
17-01-2016, 01:57AM
|
عضو مشارك - وفقه الله -
|
|
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
|
|
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
"باب العدة"
العدة مصدر عددت الشيء أعده عدة وهي اسم للمدة التي تنتظرها المفارقة لزوجها بموت أو طلاق .
[313]الحديث الأول :
عن سبيعة الأسلمية أنها كانت تحت سعد بن خولة ـ وهو من بني عامر بن لؤي وكان ممن شهد بدراً ـ فتوفي عنها في حجة الوداع وهي حامل فلم تنشب أن وضعت حملها بعد وفاته فلما تعلّت من نفاسها تجملت للخطاب فدخل عليها أبو السنابل ابن بعكك ـ رجل من بني عبد الدار ـ
فقال لها مالي أراك متجملة ؟ لعلك ترجين للنكاح والله ما أنت بناكح حتى يمر عليك أربعة أشهر وعشراً قالت سبيعة فلما قال لي ذلك جمعت عليّ ثيابي حين أمسيت فأتيت رسول الله ﷺ فسألته عن ذلك ؟ فأفتاني بأني قد حللت حين وضعت حملي وأمرني بالتزوج إن بدا لي .
موضوع الحديث :
عدة الحامل المتوفى عنها زوجها
المفردات
سعد بن خولة : صحابي بدري توفي في حجة الوداع قلت وهو الذي قال عنه النبي ﷺ في حديث سعد بن أبي وقاص لكن البائس سعد بن خولة يرثي له رسول الله ﷺ أن مات بمكة وقد كان مهاجراً
قول فلم تنشب أن وضعت : أي فلم تلبث بعد موته إلا يسيراً حتى وضعت حملها بعد وفاته
فلما تعلت من نفاسها : أي طهرت منه
قوله تجملت للخطاب : أي أخذت زينتها وهذا يدل على أن عندها علم بأن عدتها قد انقضت بوضع حملها بعد موت زوجها .
قوله فدخل عليها أبو السنابل بن بعكك : رجل من بني عبدالدار
أبو السنابل :جمع سنبلة ابن بعكك بفتح الباء وإسكان العين وفتح الكاف الأولى مشهور بكنيته واختلف في اسمه على أقوال ذكر الشارح ابن دقيق العيد بعضها
فقال لها مالي أراك متجملة لعلك ترجين النكاح والله ما أنت بناكح حتى يمر عليك أربعة أشهر وعشر : فقد توعدها بمنعها من النكاح حتى تمر عليها عدة المتوفى عنها زوجها ولم يعلم أن ذلك في غير الحامل وأن الحامل تنقضي عدتها بوضع حملها ولعله يستنبط من هذا أنها كانت أفقه منه .
قولها جمعت عليّ ثيابي حين أمسيت …ألخ ما ذكرت وأفادت هذه الجملة وهو قولها فأفتاني بأني قد حللت حين وضعت حملي ذلك على أن الحامل تنتهي عدتها بوضع حملها
المعنى الإجمالي
توفى سعد بن خولة في حجة الوداع ورثاه النبي ﷺ بأن توفي بالبلد الذي هاجر منها وهي مكة وأن زوجته سبيعة الأسلمية عندما طهرت من نفاسها تجملت للخطاب فاعترض عليها أبو السنابل بن بعكك وتوعدها بالمنع من النكاح إلا بعد أن تكمل عدتها أربعة أشهر وعشر وبسبب ذلك ذهبت سبيعة إلى النبي ﷺ فأخبرته بحالها وما جرى لها فأفتاها بأنها قد حلت بوضع حملها فكان لذلك حديثهاً حكماً قاطعاً في المتوفى عنها زوجها وهي حامل .
فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من هذا الحديث أن الحامل متى وضعت حملها فإنها قد انقضت عدتها حتى ولو كان بعد موت زوجها بزمن يسير فقد جاء في هذه المسالة خلاف في أول الأمر فأثر عن علي بن أبي طالب وابن عباس رضي الله عنهما أنها تعتد بأبعد الأجلين ولكن قولهما هذا قد تركاه لحديث سبيعة وقد انعقد الإجماع بعد ذلك أي بعد الاطلاع على حديث سبيعة أن الحامل تنقضي عدتها بوضع الحمل ويؤيد ذلك ما قاله ابن مسعود رضي الله عنه أن آية النساء الصغرى نزلت بعد آية النساء الكبرى أي أن سورة الطلاق نزلت متأخرة عن سورة البقرة لذلك فقد قضى بآيتها على آية البقرة وآية البقرة هي قوله تعالى ( وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا ) الآية 234 من سورة البقرة وأما آية الطلاق فهي قول الله تعالى في سورة الطلاق (وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ) وهي بعض آية من آية أربعة من سورة الطلاق لذلك فقد كان الحكم في الحامل لآية الطلاق وأنها تنتهي عدتها بوضع الحمل وما ذكره الشارح رحمه الله تعالى وكذلك المعلق من أن بعض أهل العلم قال لا تنقضي عدتها إلا بالطهر من النفاس فهذا قول ضعيف والله سبحانه وتعالى قد علق انقضاء العدد في الحوامل بوضع الحمل لا بالطهر من النفاس
ثانياً : هل الذي يتعلق به انقضاء العدة هو وضع الحمل الكامل أم أنه إذا خرج الجنين فإنه يعتبر منهياً للعدة سواء كان كاملاً أو ناقصاً وسواء فيه خلقة الإنسان بينة أو خفيه يعرفها النساء هذا هو القول الصحيح لأن المهم العلم بخلو الرحم مما كان يشغله إلا أنه إذا كان الحمل أكثر من واحد فلا تنقضي عدتها إلا بوضع الجميع وأغرب ما سمعت في هذا الأمر أن امرأة وضعت إنساناً لا أدري ذكراً أم أنثى وبقيت أربعة أشهر ووضعت أنثى هذا سمعته سماعاً مؤكداً من أناس لا أشك في ثقتهم والمهم أنه لا تنقضي العدة إلا بوضع الآخر وقد علمت أيضاً أن امرأة وضعت توأمين بينهما يوم وليلة فتعجبت منها جارتها فوقع لها بعد ذلك ما وقع للمتعجب منها وهذا الأخير الذي قلته وقع في قريتي وإحداهن من قرابتي إلا أن هذا حصل في زمن متقدم والمهم أنه لا يبرأ الرحم إلا بخروج جميع الأجنة التي فيه ولو تباعد ما بينهما وبالله التوفيق
ثالثاً : أنه يجوز أن يعقد عليها بعد وضع الحمل حتى ولو كان بعد موت زوجها بزمن يسير إلا أنه لا يقربها إلا بعد أن تطهر .
رابعاً : أن من توفى عنها زوجها وهي غير حامل فإن عدتها تتعين بأربعة أشهر وعشر ولا تخرج من عدتها إلا بتمام هذه العدة لقوله سبحانه تعالى ( والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشراً ) [ البقرة : 234 ] وأما حكم الإحداد على غير الزوج فسيأتي في حديث زينب بنت أم سلمة الذي بعد هذا ويأتي فيه أيضاً حكم الإحداد وأنه واجب وليس بشرط فإن تزينت وهي في عدتها لم تبطل العدة ولكنها تأثم والعدة تمضي بمضي زمنها .
خامساً : إذا كان الزوج في غيبة وتوفي ولم تعلم به زوجته إلا بعد أن مضت العدة أو مضى بعضها فإن كانت العدة قد مضت لم يلزمها قضاءها وإن كان قد انقضى بعضها وجب عليها أن تكمل الباقي فلو فرضنا أن الزوج توفي في بلد بعيد ولم تعلم الزوجة بوفاته إلا بعد مضي شهرين فإنه يجب عليها أن تكمل العدة شهرين وعشرة أيام ولا يجب عليها أن تبدأ من أولها
سادساً : يؤخذ من هذا الحديث أن المعتدة لها أن تخرج لطلب الفتوى أو غيرها من الأمور التي تهمها .
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]
[ المجلد الرابع ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf
|