
03-01-2016, 01:40PM
|
عضو مشارك - وفقه الله -
|
|
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
|
|
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
[297]الحديث الثالث :
عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال رد رسول الله ﷺ على عثمان بن مظعون التبتل ولو أذن له لاختصينا .
موضوع الحديث :
كراهة ترك النكاح زهداً فيه واتباعاً للرهبنة التي سلكها بعض أهل الكتاب
المفردات
التبتل : هو ترك النكاح من أجل الانقطاع للعبادة وقد ذم الله عز وجل أهل الكتاب على ذلك
قوله ومنه قيل لمريم عليها السلام البتول لا نقطاعها عن الزواج للعبادة وأقول إن مريم كانت نذرتها أمها لذلك وكان جائزاً في شرعهم مثل هذا أما شريعة محمد ﷺ فليس فيها ذلك
وقوله قيل لفاطمة البتول إما لانقطاعها عن الأزواج غير علي وأقول هذا لا ينبغي وليس لها امتياز في هذا بل كل من تزوجت برجل واحد وماتت عنده فهي كذلك . أو لانقطاعها عن نضرائها في الحسن والشرف : أقول الحسن لا يكون سبباً للمحمدة ولكن لشرفها في نسبتها إلى أبيها صلوات الله وسلامه عليه وعليها
قوله ولو أذن له لاختصينا : أي لو أذن النبي ﷺ لعثمان بن مضعون في ذلك لاختصينا رغبة في الانقطاع للعبادة
المعنى الإجمالي
كان من أصحاب النبي ﷺ رجال لهم نهم في العبادة ورغبة فيها ظنوا أن التزوج مشغلة عن العبادة والجهاد في سبيل الله وبناءً على ذلك رغبوا في الانقطاع للعبادة وترك الاشتغال بالمباحات فمنعهم النبي ﷺ وأخبرهم أن اتباع سنته ﷺ خير من التبتل والرهبنة
فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من هذا الحديث ذم التبتل وقد ذكر الله التبتل على سبيل المدح وأمر به في سورة المزمل حيث قال لنبيه ﷺ ( يَأَيّهَا الْمُزّمّلُ قُمِ الْلّيْلَ إِلاّ قَلِيلاً …. إلى أن قال وَاذْكُرِ اسْمَ رَبّكَ وَتَبَتّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً )[ المزمل: (1-8) ] فهل هناك معارضة بين ما أمر به القرآن الكريم وبين التبتل الذي نهي عنه في السنة
وأقول : الجواب لا معارضة إذ أن التبتل الذي أمر الله به هو الانقطاع إلى الله بالقلب من الدنيا وعلائقها في أوقات العبادة عند أداء الفرائض في إقامة الصلاة المفروضة وقيام الليل انقطاعاً مؤقتاً حتى يتم عبادته وربما قيل أن التبتل المراد في الآية هو الانقطاع عن الدنيا مع مباشرتها فيكون بقلبه منقطعاً عنها غير مبال بها بل هو مقبل على الله عز وجل يستعملها فيما أمر الله ويجتنبها ويبتعد عنها إذا هي جاءت بنقص من دين أما التبتل المنهي عنه فهو ترك التزوج والانقطاع للعبادة كما كان يفعله الرهبان هذا هو القول الحق فيما أرى فشريعة محمد ﷺ جاءت لتعطي النفس حظوظها باعتدال حتى يتم التوازن في أعمال العبد إذ أن الرهبنة التي كان يفعلها أهل الكتاب مذمومة لأن أصحابها تركوا المباحات وشددوا على أنفسهم تشديداً لم يأمرهم الله به وبالله التوفيق
ثانياً : يؤخذ منه تحريم الاختصاء وعدم جوازه وكذلك أيضاً ما يؤدي إلى مثل حالة المختصي بالمعالجة كالإبر التي تقطع حركة الرجل ومنعه من معاشرة النساء
ثالثاً: أن التبتل من التنطع الذي ذمه الله عز وجل ونهى عنه
رابعاً : وفي مقابل ذلك أمر النبي ﷺ بالتزوج وحصول الأولاد وتكثيرهم ليكثر من يعبد الله وحده وتكثر أمة محمد ﷺ لقوله ﷺ ( تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر الأنبياء يوم القيامة).
خامساً : إن الاختصاء خروج عن السنن الكونية التي أرادها الله من عباده وسلوك لمسالك المنحرفين المشددين على أنفسهم بغير حق وبالله التوفيق
سادساً : ومن ذلك بعض ما يعمله بعض أصحاب التصوف من ترك الطعام اللذيذ أو ترك بعض الشهوات التي يحتاج إليها العبد ويروى أن رجلاً اسمه فرقد السبخي دخل على الحسن البصري وهو يأكل طعاماً لذيذاً يقال له الفالوذج فقال له هلم فقال لا آكله ولا أحب من يأكله فقال الحسن لعاب النحل بلباب البر مع سمن البقر هل يعيبه مسلم وقد جاء عن النبي ﷺ أنه كان يحب الحلوى والعسل وقال ﷺ ( إنما حبب إلي من دنياكم النساء والطيب وجعلت قرة عيني في الصلاة ) وكان سفيان الثوري يحمل معه الفالوذج إذا خرج في سفر واللحم المشوي ويقول إن الدابة إذا أحسن إليها عملت وإن البدن كالمطية لا بد لها من علف يعني وكذلك البدن لا بد من الاهتمام به
وبالله التوفيق
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]
[ المجلد الرابع ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf
|