عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 05-03-2010, 02:01PM
أم محمود
عضو غير مشارك
 
المشاركات: n/a
افتراضي التوحيد أولاً يا دعاة الإسلام - كتيب للشيخ الألباني رحمه الله

التوحيد أولاً يا دعاة الإسلام - كتيب للوالد رحمه الله


نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
(كتيّبٌ أُودعتْ فيه إحدى فتاوى الوالد" الشيخ الألباني " رحمه الله ، وسأنقله على أجزاء إن شاء الله) :

التوحيد أولاً


يا دعاة الإسلام


من فتاوى محدّث العصر


محمد ناصر الدين الألباني


رحمه الله



بسم الله الرحمن الرحيم


مقدمة


إن الحمد لله ، نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا .


من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.


{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}(آل عمران:102) {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً}(النساء:1) {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً . يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً} (الأحزاب:70-71) .


وبعدُ : فهذه واحدة من فتاوى العلامة محدث العصر محمد ناصر الدين الألباني - رحمه الله - نفردها اليوم بالطبع لأهميتها، ولحاجة الناس إليها.





سؤال : فضيلة الشيخ لا شك أنكم تعلمون بأن واقع الأمة الديني واقع مرير من حيث الجهل بالعقيدة ، ومسائل الاعتقاد ، ومن حيث الافتراق في المناهج وإهمال نشر الدعوة الإسلامية في أكثر بقاع الأرض طبقاً للعقيدة الأولى والمنهج الأول الذي صلحت به الأمة ، وهذا الواقع الأليم لا شك بأنه قد ولد غيرة عند المخلصين ورغبة في تغييره وإصلاح الخلل ، إلا أنهم اختلفوا في طريقتهم في إصلاح هذا الواقع ؛ لاختلاف مشاربهم العقدية والمنهجية - كما تعلم ذلك فضيلتكم - من خلال تعدد الحركات والجماعات الإسلامية الحزبية والتي ادعت إصلاح الأمة الإسلامية عشرات السنين ، ومع ذلك لم يكتب لها النجاح والفلاح ، بل تسببت تلك الحركات للأمة في إحداث الفتن ونزول النكبات والمصائب العظيمة ، بسبب مناهجها وعقائدها المخالفة لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم وما جاء به ؛ مما ترك الأثر الكبير في الحيرة عند المسلمين - وخصوصاً الشباب منهم - في كيفية معالجة هذا الواقع ، وقد يشعر الداعية المسلم المتمسك بمنهاج النبوة المتبع لسبيل المؤمنين ، المتمثل في فهم الصحابة والتابعين لهم بإحسان من علماء الإسلام ؛ قد يشعر بأنه حمل أمانة عظيمة تجاه هذا الواقع وإصلاحه أو المشاركة في علاجه .


· فما هي نصيحتكم لأتباع تلك الحركات أو الجماعات ؟


· وما هي الطرق النافعة الناجعة في معالجة هذا الواقع ؟


· وكيف تبرأ ذمة المسلم عند الله عز وجل يوم القيامة ؟



الجواب:


[يجب العنايةُ والاهتمامُ بالتوحيد أولاً، كما هو منهج الأنبياء والرسل عليهم السلام ]


بالإضافة لما ورد في السؤال - السابق ذكره آنفاً - من سوء واقع المسلمين ، نقول : إن هذا الواقع الأليم ليس شراً مما كان عليه واقع العرب في الجاهلية، حينما بعث إليهم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم؛ لوجود الرسالة بيننا ، وكمالها ، ووجود الطائفة الظاهرة على الحق ، والتي تهدي به ، وتدعو الناس للإسلام الصحيح ؛ عقيدة ، وعبادة ، وسلوكاً ، ومنهجاً .


ولا شك بأن واقع أولئك العرب في عصر الجاهلية مماثل لما عليه كثير من طوائف المسلمين اليوم !.


بناء على ذلك نقول : العلاج هو ذاك العلاج، والدواء هو ذاك الدواء ، فبمثل ما عالج النبي صلى الله عليه وسلم تلك الجاهلية الأولى ، فعلى الدعاة الإسلاميين اليوم - جميعهم - أن يعالجوا سوء الفهم لمعنى " لا إله إلا الله " ، ويعالجوا واقعهم الأليم بذاك العلاج والدواء نفسه . ومعنى هذا واضح جداً إذا تدبرنا قول الله عز وجل: { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً} (الأحزاب:21) .


فرسولنا صلى الله عليه وسلم هو الأسوة الحسنة في معالجة مشاكل المسلمين في عالمنا المعاصر وفي كل وقت وحين ، ويقتضي ذلك منا أن نبدأ بما بدأ به نبينا صلى الله عليه وسلم وهو إصلاح ما فسد من عقائد المسلمين أولاً ، ومن عبادتهم ثانياً ، ومن سلوكهم ثالثاً .


ولست أعني من هذا الترتيب فصل الأمر الأول بدءاً بالأهم ثم المهم ثم ما دونه ! وإنما أريد أن يهتم بذلك المسلمون اهتماما شديداً كبيراً ، وأعني بالمسلمين بطبيعة الأمر الدعاة ، ولعل الأصح أن نقول : العلماء منهم؛ لأن الدعاة اليوم - مع الأسف الشديد - يدخل فيهم كل مسلم ولو كان على فقر مدقع من العلم ، فصاروا يعدّون أنفسهم دعاة إلى الإسلام .


وإذا تذكرنا تلك القاعدة المعروفة - لا أقول : عند العلماء فقط بل عند العقلاء جميعاً - تلك القاعدة التي تقول : "فاقد الشيء لا يعطيه " ؛ فإننا نعلم اليوم بأن هناك طائفة كبيرة جداً يعدون بالملايين من المسلمين تنصرف الأنظار إليهم حين يطلق لفظة : الدعاة ؛ وأعني بهم : جماعة الدعوة ، أو : جماعة التبليغ ، ومع ذلك فأكثرهم كما قال الله عز وجل : { وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ } (لأعراف: من الآية187) .


ومعلوم من طريقة دعوتهم أنهم قد أعرضوا بالكلية عن الاهتمام بالأصل الأول، أو بالأمر الأهم ، من الأمور التي ذكرتُ آنفاً ، وأعني : العقيدة والعبادة والسلوك ، وأعرضوا عن الإصلاح الذي بدأ به الرسول صلى الله عليه وسلم بل بدأ به كل الأنبياء ، وقد بينه الله تعالى بقوله : { وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ } (النحل: من الآية36) . فهم لا يعنون بهذا الأصل الأصيل والركن الأول من أركان الإسلام - كما هو معلوم لدى المسلمين جميعاً -، هذا الأصل الذي قام يدعو إليه أول رسول من الرسل الكرام، ألا وهو نوح صلى الله عليه وسلم قرابة ألف سنة ، والجميع يعلم أن الشرائع السابقة لم يكن فيها من التفصيل لأحكام العبادات والمعاملات ما هو معروف في ديننا هذا؛ لأنه الدين الخاتم للشرائع والأديان ، ومع ذلك؛ فقد لبث نوح في قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً، يصرف وقته وجل اهتمامه للدعوة إلى التوحيد ، ومع ذلك أعرض قومه عن دعوته كما بين الله عز وجل ذلك في محكم التنزيل: {وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدّاً وَلا سُوَاعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً } (نوح:23) .


فهذا يدل دلالة قاطعة على أن أهم شيء ينبغي على الدعاة إلى الإسلام الحق الاهتمام به دائماً هو الدعوة إلى التوحيد، وهو معنى قوله تبارك وتعالى : {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ } (محمد: من الآية19) .


هكذا كانت سنة النبي صلى الله عليه وسلم عملاً وتعليماً .


أما فعله : فلا يحتاج إلى بحث ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم في العهد المكي إنما كان فعله ودعوته محصورة في الغالب في دعوة قومه إلى عبادة الله لا شريك له .


أما تعليماً : ففي حديث أنس بن مالك رضي الله عنه الوارد في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم عندما أرسل معاذاً إلى اليمن قال له : (ليكن أول ما تدعوهم إليه : شهادة أن لا إله إلا الله ، فإن هم أطاعوك لذلك .....) الحديث[1] .


فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه أن يبدأوا بما بدأ به، وهو الدعوة إلى التوحيد ، ولا شك أن هناك فرقاً كبيراً جداً بين أولئك العرب المشركين ؛ من حيث إنهم كانوا يفهمون ما يقال لهم بلغتهم ، وبين أغلب العرب المسلمين اليوم الذين ليسوا بحاجة أن يدعوا إلى أن يقولوا : لا إله إلا الله ؛ لأنهم قائلون بها على اختلاف مذاهبهم وطرائقهم وعقائدهم ، فكلهم يقولون : لا إله إلا الله ، لكنهم في الواقع بحاجة أن يفهموا معنى هذه الكلمة الطيبة ، وهذا الفرق فرق جوهري بين العرب الأولين الذين كانوا إذا دعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقولوا : لا إله إلا الله؛ يستكبرون ، كما هو مبين في صريح القرآن العظيم ، لماذا يستكبرون ؟ لأنهم يفهمون أن معنى هذه الكلمة أن لا يتخذوا مع الله أنداداً وألا يعبدوا إلا الله ، وهم كانوا يعبدون غيرَه ، فهم ينادون غير الله، ويستغيثون بغير الله ؛ فضلاً عن النذر لغير الله ، والتوسل بغير الله ، والذبح لغيره، والتحاكم لسواه ....إلخ.


هذه الوسائل الشركية الوثنية المعروفة التي كانوا يفعلونها ، ومع ذلك كانوا يعلمون أن من لوازم هذه الكلمة الطيبة " لا إله إلا الله " مِن حيث اللغة العربية أن يتبرؤوا مِن كل هذه الأمور ؛ لمنافاتها لمعنى " لا إله إلا الله ".



_____________


[1] - رواه البخاري (1395)، ومسلم (19) عن ابن عباس رضي الله عنهما.



انتهى من ص 3 – 13 . ويتبع إن شاء الله


المصدر


مدونة تمام المنة للأخت سكينة محمد ناصر الدين الألباني غفر الله لهما

التعديل الأخير تم بواسطة أم محمود ; 05-03-2010 الساعة 02:04PM
رد مع اقتباس