
02-03-2016, 12:05AM
|
عضو مشارك - وفقه الله -
|
|
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
|
|
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
باب حد شارب الخمر
يلاحظ على من وضع هذه الترجمة وهي قوله باب حد الخمر وهذا الكلام خطأ فإن الحد إنما هو على شربها فمن وجدت عنده خمر لم يجلد من أجل وجودها عنده إلا تعزيراً ولكن يوعظ وأن بقاءها عنده إدمان
أورد فيه الحديث الأول :
حديث أنس بن مالك رضي الل عنه أن النبي ﷺ أتي برجل قد شرب الخمر فجلده بجريدة نحو أربعين قال وفعله أبو بكر فلما كان عمر استشار الناس فقال عبدالرحمن بن عوف أخف الحدود ثمانون فأمر به عمر رضي الله عنه
موضوع الحديث :
حد شارب الخمر هل هو أربعون أو ثمانون
المفردات
أتي برجل : لم يعرف من هو هذا الرجل إلا أنه قد ذكر أن أَنَّ رَجُلا من الصحابة عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ ﷺ كَانَ اسْمُهُ عَبْدَ اللَّهِ وَكَانَ يُلَقَّبُ حِمَارًا وَكَانَ يُضْحِكُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وَكَانَ النَّبِيُّ ﷺ قَدْ جَلَدَهُ فِي الشَّرَابِ فَأُتِيَ بِهِ يَوْمًا فَأَمَرَ بِهِ فَجُلِدَ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ اللَّهُمَّ الْعَنْهُ مَا أَكْثَرَ مَا يُؤْتَى بِهِ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ لا تَلْعَنُوهُ فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ إلا إِنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ )
الخمر : يسمى به كل شراب بلغ إلى حد الإسكار وقد قام عمر رضي الله عنه خطيباً فقال الخمر ما خامر العقل أهـ .
وهو إما مشتق من التخمير الذي هو التغطية وذلك أنها تغطي العقل وإما مشتق من المخامرة التي هي المخالطة والقول الأول لعله هو الأقرب لكونها تغطي العقل وتمنعه من معرفة الحقائق
بجريدة : الجريدة تطلق على كل عود سواء كان أخضراً أو يابساً ولعله في الأخضر أشهر وفي محيط المدينة النبوية قد يكون أن إطلاق الجريدة يراد به جريد النخل
قوله نحو أربعين : هذه اللفظة تدل على أن الأربعين تقديراً لا تحديداً
قوله وفعله أبو بكر : أي جرى على ما كان عليه الأمر في عهد النبي ﷺ فلما كان عمر استشار الناس : أي طلب الرأي والمشورة منهم ولعل السبب أن الناس لما حصلت لهم النعمة بطر بعضهم بها وأكثروا من شرب الخمر
قوله أخف الحدود ثمانون : المراد به هنا الحدود المنصوص عليها بالضرب فحد الزنا إذا كان الزاني بكراً مائة جلدة وحد الفرية ثمانون وحد الزاني المحصن الرجم بالحجارة حتى يموت وحد السرقة قطع اليمين من مفصل الكف إذاً فحد الفرية ثمانون بنص الكتاب وأشار عبدالرحمن بن عوف باعتماده فأمر به عمر رضي الله عنه فكان سنة في الشارب
المعنى الإجمالي
يخبر أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي ﷺ ضرب شارب الخمر بجريدة نحو أربعين وأن أبا بكر جرى على ما كان عليه الأمر في عهد النبي ﷺ فلما كان زمن عمر رضي الله عنه وكثرت الفتوح وفاضت الأموال وكثر الوقوع في شرب الخمر ممن لم يكن عندهم من الإيمان ما يردعهم عن ذلك فاستشار عمر رضي الله عنه الصحابة أي استشارهم في الزيادة على الأربعين أو الاكتفاء بها فكأنهم رأوا الزيادة حسماً لذلك التوارد على شرب الخمر من كثير من الناس ليكون في تلك الزيادة زاجراً ورادعاً لهم .
فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من هذا الحديث تحريم شرب الخمر وهو إجماع والله سبحانه وتعالى قد حرم شربها في كتابه وبين أن الشيطان حريص على إيقاع العبد فيما حرم الله عز وجل فقال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) [المائدة : 90 ، 91 ]
ثانياً : يؤخذ من هذا الحديث وجوب الحد على شاربها سواء شرب كثيراً أو قليلاً
ثالثاً :اختلف أهل العلم في حد شرب الخمر فذهب الشافعي إلى أنه أربعون وبه قال داود الظاهري وأبو ثور وقال الشافعي للإمام أن يبلغ به الثمانين إن رأى ذلك لفعل عمر رضي الله عنه وقال الجمهور أن حد شارب الخمر ثمانون جلدة وممن قال بذلك مالك وأبو حنيفة والأوزاعي والثوري وأحمد وإسحاق وابن المنذر
قلت : والذي نص عليه في مذهب الإمام أحمد روايتان رواية كمذهب الشافعي أنه أربعون ورواية كمذهب الجمهور أنه ثمانون
رابعاً : الجلد في حد الخمر يكون بالجريد والنعال والسياط ويجوز أن يكون بعضه بالثياب لا كله والضرب بالسوط أوجع للمضروب وأكثر ردعاً للمتربص
خامساً :يؤخذ من هذا الحديث جواز مشاورة الإمام لأهل الحل والعقد من رعيته
سادساً: ليس على الإمام لوم إذا تبع رأياً من الآراء المعروضة لما رأى من المصلحة في العمل به .
سابعاً : قد ورد في حديث أن النبي ﷺ أمر بقتل الشارب إذا عاد للشرب في المرة الرابعة وأجمع من يعتد به على عدم العمل بهذا الحديث ورأوا أنه منسوخ لأن النبي ﷺ كان يؤتى برجل يشرب الخمر كثيراً فيجلده حتى قال بعض من حضر لعنه الله ) وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال ثم أتى النبي ﷺ بسكران فأمر بضربه فمنا من يضربه بيده ومنا من يضربه بنعله ومنا من يضربه بثوبه فلما انصرف قال رجل ما له أخزاه الله فقال رسول الله ﷺ لا تكونوا عون الشيطان على أخيكم) فسماه أخاً ولم يقتله مع تكرر شربه للخمر فكان ذلك ناسخاً للحديث الذي ورد والله تعالى أعلم
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]
[ المجلد الخامس ]
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf
الرابط المباشر لتحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384
|