بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
الأخير
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
الحديث الثالث في المدبر :
عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال دبر رجل من الأنصار غلاماً له
وفي لفظ بلغ النبي ﷺ أن رجلاً من أصحابه أعتق غلاماً له عن دبر ولم يكن له مال غيره فباعه رسول الله ﷺ بثمانمائة درهم ثم أرسل ثمنه إليه
موضوع الحديث :
التدبير وحكم بيع المدبر
المفردات
قال ابن الملقن : اسم العبد المدبر يعقوب القبطي والسيد أبو مذكور والذي اشتراه نعيم بن عبدالله النحام
غلاماً : الغلام هو المملوك ويقال للصغير من الرجال
قوله عن دبر : أي أعتقه بعد موته أي بعد إدباره عن الدنيا ولهذا يقال لمن علق عتقه على الموت يقال له مدبر
قوله فباعه رسول الله ﷺ يدل أن ذلك كان من الرسول الله ﷺ نظراً في مصلحة المذكور
المعنى الإجمالي
معنى هذا الحديث الإجمالي أن رجلاً من أصحابه e أعتق غلاماً له بعد موته أي علق عتقه على موت سيده ولكن لما لم يكن له مال غيره ولعله كان بحاجة إلى ثمنه باعه e ثم أرسل ثمنه إليه .
فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من الحديث جواز التدبير بأن يقول الشخص هذا الغلام بعد موتي يكون معتقاً أو حراً لوجه الله فمن دبر مملوكه بأن أعتقه بعد موته كان عمله ذلك جائزاً
ثانياً: ذكر ابن الملقن أن التدبير مجمع عليه وأنه يصح فقال وهو إجماع
ثالثاً : ذكر أيضاً ابن الملقن أن مذهب الشافعي ومالك والجمهور أنه يحسب عتقه من الثلث وخالف الليث وزفر فقالا هو من رأس المال .
رابعاً : يؤخذ من الحديث جواز بيع المدبر قبل موت سيده إذا تبين أن مصلحة سيده في بيعه سواء كان ذلك لدين عليه أو في حاجته للنفقة ما لم يمت سيده فإن مات سيده فقد أصبح حراً لأن عتقه معلق على موت سيده
وذكر ابن الملقن أن ممن ذهب إلى بيعه قبل موت سيده وجوزه عائشة رضي الله عنها وطاوس وعطاء والحسن ومجاهد وأحمد وإسحاق وأبو ثور وداود
قال ابن الملقن رحمه الله وكما يجوز بيعه تجوز هبته والوصية به وغيرهما من التصرفات المزيلة للملك
وأقول : في قول ابن الملقن هذا نظر لأن هبته والوصية به بعد عتقه يعد تصرفاً مناقضاً للتصرف الأول الذي هو التدبير فلذلك لا يجوز وإنما باعه النبي e من أجل حاجة سيده إليه إما لقضاء دين أو نفقة وهذا هو القول الصحيح في نظري وهو يوافق الرواية الثانية عن الإمام أحمد في قوله وعن أحمد روايتان إحداهما كمذهبنا يعني أنه كما يجوز بيعه تجوز هبته والوصية به والأخرى أن له بيعه للدين فقط .
وبمنع بيع المدبر قال جمهور العلماء والسلف من الحجازيين والشاميين والكوفيين ومنهم أبو حنيفة ومالك وتأولوا معه على أنه عليه الصلاة والسلام إنما باعه في دين كان على سيده كما رواه النسائي والدارقطني وروي أنه باعه وقضى عنه دينه ودفع الفضل إليه
قلت: وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس
خامساً : يؤخذ من الحديث نظر الإمام في مصالح رعيته وأمره إياهم بما فيه الرفق بهم وإبطال ما يضر من تصرفاتهم التي يمكن فسخها .
وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه والحمد لله رب العالمين وإني لأحمد الله عز وجل على إتمام شرح هذا الكتاب علماً بأني كتبت الجزء الأول في عام 1383هـ أي قبل إحدى وأربعين سنة
فله الحمد على ذلك وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وكان الفراغ منه في يوم الاثنين الموافق الثالث عشر من شهر ذي القعدة من العام ألف وأربعمائة وأربع وعشرين للهجرة النبوية .
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]
[ المجلد الخامس ]
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf
الرابط المباشر لتحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384
التصفية والتربية
TarbiaTasfia@
التعديل الأخير تم بواسطة ام عادل السلفية ; 30-05-2016 الساعة 01:30AM
|