عرض مشاركة واحدة
  #30  
قديم 28-03-2016, 04:10PM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم






تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -



الحديث الثالث :
عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال نذرت أختي أن تمشي إلى بيت الله الحرام حافية فأمرتني أن استفتي لها رسول الله ﷺ فاستفتيته فقال لتمش ولتركب



موضوع الحديث :
نذر ما يشق على الناذر



المفردات
قوله حافية : أي بدون نعلين
فأمرتني : هذا أمر التماس
أن استفتي لها رسول الله ﷺ : أي أطلب منه بيان الحكم في نذرها هذا . وبيان الحكم يقال له فتوى
قوله فاستفتيته : أي تنفيذاً لرغبتها
فقال لتمش ولتركب : أي لتمش ما أطاقت المشي بمعنى أنها تمشي في بعض الطريق ولتركب إذا شق عليها المشي


المعنى الإجمالي
من طبيعة الإنسان أنه يندفع أحياناً فيوجب على نفسه ما يشق عليه ويحسب أن ذلك قربة وقد بين النبي ﷺ أن مثل هذه الالتزامات التي يشق فيها العبد على نفسه ليست بمطلوبة في شرع الله وعبادته وإنما المطلوب في الشرع والعبادة الاعتدال فيها وعدم المشقة على النفس لكي تستمر العبادة وقد أنكر النبي ﷺ على من وجده يقاد بزمام وهو يطوف فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ رَأَى رَجُلاً يَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ بِزِمَامٍ أَوْ غَيْرِهِ فَقَطَعَهُ ) ولما وجد رجلاً يهادى بين ابنيه وأخبروه أنه نذر أن يمشي إلى بيت الله الحرام فقال مروه فليركب إن الله لغني عن تعذيب هذا نفسه كما في حديث أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ رَأَى شَيْخًا يُهَادَى بَيْنَ ابْنَيْهِ قَالَ مَا بَالُ هَذَا قَالُوا نَذَرَ أَنْ يَمْشِيَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ عَنْ تَعْذِيبِ هَذَا نَفْسَهُ لَغَنِيٌّ وَأَمَرَهُ أَنْ يَرْكَبَ وقصة هذه المرأة كذلك إلا أن النبي ﷺ كأنه رأى أن أخت عقبة بن عامر تطيق شيئاً من المشي فأمرها أن تمشي ما أطاقت وتركب ما عدا ذلك وبالله التوفيق


فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من الحديث أن من نذر اتيان بيت الله الحرام وجب عليه الوفاء لأن اتيانه طاعة وقد جاء عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ ( مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَهُ فَلا يَعْصِهِ )
وهل يلتحق بذلك مسجد النبي ﷺ والمسجد الأقصى الجواب نعم لأن النبي ﷺ قَالَ (لا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلا إِلَى ثَلاثَةِ مَسَاجِدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِ الرَّسُولِ e وَمَسْجِدِ الأَقْصَى )


ثانياً : يؤخذ من هذا الحديث ومن الحديث الآخر الذي ذكرناه أن من نذر أن يصلي في مسجد غير هذه الثلاثة أو يأتي بلداً غير البلد الحرام فإنه لا يلزمه ذلك النذر حتى ولو كان ذلك المكان له شيء من التقديس كوادي طوى ومسجد الخليل وما أشبه ذلك وقد أنكر أبو هريرة رضي الله عنه على من ذهب إلى وادي طوى


ثالثاً : من نذر شيئاً يشق على نفسه به كنذر أخت عقبة إذ ورد أنها نذرت أن تحج حاسرة وحافية وقد أنكر النبي ﷺ عليها وأمرها أن تمشي وتركب وأن تلبس وكذلك عندما كان النَّبِيُّ ﷺ يَخْطُبُ إِذَا هُوَ بِرَجُلٍ قَائِمٍ فَسَأَلَ عَنْهُ فَقَالُوا أَبُو إِسْرَائِيلَ نَذَرَ أَنْ يَقُومَ وَلا يَقْعُدَ وَلا يَسْتَظِلَّ وَلا يَتَكَلَّمَ وَيَصُومَ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ مُرْهُ فَلْيَتَكَلَّمْ وَلْيَسْتَظِلَّ وَلْيَقْعُدْ وَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ ) وما سبق أن أشرنا إليه في الذي وجد يهادى في الطريق والذي رآه يقاد بزمام وأن النبي ﷺ قال إن الله لغني عن تعذيب هذا نفسه


رابعاً : أن من نذر شيئاً يشق عليه وهو قادر على بعضه فإنه يشرع له تركه وعليه كفارة يمين وفي الحج عليه هدي


خامساً : أن الحفاء تعذيب للنفس فهو ملحق بما يشق على الإنسان وأنه يجوز له أن يكفر عن النذر أو يتركه بالكلية ويجوز له أن ينفذ ما يستطيع عليه ويكفر عن الباقي


سادساً : قول بعض الفقهاء أنه إذا مشى يسيراً وجب عليه أن يرجع مرة أخرى ليمش بقدر ما ركب ويركب بقدر ما مشى هذا القول فيه نظر أولاً : لأنه مصادم لما ورد عن النبي ﷺ فالرسول ﷺ لم يقر شيئاً يشق على الناذر وثانياً : قد تكون بلد المسلم بعيدة كأن تكون من خارج الجزيرة العربية فلا يمكنه الرجوع والقول الصحيح أن مثل هذا النذر لا يكلف به الإنسان والله أعلم


سابعاً : أن من نذر معصية فإنه يحرم عليه الوفاء بالمعصية والقول الصحيح أنه لا تجب الكفارة عن ذلك النذر ونذر أخت عقبة دخل فيه شيء من المعصية فهي نذرت أن تمشي حاسرة أي بدون ثياب وناشرة شعرها وهذا يحرم على المرأة أن تفعله ولذلك فإنه لا يجوز تنفيذه ولا يجب على الناذر كفارة عنه لحديث عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال ( لا نَذْرَ لابْنِ آدَمَ فِيمَا لا يَمْلِكُ وَلا فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى )



--------

تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384








رد مع اقتباس