عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 01-11-2015, 12:22AM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم






تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -




[251]الحديث الأول:
عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله ﷺ أنه قال إذا تبايع الرجلان فكل واحد منهما بالخيار ما لم
يتفرقا وكانا جميعاً أو يخير أحدهما الآخر فتبايعا على ذلك فقد وجب البيع .

وفي معناه حديث حكيم بن حزام وهو الحديث الثاني
قال : قال رسول الله ﷺ البيعان بالخيار ما لم يتفرقا أو قال حتى يتفرقا فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما
وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما .



موضوع الحديث :
خيار المجلس



المفردات
إذا تبايع الرجلان فكل واحد منهما بالخيار : إذا حرف شرط غير جازم وجملة تبايع الرجلان فعل الشرط وقوله فكل
واحد منهما بالخيار : جواب الشرط وجزاءه وجملة ما لم يتفرقا تحديد لزمن الخيار بالتفرق

قوله وكانا جميعاً : تأكيد لمفاد ما لم يتفرقا والواو واو الحال والجملة حالية
قوله أو يخير أحدهما الآخر : هذا يشمل أمرين
أحدهما أن يكون بينهما خيار ممتد إلى ما وراء المجلس كثلاثة أيام أو ما أشبه ذلك
والثاني أن يشترط أحدهما على الآخر قطع خيار المجلس بأن يقول اختر إمضاء البيع أو رده فإذا حصل ذلك انقطع الخيار .

قوله فتبايعا على ذلك فقد وجب البيع : أي فقد وجب البيع على ما اتفقا عليه .


المعنى الإجمالي
شرع الله على لسان رسوله ﷺ وشرعه حق ولا يشرع إلا لمصلحة أنه إذا تبايع الرجلان فكل واحد منهما بالخيار ما لم
يتفرقا لأنه إذا اختار أحدهما ترك البيع جاز له الرد والترك رضي صاحبه أو لم يرض أو يخير أحدهما الآخر بأن يقول له اختر إمضاء
البيع أو رده ولا خيار لك بعد الاختيار أو يشرط أحدهما امتداد الخيار إلى اليوم واليومين والثلاثة وهذا يسمى خيار
الشرط وفي حديث حكيم بن حزام فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما أي أن البركة ملازمة للصدق وبيان العيوب والمحق
والخسارة ملازمة للكذب والكتمان وبالله التوفيق .



فقه الحديث
أولاً :يؤخذ من حديثي عبدالله بن عمر وحكيم بن حزام مشروعية خيار المجلس وهو أنه يجوز الخيار ما داما في المجلس
لم يتفرقا عنه فإذا اختار أحدهما رد البيع جاز له ذلك رضي صاحبه أو لم يرض وقد قال بما اقتضاه الحديث الشافعي
وأحمد وأصحاب الحديث وقال مالك وأبو حنيفة بعدم خيار المجلس رغم أن مالكاً هو أحد رواة الحديث وقد ذهب ابن حبيب
من أصحاب مالك إلى إثبات خيار المجلس والذين نفوه اعتذروا عن عدم القول بالحديث بأعذار ملخصها ما يأتي :-

الوجه الأول من الاعتذارات أن مالكاً روى هذا الحديث ولم يقل به وما دام راويه لم يقل به فإن ذلك يكون عذراً لغيره عن
الأخذ به


ويجاب عن هذا العذر بجوابين :
الجواب الأول أن العبرة بما رواه الراوي لا بما رأى فالأخذ بالحديث متعين على من صح عنده وإذا كان الراوي لم يقل به
فإن ذلك لا يكون عذراً لغيره عن عدم الأخذ بالحديث المذكور والجواب الثاني أن هذا الحديث قد روي من عدة طرق فروي
من غير طريق مالك فإذا كان مالك قد ترك القول بالحديث وتعذر الأخذ به من طريق مالك فإنه لا عذر لأحد عن الأخذ بالحديث
من الطرق الأخرى التي جاءت من غير طريق مالك .


الوجه الثاني من الاعتذارات أن هذا خبر واحد فيما تعم به البلوى وخبر الواحد فيما تعم به البلوى يجعل ذلك الخبر
غير مقبول ويجاب عن هذا الوجه بأن البيع مما تعم به البلوى هو كذلك لكن الفسخ ليس مما تعم به البلوى بل هو
يكون نادراً وعلى هذا فإن هذا العذر غير صحيح ولا مقبول .


الوجه الثالث من الاعتذارات أن هذا حديث مخالف للقياس الجلي والأصول القياسية والجواب عن هذا أن القياس إنما يصار
إليه عند عدم النص وليس أن تترك النصوص من أجل القياس فأين القياس من قول من لا ينطق عن الهوى ، إن هذا كمن
يساوي بين الثرى والثريا .


الوجه الرابع أن هذا الحديث معارض لإجماع أهل المدينة وعملهم وما كان كذلك يقدم عليه العمل يعني وهذا الحديث
يقدم عليه عمل أهل المدينة ، والجواب عن هذا إن عمل أهل المدينة بل وعمل غيرهم إذا خالف النص حكم عليه
بالبطلان ووجب الأخذ بالنص وأخيراً لا أدري كيف حال من يجعل هذه الاعتذارات الملتوية ليصرف بها طلاب العلم
عن الأخذ بالنص النبوي الصحيح المعقول العلة وإن خيار المجلس حكم شرعي في منتهى اللياقة والوضوح فإن
البيع قد يكون فيه أحد المتبايعين مندفعاً فيعقد الصفقة على ما فيه غبن عليه فإذا فكر أحد المتبايعين ورأى أن من صلاحه
عدم المضي في البيع وأراد فسخه جاز له ذلك ما دام في المجلس وهذا هو مقتضى هذا الحديث الذي في خيار المجلس
أما إن سكت حتى يتم التفرق وليس بينهما خيار فإنه لا يجوز له الرد ما لم يكن هناك خيار مشروط وهذا في منتهى الحكمة
واللياقة ومن رد هذا الحكم ليبرر رأي شيخه أو إمامه الذي لم ير القول بهذا الحديث وقد يكون لذلك الإمام أو
الشيخ عذر في عدم الأخذ بالحديث لكن ليس للتابع عذر في ترك الحديث بعد أن تبينت له صحته من أجل أن إمامه لم يقل
به وإنه ليخاف على مثل هذا من الزيغ نعوذ بالله من ذلك والله سبحانه وتعالى يقول (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا
قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ) [ الأحزاب : 36 ] والله سبحانه وتعالى يقول (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا
لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ
الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) [ الأنفال : [24،25 ] إلى غير ذلك من النصوص التي
توجب طاعة الرسول ﷺ وتحذر من مخالفة أمره كما قال تعالى (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ
أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) [ النور : 63 ] وأخيراً للإطالة في هذا الموضوع مواضع غير هذا ولكن هذا من باب التنبيه على
من يريدون بشتى الوسائل رد الحديث النبوي من أجل موافقة رأي إمامهم نسأل الله ألا يزيغ قلوبنا .



ثانياً:قوله أو يخير أحدهما الآخر يدخل تحته أمران :
الأمر الأول أن يشترط أحدهما الخيار ممتداً إلى ما بعد المجلس كخيار ثلاثة أيام أو يوم أو ساعات أو ما أشبه ذلك
وهذا يقال له خيار الشرط والدليل عليه حديث حبان ابن منقذ ( أنه كان يبايع فيغلب في البيوع فقال له النبي ﷺ
( إِذَا أَنْتَ بَايَعْتَ فَقُلْ لا خِلابَةَ ثُمَّ أَنْتَ فِي كُلِّ سِلْعَةٍ ابْتَعْتَهَا بِالْخِيَارِ ثَلاثَ لَيَالٍ فَإِنْ رَضِيتَ فَأَمْسِكْ وَإِنْ سَخِطْتَ فَارْدُدْهَا عَلَى
صَاحِبِهَا) فهذا يقال له خيار الشرط وقد رأى بعض الفقهاء أن خيار الشرط يجوز ولو كان لسنة أو سنتين .


الأمر الثاني أن يخير أحدهما الآخر بأن يختار عدم استمرار الخيار إلى نهاية المجلس بل يختار قطعه ويستدل لهذا القول
بقوله ( أو يخير أحدهما الآخر ) فإن اتفقا على ذلك انقطع بينهما الخيار .



ثالثاً: هناك خيارات لم تذكر كخيار العيب وقد عدّ الفقهاء الخيارات إلى ثمانية .


رابعاً: يؤخذ من قوله ( حتى يتفرقا ) أن التفرق يعد منهياً لخيار المجلس ما لم يكن بقصد إنهائه لقوله ﷺ (وَلا يَحِلُّ
لَهُ أَنْ يُفَارِقَ صَاحِبَهُ خَشْيَةَ أَنْ يَسْتَقِيلَهُ ) وهل الفراق الذي يحصل من أحد المتبايعين بقصد عدم الإقالة هل يعد قاطعاً لخيار
المجلس ما دام وهو معصية لله أم لا ؟ هذا محل نظر وخلاف بين العلماء .



خامساً: يؤخذ من قوله (فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما ) وفي رواية ( فَعَسَى أَنْ يَرْبَحَا
رِبْحًا وَيُمْحَقَا بَرَكَةَ بَيْعِهِمَا) يؤخذ من ذلك أن البركة في البيع مترتبة على الصدق والبيان وأن المحق فيه والخسران
مترتب على الكذب والكتمان .


--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]

[ المجلد الرابع ]

رابط تحميل الكتاب :


http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf






.


رد مع اقتباس