
05-03-2016, 02:22PM
|
عضو مشارك - وفقه الله -
|
|
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
|
|
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
كتاب الأيمان :
الأيمان جمع يمين والمقصود به الحلف سمي الحلف يميناً لأنهم كانوا إذا تحالفوا أخذ كل واحد منهم بيمين صاحبه وهي في الشرع تحقيق الشيء أو تأكيده بذكر اسم الله تعالى أو صفة من صفاته مثال ذلك والله إني لصادق . أما التمثيل للحلف في صفة من صفات الله كقول القائل وعزة الله إني لصادق فيما قلته .
أما النذور فهي جمع نذر والنذر شرعاً أن يوجب الإنسان على نفسه شيئاً لم يجب عليه بمحض الشرع كأن يقول لله عليّ أن أصلي كل ليلة كذا ركعة تطوعاً أو أصوم في كل شهر كذا يوماً تطوعاً .
الحديث الأول :
عن عبدالرحمن بن سمرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ يا عبدالرحمن بن سمرة لا تسأل الإمارة فإنك إن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها وإن أعطيتها عن غير مسألة أعنت عليها وإذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيراً منها فكفر عن يمينك وائت الذي هو خير .
موضوع الحديث
النهي عن سؤال الإمارة وتعليل ذلك بأن من أعطيها عن مسألة وكل إليها ومن أعطيها عن غير مسألة أعين عليها والأمر بالوفاء باليمين والتكفير عنها إن كان الوفاء خيراً
المفردات
الإمارة : هي الولاية ولعلم الشارع أن النفوس تحرص عليها نهى عن ذلك معللاً بما تقدم
معنى وكلت إليها :أي تركت ونفسك واستولى عليك الشيطان وأدخلك فيما لا يجوز
ومعنى أعنت عليها : أي جعل الله لك عوناً بمعرفة وجهة الحق ولا يجعله ملتبساً عليك
إذا حلفت على يمين : أي على شيء تريد فعله أو تركه فرأيت بعد ذلك أن عدم الوفاء بها خير من الوفاء بها فكفر عن يمينك أي قد جعل الله لك مخرجاً بأن تكفر عن يمينك وتأتي الذي هو خير .
المعنى الإجمالي
في هذا الحديث ينهى رسول الله e عن سؤال الإمارة معللاً ذلك بأن من أعطيها عن مسألة وكل إليها أي خذل وترك لرغبته في الدنيا وإيثارها على الآخرة وأن من أعطيها عن غير مسألة أعين عليها بأن يسدده ربه وأن الحلف على شيء لا يجعله الحالف مانعاً له من فعل الخير إذا رآه في غير جهة اليمين ولذلك فإن له أن يتخلص من اليمين بالتكفير ثم يأتي الذي هو خير
فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من هذا الحديث كراهية سؤال الإمارة وهذا النهي يعززه ما ورد في الحديث الذي رواه أبو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ إِنَّكُمْ سَتَحْرِصُونَ عَلَى الإِمَارَةِ وَسَتَكُونُ نَدَامَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَنِعْمَ الْمُرْضِعَةُ وَبِئْسَتْ الْفَاطِمَةُ ) وكذلك ما ورد في حديث أَبُي بُرْدَةَ قَالَ قَالَ أَبُو مُوسَى أَقْبَلْتُ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ وَمَعِي رَجُلانِ مِنْ الأَشْعَرِيِّينَ أَحَدُهُمَا عَنْ يَمِينِي وَالآخَرُ عَنْ يَسَارِي فَكِلاهُمَا سَأَلَ الْعَمَلَ وَالنَّبِيُّ ﷺ يَسْتَاكُ فَقَالَ مَا تَقُولُ يَا أَبَا مُوسَى أَوْ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ قَالَ فَقُلْتُ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا أَطْلَعَانِي عَلَى مَا فِي أَنْفُسِهِمَا وَمَا شَعَرْتُ أَنَّهُمَا يَطْلُبَانِ الْعَمَلَ قَالَ وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى سِوَاكِهِ تَحْتَ شَفَتِهِ وَقَدْ قَلَصَتْ فَقَالَ لَنْ أَوْ لا نَسْتَعْمِلُ عَلَى عَمَلِنَا مَنْ أَرَادَهُ وَلَكِنْ اذْهَبْ أَنْتَ يَا أَبَا مُوسَى أَوْ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ فَبَعَثَهُ عَلَى الْيَمَنِ … الحديث ) فأرسله النبي ﷺ أي أرسل أبا موسى أميراً على اليمن فدل ذلك على أن طلب الإمارة والولاية مكروهاً لما يترتب على ذلك من خذلان الله للعبد إن طلب الولاية .
ثانياً : إذا علم المسئول عن شخص بأنه مستحق لتلك الولاية وأشار عليه بذلك من لا يتهم فأراد السلطان أن يوليه ذلك العمل وشعر المولى من نفسه بالكفاية ولم يكن على الساحة من هو خيراً منه ففي هذه الحالة ينبغي له أن يقبلها بعد استخارة واستشارة وعدم تسرع إلى الإجابة ويستأنس لهذا بقول يوسف عليه السلام ( اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ ) [ يوسف : 55 ]
ثالثاً : أن من تولى القضاء أو الولايات الكبيرة يجب عليه أن يكثر من التضرع بين يدي الله عز وجل أن يعينه ويسدده وهو حري إن فعل ذلك أن الله عز وجل سيسدده ويعينه
رابعاً : النهي عن طلب الإمارة يتجه والله أعلم إلى الولايات الكبيرة التي يكون فيها والياً على جملة أشياء والتي يكون فيها سلطة يتسلط بها الوالي أما الوظائف الصغيرة التي تطلب ويطلب القيام بها من أجل سداد ثغرة من الثغرات يحتاج إليها في العمل فهذه لا تكون من الولايات المرموقة التي نهي عن طلبها
خامساً : قوله وإذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيراً منها فكفر عن يمينك وائت الذي هو خير يؤخذ من هذا أن من حلف على يمين أن لا يفعل كذا أو أن يفعل كذا ولكنه رأى الخير في ترك ما حلف على فعله أو فعل ما حلف على تركه فإنه يشرع له التخلص من تلك اليمين بالتكفير عنها واتيان الذي هو خير
سادساً : اختلف أهل العلم هل يجوز التكفير قبل الحنث ؟
فذهب قوم إلى جوازه مطلقاً قال ابن الملقن وبه قال أربعة عشر من الصحابة وجماعات من التابعين ومالك والشافعي والأوزاعي والثوري والجمهور لكن قالوا يستحب كونها بعد الحنث واستثنى الشافعي التكفير بالصوم فقال لا يجوز قبل الحنث لأنه عبادة بدنية فلا يجوز تقديمها قبل وقتها كالصلاة وقال أبو حنيفة وأصحابه وأشهب من المالكية بعدم جواز تقديمها على الحنث مطلقاً .
سابعاً : أما الأدلة فقد جاءت كما يلي :
فكفر عن يمينك وائت الذي هو خير
الرواية الثانية : وائت الذي هو خير وكفر عن يمينك
الرواية الثالثة : فكفر عن يمينك ثم ائت الذي هو خير
وهذه الرواية الأخيرة دالة على جواز تقديم التكفير على الحنث لقوله فكفر عن يمينك وائت الذي هو خير وهي دليل الجمهور وهناك مسألة أخرى في حديث أبي موسى حينما جاءوا إلى النبي ﷺ يستحملونه ولم يكن عنده شيء من الإبل فحلف ألا يحملهم لأنه لا يجد ما يحملهم عليه فجاءت إبل من إبل الصدقة فأرسل إليهم يدعوهم وأعطاهم ست قلائص غر الذرى فلما خرجوا من عنده قال أبو موسى لأصحابه والله لا نصيب خيراً فقد استغفلنا رسول الله عن يمينه فرجعوا وأخبروه فقال والله إني لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيراً منها إلا كفرت عن يميني وأتيت الذي هو خير ويحتمل أنه أرسل إليهم قبل التكفير وعلى هذا فالذي يترجح عندي أن العزم على الحنث بمنزلة الحنث توضيحه أن النبي ﷺ حلف ألا يحملهم في حالة كونه لا يجد ما يحملهم عليه فلما وجد بوجود إبل الصدقة عند ذلك عزم على الحنث وأرسل إليهم فحملهم وهذا هو القول الصواب في نظري
ثامناً : ما معنى الحنث ؟ الحنث هو وقوع خلاف ما حلف عليه أي مخالفة جهة اليمين فحينما حلف ألا يحملهم وأرسل إليهم فحملهم ولعله قد كفر قبل أن يرسل إليهم ومن هنا نقول أن الحنث هو مخالفة اليمين ومعنى الحنث الإثم فإنه إذا خالف يمينه من غير أن يكفر أثم والخروج من الإثم بالتكفير عن اليمين
تاسعاً : ما هي كفارة اليمين ؟ كفارة اليمين أربعة أمور ثلاثة منها مرتبة وهي المذكورة في قوله تعالى ( وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ ) فبدأ الله عز وجل بالأسهل وهو إطعام عشرة مساكين ثم أتبعه بما هو أعلى وأصعب وهو كسوة المساكين العشرة ثم أتبعه بعتق الرقبة ثم قال ( فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ ) [ المائدة : 89 ] فجعل الصيام مرتباً بعد الثلاثة ويكفر به عند عدم وجود الثلاث المذكورة وبالله التوفيق .
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]
[ المجلد الخامس ]
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf
الرابط المباشر لتحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384
|