
27-05-2016, 12:44AM
|
عضو مشارك - وفقه الله -
|
|
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
|
|
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -
باب العتق
تعريف العتق قال ابن الملقن هو في الشرع إزالة ملك عن آدمي لا إلى مالك تقرباً إلى الله تعالى .
وأقول : الأولى في التعريف به : إزالة المالك المختار الذي يصح تصرفه مُلكه عن آدمي تقرباً إلى الله عز وجل ورغبة في ثواب العتق ذلك لأن المعتَق يتخلص من المَلكة التي تجعل تصرفه في يد غيره والإسلام يرغب في عتق المسلم ويجعله سبباً في العتق من النار لمن اعتق ذلك المعَتق وقد جاء في الحديث الذي رواه أبو هريرة عن النبي ﷺ قال من أعتق رقبة مسلمة أعتق الله بكل عضو منه عضوا من النار حتى فرجه بفرجه )
والإسلام يرغب في العتق ويحث عليه وبالأخص إذا كان المُعتق مسلماً ومن أجل ترغيبه في العتق فإنه يجعل عتق الحصة في العبد موجباً لعتق الجميع إذا كان المعتِق موسراً كما في حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما
الحديث الأول :
عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ قال من أعتق شركاً له في عبد فكان له مال يبلغ ثمن العبد قُوِّم عليه قيمة عدل فأعطى شركاءه حصصهم وعتق عليه العبد وإلا فقد عتق منه ما عتق .
قال المحقق رواه البخاري برقم 2521 ومسلم برقم 1501
موضوع الحديث :
عتق الحصة في العبد وأنه يسري العتق في الجميع إذا كان المعتِق غنياً وعليه لشركائه حصصهم
المفردات
من أعتق شركاً له في عبد : أي شراكة له فيه بأن حرر نصيبه مبتغياً بذلك وجه الله
فكان له مال … إلخ : الفاء هنا فاء السببية أي بسبب عتقه يعتق عليه الجميع إذا كان له مال ويُقوَّم عليه قيمة عدل حصص الباقين فيعطي شركاءه أنصبائهم ويُعتق عليه العبد كله
قوله وإلا : أي إن لم يكن كذلك بأن كان المعتِق فقيراً فإن عتقه لا يسري إلى أنصباء الغير ويبقى العبد مملوكاً بقدر حصص الآخرين
المعنى الإجمالي
أنه إذا كان العبد مشتركاً بين جماعة أو على الأقل بين اثنين فأعتق أحدهما نصيبه وكان غنياً بحيث يستطيع دفع ثمن الحصص المشاركة قوِّم عليه حصص الشركاء وعتق العبد جميعه في نصيبه ولم يبق للشركاء إلا قيمة حصصهم
فقه الحديث
أولاً : قوله من أعتق من هنا اسم شرط جازم وهي من أدوات العموم يدخل فيها جميع المُعتِقين سواء كانوا ذكوراً أو إناثاً وسواء كان المعتِق مريضاً أو غير مريض وسواء كان المعتِق فقيراً أو غنياً .
ثانياً : يؤخذ من الحديث أن المعتِق إذا كان غنياً بأن كان له مال يبلغ ثمن العبد فإنه تقوَّم عليه حصص الشركاء ويعطيهم حصصهم ويُعتَق العبد من نصيبه ويكون ولائه له
ثالثاً : يدل هذا أنه لا بد من تدخل الحاكم الشرعي في المسألة بأن يدعو رجلين من ذوي الخبرة والعدالة فيقوموا حصص الشركاء
رابعاً : بعد تقويم حصص الشركاء لم يبق لهم إلا دفع قيمها والعبد مُعتق بالعتق الأول
خامساً : إذا أُعتق العبد في مال المعتق الأول وكان ولاءه له فيلتحق به فيكون ملحقاً به كلحوق النسب لأن الولاية أي ولاية العتق في نظر الإسلام لا تباع ولا توهب بخلاف ما كان عليه أهل الجاهلية
سادساً : إذا مات هذا العبد المعتَق ولم يكن له وارث فإن ميراثه لمعتِقه وإن كان له وارث صاحب فرض كزوجة أو أم ورث الباقي بعد الفروض
سابعاً : إن قَتل خطئاً فإن مولاه وعصبته يؤدون الدية عنه لقول النبي ﷺ كما في حديث ابن عمر قال قال رسول الله ﷺ ( الولاء لحمة كلحمة النسب لا يباع ولا يوهب )
ثامناً : إذا كان المعتِق فقيراً أو لا يتحمل ماله قيمة حصص الشركاء فإنه يعتبر قد عُتِق من العبد ما عُتِق وتبقى أنصباء الشركاء تحت الرق .
تاسعاً : لو كان المعتِق مالكاً للثلث يعني لثلث العبد كان للعبد يوم من كل ثلاثة أيام ويومان لأصحاب الحصص يشغلونه في أعمالهم
عاشراً : إن مات قبل أن يُحرر جميعه ورث منه مُعتِقه بقدر عتقه
الحادي عشر : وهذا القول إذا لم نقل بالاستسعاء أما إن قلنا بالاستسعاء فإنه يُقوم نصيب الآخرين ويستسعى فيه
الثاني عشر : سيأتي تعريف الاستسعاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه والكلام عليه هل يصح مرفوعاً أو أنه من قول قتادة وهذا السبب الذي جعل أكثر أهل العلم لم يقولوا به وبالله التوفيق .
الثالث عشر: تعريف العبد : العبد هو الذي يسترق في قتال بين المسلمين والكفار أو يشترى بحيث لا يعلم المشتري عدم ملك البائعين له فإن علم ذلك فهل يجب عليه أن يحرره أم لا ؟
النبي ﷺ ملك زيد بن حارثة بالهبة وملكته زوجته بالهبة من ابن أخيها ثم بعد ذلك أعتقه وكان ولاءه منسوباً إليه بصريح القرآن الكريم ( وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ ….. الآية ) [ الأحزاب : 37 ]
علماً بأن زيد بن حارثة كان من قصته أنه ذهب مع أمه وهو غلام من بلد أبيه إلى بلد أمه وفي أثناء الطريق لقيهم جماعة من قطاع الطرق فأخذوا زيداً من أمه واشتراه حكيم بن حزام كما اشترى مجموعة من الغلمان الأرقاء وكان يبيع ويشتري طبيعة تجار أهل مكة فلما قدم جاءت عمته خديجة بنت خويلد تزوره وتهنئه بسلامة الوصول فقال حكيم بن حزام يا عمة إذ هو ابن أخيها قال لها يا عمة انظري هؤلاء الغلمان فخذي واحداً منهم يخدمك وكان قد ذخر الله لزيد بن حارثة ما ذخر فاختارته خديجة وذهبت به وبقي معها هي وزوجها ثم وهبت ملكه لزوجها نبي الله محمد ﷺ ثم جاء أبوه وعمه حين سمعا أن ابنهما في مكة فجاءا يسألان عن محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب فوصلا إليه وقالا له إن لنا ابناً فقد وبلغنا أنه عندك ونحن الآن جئنا لفدائه فاطلب ما تريد من المال فقال النبي ﷺ أو غير ذلك قالوا وما هو قال أن أرسل إليه فإن اختاركم فهو لكم بدون فداء فأرسل إليه فجاء فقال من هذا فقال أبي ومن هذا فقال عمي فقال إنهما قالا لي كذا وكذا فقلت لهما كذا وكذا الكلام الذي دار بينهم وبينه فقال لا أريد أن أذهب معهما قالا عجباً تفضل الناس على أبيك وأهلك قال لقد عرفت من هذا الرجل ما يجعلني لا أختار عليه أحداً فعند ذلك أشهد النبي ﷺ الحاضرين على نفسه أن زيداً ابنه يرثه . فالله أكبر
وعلى هذا نقول الأملاك التي كانت في الجاهلية وأقرت على ما هي عليه هل أن الملك الذي لا يدري الإنسان أصله يعتبر نافذاً أم أنه لا يعتبر نافذاً ؟
لأن الفرق بين ما كان قبل الإسلام وما كان بعده حاصل فقد قال النبي ﷺ ( ألا إن دماء الجاهلية موضوعة تحت قدمي هاتين وأول دم أضعه دم فلان بن ربيعة وأن ربا الجاهلية موضوع تحت قدمي هاتين وأول ربار أضعه ربا العباس بن عبدالمطلب .
وقد جاء الإسلام على ولاء وأشياء كانت معروفة مشهورة في الجاهلية فأقرها على ما كانت عليه فهل يقاس على ذلك ما كان في هذا الوقت يقال عنه رق ونحن لا ندري ما أصله أم أن المسألة فيها نظر ؟
ولا يظهر لي في ذلك ما أستطيع أن أفرق به بين الحالتين والله تعالى أعلم .
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]
[ المجلد الخامس ]
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf
الرابط المباشر لتحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384
|