
17-12-2015, 01:40AM
|
عضو مشارك - وفقه الله -
|
|
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
|
|
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -
[286]الحديث الثاني عشر :
عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله ﷺ قال من ظلم قيد شبر من الأرض طوقه من سبع أرضين .
موضوع الحديث :
الترهيب من الظلم في الأرض
المفردات :
من ظلم : الظلم هو أخذ مال الغير إما لنفسه أو لشخص آخر وتعريفه هو وضع الشيء في غير موضعه حتى أن العبادة لغير الله عز وجل وهي الشرك به سميت ظلماً لأنها وضعت في غير موضعها ومن ذلك قوله عز وجل حكاية عن لقمان عليه السلام ( يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم )
قيد شبر : أي قدر شبر أو مساحة شبر والشبر ما بين طرف الإبهام وطرف الخنصر من اليد الواحدة إذا وضعت مبسوطة والقيد بالكسر أي بكسر القاف وإسكان الباء المثناة بعدها دال وهو القدر
طوقه : أي حُمِّله يوم القيامة من سبع أرضين
المعنى الإجمالي
أخبر النبي _ أن من أخذ شبراً من الأرض ظلماً حُمَّل به يوم القيامة وطوقه وكلفه أي كلف حمله من سبع أرضين
فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من قوله من ظلم أن هذه العقوبة لا تكون إلا على من ظلم متعمداً أما من حصل له هذا الشيء عن خطأ ظناً منه أن هذا ماله أو تابعاً لماله فنرجوا أن لا يكون كذلك
ثانياً : يؤخذ من قوله قيد شبر أي قدر شبر وهو أدنى مقدار في مساحات الأرض ويمكن أن يكون الفوت الذي هو طول القدم بمقدار الشبر أو قريباً منه أما الذراع فذراع كل واحد شبرين بيده ثم الباع وهو المسافة بين طرف اليد اليمنى واليد اليسرى إذا مدهما الرجل والناس يتعاملون ويتخاطبون بهذه المقادير سواء كان في ذرعة الأرض أو ذرعة الأشياء المذروعة من الثياب وغيرها هذا هو المعروف في الأزمنة المتقدمة والآن التعامل أصبح بالمتر والمهم أن النبي ﷺ ذكر أدنى ما كان معروفاً في تلك الأزمنة محذراً من الوقوع في ظلم الأرض ومرهباً من ذلك
ثالثاً : اختلف في معنى طوقه على أقوال ذكرها الأمير الصنعاني في العدة وهي
أولها : أن تكون طوقاً في عنقه كالغل قلت وهذا التأويل مأخوذ من لفظ طوقه لذلك فلعله هو الأقرب
ثانيها : أنه يلزمه إثم ذلك كلزوم الطوق وهذا التأويل فيه بعد لأن النبي ضلى أشار أنه يطوق بالأرض نفسها لا بإثمها
ثالثها : يحمل مثله من سبع أرضين رابعها : يعاقب بالخسف إلى سبع أرضين فتكون كل أرض في تلك الحالة طوقاً في عنقه خامسها : يكلف نقل ما ظلم منها يوم القيامة إلى المحشر
وأقول : نؤمن بأن الله عز وجل يعاقب من فعل ذلك بتطويقه الأرض التي غصبها كيف شاء الله وعلى أي وجه شاء فهو القادر على ذلك
رابعاً: يؤخذ من هذا الحديث أن من ملك وجه الأرض ملك ما تحتها وما فوقها فإذا كان في الأرض معدناً فملك ذلك المعدن تابعاً لمالك الأرض
خامساً : يؤخذ منه أن السبع الأرضين متصل بعضها ببعض وليست كالسموات منفصلة
سادساً : يؤخذ منه أنها لو كانت منفصلة لما كلف وطوق بها من سبع أرضين أما قوله سبحانه وتعالى (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ … ) [ الطلاق : 12] فالمراد بالمثلية في هذه الآية المماثلة في العدد وهذه من الأمور الغيبية التي لا يعلمها إلا الله عز وجل وعلى العبد أن يقف عند حدود علمه وعقله ولا يتجاوز ذلك
وبالله التوفيق
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]
[ المجلد الرابع ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf
|