة الباطل إلى النبي عليه الصلاة والسلام كثر في هذه الأمة جدا، حتى إنه لا يُعجز من كان عنده هوى أن يستخرج من نصوص الكتاب والسنة ما يدل على بدعته وما يؤيد به نحلته، وقد أطنب الشاطبي رحمه الله في الموافقات في ذكر هذه المسألة وكذلك في الاعتصام، وبين أن النصارى احتجوا على المسلمين بخصوص بعثة النبي  بقوله تعالى ﴿وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ﴾[الشعراء:214]، وبين أيضا أن من هذه الأمة من قال إنه لم يرد في القرآن تحريم للخمر وذلك لأن الله جل وعلا قال ﴿فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾[المائدة:90] ولم يحرمها تحريما.
وكذلك ما استدل به الخوارج واستدل به المرجئة في مسائل الوعد والوعيد، فالخوارج غلو في التكفير والمرجئة جفوا في النصوص حتى أدخلوا في الإيمان والإسلام من ليس مسلما ولا مؤمنا وأخرجوا العمل عنه.
كلٌّ يأخذ من نصوص الكتاب والسنة ما يدل على بدعته، وذلك لأن الله جل وعلا ابتلى الناس بالنبي عليه الصلاة والسلام وبفهم الدين الذي جاء به الذي لا .... ( )، فنصوص الكتاب والسنة قد يكون بعضها يشتبه على من لم يكن من الراسخين في العلم، بل قد يشتبه على كثير من طلبة العلم، فابتلى الناس جل وعلا باتباع النبي عليه الصلاة والسلام فهو الموضح للشريعة، ولما كان أحاديث النبي عليه الصلاة والسلام لبيان القرآن ليست مبنية بكاملها، بل قد يكون من يُبيّن منها الآيات وكان في حديثه عليه الصلاة والسلام ما فيه نوع اشتباه، احتجاج الناس إلى صحابة رسول الله  في بيان الدين الحق وفي بيان ما يضاده، وهكذا يحتاج الناس إلى أهل العلم، فإن الله جل وعلا قال ﴿هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ﴾[آل عمران:7]، وتلك المتشابهات تشتبه على بعض الناس دون بعض، فإذا كان هناك في كلام الله ما هو مشتبه لا يفهمه كثير من الناس، وما اشتبه على طائفة يعني الذي اشتبه على طائفة من أهل العلم فكلام رسول الله عليه الصلاة والسلام أولى أن يكون فيه اشتباه، وهذا حصل بالفعل، فالأحاديث قد يكون بينها تعارض، بينها اختلاف، أحاديث فيها رجاء، وأخرى فيها تخويف، أحاديث فيها وعد وأخرى فيها وعيد، وأهل العلم هم الذين يحملون بعض الكلام على بعض، يجعلون أحاديث النبي عليه الصلاة والسلام بعضها يفسر بعضا، من أهل الأهواء نسبوا أباطيلهم إلى النبي عليه الصلاة والسلام من جرّاء الاستدلال بالمتشابهات، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام في الحديث المشهور «فإذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم» (فاحذروهم) لم؟ لأنهم اختلفوا في الكتاب واستدلوا بالمتشابه منه، وهكذا استدل من استدل بآيات من الكتاب، وأحاديث من أحاديث النبي  تأييدا لباطلهم، فكل من أهل الأهواء في هذه الأمة يستدل على باطله بما كان عليه النبي ، أو بما قاله عليه الصلاة والسلام أو ببعض نصوص الكتاب، ولهذا احتاجت الأمة أعظم حاجة إلى صحابة النبي ، لكي يبينوا للناس تلك النصوص، فضلَّ الخوارج أول ما ضلوا في آيات الأسماء وآيات الوعد والوعيد وفي أحاديث النبي  في الأسماء وفي الوعد والوعيد، فبيّن الصحابة ما يعنى بذلك، فضلوا في بيان مسألة الحكم بغير ما أنزل فكفروا بها، والصحابة رضوان الله عليهم بينوا لهم الصواب في ذلك.
وهكذا لم يزل الناس محتاجون إلى صحابة رسول الله  في بيانه، لهذا كان أئمة الإسلام ينتسبون إلى الجماعة، ينتسبون إلى السنة والجماعة، ولا يكتفون بنسبتهم إلى السنة؛ لأن النسبة إلى السنة يدخل فيها كثير من أهل البدع في مقابلة الرافضة، وأما السنة والجماعة فإنها تلخص الطريق الذي يكون أتباعه ويكون معتقدوه على طريقة الصحابة وعلى طريقة الجماعة قبل أن تظهر الأهواء وقبل أن تفسد العقول والقلوب.
كذلك احتاج إلى أسماء يُميّزهم منها الانتساب إلى السلف، إلى الأثر إلى الجماعة، إلى الحديث ونحو ذلك، مما يميز أهل الحق من غيرهم من أهل الأهواء، وتجد في عصور هذه الأمة في كل القرون المتقدمة لا يعزب أحد أن ينسب شيئا من باطله إلى الكتاب والسنة، بل قد يجد من نصوص أهل العلم ما يدل لباطلهم، فيكون نسب باطله إلى النبي عليه الصلاة والسلام إلى بعض أئمة أهل العلم، وأهل السنة يقولون إذا كان في كلام النبي  ما هو مشتبه، فكذلك يكون في كلام أهل العلم ما هو مشتبه، لا يفهمه إلا أهل العلم الراسخون، فإذا كان من الناس من ليس بذي رسوخ في العلم، ربما يجد في نصوص أهل العلم ما لا يتضح المراد منه حتى نصوص أئمة أهل السنة والجماعة.
ولهذا يحتاج في فهمه إلى عرضه على أهل العلم، إلى عرضه على كلامه في مواضع أخر من كلام ذلك العالم، إلى عرضه على نصوص الكتاب والسنة، وهذا لا يكون إلا من أهل العلم.
فإذن الكلام المشتبه المشتبه قد يوجد في كلام أهل العلم بمعنى يشتبه معناه، لا يتضح المراد منه، قد يوجد هذا في كلام أهل العلم، بل إنه موجود وكثير.
لهذا اعتنى أئمة الإسلام أئمة أهل السنة والجماعة ببيان الأصول التي من خالفها فقد خالف النبي عليه الصلاة والسلام وخالف صحابته، أصول مجمع عليها وهي التي سمّوها معتقد أهل السنة والجماعة العقيدة السنة يعني العقيدة، الشريعة يعني العقيدة، ونحو ذلك، فصنفوا مصنفات في ذلك، التي تزيل أي باطل نُسب إلى النبي عليه الصلاة والسلام أو إلى بعض المتقدمة.
وهكذا تجدون في كل زمان بحاجة؛ بل في أشد الحاجة لأن تكون النسبة إلى النبي عليه الصلاة والسلام وإلى صحابته ونزيد إلى أئمة أهل السنة والجماعة، لم؟ لأن بعض كلمات الصحابة قد لا تكون وافية منقولة إلينا في كل المسائل فنحتاج إلى فهم أئمة أهل السنة والجماعة لفهم كلام الله، كلام رسوله ، كلام صحابة النبي عليه الصلاة والسلام.
وبهذا يتضح الطريق النهج الصواب، وتبطل به طرق الضلالات المختلفة.
فإذن ما يُتخلق به من هذه الخصلة من خصال أهل الجاهلية. أن يُلتزم طريق السنة والجماعة وطريق أئمة الإسلام.
فإذن عندنا الكتاب والسنة، واتباع سلف هذه الأمة، ألا وهو صحابة رسول الله  ومن تبعهم بإحسان، والإقتداء بأئمة أهل السنة والجماعة الذين هم على النهج الذي لا اشتباه معه ولا يخرج عنه إلا صاحب خطأ أو صاحب هوى.
المسألة الثامنة عشرة وهي أنّ أهل الجاهلية يتناقضون في الانتساب، فينتسبون إلى إبراهيم عليه السلام مع مخالفتهم لدينه، وذلك كثير في اليهود والنصارى وفي الجميع، في جميع من تبع الأنبياء هم متناقضون من جهة أنهم ينتسبون نسبة نبي من الأنبياء وإلى رسول، وهم يخالفون ما أمر به وجاء به.
وقد أوضحنا في كتاب فضل الإسلام هذه المسألة بتفصيل، وذلك أنّ إمام الدعوة رحمه الله عقد لها باب في باب ما جاء عن الخروج عن دعوى الإسلام وأن المنتسب إلى الحق والهدى إلى النبي عليه الصلاة والسلام بل إلى الإسلام هذا يلزمه أن يكون انتسابه صحيحا، وإلاّ لكان دعوى؛ لكان تناقضا، مثل ما قال الشيخ هنا.
فإذن إذا كان الانتساب إلى الكتاب والسنة وإلى ما كان عليه سلف هذه الأمة ثم خالف ذلك في غير شبهة وغير تأويل فإنه يكون قد تناقض في ذلك الانتساب، إذا لم يكن هناك شبهة وتأويل في بعض المسائل فإنه يكون تناقض في الانتساب، ينتسب إلى الكتاب والسنة وإلى الصحابة إلى السلف وهو ليس على ذلك النهج يطلب غيره فإن دعوى الانتساب لا تنفعه؛ لأن أهل الجاهلية انتسبوا إلى إبراهيم، وكان ذلك أعظم ما يفخرون به ولم ينفعهم ذلك.
فإذن قول الشيخ هنا (تناقضهم في الانتساب) تنبيه على هذه المسألة المهمة وهي أن المنتسب لا يشرك في مجرد الانتساب، بل يشرك بصحة الانتساب إذا كان انتسابه صحيحا على الدين والهدى الذي كان عليه النبي عليه الصلاة والسلام فإن ذلك شرف له وهو بذلك محق، أما إذا كان ينتسب وهو يخالف فلا تنفعه تلك النسبة مهما علا صوته بها.
وهذا فيه إبطال لما دخل في هذه الأمة من جراء هذا الانتساب، وبيان أن ذلك من جنس ما كان عليه أهل الجاهلية، ينتسبون إلى النبي عليه الصلاة والسلام وهم يخالفونه في أبواب الاعتقاد وفي أبواب العمل والسلوك والأخلاق وغير ذلك، ينتسبون إلى الصحابة وهم يخالفون نهجهم، ينتسبون إلى الكتاب؛ إلى القرآن وهم يخالفون ما جاء في القرآن، وهذا كثير جدا في كل صاحب هوى وبدعة لا يخلو من التناقض؛ لأنه إنما عصم كتابه من التناقض، وعصم الرسول  فيما أخبر به من التناقض، وهكذا، فالأمر المعصوم هو ما دل عليه الكتاب والسنة وما كان عليه صحابة رسول الله عليه الصلاة والسلام أجمعون، هذا هو السالم من التناقض، أما غيره من الطرق فإن صاحبه لابد أن يتناقض، تجده في مسألة يحكم بالكتاب والسنة وما كان عليه السلف، وأخرى تراه ينقض بعض الشيء ويخرج عنها، وهذا قد تقدم بيانه مرارا فلا مزيد الكلام عليه.
المسألة التاسعة عشرة هي أنهم يقدحون في بعض الصالحين بفعل بعض المنتسبين إليهم، وذلك من مثل ما قدح اليهود في عيسى، ومن مثل ما قدح المنافقون والمشركون في النبي عليه الصلاة والسلام من جرّاء فعل بعض الصحابة ونحو ذلك، وهذا ظاهر بيّن في أنّ صاحب الهوى يتلمّس ما يُبطل به حجة من جاءه بالهدى وما يُضعف به مكانَه، وقد يكون ذلك عن طريق القدح في الأتباع، إذا لم يجد طريقا على صاحب الدعوى؛ على النبي عليه الصلاة والسلام، على أحد من أهل العلم، إذا لم يجد طريقا قدح في الأتباع ليكون قدحه في الأتباع قدحا في المتبوع، وهذا كان في المشركين كما سمعتم، وكان عند اليهود وعند النصارى وعند أصحاب كل النِّحلات؛ لأنّ من أسهل الطرق؛ لأنّ الأتباع ليسوا بمعصومين فلابد أن يحصل منهم غلط، لابد يحصل منهم قصور، فإذا أُبطل الحق بفعل الأتباع صار ذلك نوع هوى، بل هو هوى باطل، وهذا جاء في طوائف في هذه الأمة.
من أظهر الأمثلة على ذلك ما فعله بعض الناس من نسبة كثير من الباطل إلى الإمام أحمد رضي الله عنه بفعل بعض الجهلة من أصحابه المتأخرون؛ يعني الذين كانوا بعده بنحو قرن من الزمان، فإن الحنابلة مثلا كانوا بعد زمن الإمام أحمد يعني تلامذة الإمام أحمد كانوا على عقيدته وعلى طريقته في الاعتقاد وفي السلوك، بعد ذلك صار عند طائفة من الحنابلة من عوامهم وبعض طلبة العلم صار عندهم خروج عن طريقة الإمام أحمد في بعض مسائل المعتقد وفي بعض مسائل السلوك يعني معاملة الناس، ومن الأمثلة الظاهرة على ذلك ما فعلوه بالإمام ابن جرير رحمه الله تعالى حيث إنهم سمعوا منه كلمة قالها في مسجده حين الدرس فلحقوه و[غلّقوا] عليه بابه لمخالفته، وهذا لا شك أنه لن يرض عنه أئمة الحنابلة في وقته ولن يرض عنه أهل العلم، لهذا قال ابن كثير رحمه الله حينما ساق هذه الحكاية قال: إنّ هذا من فعل جهال الحنابلة. ومما حصل منهم، من بعض التصرفات منهم، بل بعض الأقوال من التجسيم الذي كان عند بعض الحنابلة وإثبات صفات لم ترد في النصوص الثابتة من مثل القاضي أبي يعلى ونحو ذلك في كتابه ”إبطال تأويلات الصفات“ قدح المعتزلة والأشاعرة والمتكلمون في عقيدة الإمام أحمد لأجل فعل أولئك الأتباع، فلما فعلوا ما فعلوا، قالوا إن عقيدتهم؛ عقيدة الإمام أحمد، بل عقيدة أهل السنة والجماعة أنجبت مثل هذا.
لهذا نقول هاهنا إن القاعدة المقررة أنه يُنظر إلى الحق الثابت، ولا ينظر إلى من أخطأ تطبيق ذلك الحق، فإنّ من الناس من يكون يخطئ في تطبيق الحق، فلا ينسب خطؤه إلى ذلك الطريق الحق، مثل بعض المنتسبة إلى طريق السلف أخطأ في بعض المسائل، فلا يجوز أن ينسب ذلك الخطأ إلى طريق السلف إما في الاعتقاد، وإما في السلوك، من جهة، من مثل ما مثلت لك، من تأويل الصفات في إثبات الصفات عن طريق التجسيم حتى نسب لله جل وعلا نحرا وعضدا ومجاري في الحلق ونحو ذلك، مما هو قد اُستدل عليه بعض الأحاديث الموضوعة المكذوبة، وفي السلوك كذلك فإنّ بعض الحنابلة كانت عندهم يعني بعض المنتسبين إلى أهل السنة والجماعة كان عندهم نوع –كما قال شيخ الإسلام وغيره- استهانة ببعض المسائل لا يُنسب لأهل السنة والجماعة، وإنما ينسب إلى أهل السنة والجماعة ما قرره أوائلهم وبينوه.
أصحاب الهوى يقدحون في الحق؛ في العقيدة بفعل الأتباع، وهذا لا يجوز؛ لأن الحق ينظر إليه من جهة نصوصه لا من جهة أتباعه، لهذا تجد أنّ بعض المغرضين أصحاب الهوى في هذا العصر بل فيما قبله أي من الفوضاويين ومن العقلانيين ومن الفلاسفة يقدحون في صحة نبوة النبي عليه الصلاة والسلام بما حصل من صحابته رضوان الله عليهم بعده من الخلاف، بما حصل منهم من اختلاف، بل إن بعض الناس قدح في إمكان إقامة حكم الله جل وعلا في الأرض عن طريق دولة تقيمه وخلافة، قدح في ذلك؛ لأن هذا لم يكن في الصدر الأول لأن الصحابة اختلفوا وتقاتلوا وتناحروا وهم الصفوة، فكيف يمكن الإقامة مع أن الصفوة لم تستطع عمل ذلك إلا في قريب من عشرين أو ثلاثين عاما، وانتشر بينهم القتل وانتشر بينهم ما هو معروف، فيستدلون بهذا الأمر الذي نعلم أنه كان عن اجتهاد ..... ( ) على إبطال صحة هذا الدين وإبطال الحق الذي جاء به النبي عليه الصلاة والسلام.
وهذا كثر في مؤلفات في هذا العصر تقدح في الالتزام بالإسلام وفي إمكان تطبيقه.
كذلك أصحاب المذاهب؛ أتباع الأئمة الأربعة، فإنه قد يكون عند بعض الأتباع ما هو من الخطأ، بل ما هو من الإجحاف، بل ما هو من الضلال، قد يكون ذلك إما في مقال، وإما في رأي، وإما في سلوك، ولا يجوز أن ينسب باطل المقلدين إلى أولئك الأئمة، ويُتنقص من شأن الأئمة من مثل الإمام أبي حنيفة رحمه الله تعالى والإمام مالك أو الإمام الشافعي أو الإمام أحمد أو نحوهم من الأئمة، لا يجوز أن تنسب تلك الأخطاء التي كانت عند أولئك إلى الأئمة وننتقص بذلك فقه الأئمة وما كانوا عليه، ولهذا ألف شيخ الإسلام رحمه الله رسالته المعروفة ”رفع الملام عن الأئمة الأعلام“ وهذا شاع في هذا الوقت في بعض المؤلفات التي رأيتها، واستدلوا فيها على بطلان أو على القدح في بعض الأئمة ببعض أقوال المتأخرين منهم أصحابهم، ولاشك أنّ هذا من جنس فِعل أهل الجاهلية لأنهم يقدحون في بعض الصالحين بما ظهر في الأتباع.
كذلك بعض أئمة السلوك من ينسب إليهم المتصوفة مثل عبد القادر الجيلاني رحمه الله تعالى ونحوه من الصالحين المعروفين بملازمة السنة كالجنيد وأضرابهم، هؤلاء أتباعهم أنشؤوا طرقا وضلالات ونسبوها إلى أولئك الأئمة أو إلى أولئك الصالحين، لا يجوز لأحد أن يتنقص أحد من أولئك الذين عُلم صلاحهم وعُلم متابعتهم من جرّاء فعل هؤلاء المتأخرين، ولهذا يشارك من فعل مثل هذا الفعل يشارك أهل الجاهلية.
بعض الوهابيين -كما يقال- في بعض الأمصار اليوم عندهم طريقة في الدعوة ليست الطريقة التي كان عليها الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى من أنهم أول ما يبدؤون في دعوتهم يتنقصون أولئك الذين يقال لهم أولياء فمثلا إذا وجدوا أن الصوفية متعلقين بفلان من الناس، جاء أولئك الذين هم ينتسبون إلى نصرة السنة المحمدية، وإلى نصرة العقيدة الصحيحة، لكن يخطؤون في الطريق وفي الأسلوب؛ لأنهم يقدحون أول ما يقدحون في ديانة ذلك الميت وفي عقيدته، وهذا لاشك أنه يُحدث عدم قناعة بما يقوله أولئك، يتجاوز هؤلاء حدهم حتى ربما نسب البعض منها إلى الكفر وإلى الضلال وإلى أنهم طواغيت ونحو ذلك وهي مبنية منذ مئات السنين، مرة في هذا المسجد أحد المشايخ من السودان وتذاكرنا في بعض مسائل التوحيد والالتزام بالسنة وإنكار السلف الصوفية والشركيات والبدع ونحو ذلك، فقال في آخر ما قال: إن الطريقة التي يفعلها بعض الناس هناك ليست هي الطريقة تفعلها هاهنا من جهة أنهم أول ما يبدؤوننا به القدح في الأولياء الذين نعظمهم. وهذا لا شك الكلام الذي قاله سمعته من بعضهم، يعني من بعض من ينسب إليهم، وهو صحيح النسبة إليهم وهو خطأ، هؤلاء الصوفية والخرافيين استغلوا ذلك، فنسبوا ذلك الباطل تلك الطريقة الفجّة، تلك الطريقة التي ليست هي الطريقة الشرعية إلى الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى، وهذا من جنس ما كان عليه أهل الجاهلية في أنهم يتنقصون الأنبياء بفعل بعض المنتسبين إليهم، يتنقص من شابههم في هذه الأمة العلماء بفعل من انتسب إليهم، ولا يجوز أن يفعل ذلك بل يجب على طالب الحق والهدى أن ينظر في كلام ذلك العالم، ولا يقدح فيه بفعل الأتباع، لأننا نجد كثيرا أن من العلماء من يحضر عنده دروس ويستفيد منه وجها من الزمن بعض الناس، وتجد أنه -يعني بعض طلبة العلم- يخالفون المنهج الذي هو عليه من لزوم السنة، فلا يجوز أن يقدح في أحد من أهل العلم بفعل بعض المنتسبين إليه، بل أعظم من ذلك أنه قد قدح في الإسلام بفعل المسلمين، ولا بد هنا أن يكون تباين بين الإسلام والمسلمين؛ لأن المسلمين بفعلهم لا يدلون على الإسلام، فمن أراد أن يعرف الإسلام ولأن يتعلم الإسلام يأخذه من معينه الصافي، ولا ينظر في أفعال أهله لأنه ربما كان في أفعال ما يصد عن الالتزام بالإسلام واعتقاد صحته وأنه ممكن التصديق وأن الالتزام به سهل ميسور، وهكذا،
فهذه المسألة مهمة في أنه لا يتنقص من أحد بفعل بعض الأتباع يعني هذه من خصال أهل الجاهلية، بل يجب أن ينظر إلى ذلك المتبوع ويعرف أحواله، نعرف أحواله، فإن كانت على الحق والهدى أثنينا عليه خيرا وخطّأنا أتباعه فيما راموا إليه، وكما تعلمون أن شيخ الإسلام ابن تيمية شرح كثيرا من كلمات القوم من جنس شرحه لكلمات فتوح الغيب لعبد القادر الجيلاني، ومن جنس ثنائه على عدي الذي تتبعه الطائفة العدوية ونحو ذلك، فنثني على الطالحين إذا ثبت صلاحهم وسلامة اعتقادهم وأما الأتباع فيذمون، وذم المتبوع بفعل التابع هذا نوع وخصلة من خصال أهل الجاهلية.
المسألة الأخيرة من مسائل الجاهلية التي نعرضها هذه الليلة هي أنهم يعتقدون في مخاريق السحرة وينكرون كرامات الأولياء، واعتقاد أن تلك المخاريق أنها من كرامات الصالحين، يقول (العشرون اعتقادهم في مخاريق السحرة وأمثالهما من كرامات الصالحين ونسبته إلى الأنبياء كما نسبوه إلى سليمان عليه السلام)
سليمان عليه السلام سُخِّرت له الجن والطير وسخرت له الريح، وسخرت له أشياء كثيرة، السحرة فعلوا بعض الأشياء، فأهل الجاهلية ظنوا أن مخاريق السحرة من جنس كرامات الأولياء، فنُسب فعل السحرة إلى سليمان عليه السلام، نُسب فعل أهل الخوارق والشعوذة إلى الأنبياء، بل جعلوها من الكرامات؛ يعني جعلوا أولئك السحرة وأولئك المشعوذين وأشباههم جعلوهم من الصالحين؛ من الأولياء الذين تعطى لهم الكرامة:
ولنبين هذا نقول إن المخاريق والخوارق على ثلاثة أقسام:
1. خوارق أعطاها الله جل وعلا للأنبياء.
2. وخوارق أعطاها الله جل وعلا للأولياء.
3. وخوارق جرت على يد الفسقة والكفار ومن خرج عن طريق الأنبياء.
فالأولى ألا وهي المخاريق التي جرت على يد الأنبياء هذه هي التي تسمى آيات وبراهين وبينات ومعجزات للأنبياء.
والثانية هي التي تسمى كرامات الأولياء.
والثالثة هي التي تسمى أحوال شيطانية وشعوذة ودجل وسحر.
ولهذا أهل السنة والجماعة يؤمنون بكرامات الأولياء، كما قالوا في عقائدهم: ونؤمن بكرامات الأولياء. فأولئك ينسبون مخاريق السحرة...( )
والكرامة هي: أمر خارق العادة في علم أو تأثير طرأ على يدي ولي.
أمر خارق للعادة –هذا أولا-، في علم أو تأثير هذا بيان النوع، جرى على يدي ولي.
والولي عند أهل السنة والجماعة في الاصطلاح هو كل مؤمن تقي ليس بنبي.
فإذن ما يجري من الخوارق على الذي ليس بمؤمن تقي ظاهرا لمتابعته للسنة والتزامه؛ تحليله الحلال وتحريمه الحرام والمحافظة على الواجبات والانتهاء على المحرمات، ما جرى على أيدي هؤلاء يعني من كان مؤمنا تقيا سميناه كرامة، وأما من لم يكن على هذا الوصف، قد يكون في حقه كرامة وقد يكون حالا شيطانية، وأما إذا كان على ضد ذلك ممن كان من أهل المعاصي والبدع والفسوق والشركيات ونحو ذلك فهذا لاشك أن ما يحصل له أنه من قبيل المخاريق و الأحوال الشيطانية؛ لأن الكرامة نعمة يعطيها الله جل وعلا أولياءه؛ يعني المؤمنين المتقين، وأما السحرة والمشعوذين أشباههم فإنّ ما يجري على أيديهم من الخوارق إنما هو من الشياطين.
هذه الأمة من أجل مشابهتها لمن سلف جرى عل يدي كثير من المنتسبين من هذه الأمة بعض المخاريق الكثيرة؛ من مثل المشي على الماء، دخول النار، من مثل الطيران في الهواء، من مثل سماع الأصوات البعيدة، من مثل إحياء بعض الميتين من الحيوانات ونحوها، ونحو ذلك، فيجري على يدي أولئك المشعوذون أو أولئك الفسقة يجري على أيديهم بعض المخاريق، فانغر بهم الجهال فجعلوا مخاريق السحرة كرامات، وجعلوا أولئك السحرة وأولئك المشعوذين جعلوهم أولياء، وهذه الشعبة من جنس ما كان عند أهل الجاهلية، حيث جعلت طائفة فيهم السحرة والمردة من الشياطين من أتباع سليمان عليه السلام؛ لأنهم فعلوا السحر وكان السحر عندهم من جنس ما يفعله سليمان عليه السلام.
لهذا اشتد نكير السلف على من ظهر منه ذلك.
فقال من قال منهم: إذا رأيت الرجل يسير على الماء أو يطير في الهواء فلا يغرنك حتى تزنه بالكتاب والسنة.
لأن ذلك قد يكون من فعل الشياطين، الشياطين قد تحمل الرجل المشعوذ -ساحر أو نحوه- وتجعله يمشي على الماء أو تجعله يطير في الهواء، ونحو ذلك. كما يجري بطائفة ممن نقلت الأخبار عنهم.
كذلك قد يجعلون الرجل يدخل في النار ولا يضره ذلك.
وقد يجعلون الرجل أو المرأة تمشي على الجمر ولا يضرها ذلك.
قد يجعلونه يدخل في حلقه آلة حادة أو سكين أو نحو ذلك ولا يضره ذلك.
هذا لا يغرنّ من رآه، لم؟ لأنه نجزم بأن تلك المخاريق قد تكون أحوالا شيطانية، وقد تكون من الله جل وعلا يعني كرامة، والضابط يعني الفرق بين هذا وهذا الفرق كما قال حتى تزنه بالكتاب والسنة، فإذا كان الرجل متبع وليس بمبتدع مستقيم صاحب تحليل الحلال وأداء الواجبات وتحريم المحرمات ونحو ذلك، فهذا ما جرى على يديه من كرامات الأولياء، سواء أكان من جهة الكشف والعلم أو من جهة القدرة والتأثير، وأما إذا كان الرجل ليس على ذلك فاسق، فاجر، مشعوذ، مشرك، مبتدع، ونحو ذلك، فهذا ما يجري على يديه نعلم جزما أنه من الخوارق.
طائفة اليوم من أصحاب الطرق يجعلون من علامات الكرامات وصحة الطريقة التي ينتسبون إليها، الدخول في النار كما يفعله الرفاعية من المتصوفة، من دلائل صحة طريقة أحمد الرفاعي عندهم أن أتباعه يدخلون في النار ويمشون فيها ولا تحرق شيئا منه ولا تضره، منهم من يكون صالحا فيكون ذلك كرامة له، ومنهم وهم الأكثرن من يكون ذلك من جهة الشياطين؛ يعني تكون النار من فعل الشيطان ليس نار على الحقيقة ويدخل هذا ويعبر بسرعة ولا يضره ذلك بمساعدة الشيطان له في ذلك.
والذين يعرفون أحوال الصوفية والغلاة يعرفون هذه المسألة بوضوح، وأن من هذه الأمة من جعلوا من هو مشعوذ، فاسق، فاجر، مبتدع، مشرك، من جعلوه في مقام الأولياء، يجعل في مصاف عباد الله الصالحين، الدليل هو جريان تلك المخاريق على أيديهم، وتلك المخارق ليست بدليل؛ لأنها قد تكون أحوالا شيطانية، إذا كانت، بل هي أحوال شيطانية إذا كانت لأصحاب البدع، والفسوق، والفجور.
نكتفي بهذا القدر من بيان هذه المسائل، وننبه إلى أنه الأسبوع القادم إن شاء الله نستسمحكم في الدرس الأسبوع القادم مثل هذه الليلة ليس عندنا درس إن شاء الله تعالى، وفيما بعد نكمل إن شاء الله، هذا ونختم بالصلاة والسلام على من هدى إلى الخير وعلم وأرشد.
[الأسئلة]
1/ قول من قال إن طريقة أهل السنة والجماعة ومعتقدهم، ما الفرق بينه وبين من يقول نحن على طريقة السلف، حيث إنه في هذا الزمان كلٌّ يقول نحن على مذهب أهل السنة والجماعة، ولا يقولون على طريقة السلف، ما حكم القولين؛ الأول والثاني؟
أهل السنة والجماعة لفظ من الألفاظ الشرعية التي هي من جنس لفظ الإسلام، والأصل أنه لا يجوز الخروج عن دعوى الإسلام والتسمية بغيره؛ لأن الله جل وعلا قال ﴿هُوَ سَمَّاكُمْ الْمُسْلِمينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا﴾[الحج:78]، وفي هذا تسمية متبعي النبي عليه الصلاة والسلام التي سماهم الله جل وعلا بها أنهم المسلمون، مما سمى الله جل وعلا به أهل الإيمان أنهم مؤمنون، كذلك جاءت تسميتهم في بعض نصوص السنة أنهم أهل الجماعة «فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا فعلكم بسنتي» فمن كان على ذلك فهو من أهل السنة، كذلك جاء في حديث الافتراق المشهور قوله عليه الصلاة والسلام «كلها في النار إلا واحدة» قالوا: من هي يا رسول الله؟ قال «الجماعة»، فسمي أهل الفرقة الناجية أهل سنة وجماعة وهم السلف الصالح، هم السلف الصالح، التسمية بأهل السنة والجماعة تسمية شرعية، كذلك التسمية بالسلف وأتباع السلف كذلك تسمية شرعية لأنها هي معنى السنة والجماعة.
توسّع الناس في الانتساب إلى أهل السنة والجماعة أكثر، بل توسعوا دون الانتساب إلى السلف، فصار كثير من الطوائف ينتسبون إلى السنة والجماعة، فالأشاعرة يقولون نحن أهل السنة والجماعة، والماتريدية يقولون نحن أهل السنة والجماعة، وهذا غلط منهم؛ لأن الجماعة هي ما كان عليه صحابة رسول الله ؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام فسّر الفرقة الناجية بأنها الجماعة، وفي رواية أخرى قال «هم من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي»، وهذه أحاديث مشهورة وإن كانت في بعض أسانيدها ضعف.
إذن هذا غلط منهم في الانتساب كون يسمون أنفسهم أهل السنة والجماعة هذا غلط؛ لأنهم ليسوا من أهل الجماعة هم من أهل الفرقة؛ لأنهم فارقوا طريق الجماعة الأولى في مسائل الصفات، بل في أعظم من ذلك، ألا وهو تفسير التوحيد في تفسير شهادة أن لا إله إلا الله خالفوا فيها تفسير الصحابة وفي مسائل الصفات في القدر وفي الإيمان وفي مسائل كثيرة إذن فانتسابهم خطأ، لهذا كان أئمة أهل السنة والجماعة كثيرا ما ينتسبون إلى الأثر وإلى الحديث إلى السلف لأنهم يخرجون بذلك عن الدائرة الأوسع التي أدخل بعض أهل البدع أنفسهم فيها.
فإذن راية أهل السنة والجماعة بالأصل رفْعها راية صحيحة لأن الجماعة حق لكن الماتريدية والأشاعرة يرضون براية أهل السنة والجماعة، لكنهم إذا قلت لهم على طريقة السلف خالفوا، لهذا نقول في الأصل أن أهل السنة والجماعة هم أهل السلف، لكن إذا كان ثَم التباس في الانتساب نقول الانتساب إلى السلف أخص من الانتساب إلى أهل السنة والجماعة، فإنه قد يكون الرجل ينتسب إلى السنة والجماعة وإذا أردته أن ينتسب إلى السلف لم ينتسب.
لهذا كان الانتساب إلى السلف أدق لأجل إخراجه لبعض المنتسبين خطأ إلى السنة والجماعة، فمن أطلق لفظ أهل السنة والجماعة يريد بها المعنى الصحيح وهو أنهم المتبعون للسلف كان إطلاقه صحيحا وكلامه صوابا، أما إذا أطلقها ويريد بذلك أنه ليس المطلوب أن يكون على منهج السلف وإنما على منهج أهل السنة والجماعة الذي يشمل الطوائف التي تنتسب إلى ذلك، قلنا إن ذلك خطأ.
فهذا هو تفصيل المقام في هذين اللفظين، وبعض الناس يخطِّئ من ينتسب إلى السلف ويقول أن السلف هم أهل السنة والجماعة مطلقا، وبعضهم يخطّئ من يقول إنّ السلف وأهل السنة والجماعة كلها واحد، والصواب هو التفصيل فإنها بمعنى واحد في الأصل، ولكنها من جهة التفصيل اختلفت، والله أعلم.
2/ هل يحصل للفاسق كرامة، وكيف؟
قد يحصل له كرامة بقدر ما عنده من الإيمان، لكن لا يجزم بأنها كرامة، لا يجزم بأنها كرامة، والكرامات لا يعتقد فيها عند أهل السنة والجماعة، وإنما هي نعمة لمن حصلت له يجب عليه أن يشكر الله جل وعلا عليها، لا يعتقد فيمن حصلت له لأنه قد تحصل من بعض ممن ليس بمسدد الإيمان، تحصل له كرامة على قد إيمانه، ولهذا يقول أهل السنة إن كرامات الأولياء لا تبلغ مبلغ معجزات الأنبياء، مع أنها من جنسها في كونها خارق للعادة، لكن معجزات الأنبياء أعظم؛ لأن إيمانهم أعظم؛ ولأن الحاجة لمعجزاتهم أعظم. أما كرامات الأولياء الصالحون المسددون فهي أقل مرتبة، كذلك لمن حصلت له لمن ليس بمؤمن مسدد فاسق يعمل بعض المعاصي، قد تحصل له لكن لا يجزم بأنها كرامة لكن هو إذا علم ذلك من نفسه فإنه يشكر الله جل وعلا عليها ويستقيم على الطريق.
نقول الإيمان والتقوى تتفاضل، لهذا كل من عنده بعض الإيمان وبعض التقوى فإن عنده بعض الوَلاية، الولي ليس هو المؤمن الكامل المتقي الكامل، بل كل مؤمن تقي له نصيب من الوَلاية من ولاية الله له بقدر ما عنده من الإيمان والتقوى.
3/ يقول: هل من يحذّر من التقليد والتمذهب لما آل إليه الأمر من التعصب، هل المحذر يقع في مشابهة أهل الجاهلية؟
الله أعلم هل يقع في المتبعة أم لا، لكن الذي يحذر منه أهل العلم يحذر من التعصب، ومن التقليد الذي فيه ظهور الحجة ومخالفة ذلك، أما جنس التقليد والتمذهب فلا ينكر، وأما التعصب لذلك بمعنى تقديم قول إمام على ما ظهر من نصوص الكتاب والسنة هذا الذي يذم وهو الذي جاء كلام أهل العلم كثيرا في إبطاله.
4/ يقول: ما صحة قول القائل أساس الإسلام: أربعة عقيدة وشريعة ومنهاج وأخلاق، وهو قول منتشر جدا ويستدل له بقوله تعالى ﴿لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا﴾[المائدة:48]؟
التقاسيم التي تقسم فيها الأشياء هذه ينظر فيها المقسم إلى جهات، فينبغي للمنتخب لقوله أن ينظر إلى الجهة التي لأجلها قسّم، لأن التقسيمات باعتبارات, تارة يقسم من جهة ما واعية شيئا ما, ويقسم الآخر من جهة أخرى, ولهذا أصحاب التقاسيم ينبغي لمن ينظر في تقاسيمهم أن ينظر إليها من جهة ما هو الاعتبار الذي رعاه في ذلك التقسيم، فإن نقسم مثلا الشرك إلى أكبر وأصغر باعتبار, ونقسم الشرك باعتبار آخر إلى ظاهر جلي, ونقسم الشرك باعتبار ثالث إلى أكبر وأصغر وخفي، وكل من هذه التقسيمات قال به طائفة من أهل العلم، فكل التقسيمات صحيحة، لكن ما الذي رعاه صاحب التقسيم الأول؟ ما الذي رعاه صاحب التقسيم الثاني؟ ما الذي رعاه صاحب التقسيم الثالث؟ هذا الذي يجب على الناظر أن يرعاه؛ لأنه إذا فهم ذلك فهم وجه التقسيم.
لهذا نقول إن من قسم هذا التقسيم عقيدة وشريعة ومنهاج وأخلاق، هذا ينظر في الأمر الذي رعاه.
فإن كان التقسيم فنيّ يعني من جهة أنه جعل العقيدة بمعنى ما يعتقد. والمنهاج ما ينهج؛ ما يصار عليه مسائل السلوك مسائل الأمر والنهي، الدعوة ونحو ذلك. الشريعة بمعنى الأحكام. الأخلاق بمعنى السلوك، فهذا تقسيم صحيح.
وإن أراد بالتقسيم أن المنهاج لا يمكن أن يدخل في العقيدة، أو العقيدة لا تدخل في المنهاج، أو الأخلاق لا تدخل في الشريعة، والأخلاق لا تدخل في العقيدة فهذا غلط؛ لأن العقيدة، عقيدة أهل السنة والجماعة تشمل المنهاج، تشمل الاعتقاد، تشمل المنهاج يعني أبواب الأمر والنهي والطاعة والإمامة والاعتقاد في الخلافات ونحو ذلك، وتشمل الأخلاق، والعقيدة شيخ الإسلام في الواسطية ذكر فيها هذه الثلاثة أشياء، ذكر فيها أولا الاعتقاد وذكر المنهاج بعده، وذكر الأخلاق، مثل ما قال: وأهل السنة والجماعة يأمرون بمكارم الأخلاق ومعاليها وينهون عن قبيح الأخلاق وسفسافها، إذا كان كذلك فهذا القول بهذا الاعتبار الثاني يكون خطأ إذا أراد إخراج الأخلاق من العقيدة والمنهاج من العقيدة هذا غلط.
كذلك تقسيم الشريعة والعقيدة أهل السنة سموا كتب الاعتقاد سموها شريعة مثل ما فعل الآجري، سمى كتابه في الاعتقاد الشريعة، فإذن هذه الألفاظ هي مترادفة من جهة ما، بعضها يدل على بعض، لكن قد يفصل إذا كان التقسيم يريد الإيضاح، أما إذا كان يريد أن كل لفظ يخالف الآخر فهذا لاشك أنه خطأ.
5/ هذا يقول: ما هي الأدلة التي تقوم عليها تكوين الجماعات الخاصة، ثم إذا قامت جماعة تركز على تقسيم معين في الأمة فهل ينطبق عليها اسم الجماعة الخاصة ؟ وهل يصح أن نقول إن الجماعات يكمل بعضها بعضا؟
أولا في الدولة الإسلامية لا يجوز أن تقوم جماعة سرية، كأصل عند أهل السنة، لا يجوز أن تقوم جماعة سرية لها أهداف خاصة سرية؛ لأن هذا فيه افتئات على الإمام.
من جهة أخرى فإن أهل السنة والجماعة يُقرون بالجماعة بمعنى التجمع؛ التجمع للدعوة، للخير، للأمر والنهي، وللهدى والصلاح، تجمعا مشروعا يكون فيه تطاوع وليس فيه طاعة، ويكون فيه ائتلاف ولا يكون فيه أمر ونهي، يكون فيه نظام وليس فيه تنظيم، وهذه هي أصول دعوة كل من تجمّع من أهل السنة والجماعة في قديم الزمان وفي الحديث.
شيخ الإسلام ابن تيمية يتكلم عن الجماعة في كثير من المواضع ويعني بها التجمع المشروع، ألا وهو ما كان أصحابه بينهم يتطاوعون، وهذا هو الذي جاء في النص لأن النبي  لما أرسل معاذا وصاحبه إلى اليمن فقال له «تطاوعا ولا تختلفا» فكان هذا أصلا لكل من اجتمعوا على الدعوة أن يكون بينهم تطاوع، أما الطاعة بمعنى أن يكون التابع مطيعا لمن فوقع طاعة المأمور للأمير فهذا لا يجوز في دولة الإسلام، لأن هذه طاعة خاصة لم تأتِ النصوص بها، وإنما جاء في النصوص بالطاعة في السفر لأجل الحاجة إلى ذلك، أما في الحضر والإقامة فإذا كان ولي الأمر الشرعي قائم موجود مسلم والبيعة له منعقدة فلا يجوز أن تكون طاعة مستقلة في الحضر دون طاعته، لكن يكون هناك تطاوع كذلك من جهة التنظيم يعني بعض الجماعات تتجمع على تنظيم، وهؤلاء كما رأيت في بعض مؤلفاتهم يستدلون بمقالات شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره من أهل العلم، هم لم يفهموا فإن شيخ الإسلام رحمه الله ذكر نظاما وما يعنى به النظام ولم يذكر التنظيم لأن التنظيم هذا حادث، التنظيم بمعنى تكوين رأس للحزب يطاع ومن تحته تبلغ لهم الأشياء كما يحصل من طاعة الإمام هذا لا شك أنه لا يجوز ولا يدل عليه كلام شيخ الإسلام ابن تيمية ولا على غيره.
إذن تحقيق القول في هذه المسألة وهي تكوين الجماعة الخاصة أنه يجوز أن تكوّن الجماعة بمعنى التجمع على الخير والهدى اثنين، ثلاثة، أربعة، عشرة، نتواصى ونتآخى، نقرأ، ننصح، نذهب إلى فلان ندعوا ونحو ذلك، لكن بيننا تطاوع وليس بيننا طاعة، بيننا نظام وليس عندنا تنظيم، وهذه هي أصول الدعوة الناجحة، وما عداها فهي دعوات تشابه دعوات الخارجين عن مسمى الإسلام.
[هنا سئل على الدول غير الإسلامية سؤال صوته غير واضح فأجاب]
محل اجتهاد إذا كانت غير إسلامية يجوز أن يكون ذلك لكن ليس على شكل حزبي، يجوز أن يقوم تجمع فيه أمر ونهي ونحو ذلك فيما بينهم، ولكن ليس على شكل حزبي كالمعروف عند الأحزاب الشيوعية ونحوها.
على كل حال في دولة غير دولة الإسلام محل اجتهاد لأنه يختلف على حسب الدولة والوضع فيها، فهي محل اجتهاد لا يطلق القول فيها.
6/ يقول: يقدح بعض طلبة العلم ببعض الجماعات للنظر إلى أخطاء أتباعها لا بالنظر إلى مناهجها فهل هذا من الإنصاف ؟
الجواب: أن هذا من جنس فعل أهل الجاهلية إذا كان يقدح في جماعة ما أو بفئة ما بفعل بعض الأتباع دون النظر في المنهج، دون النظر فيما هم عليه، هذا من جنس فعل أهل الجاهلية لكن شك أن هذا مذموم والواجب النظر في الأصل المنهاج، في المناهج فإذا كان صوابا كان من اتبع تلك المناهج وخالف فيها يكون هو المخطئ وإن كانت تلك خطأ كان التابع والمتبوع على غير هدى.
7/ هذا آخر سؤال، يقول: هناك من يقول المخاريق أربعة أقسام :
المعجزة للأنبياء.
والكرامة للأولياء.
والأحوال الشيطانية للسحرة والمشعوذين.
والرابعة الفراسة للأذكياء؟
الجواب: أما الفِراسة عند أهل السنة والجماعة من جنس الكرامات، كرامات الأولياء فهي داخلة تحتها، لهذا يذكرون أبواب الفِراسة الإيمانية وأنواع الفراسة الثلاثة يذكرونها تحت أبواب كرامات الأولياء، فهي عندهم ليست قسما رابعا وإنما هي من أقسام الكرامات.
أسأل الله جل وعلا لي ولكم الانتفاع والهدى والسداد، وصلى الله على سيدنا محمد( )
[المتن]
(المسألة الرابعة والعشرون) ترك الدخول في الحق إذا سبقهم إليه الضعفاء تكبرا وأنفة فأنزل الله تعالى ﴿وَلَا تَطْرُدْ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ﴾[الأنعام:52] الآيات.
(المسألة الخامسة والعشرون) الاستدلال له على بطلانه بسبق الضعفاء كقوله ﴿لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ﴾[الأحقاف:11].
(المسألة السادسة والعشرون) تحريف كتاب الله من بعد ما عقلوه وهم يعلمون.
(المسألة السابعة والعشرون) تصنيف الكتب الباطلة ونسبتها إلى الله كقوله ﴿فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ﴾[البقرة:79]الآية.
(المسألة الثامنة والعشرون) أنهم لا يقبلون من الحق إلا الذي مع طائفتهم كقوله ﴿قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا﴾[البقرة:91]
رد مع اقتباس