عرض مشاركة واحدة
  #24  
قديم 13-03-2016, 07:36PM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -




الحديث الرابع :
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال قال سليمان بن داود عليهما السلام لأطوفن الليلة على سبعين امرأة تلد كل امرأة منهن غلاماً يقاتل في سبيل الله فقيل له قل إن شاء الله فلم يقل فلم تلد منهن إلا امرأة واحدة نصف إنسان قال فقال رسول الله ﷺ لو قال إن شاء الله لم يحنث وكان ذلك دركاً لحاجته )

قوله قيل له قل إن شاء الله يعني قال له الملك


موضوع الحديث :
الاستثناء في اليمين



المفردات
سليمان بن داود عليهما السلام هو نبي وأبوه نبي وكان بعد موسى بحوالي ألف سنة وقبل عيسى بحوالي تسع مائة سنة أما ترجمة سليمان فمن أرادها مبسوطة وكذلك ترجمة أبيه ففي كتاب البداية والنهاية لابن كثير رحمه الله ترجمة لكل منهما
قوله لأطوفن : اللام لام قسم أي والله لأطوفن
قوله سبعين امرأة وفي رواية تسعين امرأة وفي رواية ستين امرأة كل هذه الروايات صحيحة
قوله تلد كل امرأة منهن غلاماً يقاتل في سبيل الله : هذا إخبار عما يعتقده ذلك النبي إذ يعتقد ويقصد بالزواج ومجامعة النساء تكثير الأولاد ليجاهدوا أهل الكفر الذين كانوا في ذلك الزمن
فقيل له قل إن شاء الله : هذا تذكير من الملك لنبي الله سليمان
فلم يقل : يعني أنه نسي وقد أنساه الله عز وجل ليتم فيه القدر
فطاف بهن : أي جامعهن
فلم تلد منهن إلا امرأة واحدة نصف إنسان فقال رسول الله ﷺ لو قال إن شاء الله لم يحنث وكان ذلك دركاً لحاجته
قوله دركاً لحاجته : أي كان سبباً في إدراكها


المعنى الإجمالي
المعنى الإجمالي لهذا الحديث هو أن سليمان عليه السلام قال لجليسه إما أن يكون الملك وإما أن يكون وزيراً له لأطوفن الليلة على سبعين امرأة أخبر أنه سيجامعهن جميعاً تلد كل امرأة منهن غلاماً يقاتل في سبيل الله فقيل له قل إن شاء الله أي أن جليسه ذلك ذكره بالاستثناء فلم يقل فطاف بهن أي دار عليهن جميعاً وجامعهن كلهن فلم تلد منهن إلا امرأة واحدة نصف إنسان أو شق إنسان وقد أخبر النبي ﷺ أنه لو قال إن شاء الله لما حنث في يمينه ولكان ذلك سبباً لإدراك حاجته .


فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من هذا الحديث عمل المباح لغرض ديني إذ أن سليمان عليه السلام قصد بدورانه على هذه العدة من النساء قصد بذلك أنه يكون سبباً في وجود الولد أو في وجود الأولاد الذين يجاهدون في سبيل الله وتكثيرهم


ثانياً : يؤخذ منه ما كان عليه الأنبياء من علو المقاصد إذ أن سليمان عليه السلام لم يرد وجود الأولاد من أجل الدنيا وإنما أراد ذلك من أجل الجهاد في سبيل الله


ثالثاً : أنه يجوز للمسلم التحدث بمثل هذا الذي يكون فيه إجمال إذا كان لحاجة أما بدون حاجة فإنه لا يجوز وقد قال النبي ﷺ كما في حديث أَسْمَاءُ بِنْتُ يَزِيدَ أَنَّهَا كَانَتْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَالرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ قُعُودٌ عِنْدَهُ فَقَالَ لَعَلَّ رَجُلا يَقُولُ مَا يَفْعَلُ بِأَهْلِهِ وَلَعَلَّ امْرَأَةً تُخْبِرُ بِمَا فَعَلَتْ مَعَ زَوْجِهَا فَأَرَمَّ الْقَوْمُ فَقُلْتُ إِي وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُنَّ لَيَقُلْنَ وَإِنَّهُمْ لَيَفْعَلُونَ قَالَ فَلا تَفْعَلُوا فَإِنَّمَا ذَلِكَ مِثْلُ الشَّيْطَانِ لَقِيَ شَيْطَانَةً فِي طَرِيقٍ فَغَشِيَهَا وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ )


رابعاً : يؤخذ من هذا الحديث أن المسلم إذا أراد أمراً ولو كان الأمر خيراً فإنه ينبغي له أن يقول إن شاء الله أولاً تأدباً مع الله وأن كل شيء لا يتم إلا بمشيئته والله سبحانه وتعالى قد قال في كتابه مؤدباً نبيه ﷺ ( وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ ) [ الكهف : 23 – 24 ] وثانياً : إن الاستثناء سبب في إدراك الحاجة التي يريدها لأن النبي ﷺ قال لو قال إن شاء الله لم يحنث وكان ذلك دركاً لحاجته


خامساً : اختلف أهل العلم في الاستثناء بعد اليمين وبعد الطلاق وبعد العتق هل يجوز ويرفع حكم ما سبقه في كل ذلك أم أنه لا يرفع إلا حكم اليمين فقط ؟


قال ابن الملقن في شرح العمدة أما إذا استثنى في الطلاق والعتق وغير ذلك سوى اليمين بالله فقال أنت طالق إن شاء الله أو أنت حر إن شاء الله أو أنت عليّ كظهر أمي إن شاء الله وما أشبه ذلك فمذهب الشافعي والكوفيين وأبي ثور صحة الاستثناء في جميع ذلك كما أجمعوا عليها في اليمين بالله فلا يحنث في طلاق ولا عتق ولا ينعقد ظهاره ولا نذره ولا إقراره ولا غير ذلك مما يتصل به قول إن شاء الله وقال مالك والأوزاعي لا يصح الاستثناء في شيء من هذا إلا باليمين بالله تعالى ، وقال الحسن يصح فيها وفي العتق والطلاق خاصة وقال الشيخ تقي الدين فرق مالك بين الطلاق واليمين بالله تعالى وإيقاعه الطلاق بخلاف اليمين بالله لأن الطلاق حكم قد شاءه الله تعالى مشكل جداً ) أهـ


سادساً : القول الصحيح في الاستثناء أنه يشترط فيه أن يكون متصلاً بالكلام إلا إذا طال الفصل أو أخذ في كلامٍ غيره ثم بعد ذلك استثنى فإنه لا يتم الاستثناء بهذه الصفة
وينعقد الاستثناء إذا كان متصلاً بالكلام بدون فاصل دليله أن النبي ﷺ لما ذكر لا يُخْتَلَى خَلاهَا وَلا يُعْضَدُ شَجَرُهَا وَلا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا وَلا تُلْتَقَطُ لُقَطَتُهَا إِلا لِمُعَرِّفٍ فقَالَ الْعَبَّاسُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِلا الإِذْخِرَ لِصَاغَتِنَا وَقُبُورِنَا فَقَالَ إِلا الإِذْخِرَ )


سابعاً : يؤخذ منه أن الأنبياء والرسل منحهم الله طاقة بشرية عالية وفي هذا الحديث أن النبي ﷺ أخبر أن سليمان عليه السلام طاف على سبعين امرأة أو تسعين امرأة في تلك الليلة والنبي ﷺ طاف على نسائه التسع ليلة بات بذي الحليفة وفي هذا دليل على أن الأنبياء منحهم الله عز وجل طاقة قوية في الجماع


ثامناً : يؤخذ منه التأدب باستعمال الألفاظ التي لا يكون فيها بشاعة فقد قال سليمان ( لأطوفن الليلة ولم يقل لأجامعن فكان في استعماله بهذا اللفظ تعبير حسن
وبالله التوفيق



--------

تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384









رد مع اقتباس