
18-05-2016, 01:35AM
|
عضو مشارك - وفقه الله -
|
|
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
|
|
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
الحديث الثامن :
عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال أتى النبي ﷺ عين من المشركين – وهو في سفر – فجلس عند أصحابه يتحدث ثم انفتل فقال النبي ﷺ اطلبوه واقتلوه فقتلته فنفلني سلبه .
وفي رواية فقال : من قتل الرجل فقالوا بن الأكوع فقال له سلبه أجمع
موضوع الحديث :
السلب كما سبق
المفردات
العين : هو الجاسوس الذي يريد اكتشاف أخبار المسلمين ليدل العدو على ذلك
وهو في سفر: المراد به موقعة حنين
قوله فجلس عند أصحابه : الضمير يعود إلى النبي ﷺ والضمير في جلس ويتحدث المستتر يعود على الجاسوس
قوله ثم انفتل : أي تحرك وخرج بسرعة فقال النبي ﷺ اطلبوه واقتلوه : أي اطلبوه حتى تلحقوه وتقتلوه
قال فقتلته فنفلني سلبه
قوله فقال ابن الأكوع : يعني سلمة
فقال له سلبه أجمع : هكذا ورد بالسجع
المعنى الإجمالي
لحديث سلمة أن عيناً من المشركين والعين هو الجاسوس الذي يريد أن يخبر بما عليه العدو لأصحابه فإذا رأى رقة وضعفاً أخبرهم
والجاسوس على المسلمين يشرع قتله .
فقه الحديثين
يؤخذ من الحديثين :
أولاً : أن السلب للقاتل سواء شرطه الإمام أو لم يشرطه وهو حكم شرعي لقول النبي ﷺ ( من قتل قتيلاً فله سلبه ) وقالها بعد انقضاء القتال وذلك يدل على أن هذا الحكم حكماً جارياً في الإسلام ومما يدل على ذلك قول أَبُي بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لاهَا اللَّهِ إِذًا لا يَعْمِدُ إِلَى أَسَدٍ مِنْ أُسْدِ اللَّهِ يُقَاتِلُ عَنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ﷺ يُعْطِيكَ سَلَبَهُ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ صَدَقَ فَأَعْطَاهُ إياه فدل ذلك على أن هذا كان حكماً معلوماً في الإسلام لأن أبا بكر ما تكلم إلا عن شيء يعلمه شرعاً مستقراً سواء كان قاله قائد الجيش أو لم يقله وسواء قاله قبل القتال أو بعده كل ذلك يستحق به السلب
قال ابن الملقن واختلف فيه العلماء على قولين أحدهما أنه يستحقه سواء قال أمير الجيش قبل ذلك من قتل قتيلاً فله سلبه أو لم يقل ذلك وبه قال الشافعي والأوزاعي والليث والثوري وأبو ثور وأحمد وإسحاق وابن جرير وغيرهم قالوا هذا الحديث فتوى منه ﷺ وإخبار عن حكم الشرع فلا يتوقف على قول أحد والقول الثاني أنه لا يستحق القاتل ذلك لمجرد القتل وإنما هو لجميع الغانمين كسائر الغنيمة إلا أن يقول قبل القتال من قتل قتيلاً فله سلبه وبه قال مالك وأبو حنيفة ومن تابعهما وحملوا الحديث على هذا وجعلوا هذا إطلاقاً من النبي ﷺ وليس بفتوى وإخبار عنه قال واستضعف هذا فإنه صرح في هذا الحديث الصحيح بأنه عليه الصلاة والسلام قال هذا بعد الفراغ من القتال واجتماع الغنائم .
وقال الشيخ تقي الدين هذا يتعلق بقاعدة وهي أن تصرفات الشارع في أمثال هذا إذا ترددت بين التشريع والحكم الذي يتصرف فيه ولاة الأمور هل يحمل على الأول أو الثاني والأغلب حمله على الأول
قلت :وقد تقدم الترجيح بأن النبي ﷺ قال ذلك بعد انتهاء القتال وأن أبا بكر حين أنكر على ذلك الرجل حين طلب أن يرضي القاتل عن السلب وقرره النبي ﷺ على ذلك فقال أعطه سلبه إلا أنه قد تحصل حالات يستكثر فيها السلب فيرى أمير الجيش أن إعطاء السلب مع كثرته فيه ضرر على المجاهدين ونقص من غنيمتهم كما في حديث عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه أو كان المطالب قد أساء الأدب مع الأمير فيستحق أن يمنع ذلك السلب بسبب سوء أدبه .
ثانياً : ما هو السلب ؟
والجواب : السلب هو ما كان يحمله المقتول أو يلبسه وقت القتل وهو كالسيف والترس والقوس والسهام وما أشبه ذلك من لأمة الحرب سواء كانت في ذلك الزمن أو في زمننا هذا وكذلك ما كان لابساً له من لباس ودرع وخوذة واختلفوا في الدابة هل تلحق بالسلب أم لا ؟ وقد ذكر هنا ابن الملقن أن الإمام أحمد لم يجعل الدابة من السلب وقال في مسائل الخرقي والدابة وما عليها من آلتها من السلب وقال في المغني وجملته أن السلب ما كان القتيل لابساً له من ثياب وعمامة وقلنسوة ومنطقة ودرع ومغفر وبيضة وتاج وأسورة .. إلخ ما ذكر وقال في المغني أيضاً واختلفت الرواية عن أحمد في الدابة فنقل عنه أنها ليست من السلب وهو اختيار أبي بكر لأن السلب ما كان على يديه والمهم أن عن أحمد روايتان في الدابة إحداها أنها تدخل في السلب والرواية الثانية أنها لا تدخل (المغني الجزء الثالث عشر ص72)
ثالثاً : أنه لا يستحق السلب إلا بشروط أربعة :
أحدها : أن يكون المقتول من المقاتلة فأما إن قتل امرأة أو صبياً أو شيخاً فانياً أو ضعيفاً مهيناً ونحوهم ممن لا يقاتل لم يستحق سلبه
الثاني : أن يكون المقتول فيه منعة غير مثخن بالجراح فإن كان مثخناً بالجراح فليس لقاتله شيء من سلبه .
الثالث : أن يقتله أو يثخنه حتى يكون في حكم المقتول
الرابع : أن يغرر بنفسه في قتله أي يخاطر بنفسه لأنه يحتمل أن يكون قاتلاً أو مقتولاً
وقد ذكر ابن الملقن فوائد
أحدها : الجلوس عند أصحابه لإيناسهم بالحديث وتعلم العلم في الأسفار ووقت الحاجة إلى ذلك
قال وفي صحيح مسلم أن ذلك كان وقت التضحي لقوله(بينما نحن نتضحى إذ جاءه رجل…)
وأقول:قوله فجلس مع أصحابه يتحدث الضمير في هذا يعود إلى العين من المشركين لا إلى النبي ﷺ وكأن المؤلف فهم من قوله فجلس عند أصحابه يتحدث أن الضمير يعود إلى النبي ﷺ وليس كذلك
ثانيها : الأمر بطلب الجاسوس الكافر الحربي وقتله والإجماع قائم على ذلك لما في ذلك من كشف لعورات المسلمين ، واختلف العلماء في الجاسوس المعاهد والذمي هل ينتقض عهده إذا علم منه التجسس على المسلمين ويقتل ؟
أحدها : يصير ناقضاً للعهد بذلك فإن رأى الإمام استرقاقه أرقه ويجوز قتله
ثانيهما : لا ينتقض عهده بذلك وبه قال جمهور العلماء . قالت الشافعية إلا أن يكون قد شرط عليهم انتقاض العهد بذلك
وأقول : إن القول أن العهد ينتقض بذلك هذا هو الصحيح وفي كتاب عمر بن الخطاب رضي الله عنه بالأمان لأهل الذمة ما يشهد لذلك .
أما الجاسوس المسلم فقال الشافعي والأوزاعي وأبو حنيفة وبعض المالكية والجمهور يعزره الإمام بما يراه من ضرب وحبس ونحوهما ولا يجوز قتله وقال مالك يجتهد فيه الإمام
ثالثها ورابعها: أن القاتل يستحق السلب وأنه لا يخمس
خامسها : يؤخذ منه سؤال الإمام عمن فعل فعلاً جميلاً ليثنى عليه به ويعطيه ما يستحقه
سادسها : جواز مجانسة الكلام لقوله قال ابن الأكوع قال له سلبه أجمع إذا لم يكن فيه تكلف
سابعها : مبادرة الرعية إلى امتثال أمر إمامهم ما لم يكن معصية فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق
ثامنها : قال ابن الملقن فيه جواز تنفيل جميع ما أخذته السرية لأن سلبه كان جملة ما غنموه ثم قال ولا يخلوا ما ذكره من نظر
وأقول : إنه يؤخذ من هذا أنه إذا أمر قائد الجيش بقتل الجاسوس فانتدب لذلك جماعة وكان الذي قتله واحداً منهم فإن السلب لمن قتل دون غيره وبالله التوفيق .
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]
[ المجلد الخامس ]
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf
الرابط المباشر لتحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384
|