
27-12-2015, 04:35PM
|
عضو مشارك - وفقه الله -
|
|
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
|
|
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
[294]الحديث الرابع :
عن عائشة رضي الله عنها قالت كانت في بريرة ثلاث سنن خيرت على زوجها حين عتقت وأهدي لها لحم فدخل على رسول الله ﷺ والبرمة على النار فدعا بطعام فأتي بخبز وأدم من أدم البيت فقال ألم أر البرمة على النار فيها لحم ؟ قالوا بلى يا رسول الله ذلك لحم تصدق به على بريرة فكرهنا أن نطعمك منه فقال هو عليها صدقة وهو منها لنا هدية وقال النبي ﷺ فيها إنما الولاء لمن أعتق .
موضوع الحديث :
أن الولاء لمن أعتق بعد دفع الثمن
المفردات
قولها كانت في بريرة ثلاث سنن : السنن جمع سنة وهي الشرع الذي يشرعه الله عز وجل ويجعله سنة تتبع
قولها خيرت على زوجها : يعني أن النبي _ خيرها في البقاء تحته وعدمه فاختارت عدم البقاء تحته لأنه عبد وهي أصبحت حرة
قولها حين عتقت : أي حين وقع عليها العتق بإعتاق عائشة رضي الله عنها لها
البرمة : إناء من خزف يطبخ فيه اللحم
قولها فدعا بطعام : أي طلب الإتيان به
فأتي بخبز وأدم من أدم البيت : الأدم هو يؤتدم به على الطعام
قوله ألم أر البرمة : استفهام تقريري
فيها لحم : هذا دليل على طلبه لحم
ذلك لحم تصدق به على بريرة فكرهنا أن نطعمك منه : أي لعلمي أن النبي ﷺ لا يأكل الصدقة
هو عليها صدقة وهو منها لنا هدية : الصدقة هو ما يعطيه العبد لطلب الثواب من الله أما الهدية فهي قد تكون مقصود بها التآلف أو مقصود بها الثواب من الله أو مقصود بها المكافأة
قوله إنما الولاء لمن أعتق : الولاء المعتق على من اعتقه إرثه منه إذا لم يكن له وارث من النسب وارتباطه به ارتباطاً شرعياً لا يفصله شيء
المعنى الإجمالي
أخبرت عائشة رضي الله عنها أن في بريرة ثلاث سنن السنة الأولى كونها خيرت في البقاء مع زوجها أو الخروج من عصمته لكونه مملوك وهي حرة والسنة الثانية : هي في قوله ﷺ هو عليها صدقة ولنا منها هدية وهو أن ما تصدق به على المسكين فأهداه إلى صديقه جازت للغني أن يأكل من الصدقة المهداة من الفقير
فقه الحديث
أولاً : قول عائشة رضي الله عنها كانت في بريرة ثلاث سنن أي ثلاثة أحكام شرعية هذا إجمال اتبعته بالتفصيل
ثانياً : يؤخذ من قولها خيرت على زوجها أي خيرت فيه لكونه عبد وهي حرة
ثالثاً: ذهب إلى مقتضى هذا الحديث الجمهور من أهل العلم وهو أن الأمة إذا اعتقت وهي تحت عبد كان لها الخيار بين البقاء تحته وعدمه
رابعاً : هذا القول بناءً على أن زوج بريرة كان عبداً وهو الراجح وقد جاء عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ زَوْجَ بَرِيرَةَ كَانَ عَبْدًا يُقَالُ لَهُ مُغِيثٌ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ يَطُوفُ خَلْفَهَا يَبْكِي وَدُمُوعُهُ تَسِيلُ عَلَى لِحْيَتِهِ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ لِعبَّاسٍ يَا عَبَّاسُ أَلا تَعْجَبُ مِنْ حُبِّ مُغِيثٍ بَرِيرَةَ وَمِنْ بُغْضِ بَرِيرَةَ مُغِيثًا فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ لَوْ رَاجَعْتِهِ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ تَأْمُرُنِي قَالَ إِنَّمَا أَنَا أَشْفَعُ قَالَتْ لا حَاجَةَ لِي فِيهِ )
خامساً : ذهب أبو حنيفة إلى وجوب التخيير سواء كان الزوج الذي عتقت تحته حراً أو عبداً وعلل التخيير بكونها لم يكن لها خيار حين النكاح وعندما عتقت ملكت نفسها فوجب أن تخير فجعل علة التخيير كونها ملكت نفسها
سادساً : وهذه المسالة من مسائل الخلاف بين الحنفية والأئمة الثلاثة ولها نظائر كثيرة
سابعاً: السنة الثانية أنه أهدي لها لحم من الصدقة والنبي ﷺ محرم عليه أكل الصدقة فلما دخل وطلب الطعام أتي بخبز وأدم من أدم البيت فقال ألم أر البرمة على النار قالوا بلى ولكن ذلك لحم تصدق به على بريرة فقال النبي ﷺ هو عليها صدقة ولنا منها هدية فيؤخذ منه أنه إذا تصدق على الفقير فأهدى من تلك الصدقة إلى الغني كان ذلك جائزاً
ثامناً : أخذ منه على أن أزواج النبي ﷺ ليسوا من آله الذين تحرم عليهم الصدقة وذلك باستنباط وهو أن بريرة جاءت باللحم إلى عائشة رضي الله عنها لأنهم أهل بيت فدل على أنه يجوز لعائشة أن تأكل من تلك الصدقة بخلاف النبي ﷺ
تاسعاً : يؤخذ منه جواز تناول طعام الصديق تأولاً برضاه وطيب نفسه لقوله وهو لنا منها هدية قبل أن يسألها عن ذلك
عاشراً : أن الشيء قد يأخذ حكماً آخر بنية المتأول إذ كان النبي ﷺ اعتبره هدية فصار له حكم الهدية وإن لم تتكلم بذلك
الحادي عشر : أن كراهيتهم لإطعام النبي ﷺ لما يعلمونه عنه ﷺ أنه يكره ذلك ويمنع منه
الثاني عشر : أنه ينبغي للعالم أن يبين الحكم المسوغ إذا كان هناك تسويغ يبيح الممنوع فإنه يجب على العالم أن يظهره حتى يتبين بذلك الحكم هو عليها صدقة وهو لنا منها هدية
الثالث عشر : أن الهدية جائزة للنبي ﷺ وأهل بيته وممنوع عليهم الصدقة المفروضة باتفاق وفي الصدقة التطوعية خلاف
الرابع عشر : إنكاره على من اشترط الولاء لنفسه مع اقتضاء الثمن فقال ﷺ (فَإِنَّ الْوَلاءَ لِمَنْ أَعْطَى الْوَرِقَ )
الخامس عشر : الولاء ارتباط شرعي بين المعتِق والمعتَق ولذا كان حكمه أنه لا يباع ولا يوهب ولا ينتقل عن المعتِق بحال
السادس عشر : يؤخذ من قوله وإنما الولاء لمن أعتق أنه لا يرث أحد خارج النسب إلا بالولاء وذلك حصر في المعتِق وورثته وهم العصبة المتعصبون بأنفسهم .
وبالله التوفيق
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]
[ المجلد الرابع ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf
|