بسم الله الرحمن الرحيم
روى مسلم في صحيحه عن عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الدِّينُ النَّصِيحَةُ قُلْنَا لِمَنْ قَالَ لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ 0
وأولى من تقدم له النصيحة الأهل والزوج والولد كما قال تعالى وأنذر عشيرتك الأقربين فلتصبر على هذا الزوج فها من الثواب بمقدار صبرها عليه وعلى نصحه ولتلين له القول ولتسمعه من كلام أهل العلم من الأشرطة والكتب النافعة لأهل العلم مايكون سبيلا لهدايته ورشاده
وقد جاءت نصوص فيها وعيد شديد للمغتابين كما خرج أبوداود في سننه عن أنس رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما عرج بي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم وصدورهم فقلت من هؤلاء يا جبريل قال هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم
وقوله تعالى ولايغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه
قال بن كثير إن كنتم تكرهون ذلك طبعا فاكرهوه شرعا
وكذلك أن تتزين له وتقوم بماتقدر عليه من حقوقه فذلك أدعى لقبول نصحها له ولتعلم أنها تثاب على ذلك الصبر والموعظة والدعوة سواءا استجاب أو لم يستجب قال تعالى ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء 0
وأما إذا كان بخيلا عليها ولايعطيها مايكفيها فلها أن تأخذ منه خفية مايكفيها وبنيها بالمعروف كما روى البخاري في صحيحه عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ هِنْدَ بِنْتَ عُتْبَةَ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ وَلَيْسَ يُعْطِينِي مَا يَكْفِينِي وَوَلَدِي إِلَّا مَا أَخَذْتُ مِنْهُ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ فَقَالَ خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ
وقد جاء في نفقتها من كسب زوجها مابوب عليه البخاري : ( بَاب أَجْر الْمَرْأَةِ إِذَا تَصَدَّقَتْ أَوْ أَطْعَمَتْ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا غَيْر مَفْسَدَة )
بِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَهَا أَنْ تَتَصَرَّفَ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا بِمَا لَيْسَ فِيهِ إِفْسَادٌ لِلرِّضَا بِذَلِكَ فِي الْغَالِبِ , بِخِلَافِ الْخَادِمِ وَالْخَازِنِ . وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا رَوَاهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ حَدِيثٍ هَمَّامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة بِلَفْظ " إِذَا أَنْفَقَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ كَسْبِ زَوْجِهَا مِنْ غَيْرِ أَمْرِهِ فَلَهَا نِصْفُ أَجْرِهِ " وَلَفْظه عند الإسماعيلي " إِذَا تَصَدَّقَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا كُتِبَ لَهَا أَجْر وَلِزَوْجِهَا مِثْلُ ذَلِكَ وَلِلْخَازِنِ مِثْلُ ذَلِكَ لَا يُنْقِصُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مِنْ أَجْرِ صَاحِبِهِ شَيْئًا , لِلزَّوْجِ بِمَا اِكْتَسَبَ وَلَهَا بِمَا أَنْفَقَتْ غَيْر مَفْسَدَة "
ولكن هذا محمول على إذنه وطيب نفسه وغير مفسدة لماله وأما إذا غلب على ظنها عكس ذلك فلتكتفي بأخذ المال لها وولدها بالمعروف إن كان بخيلا
ويدل على هذا القيد مارواه الترمذي .عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَعْطَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا بِطِيبِ نَفْسٍ غَيْرَ مُفْسِدَةٍ كَانَ لَهَا مِثْلُ أَجْرِهِ لَهَا مَا نَوَتْ حَسَنًا وَلِلْخَازِنِ مِثْلُ ذَلِكَ قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ
__________________
ماهر بن ظافر القحطاني المشرف العام على مجلة معرفة السنن و الآثار maher.alqahtany@gmail.com
|