عرض مشاركة واحدة
  #33  
قديم 14-12-2015, 08:19PM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم





تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -




[283]الحديث التاسع :
عن رافع بن خديج قال كنا أكثر الأنصار حقلاً وكنا نكري الأرض على أن لنا هذه ولهم هذه ربما أخرجت هذه ولم تخرج هذه فنهانا عن ذلك فأما بالورق فلم ينهنا
ـ ولمسلم عن حنظلة بن قيس قال سألت رافع بن خديج عن كراء الأرض بالذهب والورق فقال لا بأس به إنما كان الناس يؤاجرون على عهد رسول الله ﷺ بما على الماذيانات وأقبال الجداول وأشياء من الزرع فيهلك هذا ويسلم هذا ولم يكن للناس كراء إلا هذا ولذلك زجر عنه فأما شيء معلوم مضمون فلا بأس به .
الماذيانات الأنهار الكبار والجدول النهر الصغير


موضوع الحديث :
حول كراء الأرض للزراعة ما يجوز منه وما لا يجوز



المفردات
كنا أكثر الأنصار حقلاً : المراد بالحقل هو الزرع أو الأرض الصالحة له
وكنا نكري الأرض : بمعنى نؤجرها على من يصلحها بشيء من غلتها
على أن لنا هذه ولهم هذه : معنى ذلك أن أصحاب الحقول يشترطون شيئاً لأنفسهم وشيئاً لمن يزارع معهم
قوله ربما أخرجت هذه ولم تخرج هذه : بمعنى أن في ذلك مخاطرة ومغامرة لأنه قد يصلح هذا ويفسد ذاك وقد يفسد هذا ويصلح ذاك
قوله فأما بالورق : يعني بالدراهم فلم ينهنا
فالحديث الثاني يسجل هذا المعنى بصورة أوضح حيث بين أن كراء الأرض بالذهب والورق لم ينه عنه النبي ﷺ وإنما نهى عن مؤاجرة الأرض بشيء من ثمر الزرع حيث يشترط صاحب المال شيئاً معلوماً لقوله إنما كان الناس يؤاجرون على عهد رسول الله ﷺ بما على الماذيانات والمقصود بالماذيانات مجاري الماء جمع ماذيانة وهو ما يسمى عندنا بالمسرب الذي يجري فيه الماء فربما أثمرت هذه وتخلفت هذه فيحصل الغبن لأحدهما وقد بين ذلك بقوله فيهلك هذا ويسلم هذا ولذلك زجر عنه
قال فأما شيء معلوم مضمون فلا بأس به


المعنى الإجمالي
شرع الله ضامن للمصلحة ودافع للمفسدة يبيح ما تضمن المصلحة ويمنع ما يؤدي إلى المفسدة ولما كان اشتراط مجاري الماء وأقبال الجداول وما أشبه ذلك فيه غبن على المزارع الأجير وقد يكون فيه غبن على الآخر لذلك نهى النبي ﷺ وأباح ذلك بالذهب والفضة وبجزء شائع في الثمرة كالنصف والثلث والربع ومنعه بشيء معلوم كيلاً من جنسه أو غير جنسه لأن هذه هي المزابنة والمخابرة المنهي عنها


فقه الحديث
وردت في كراء الأرض أحاديث كثيرة جداً بعضها نهى فيه النبي ﷺ عن كراء الأرض بالكلية وبعضها يفيد جواز كرائها بالذهب والفضة وبعضها يجيز كرائها ببعض ما يخرج منها على أن يكون جزءاً شائعاً في الثمرة معلوم المقدار بالنسبة لما تخرجه الأرض

وقد حملت هذه الأحاديث على ثلاثة أحوال :-

الحال الأول : أن النبي ﷺ كان في أول الإسلام وبعد أن هاجر وكان المهاجرون بحاجة إلى الإعانة والعطف عليهم فلما قدم النبي ﷺ المدينة والأنصار أصحاب الأراضي يكرونها فنهاهم عن ذلك وأمرهم أمراً لا عزيمة فيه بأن يمنحوها إخوانهم فعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ كَانَ لِرِجَالٍ فُضُولُ أَرَضِينَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ _ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ _ مَنْ كَانَتْ لَهُ فَضْلُ أَرْضٍ فَلْيَزْرَعْهَا أَوْ لِيَمْنَحْهَا أَخَاهُ فَإِنْ أَبَى فَلْيُمْسِكْ أَرْضَهُ ) وبذلك جزم ابن عباس رضي الله عنهما وذلك حثاً منه صلوات الله وسلامه عليه على التعاطف والتباذل


الحالة الثانية : نهي النبي ﷺ عن كراء الأرض على شيء معلوم من الزرع بحيث يشترط صاحب الأرض أن يكون له هذا المكان وللآخر ذلك المكان فيصلح هذا ويخيب هذا فنهى عن ذلك لأنه شيء مجهول


الحالة الثالثة :النهي عن كراء الأرض بطعام من جنس ما يزرع فيها بأن يكون ذلك الطعام معلوماً مضموناً وكذلك لو كان الطعام من غير جنس ما يزرع فيها فإنه يؤدي إلى بيع شيء مجهول بمعلوم وحاضر بغائب أما إذا كانت المزارعة على سبيل الكراء بالذهب والفضة وبالسنة بأن يكون له في السنة كذا فهذا جائز لا شيء فيه وكذلك لو أجرها بشيء غير الذهب والفضة ولم يكن مكيلاً حتى ولو كان من غير جنسه لأنه يؤدي إلى بيع جنس بغير جنسه أحدهما حاضر والآخر نسيئة وذلك نوع من أنواع الربا وأما إذا كان الشيء المشترط للأجير أو لصاحب الأرض معلوماً شائعاً في الثمر كالنصف والثلث والربع فهذا جائز على القول الصحيح ويشهد له الحديث السابق وهو حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنه أن النبي _ عامل أهل خيبر بشطر ما يخرج منها من ثمر أو زرع ) وقد اختلفت مذاهب الناس في هذه المعاملة على أقوال حكاها الصنعاني في العدة


فالأول :هو قول طاووس والحسن البصري لا يجوز بحال سواء أكراها بطعام أو ذهب أو ورق أو جزء من زرعها لإطلاق أحاديث النهي عن كراء الأرض


الثاني : قول أبي حنيفة والشافعي وكثير يجوز إجارتها بالذهب والفضة والطعام والثياب وسائر الأشياء سواء كان من جنس ما يزرع فيها أم لا ولا يجوز إجارتها بجزء مما يخرج منها كالثلث والربع وهي المخابرة .


الثالث : قول ربيعة يجوز في الذهب والفضة فقط ومثله قال مالك وبغير النقدين إلا الطعام .


الرابع:قول أحمد وأبي يوسف ومحمد بن الحسن وجماعة من المالكية وآخرين يجوز إجارتها بكل شيء وبالثلث والربع وتقدم أنه الذي اختاره النووي وكذلك الخطابي وغيرهم .


وأقول : هناك اختلاف في مذهب أبي حنيفة خلاصته أنه منع المزارعة والمساقات بجزء مما تخرجه الأرض ولو كان معلوماً شائعاً في الثمرة وهذا مصادم للنصوص وأجازه فيما سوى ذلك فليعلم هذا وبالله التوفيق .




--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]

[ المجلد الرابع ]

رابط تحميل الكتاب :


http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf






رد مع اقتباس