
14-12-2015, 08:58PM
|
عضو مشارك - وفقه الله -
|
|
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
|
|
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
[284]الحديث العاشر :
عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال قضى رسول الله ﷺ بالعمرى لمن وهبت له .
وفي لفظ من أعمر عمرى له ولعقبه فإنها للذي أعطيها لا ترجع إلى الذي أعطاها لأنه أعطى عطاءً وقعت فيه المواريث
وقال جابر ( إنما العمرى التي أجازها رسول الله ﷺ أن يقول هي لك ولعقبك فأما إذا قال هي لك ما عشت فإنها ترجع إلى صاحبها )
وفي لفظ مسلم ( أمسكوا عليكم أموالكم ولا تفسدوها فإنه من أعمر عمرى فهي للذي أعمرها حياً وميتاً ولعقبه )
موضوع الحديث :
العمرى والرقبى وحكمهما
المفردات
العمرى : مشتقة من العمر وهي إباحة المنافع للمعمر مدة عمره
والرقبى : هي أن يعطيه حتى يموت الأسبق منهما فيظل كل منهما يراقب موت الآخر
العمرى : هي العطية مدة العمر كما قلنا
قوله ولعقبه : أي ورثته
قوله التي أجازها رسول الله ﷺ : أي جعلها نافذة لمن أعطيها
قوله هي لك ما عشت : أي ما بقيت حياً
قوله ولا تفسدوها : أي بالهبات التي تفوت عليكم أموالكم
المعنى الإجمالي
يخبر جابر بن عبدالله رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ قضى بالعمرى لمن وهبت له أي حكم بها لمن وهبت له وهذا اللفظ يحتمل أنه مقيد وأن قضاء النبي ﷺ نافذ بالقيد بأن يقول هي لك مدة حياتك ولعقبك ويحتمل أن كل عمرى فإنها تكون لمن أعمرها ولورثته وسيأتي التفصيل في فقه الحديث
فقه الحديث
أولاً : أن لفظ العمرى والرقبى يدخل فيه حالات ثلاث
الحالة الأولى : أن يقول له هذه الدار أو القطعة الزراعية أو ما أشبه ذلك لك عمرك ولعقبك من بعدك وهذه الصيغة متفق على أنها تكون لمن أعمرها ولا تعود إلى المعمر
الحالة الثانية : أن يقول له هي لك ما عشت فإن مت رجعت إليّ وهذه الأظهر فيها أنها تمليك للمنافع في مدة محدودة تنتهي بموت المعمر واشتراطه رجوعها يجعلها عارية تعود إلى صاحبها إن مات المعمر
الحالة الثالثة : حالة الإطلاق وهذه الحالة هي التي فيها الإشكال هل تكون إلى صاحبها أو أنها تكون للمعمر ولعقبه مثل الأولى وهو أن يقول هذه الدار لك ما عشت ولا يشترط الرجوع ولا يجعلها نافذة للعقب والذي يتبين أن الحكم في الصيغة الأولى أنها تكون للمعمر ولعقبه لما جاء من التقييد عن الراوي نفسه وهو جابر بن عبدالله رضي الله عنهما ولأن قوله فإنها للذي أعطيها لا ترجع إلى الذي أعطاها لأنه أعطى عطاءً وقعت فيه المواريث وكذلك في الرواية الثالثة إنما العمرى التي أجازها رسول الله ﷺ أن يقول هي لك ولعقبك فتبين من هذا أن النافذة هي ما قيدت بقوله هي لك ولعقبك وقوله لأنه أعطى عطاءً وقعت فيه المواريث أي أن هذا المعمر قال هي لك ولعقبك فكأن الرجوع في هذه الهبة محرم لأنها هبة صريحة لم تقتصر على المعمر ولكن تعدته إلى عقبه وهي داخلة تحت قوله ﷺ كما في حديث ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قَالَ ( الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَقِيءُ ثُمَّ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ )
أما الحكم في الحالة الثانية وهي أن يقول هي لك ما عشت فإن مت رجعت إليَّ وأعني بذلك اشتراط المعمر رجوع هذه العمرى إلى صاحبها والأظهر أن هذه عارية موقتة بموت المعمر وأنها ترجع إلى صاحبها متى مات المعمر سواء كان المعمر حياً أو قد توفي فتعود إلى ورثته فهذه كما قلت عارية وهو القول الصحيح .
الحالة الثالثة : أن يقول هي لك ما عشت ولا يشترط الرجوع ولا يدخل فيها كون العطية مستمرة للعقب فهذه فيها خلاف وقد ذكر الصنعاني في العدة بأن عدم رجوع هذه المطلقة إلى واهبها هو مذهب الشافعي في الجديد والجمهور وقال في القديم العقد باطل من أصله والذي يظهر لي أنها ترجع إلى المعمر
أولاً لعدم الشرط فيها وعدم الشرط دال على عدم الاستمرار للعقب .
وثانياً : أن أموال الغير الأصل فيها التحريم قال الله عز وجل ( يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ) وقال ﷺ في خطبته يوم النحر ( ألا إن دماؤكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ألا هل بلغت … ) .
وثالثاً : أن التي أنفذها رسول الله ﷺ كما أخبر بذلك الراوي هي ما كانت مقيدة بالعقب وما لم يكن كذلك فالأولى بقاءها لصاحبها لأنه ليس هناك قرينة تدل على نفاذ هذه الهبة كما دلت عليه في الحالة الأولى رابعاً : أن الملك متيقن للمعمر وإعطائه المنفعة للغير لا ينقل ملك الرقبة عن أصلها بل تبقى الرقبة في ملكه حتى ينقلها ناقل صحيح .
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]
[ المجلد الرابع ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf
|