عرض مشاركة واحدة
  #50  
قديم 11-01-2015, 05:02AM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم



الملخص في شرح كتاب التوحيد
لفضيله الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان
-حفظه الله ورعاه-




ص -353- باب قول الله تعالى: {وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِّنَّا مِن بَعْدِ
ضَرَّاء مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي}
[فصِّلت: 50].


قال مجاهد: "هذا بعملي وأنا محقوق به".
وقال ابن عباس: "يريد من عندي".
وقوله:
{قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي} [القصص: 78].
قال قتادة: "على علم مني بوجوه المكاسب".
وقال آخرون: "على علم من الله أني له أهل".
وهذا معنى قول مجاهد: "أوتيته على شرف".

تمام الآية:
{وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِندَهُ لَلْحُسْنَى فَلَنُنَبِّئَنَّ
الَّذِينَ كَفَرُوا بِمَا عَمِلُوا وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ}
[فصلت: 50].


مناسبة هذا الباب لكتاب التوحيد:
بيان أن زعْم الإنسان استحقاقَه ما حصل له من النعم بعد الضراء منافٍ لكمال التوحيد.
ولئن: اللام: لام قسمٍ.
أذقناه: آتيناه.
رحمة: غنىً وصحة.
ضراء: شدةً وبلاءً.

ص -354- قائمة: أي: تقوم.
ولئن رُجِعت إلى ربي: أي: ولئن قامت الساعة –على سبيل الافتراض- ورجعت إلى ربي.
إن لي عنده للحسنى: أي يكون لي عند الله في الآخرة الحالة الحسنى من الكرامة؛ وذلك
لاعتقاده أن ما أصابه من نعم الدنيا فهو لاستحقاقه إياه وليس لله فيه فضلٌ.
فلننبئنَّ الذين كفروا: فلنخبرنَّهم.
بما عملوا: أي: بحقيقة أعمالهم، عكس ما اعتقدوه من حسن منقلَبهم.
غليظ: أي: شديد.


المعنى الإجمالي للآية:
يخبر تعالى أن الإنسان في حال الضُّر يضر إلى الله، وينيب إليه ويدعوه، وأنه في حال اليسر
والسعة يتغير حالُه، فينكر نعمة الله عليه، ويُعرض عن شكرها؛ لزعمه أنه إنما حصلت له
هذه النعمة بكدّه وكسبه وحوله وقوته، وأعظم من ذلك أنه ينفي قيام الساعة وزوال الدنيا،
ويقول: إن قدِّر قيام الساعة فستستمر لي هذه الحالة الحسنة، لأنني أستحقها. ثم
يعقب سبحانه على ذلك بأنه لا بد أن يوقَف هذا وأمثاله من الكافرين على حقيقة أعمالهم
الشنيعة ويجازيهم عليها بأشد العقوبة.


ما يستفاد من الآية:
1- وجوب شكر نعمة الله والاعتراف بأنها منه وحده.
2- تحريم العُجب والاغترار بالحول والقوة.

ص -355- 3- وجوب الإيمان بقيام الساعة.
4- وجوب الخوف من عذاب الله في الآخرة.
5- وعيد من كفر بنعمة الله.

ص -356- وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم-
يقول: "إن ثلاثة من بني إسرائيل: أبرص وأقرع وأعمى، فأراد الله أن يبتليهم: فبعث إليهم
ملَكاً: فأتى الأبرص، فقال: أي شيء أحب إليك؟ قال: لون حسن، وجلد حسن، ويذهب
عني الذي قد قذِرَني الناس به. قال: فمسحه، فذهب عنه قذَرُه، فأُعطي لوناً حسناً وجلداً
حسناً، قال: فأي المال أحب إليك؟ قال: الإبل أو البقر -شك إسحاق- فأعطي ناقةً
عُشَرَاء، وقال: بارك الله لك فيها.
قال: فأتى الأقرع، فقال: أيُّ شيء أحبُّ إليك؟ قال: شعر حسن، ويذهب عني الذي
قد قذِرني الناس به، فمسحه، فذهب عنه، وأُعطي شعراً حسناً، فقال: أي المال أحب إليك؟
قال: البقر أو الإبل، فأعطي بقرة حاملاً، قال: بارك الله لك فيها.
فأتى الأعمى، فقال: أيُّ شيء أحبُّ إليك؟ قال: أن يرد الله إلي بصري فأُبْصر به الناس.
فمسحه، فرد الله إليه بصره، قال: فأي المال أحب إليك؟ قال: الغنم. فأعطي شاة
والداً، فأَنتج هذان ووَلَّد هذا، فكان لهذا وادٍ من الإبل، ولهذا وادٍ من البقر، ولهذا وادٍ
من الغنم.
قال: ثم إنه أتى الأبرص في صورته وهيئته، فقال: رجل مسكين، قد انقطعت بي الحبال
في سفري، فلا بلاغ لي اليوم إلا

ص -357- بالله ثم بك، أسألك بالذي أعطاك اللون الحسن والجلد الحسن والمال، بعيراً
أتبلَّغ به في سفري، فقال: الحقوق كثيرة. فقال له: كأني أعرفُك، ألم تكن أبرصَ يقذرُك الناس،
فقيراً فأعطاك الله عز وجل المال؟ فقال: إنما ورثت هذا المال كابراً عن كابر. فقال:
إن كنت كاذباً فصيّرك الله إلى ما كنت.
قال: وأتى الأقرع في صورته، فقال له مثل ما قال لهذا، وردّ عليه مثل ما ردّ عليه هذا،
فقال: إن كنت كاذباً فصيّرك الله إلى ما كنت.
قال: وأتى الأعمى في صورته، فقال: رجل مسكين وابن سبيل قد انقطعت بي الحبال في سفري،
فلا بلاغ لي اليوم إلا بالله ثم بك، أسألك بالذي ردّ عليك بصرَك شاةً أتبلَّغ بها في سفري.
فقال: كنت أعمى فردّ الله إليَّ بصري، فخذ ما شئت، ودَعْ ما شئت؛ فوالله لا أَجْهَدُك بشيء أخذتَه لله.
فقال: أمسك مالك فإنما ابتُلِيْتُم فقد رضي الله عنك وسخط على صاحبيك"
"1"
أخرجاه.

أخرجاه: أي: البخاري ومسلم.
أبرص: الأبرص: من به داءُ البرص وهو: بياضٌ يظهر في ظاهر

"1" أخرجه البخاري برقم "3464"، ومسلم برقم "2964".

ص -358- البدن لفساد المزاج.
وأقرع: هو: من به قرَع وهو: داءٌ يصيب الصبيان في رؤوسهم ثم ينتهي بزوال الشعر أو بعضه
ويطلق القرع على الصلع.
وأعمى: هو: من فقد بصره.
أن يبتليهم: أي: يختبرهم بنعمته.
قذِرني الناس: بكسر: الذّال أي: كرِهوا مخالطَتي وعدُّوني مستقذراً من أجله.
شك إسحاق: هو ابن عبد الله بن أبي طلحة راوي الحديث.
عُشَراء: بضم العين، وفتح الشين والمد وهي: الناقة الحامل التي أتى على حملها عشرة
أشهر أو ثمانية.
والداً: أي: ذات ولد أو التي عُرف منها كثرة الولد والنتاج.
أنتج: أي: تولى صاحبُ الناقة وصاحب البقرة نتاجهما.
وولّد: بتشديد اللام أي: تولّى ولادها.
وكان لهذا... إلخ: أي: كان لكلّ واحد منهم ما يملأ الوادي من الإبل والبقر والغنم.
انقطعت بي الحبال: أي: أسباب المعيشة.
أتبلَّغ به: أي: أتوصَّل به إلى البلد الذي أريده.
كابراً عن كابر: أي: ورثت هذا المال عن كبيرٍ ورِثَه عن كبيرٍ آخر في الشرف.
صيَّرك الله إلى ما كنت: أي: ردّك إلى حالك الأولى برجوع العاهة إليك.
لا أَجْهَدُك: أي: لا أشقّ عليك برد شيء تأخذُه من مالي.


ص -359- المعنى الإجمالي للحديث:
يخبر –صلى الله عليه وسلم- عن هؤلاء الثلاثة الذين أُصيب كل منهم بعاهة في الجسم وفقر
من المال، ثم إن الله سبحانه أراد أن يختبرهم، فأزال ما أصابهم من العاهات وأدرَّ عليهم من
الأموال، ثم أرسل إلى كل واحد منهم الملك بهيئته الأولى من: المرض والقرَع والعمى والفقر
يستجديه شيئاً يسيراً، وهنا تكشّفت سرائرهم وتجلّت حقائقُهم، فالأعمى اعترف بنعمة الله
عليه ونسبَها إلى من أنعم عليه بها، فأدّى حق الله فيها، فاستحق الرضا من الله، وكفر الآخران
بنعمة الله عليهما وجحدا فضله فاستحقا السخَط بذلك.


مناسبة الحديث للباب:
أن فيه بيان حال من كفر النعم ومن شكرَها.


ما يستفاد من الحديث:
1- وجوب شكر نعمة الله في المال وأداء حق الله فيه.
2- تحريم كفر النعمة ومنع حق الله في المال.
3- جواز ذكر حال من مضى من الأمم؛ ليتعظ به من سمِعه.
4- أن الله يختبر عباده بالنعم.
5- مشروعية قول: بالله ثم بك، فيكون العطف بثُمَّ لا بالواو في مثل هذا التعبير.


المصدر :


http://ia600304.us.archive.org/34/it...mskt2/mskt.pdf




رد مع اقتباس