عرض مشاركة واحدة
  #18  
قديم 02-03-2016, 12:00AM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم





تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -


الحديث الثاني :
عن عائشة رضي الله عنها والقول فيه كما سبق في حديث ابن عمر رضي الله عنه أما ثبوت الحد فهو يثبت بالاعتراف كما في حديث صفوان ابن أمية الذي شهد فيه السارق على نفسه بالسرقة أو بالبينة وبالله تعالى التوفيق .




الحديث الثالث :
عن عائشة رضي الله عنها أن قريشاً أهمهم شأن المخزومية التي سرقت فقالوا من يكلم فيها رسول الله ﷺ فقالوا من يجترئ عليه إلا أسامة بن زيد حب رسول الله فكلمه أسامة فقال أتشفع في حد من حدود الله ثم قام فاختطب فقال إنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد وأيم الله لو كانت فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها .

وفي لفظ كانت امرأة تستعير المتاع وتجحده فأمر النبي ﷺ بقطع يدها


موضوع الحديث :
وجوب المساواة في إقامة الحدود بين الأشراف والضعفاء



المفردات
أن قريشاً : قريش اسم للقبيلة ويجمع اثني عشر بطناً من العشائر والأشهر أن لقب قريش اسم لبني فهر
أهمهم : أشغلهم وعظم عليهم شأن المخزومية التي سرقت ذلك أن بني مخزوم كانوا من أشراف قريش في زمن الجاهلية فشغلهم أمرها لكونها سرقت وأمر النبي ﷺ بقطع يدها فرأوا أن ذلك عار يلحقهم فطلبوا من يكلم رسول الله ﷺ ضانين أن الوساطة تنفع عنده كما تنفع عند غيره
من يجترئ : ومعنى يجترئ أي يستطيع أن يكلم رسول الله ﷺ إلا أسامة بن زيد وأسامة بن زيد بن حارثة هو حب رسول الله ﷺ وابن حبه لأنه ابن مولاه زيد بن حارثة الذي أشار القرآن الكريم إليه بقوله ( وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ ) [ الأحزاب : 37] وحب بمعنى محبوب وزيد بن حارثة قد ذكرنا قصته فيما مضى
قوله فكلمه أسامة فقال أتشفع في حد من حدود الله : الهمزة للاستفهام الإنكاري
قوله ثم قام فاختطب : أي خطب الناس مبيناً لهم عواقب هذا الصنيع وهو إقامة الحد على الضعيف وتركه عن الشريف .
قوله إنما أهلك الذين من قبلكم : أي أوقع عليهم الهلاك والذم من قبل الله عز وجل أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه والمراد بالشريف من له حسب وجاه وشعبية تحميه وإذا سرق فيهم الضعيف وهو من لا حسب له ولا جاه ولا شعبية أقاموا عليه الحد : أي عملوه فيه غير مبالين بما ارتكبوا من جريمة بترك الحد عن الشريف وإقامته على الضعيف والوضيع .
وأيم الله : هذا يمين على المشهور
لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها : لو حرف وجود لوجود أي لو وجدت منها السرقة لوجد مني القطع ليدها


المعنى الإجمالي
هذا حديث عظيم من أحاديث المصطفى ﷺ يبين أن رسول الله ﷺ لا يثنيه عن تنفيذ أمر الله عز وجل على من استحقه بما عمل من السبب لا يثنيه عن ذلك شرف الفاعل ولا قرابته ولا محسوبيته فقد أقسم ﷺ أنه لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع يدها ولا يمنعه عن ذلك كونها ابنته وهذا مقام عظيم لا يثبت فيه إلا الأولياء والأصفياء وأولوا العزم من رسل الله عز وجل فذاك إبراهيم خليل الرحمن عليه السلام حين رأى أنه يذبح ابنه عزم على التنفيذ ولم يثنه شفقة الأبوة وحنوها على الابن وبذلك أثنى الله عليه بقوله ( وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى ) [ النجم : 37 ] أي وفى ما أمر به .


فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من هذا الحديث ما كان عليه أهل الجاهلية من حمية الجاهلية التي يحاولون بها الامتناع عن حدود الله لو استطاعوا ولكونهم لا يستطيعون ذلك فقد توسطوا بالشفاعة من حب رسول الله ﷺ وابن حبه في ترك القطع عنها


ثانياً : أن الناس كلما كانوا ألصق بالدنيا وأنانيتها وعظمتها المزعومة كان الشيطان ينفخ فيهم ويجعلهم يمتنعون عن إقامة حدود الله لو استطاعوا


ثالثاً : أنهم توسطوا بحب رسول الله وابن حبه أسامة بن زيد في ترك ما أمر الله به فغضب رسول الله ﷺ على أسامة بن زيد رغم مودته له وأنكر عليه قائلاً ( أتشفع في حد من حدود الله )


رابعاً : أحس أسامة بن زيد بالخطأ والخجل وشعر بإساءته فطلب من رسول الله ﷺ أن يستغفر له


خامساً : لم يكتف رسول الله ﷺ بتأنيب أسامة بن زيد فقد قام خطيباً وأطلقها صريحة إنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد


سادساً :ينبغي أن نتذكر حديث الزانيين اليهوديين اللذين رجمهما النبي ﷺ وأن رسول الله ﷺ سأل اليهود عن الرجم هل هو في التوراة وأن الله أمرهم به فحاولوا جحده أولاً ولما انكشف الأمر قال له بعض علمائهم بأن الذي نزل في التوراة الرجم ولكنهم كانوا إذا زنا فيهم الضعيف رجموه وإذا زنا فيهم الشريف تركوه كالحال في السرقة فعند ذلك اتفقوا على التسويد والتجبيه بدلاً عن الرجم وبدلوا أمر الله عز وجل فغضب الله عليهم


سابعاً : عند ذلك أقسم النبي ﷺ بقوله أيم الله لو كانت فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها وفي هذا تأييس للذين يحاولون صرف المسئول عن إقامة حد الله عز وجل لكي يعلموا أنه لا نجاة للعباد إلا بإقامة أمر الله عز وجل (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ ) [ المائدة : 65 ،66 ]


ثامناً : فاطمة بنت محمد حاشاها من السرقة ولكن هذا مثل ليعلم به القوم الذين أرادوا منع رسول الله ﷺ من قطع يد المخزومية ليعلموا بذلك أن رسول الله ﷺ لا يثنيه عن تنفيذ أمر الله شيء .


تاسعاً : يؤخذ منه قطع يد السارق لقول الله تعالى (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا) [ المائدة : 38]


عاشراً : لكون السارق غالباً يسرق باليمين فإنها تقطع يمينه من مفصل الكف


الحادي عشر:أن هذا الحكم من الله عز وجل جزاءً لمن يستعمل يمينه في أخذ حقوق العباد أن تقطع يده اليمنى ويحرم منها ومن منفعتها


الثاني عشر :لنتذكر قول الله عز وجل ( نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمُ ) [ الحجر : 49 ، 50 ] وقوله عز وجل ( حم تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ ) [ غافر : 1 – 3 ]
فكما أن رحمته واسعة فإن عذابه أليم ولا يظلم الله أحداً ولكن الناس أنفسهم يظلمون فمن أقيم عليه الحد بسبب سرقته فلا يظن أن الله ظلمه وليعلم أن الذي حصل له إنما هو بسبب جرمه وإسائته .


الثالث عشر :ينبغي أن نعلم حرمة حقوق الناس وأنها حرمة عظيمة فمن سرق مالاً تافهاً لغيره قطعت يده التي تساوي قيمتها نصف دية نفسه وجاء في الحديث (عَنْ أَبِي أُمَامَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ مَنْ اقْتَطَعَ حَقَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينِهِ فَقَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ لَهُ النَّارَ وَحَرَّمَ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ وَإِنْ كَانَ شَيْئًا يَسِيرًا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ وَإِنْ قَضِيبًا مِنْ أَرَاكٍ )


الرابع عشر: ذهب الإمام أحمد إلى أن من يستعير المتاع ويجحده تقطع يده للرواية التي وردت في هذا الحديث وخالفه في ذلك جماهير أهل العلم واعتبروها رواية شاذة وزعموا أن القطع ليس من أجل جحد العارية ولكن من أجل وجود السرقة كما وردت بذلك روايات


الخامس عشر : أن الشفاعة في الحدود بعد وصولها إلى السلطان لا تجوز لقول النبي ﷺ في قصة الذي سرق رداء صفوان بن أمية فاعترف فأمر النبي ﷺ بقطع يده فقال صفوان بن أمية دعه يا رسول الله ردائي صدقة عليه فقال رسول الله هلا كان ذلك قبل أن تأتيني به )


السادس عشر: يؤخذ منه جواز الشفاعة في الحدود وغيرها قبل أن تصل إلى السلطان فإن وصلت إليه حرم ذلك


السابع عشر :مفهوم هذا أي مفهوم الحديث أن الشفاعة في غير الحدود جائزة حتى لو بلغت إلى السلطان لكن في الحدود غير جائزة إلا قبل بلوغ السلطان وأيضاً في هذه الحالة إذا كان الذي حصلت منه الجريمة معروف بالشر وبأذية المسلمين فإن الشفاعة في مثل هذا لا تجوز بحال وبالله التوفيق


--------

تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384








رد مع اقتباس