عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 29-05-2012, 07:03AM
أبو حمزة مأمون
عضو غير مشارك
 
المشاركات: n/a
افتراضي

قال ابن مفلح في الآداب الشرعية 3/247 :
وَقَالَ أَبُو دَاوُد فِي مَسَائِلِهِ ( بَابٌ فِي الْأَدَبِ ) قَالَ رَأَيْتُ أَحْمَدَ جَاءَهُ ابْنٌ لِمُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ فَأَرَادَ أَحْمَدُ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ الْمَسْجِدِ فَقَالَ لِابْنِ مُصْعَبٍ تَقَدَّمْ , فَأَبَى وَحَلَفَ ابْنُ مُصْعَبٍ فَتَقَدَّمَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بَيْنَ يَدَيْهِ فِي الْمَشْيِ انْتَهَى كَلَامُهُ .
وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّ الْكَبِيرَ إذَا رَاعَى الصَّغِيرَ , وَتَأَدَّبَ مَعَهُ يَحْسُنُ ذَلِكَ مِنْهُ , وَأَنَّ الصَّغِيرَ إنْ شَاءَ قَبِلَ ذَلِكَ ; لِأَنَّهُ امْتِثَالٌ , وَإِنْ شَاءَ رَدَّهُ لِأَنَّهُ وُقُوفٌ مَعَ الْأَدَبِ ...

وَقَالَ الْخَلَّالُ فِي تَقْدِمَةِ الصَّغِيرِ بَيْنَ يَدَيْ الْكَبِيرِ فِي الْمَشْي : أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ قَالَ : رَأَيْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَمْشِي بَيْنَ يَدَيْ عَمِّهِ فَرُبَّمَا تَقَدَّمَ فَيَكُونُ أَمَامَهُ . أَخْبَرنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَبِي : مَا كَانَ أَعْقَلَ بِشْرَ بْنِ الْمُفَضَّلِ ؟ كَانَ بِشْرٌ أَسَنَّ مِنْ مُعَاذِ بْنِ مُعَاذٍ وَكَانَ بِشْرُ لَا يَخْرُجُ مِنْ الْمَسْجِدِ حَتَّى يَخْرُجَ مُعَاذٌ , إكْرَامًا مِنْهُ لِمُعَاذٍ .

قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ رحمه الله : وَإِذَا أَذِنَ لَهُ وَمَعَهُ مَنْ هُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ قَدَّمَ الْأَكْبَرَ فَقَدْ رَوَى ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ : { أَمَرَنِي . جِبْرِيلُ عليه السلام أَنْ أُكْبِرَ } وَقَالَ : { قَدِّمُوا الْكَبِيرَ } .

وَقَالَ مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ : كُنْت أَمْشِي مَعَ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ فَصِرْنَا إلَى مَضِيقٍ فَتَقَدَّمَنِي ثُمَّ قَالَ : لَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّكَ أَكْبَرُ مِنِّي بِيَوْمٍ مَا تَقَدَّمْتُكَ .
وَرَأَى إبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ الشَّبَابَ قَدْ تَقَدَّمُوا عَلَى الْمَشَايِخِ فَقَالَ: مَا أَسْوَأ أَدَبَكُمْ لَا أُحَدِّثُكُمْ سَنَةً .

فَإِنْ كَانَ الْأَصْغَرُ أَعْلَمَ فَتَقْدِيمُهُ أَوْلَى .

ثُمَّ رُوِيَ بِإِسْنَادٍ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ مَنْصُورٍ قَالَ : كُنْت مَعَ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ يَوْمًا نَعُودُ مَرِيضًا فَلَمَّا حَاذَيْنَا الْبَابَ تَأَخَّرَ إِسْحَاقُ ، وَقَالَ لِيَحْيَى: تَقَدَّمْ أَنْتَ ، قَالَ يَا أَبَا زَكَرِيَّا: أَنْتَ أَكْبَرُ مِنِّي ، قَالَ: نَعَمْ أَنَا أَكْبَرُ مِنْك , وَأَنْتَ أَعْلَمُ ، فَتَقَدَّمَ إِسْحَاقُ انْتَهَى كَلَامُ ابْنِ الْجَوْزِيِّ .

وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّ مَنْ لَهُ التَّقْدِيمُ يَتَقَدَّمُ عَمَلًا بِالسُّنَّةِ ، وَإِنَّ ذَلِكَ يَحْسُنُ مِنْهُ , وَإِنَّ الْأَعْلَمَ يُقَدَّمُ مُطْلَقًا ، وَلَا اعْتِبَارَ مَعَهُ إلَى سِنٍّ ، وَلَا صَلَاحٍ ، وَلَا شَيْءٍ , وَإِنَّ الْأَسَنَّ يُقَدَّمُ عَلَى الْأَدْيَنِ وَالْأَوْرَعِ ، كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فِي الْمُسْتَوْعِبِ ، وَغَيْرِهِ فِي الْوَلِيَّيْنِ فِي النِّكَاحِ الْمُتَسَاوِيَيْنِ فِي الدَّرَجَةِ , وَقَطَعَ فِي الرِّعَايَةِ فِي النِّكَاحِ بِتَقْدِيمِ الْأَدْيَنِ وَالْأَوْرَعِ عَلَى الْأَسَنِّ , وَهَذَا مِثْلُهُ .
فَإِنْ اسْتَوَى اثْنَانِ فِي الْعِلْمِ وَالسِّنِّ , فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَدَّمَ مَنْ لَهُ مَزِيَّةٌ بِدِينٍ أَوْ وَرَعٍ أَوْ نَسَبٍ ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ .
وَيَنْبَغِي أَنْ يُعْتَبَرَ فِي تَقْدِيمِ الْأَدْيَنِ ثُمَّ الْأَعْلَمِ الطَّرِيقَةُ الْحَسَنَةُ وَالسِّيرَةُ الْجَمِيلَةُ .
وَقَدْ يَتَوَجَّهُ أَنْ يُقَالَ: يُقَدَّمُ بَعْدَ الْأَعْلَمِ مَنْ يُقَدَّمُ فِي إمَامَةِ الصَّلَاةِ عَلَى مَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْفِقْهِ .
وَذَكَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ بَعْدَ ذَلِكَ مَا رَوَاهُ أَحْمَدُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : لَيْسَ مِنْ أُمَّتِي مَنْ لَمْ يُجِلَّ كَبِيرَنَا وَيَرْحَمْ صَغِيرَنَا ، وَيَعْرِفْ لِعَالِمِنَا حقه .
رد مع اقتباس