عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 18-05-2016, 12:40AM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -




الحديث الأول :
عن عبدالله بن أبي أوفى رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ في بعض أيامه التي لقي فيها العدو انتظر حتى إذا زالت الشمس قام فيهم فقال أيها الناس لا تتمنوا لقاء العدو واسألوا الله العافية فإذا لقيتموهم فاصبروا واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف . ثم قال النبي ﷺ اللهم منـزل الكتاب ومجري السحاب وهازم الأحزاب اهزمهم وانصرنا عليهم .



موضوع الحديث :
فضل الجهاد في سبيل الله والنهي عن تمني لقاء العدو والأمر بالصبر عند لقائه



المفردات
قوله بعض أيامه : أي حروبه والحرب يسمى يوماً وإن استغرق أياماً كما يقال يوم بعاث ويوم صفين وما أشبه ذلك
انتظر : أي تأخر إلى ما بعد الزوال
قام فيهم : أي خطيباً
وقال يا أيها الناس : أي قال في خطبته يا أيها الناس لا تتمنوا لقاء العدو : نهي عن تمني لقاء العدو
واسألوا الله العافية : أمر بسؤال العافية من الله والمقصود بذلك السلامة
قوله فإذا لقيتموهم فاصبروا : أي إذا ابتليتم بلقاء العدو فاصبروا أي اصبروا على مرارة الحرب وما يكون فيها من الموت أو الجراح سواء كان غالباً أو مغلوباً
فإن كان غالباً لزمه الصبر عن البطر والإعجاب بالنفس وإن كان مغلوباً صبر على ما حصل له
قوله واعلموا : هذا تنبيه على فضل الجهاد
أن الجنة تحت ظلال السيوف : أي لأن الجنة متسببة عنها وبريق السيوف من أعظم الأسباب فيها إذا بني ذلك على قصد نشر الدين وإعلائه وكان الجهاد على الطريقة الشرعية ثم دعا النبي e بتنـزّل النصر بقوله ( اللهم منزل الكتاب أي كما أنزلته فانصره ومجري السحاب أي بقدرتك الكاملة التي أجرت السحاب وأنزلت منه المطر نسألك بكل ذلك أن تنصرنا على عدوك وعدونا وهازم الأحزاب : المقصود بالأحزاب كل من عادى الرسل واتباعهم قال تعالى (كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالأَحْزَابُ مِن بَعْدِهِمْ وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ ) [ غافر : 5 ] أي كما هزمت الأحزاب المتقدمين في الزمن اهزم هؤلاء الأحزاب الذين تحزبوا وتعاونوا وتناصروا على دحض الحق بالباطل كما كبتَّ الذين من قبلهم اكبت هؤلاء وانصرنا عليهم


المعنى الإجمالي
يخبر عبدالله بن أبي أوفى الصحابي رضي الله عنه أن النبي ﷺ لقي العدو في بعض أيامه فانتظر ولم يبدأ بالقتال إلا بعد أن زالت الشمس ولما زالت الشمس قام فيهم و لا بد أن يكون ذلك بعد الصلاة قام فيهم خطيباً فنهاهم عن تمني لقاء العدو لما فيه من الإعجاب بالنفس وأن يسأل الله العافية ثم قال فإذا لقيتموهم فاصبروا أي إن حقق الله ذلك وابتليتم بلقاء العدو فاصبروا عند ذلك واتركوا الجزع واعلموا أن لكم إحدى الحسنيين أما أن يُضفركم الله بعدوكم وتكون لكم الغلبة ويجمع الله لكم بين قهر العدو في الدنيا والثواب في الآخرة وإما أن تُغلبوا بعد أن بذلتم المجهود في الجهاد فيكون لكم الثواب الأخروي
أما قوله واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف فيجب علينا أن نؤمن به كما هو ثم دعا رسول الله ﷺ ربه بشرعه المنزل وقدرته الكاملة أن ينصر المسلمين على عدوهم وبالله التوفيق


فقه الحديث
أولاً : أن المشروع للمسلمين الذي شرعه لهم نبيهم ﷺ أنهم إما أن يبدأوا القتال من الصباح وإن لم يبدأوا من الصباح أخروا القتال إلى بعد صلاة الظهر وزوال الشمس وهبوب الرياح


ثانياً : قيل أن التأخير إلى بعد الزوال لأمرين الأمر الأول أن يصلي المسلمون ويدعو لجيوشهم بالنصر وكذلك المجاهدون يؤدون فريضة الله عز وجل ويكون ذلك سبباً في النصر على العدو
الأمر الثاني : أنه بعد الزوال تهب الرياح ويبرد الجو ويكون في ذلك عون للمسلمين على عدوهم


ثالثاً : مشروعية الخطبة من قائد الجيش قبل البدأ بالقتال ليلخص لهم أهدافه ويأمرهم بالصبر وينهاهم عما لا ينبغي


رابعاً : النهي عن تمني لقاء العدو لأن فيه الإعجاب بالنفس والله عز وجل قال (لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ ) [ التوبة : 25] وذلك بسبب قول بعضهم لن نغلب اليوم من قلة ثم أخبر أنه نصر نبيه بعد تلك الجولة بقوله ( ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ) [ التوبة:26 ]


خامساً : ويتضمن النهي عن تمني لقاء العدو يتضمن النهي عن الإعجاب بالنفس والتباهي بالقوة وأن يكل العبد أمره إلى مولاه جلت قدرته وعز سلطانه فكم قد نصر أهل الحق وهم رسله وأتباعهم وهم قلة مستضعفون فنصرهم على أهل القوة المادية ونتذكر إغراق الله لقوم نوح ونصر إبراهيم على قومه حين ألقوه في النار وخرج منها بعد أن خمدت مرفوع الرأس منتصراً على قومه وكيف كان فرعون وقومه متيقنين في أنفسهم النصر على بني إسرائيل بكثرتهم وقلة بني إسرائيل فأمر الله البحر فانفتح لبني إسرائيل طرقاً حتى خرجوا ودخل فرعون وقومه فابتلعهم وأهلكهم فكم لله من عجائب في خلقه فكما فعل بأولئك فهو قادر على نصر المؤمنين من عدوهم


سادساً : الأمر بالصبر عند اللقاء ومعنى ذلك النهي عن الجزع الذي يؤدي إلى الانهزام والفشل بل يجب على المؤمنين أن يصبروا وينبغي لهم أن يواصلوا ما بدأوه من قتال العدو سواء كان قتالاً فعلياً أو قتال مخاصمة وطرح وأخذ ورد وبيان للحق ودحض للباطل كما يكون بمجادلة أهل الأحزاب والمبتدعة وما أشبه ذلك فإن هذا من الجهاد نسأل الله القوة عليه والصبر فيه


سابعاً : في قوله واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف إخبار بحقيقة يعلمها الله وعلينا أن نؤمن بها فإنها حقيقة وليست مجازاً كما يقوله بعض من كتب في هذا الأمر فالجهاد هو سبب دخول الجنة


ثامناً : ثم قال النبي ﷺ داعياً اللهم منـزل الكتاب ومجري السحاب وهازم الأحزاب اهزمهم وانصرنا عليهم وفي ضمن ذلك المسألة وهو أن المشروع لأصحاب الحق وأهله أن يدعوا الله عز وجل وأن يتضرعوا بين يديه راجين نصره وثوابه وإعزاز الشرع وأهله وهزيمة الباطل وأصحابه


تاسعاً : يؤخذ من قوله منزل الكتاب التوسل إلى الله عز وجل أن ينصر كتابه الذي أنزله لكونه منـزله وهو يملك نواصي العباد ويملك ما ملكوا فهو قادر عليهم قادر على إذلال من ناوئ كتابه وكذب رسله


عاشراً : قوله مجري السحاب توسل إليه سبحانه وتعالى بأسباب الرزق وهو إجراء السحاب وإنزال المطر وإنبات النبات الذي فيه رزق بني آدم والبهائم


الحادي عشر : التوسل أيضاً بهزيمة للأحزاب الذين تحزبوا ضد رسله وكتبه يريدون أن يدحضوا الحق بالباطل فهزمهم ونصره عليهم وهذه الثلاثة الأمور وهي نصر الشرائع وبسط الرزق للعباد وهزم الأحزاب الذين تحزبوا ضد رسله واتباع رسله في كل زمان ومكان توسل إلى الله بقدرته العظيمة التي فعلت هذا كله فقال إهزمهم وانصرنا عليهم وبالله التوفيق .




--------

تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384












رد مع اقتباس