بسم الله الرحمن الرحيم
( تطريز رياض الصالحين)
للعلامة / فيصل بن عبد العزيز آل مبارك
(1313هـ 1376هـ
[114] الثالث : عن عائشة رضي الله عنها ، قَالَتْ : مَا صلّى رَسُول الله ﷺ صلاةً بَعْدَ أنْ نَزَلتْ عَلَيهِ : ﴿ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ ﴾ إلا يقول فِيهَا : «سُبحَانَكَ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي » . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ .
وفي رواية في الصحيحين عنها : كَانَ رَسُول الله ﷺ يُكْثِرُ أنْ يقُولَ في ركُوعِه وسُجُودهِ : «سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمدِكَ ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي »، يَتَأوَّلُ القُرآنَ .
معنى : « يَتَأَوَّلُ القُرآنَ » أي يعمل مَا أُمِرَ بِهِ في القرآن في قوله تَعَالَى: ﴿ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ ﴾ .
وفي رواية لمسلم : كَانَ رَسُول الله ﷺ يُكثِرُ أنْ يَقُولَ قَبلَ أنْ يَمُوتَ :
« سُبحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمدِكَ أسْتَغْفِرُكَ وَأتُوبُ إلَيْكَ » . قَالَتْ عائشة : قُلْتُ : يَا رَسُول الله ، مَا هذِهِ الكَلِماتُ الَّتي أرَاكَ أحْدَثْتَها تَقُولُهَا ؟ قَالَ : «جُعِلَتْ لي عَلامَةٌ في أُمَّتِي إِذَا رَأيْتُها قُلتُها ﴿ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ ﴾ … إِلَى آخِرِ السورة .
وفي رواية لَهُ : كَانَ رسولُ الله ﷺ يُكثِرُ مِنْ قَولِ : « سبْحَانَ اللهِ وَبِحَمدِهِ أسْتَغفِرُ اللهَ وأتُوبُ إِلَيْهِ ».
قَالَتْ : قُلْتُ : يَا رسولَ اللهِ ، أَراكَ تُكثِرُ مِنْ قَولِ سُبحَانَ اللهِ وَبِحَمدهِ أسْتَغْفِرُ اللهَ وأتُوبُ إِلَيْه ؟ فَقَالَ : « أخبَرَني رَبِّي أنِّي سَأرَى عَلامَةً في أُمَّتي فإذا رَأيْتُها أكْثَرْتُ مِنْ قَولِ : سُبْحَانَ اللهِ وبِحَمدهِ أسْتَغْفرُ اللهَ وَأَتُوبُ إِلَيْه فَقَدْ رَأَيْتُهَا : ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ ﴾ فتح مكّة ، ﴿ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللهِ أَفْوَاجاً * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً ﴾ » .
في هذا الحديث : مواظبته ﷺ على التسبيح والتحمد والاستغفار في ركوعه وسجوده ، وأشرف أوقاته وأحواله .
وفيه : خضوعه ﷺ لربه وانطراحه بين يديه ، ورؤية التقصير في أداء مقام العبودية ، وحق الربوبية .
وفيه : الحث على الازدياد من الخير في أواخر العمر .