عرض مشاركة واحدة
  #42  
قديم 24-04-2015, 10:27PM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم






【 شرح العقيدة الواسطية 】

لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه /
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
- حفظه الله ورعاه -

شرح العقيدة الواسطية. ( 34 )



17 ـ نفي الشريك عن الله تعالى

[ المتن ]
:


‏{‏وَقُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَم يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلَّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا‏}‏ ‏{‏يُسَبِّحُ لِلَّهِ
مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ‏}‏ ‏{‏تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ
عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ
وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا‏}‏ ‏{‏مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ
عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ‏}‏ ‏{‏فَلاَ تَضْرِبُواْ لِلّهِ الأَمْثَالَ
إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ‏}‏ ‏{‏قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ
بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ‏}‏‏.‏



[ الشرح ]:

‏{‏وَقُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ‏}‏ الحمد‏:‏ هو الثناء وأل فيه للاستغراق، أي‏:‏ الحمد كله لله ‏{‏الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا‏}‏ أي‏:‏ ليس له
ولد كما تقوله اليهود والنصارى وبعض مشركي العرب ‏{‏وَلَم يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ‏}‏ أي‏:‏ ليس له مشارك في ملكه
وربوبيته كما تقول الثنوية ونحوهم ممن يقول بتعدد الآلهة‏.‏ ‏{‏وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلَّ‏}‏ أي‏:‏ ليس بذليل فيحتاج إلى
أن يكون له ولي أو وزير أو مشير، فلا يحالف أحدًا ولا يستنصر بأحد ‏{‏وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا‏}‏ أي عظمه وأجله عما يقوله
الظالمون‏.‏

قوله‏:‏ ‏{‏يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ‏}‏ أي‏:‏ تنزهه جميع مخلوقاته التي في سماواته وأرضه عن كل نقص
وعيب ‏{‏لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ‏}‏ يختصان به ليس لغيره منهما شيء‏.‏ وما كان لعباده من الملكية فهو من عطائه
‏{‏وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ‏}‏ لا يعجزه شيء‏.‏

‏{‏تَبَارَكَ‏}‏ فعل ماض مأخوذ من البركة، وهي النماء والزيادة المستقرة الثابتة الدائمة، وهذه اللفظة لا تستعمل إلا
لله سبحانه‏.‏ ولا تستعمل إلا بلفظ الماضي ‏{‏الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ‏}‏ أي‏:‏ القرآن سمي فرقانًا لأنه يفرق بين الحق
والباطل ‏{‏عَلَى عَبْدِهِ‏}‏ يعني‏:‏ محمدًا ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهذه صفة مدح وثناء لأنه أضافه إليه إضافة تشريف
وتكريم في مقام إنزال القرآن عليه ‏{‏لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ‏}‏ الإنس والجن، وهذا من خصوصياته ـ صلى الله عليه وسلم ـ ‏
{‏نَذِيرًا‏}‏ أي‏:‏ منذرًا، مأخوذ من الإنذار وهو الإعلام بأسباب المخافة، وقوله‏:‏ ‏{‏لِيَكُونَ‏}‏ تعليل لإنزال الفرقان عليه
أي ليخصه بالرسالة العامة‏.‏


ثم وصف نفسه سبحانه بأربع صفات‏:‏ الأولى‏:‏ قوله ‏{‏الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ‏}‏ دون غيره فهو المتصرف
فيهما وحده‏.‏ الصفة الثانية‏:‏ ‏{‏وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا‏}‏ كما تزعم النصارى واليهود وذلك لكمال غناه وحاجة كل مخلوق
إليه‏.‏

الصفة الثالثة‏:‏ ‏{‏وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ‏}‏ فيه رد على طوائف المشركين من الوثنية والثنوية وغيرهم‏.‏
الصفة الرابعة‏:‏ ‏{‏وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ‏}‏ من المخلوقات‏.‏ ويدخل في ذلك أفعال العباد فهي خلق الله وفعل العبد
‏{‏فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا‏}‏ أي‏:‏ قدر كل شيء مما خلق من الآجال والأرزاق والسعادة والشقاوة وهيأ كل شيء لما يصلح له‏.‏

قال ابن كثير‏:‏ نزه نفسه عن الولد وعن الشريك، ثم أخبر أنه خلق كل شيء فقدره تقديرًا، أي‏:‏ كل شيء تحت
قهره وتدبيره وتسخيره وتقديره‏.‏ انتهى‏.‏


قوله‏:‏ ‏{‏مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ‏}‏ في هذه الآية ينزه تعالى نفسه على أن يكون له ولد أو شريك
في الملك والتصرف والعبادة و ‏{‏من‏}‏ في الموضعين لتأكيد النفي ‏{‏إِذًا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ‏}‏ هذا استدلال لما
سبق في أول الآية من نفي الولد والشريك في الألوهية، أي‏:‏ لو قدر تعدد الآلهة لانفرد كل منهم عن الآخر بما
خلق، وحينئذ لا ينتظم الكون لوجود الانقسام‏.‏ والواقع المشاهد أن الكون منتظم أتم انتظام لم يحصل فيه تعدد
ولا انقسام ‏{‏وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ‏}‏ أي‏:‏ ولو كان معه إله آخر لكان كل منهم يطلب قهر الآخر ومخالفته،
فيعلو بعضهم على بعض كحال ملوك الدنيا، وحينئذ فذلك المغلوب الضعيف لا يستحق أن يكون إلها‏.‏

وإذا تقرر بطلان المشارك تعين أن يكون الإله واحدًا هو الله وحده، ولهذا قال‏:‏ ‏{‏سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ‏}‏ من الشريك
والولد ‏{‏عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ‏}‏ أي‏:‏ هو المختص بعلم ما غاب عن العباد وعلم ما يشاهدونه‏.‏ وأما غيره فهو وإن علم
شيئًا من المشاهد فإنه لا يعلم الغيب ‏{‏فَتَعَالَى‏}‏ أي‏:‏ تنزه الله وتقدس ‏{‏عَمَّا يُشْرِكُونَ‏}‏ به فهو سبحانه متعال عن
أن يكون له شريك في الملك‏.‏


قوله‏:‏ ‏{‏فَلاَ تَضْرِبُواْ لِلّهِ الأَمْثَالَ‏}‏ ينهى سبحانه عن ضرب الأمثال له‏.‏ وضرب المثل هو تشبيه حال بحال‏.‏ وكان
المشركون يقولون‏:‏ إن الله أجل من أن يعبده الواحد منا فلابد من اتخاذ واسطة بيننا وبينه فكانوا يتوسلون إليه بالأصنام
وغيره تشبيهًا له بملوك الدنيا فنهى سبحانه عن ذلك لأنه سبحانه لا مثل له فلا يمثل بخلقه ولا يشبه بهم ‏{‏إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ‏}‏
أنه لا مثل له ‏{‏وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ‏}‏ ففعلكم هذا صدر عن توهم فاسد وخاطر باطل‏.‏ ولا تعلمون أيضًا ما في عبادة
الأصنام من سوء العاقبة‏.‏


وقوله‏:‏ ‏{‏قل‏}‏ الخطاب للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وفي ذلك دليل على أن القرآن كلام الله وأن النبي ـ صلى الله
عليه وسلم ـ مبلغ عن الله‏.‏ ‏{‏إنما‏}‏ أداة حصر ‏{‏حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ‏}‏ أي‏:‏ جعلها حرامًا‏.‏ والفواحش‏:‏ جمع فاحشة
وهي ما تناهى قبحه من المعاصي ‏{‏مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ‏}‏ أي‏:‏ ما أعلن منها وما أسر ‏{‏وَالإِثْمَ‏}‏‏:‏ كل معصية يتسبب
عنها الإثم، وقيل‏:‏ هو الخمر خاصة ‏{‏وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ‏}‏ أي‏:‏ الظلم المجاوز للحد والتعدي على الناس ‏{‏وَأَن تُشْرِكُواْ
بِاللَّهِ‏}‏ أي‏:‏ تجعلوا له شريكًا في العبادة‏.‏ ‏{‏مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا‏}‏ أي‏:‏ حجة وبرهانًا‏.‏ وهذا موضع الشاهد من الآية ‏
{‏وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ‏}‏ من الافتراء والكذب من دعوى أن له ولدًا ونحو ذلك مما لا علم لكم به،
ومثل ما كانوا ينسبون إليه من التحليلات والتحريمات التي لم يأذن بها‏.‏

الشاهد من هذه الآيات الكريمة‏:‏ أن فيها نفي الشريك عن الله تعالى وإثبات تفرده بالكمال ونفي الولد والمثل عنه
سبحانه وأن جميع مخلوقاته تنزهه عن ذلك وتقدسه، كما فيها إقامة الحجة على بطلان الشرك وأنه مبني على
جهل وخيال‏.‏ وأنه سبحانه لا مثل له ولا شبيه له‏.‏ والله أعلم‏.




------


[ المصدر ]

http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf



التعديل الأخير تم بواسطة ام عادل السلفية ; 24-04-2015 الساعة 11:38PM
رد مع اقتباس