
12-05-2016, 12:48AM
|
عضو مشارك - وفقه الله -
|
|
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
|
|
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
باب الصيد
الصيد مصدر صاد يصيد صيداً والمقصود به الحيوانات المتوحشة التي لا يمكن للإنسان التمتع بلحمها إلا بقتلها إما برمي حجارة فيدركه فيذكيه أو برمي المعراض كما في حديث عدي بن حاتم وهي تنقسم إلى قسمين :-
ما كان من نوع الطيور ما يعتبر منها من الطيبات لطيب لحمه دون ما يصيد بمخلبه كالصقر من الطيور أو نابه من السباع وقد حرم الشارع أكل هذه الأنواع فقد ورد عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنْ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ وَعَنْ كُلِّ ذِي مِخْلَبٍ مِنْ الطَّيْرِ)
كذلك ما كان يأكل القاذورات أو كريه الرائحة كالذي يسمى عندنا بالعكاش
وقول الله تعالى ( الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ ) [ المائدة : 5 ] فكل طيب من الطير والصيد فهو حلال إلا ما وصفنا سابقاً ويستثنى مما يأكل القاذورات كالجيف وما أشبه ذلك يستثنى من ذلك الضبع ويحرم ما عداه كالنسر والرخم والغراب والحدأة وما أشبهها من الطيور وما كان مفترساً من الطيور وهو الصقر وما في معناه من الطيور المفترسة وكذلك من الحيوانات المتوحشة أو المفترسة كالسبع والفهد والنمر والذئب وما أشبه ذلك
الحديث الأول :
عن أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه قال أتيت رسول الله ﷺ فقلت يا رسول الله إنا بأرض قوم أهل كتاب أفنأكل في آنيتهم ؟ وفي أرض صيد أصيد بقوسي وبكلبي الذي ليس بمعلم وبكلبي المعلم فما يصلح لي قال أما ما ذكرت يعني من آنية أهل الكتاب فإن وجدتم غيرها فلا تأكلوا فيها وإن لم تجدوا فاغسلوها وكلوا فيها وما صدت بقوسك فذكرت اسم الله عليه فكل وما صدت بكلبك المعلم فذكرت اسم الله عليه فكل وما صدت بكلبك غير المعلم فأدركت ذكاته فكل .
موضوع الحديث :
فيه مسائل متشعبة فمنها الأكل في آنية أهل الكتاب ومنها الصيد بالقوس والكلب المعلم وغير المعلم
المفردات
إنا بأرض قوم أهل كتاب : المراد بهم اليهود والنصارى
أفنأكل من آنيتهم : استفهام طلبي يراد منه بيان الحكم
وفي أرض صيد : المراد به الحيوانات المتوحشة
قوله بكلبك المعلم : المعلم هو ما عُلم آداب الاصطياد
قوله أما ما ذكرت : أما هنا تفصيلية
قوله فإن وجدتم غيرها فلا تأكلوا فيها : إنّ هنا شرطية ويترتب على هذا الشرط أنه لا يجوز الأكل فيها إلا إذا لم توجد آنية غيرها
قوله وإن لم تجدوا غيرها فاغسلوها وكلوا فيها وما صدت بقوسك وذكرت اسم الله عليه فكل : المقصود بالصيد بالقوس أن يخرق ويسيل الدم وما صدت بكلبك غير المعلم وأدركت ذكاته فكل
المعنى الإجمالي
سأل أبو ثعلبة رضي الله عنه النبي ﷺ عن مسائل تتعلق بآنية الكفار وبالصيد كما سيأتي فأجابه النبي ﷺ كما في الحديث
فقه الحديث
الأول : سؤال العبد عما يشكل عليه في دينه
الثاني : جمع المسائل والسؤال عنها دفعة واحدة
ثالثاً : سأل أبو ثعلبة النبي ﷺ عن الأكل في آنية أهل الكتاب فأجابه النبي ﷺ بقوله فإن وجدتم غيرها فلا تأكلوا فيها فيؤخذ منه تحريم الأكل في آنية أهل الكتاب إن وجدنا غيرها
رابعاً : أنا إذا لم نجد غيرها فإنه يجب علينا أن نغسلها ونأكل فيها
خامساً :هذا الحكم يتعلق بآنية أهل الكتاب التي يطبخون فيها الخنزير والميتة ويشربون فيها الخمر
سادساً : قد دلت أدلة على أن أواني الماء وما أشبهها مما يكون مخصصاً للحلال فإنه يجوز الأكل والشرب فيه بدليل استسقاء النبي ﷺ وأصحابه من مزادتي المشركة وبدليل توضأ عمر من جرة نصرانية
سابعاً : قول النبي ﷺ وما صدت بقوسك فذكرت اسم الله عليه فكل المراد بالقوس الذي يكون به النبل والنبل غالباً يخرق الصيد ويقتله فما أسال الدم في أي عضو منه فإنه يعتبر ذكاة له إذا ذكر اسم الله عليه
ثامناً : القول الصحيح في الصيد أنه لا يحل إذا نسي الصائد أن يذكر اسم الله على القوس إذا أرسلها أو على الكلب إذا أرسله
تاسعاً : يؤخذ من قوله وما صدت بكلبك المعلم وذكرت اسم الله عليه فكل يؤخذ منه أنه لايحل إلا ما صاده الكلب المعلم بشرط أن يكون قد ذكر اسم الله عليه فإن نسي أن يذكر اسم الله عليه حين أرسله لم تحل أخيذته لأن التسمية شرط في الصيد دون الذكاة على القول الأصح
عاشراً : ما هي شروط الكلب المعلم الذي يعتبر معلماً تحل أخيذته أي يحل ما صاده ؟
الجواب : أولاً : المعلم هو الذي إذا أرسله استرسل وإذا زجره انزجر
ثانياً : ألا يأكل مما صاده لأنه إذا أكل منه فإنما يكون قد أمسك على نفسه لا على صاحبه
ثالثاً : أن يكون قد جرح الصيد إما بمخلبه أو بنابه فأسال منه الدم
الحادي عشر: أنه لا يحل مما صاده الكلب المعلم إلا بالشروط الثلاثة المتقدمة فإن لم يكن جرحه فإنه في هذه الحالة إما أن يدرك الصائد ذكاته فيذكيه فيحل أولا يدرك ذكاته فلا يحل
الثاني عشر :اختلف أهل العلم فيما إذا أكل الكلب من فريسته وهو معلم هل يحل الصيد ؟ اختلفت في هذا المسألة الأحاديث فلذلك اختلف أهل العلم فيها فمنهم من أجاز ما صاده ولو أكل منه إذا كان معلماً ومنهم من منع وهذه المسألة تحتاج إلى تحرير
الثالث عشر :أنه إذا كان الكلب غير معلم فإنه لا يحل صيده إلا أن يدركه صاحبه حياً فيذكيه لقوله ﷺ وما صدت بكلبك غير المعلم وأدركت ذكاته فكل ) فيؤخذ منه أن ما لم تدرك ذكاته لا يؤكل .
الرابع عشر: لم يذكر في هذا الحديث المعراض وقد ذكر في حديثعَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ سَأَلْتُ النَّبِيَّ ﷺ قُلْتُ أُرْسِلُ كِلابِي الْمُعَلَّمَةَ قَالَ إِذَا أَرْسَلْتَ كِلابَكَ الْمُعَلَّمَةَ وَذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ فَأَمْسَكْنَ فَكُلْ وَإِذَا رَمَيْتَ بِالْمِعْرَاضِ فَخَزَقَ فَكُلْ )
الخامس عشر :أن ما صاده الصائد بالمعراض أو غيره فقتله بثقله ولم ينهر منه الدم فإنه حينئذ لا يحل أكله .
السادس عشر : يؤخذ مما تقدم أن الصيد لا يحل إلا بشروط كما سبق بيانه فإن كان قد صيد بكلب معلم أو بسهم وذكر اسم الله عليه وأنهر الدم فهو حلال وإن كان قد صيد بكلب غير معلم أو قتل بشيء ثقيل أو نسي الصائد أن يسمي عليه ولم ينهر دماً فإنه في هذه الحالة لا يحل
السابع عشر :فرق بين تذكية الحيوانات الأهلية كالأنعام وبين الصيد أن التسمية في الصيد شرط وفي الذكاة واجبة وليست بشرط لحديث عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رضي الله عنها أَنَّ قَوْمًا قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ قَوْمًا يَأْتُونَا بِلَحْمٍ لا نَدْرِي ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ أَمْ لا قَالَ سَمُّوا أَنْتُمْ وَكُلُوا وَكَانُوا حَدِيثَ عَهْدٍ بِالْكُفْرِ وبالله التوفيق .
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]
[ المجلد الخامس ]
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf
الرابط المباشر لتحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384
|