عرض مشاركة واحدة
  #28  
قديم 02-12-2015, 08:57PM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -



[278]الحديث الرابع:
عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال جعل ـ وفي لفظ قضى ـ النبي ﷺ بالشفعة في كل ما لم يقسم فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة .



موضوع الحديث :
الشفعة وأنها إذا قسمت العقار المشتركة ووقعت حدودها وصرفت طرقها فلا شفعة بالشراكة



المفردات
قوله قضى : بمعنى حكم
الشفعة : هي مأخوذة من الشفع وهي بأن يضم الشفيع نصيب شريكه إلى نصيبه في البيع ويمنعه من أن يبيع لغيره
في كل ما لم يقسم : أي في كل شركة لم تدخلها القسمة
الحدود : جمع حد وهي الفواصل بين الممتلكات
صرفت الطرق : أي عدلت من مكان إلى مكان تبعاً للقسمة الجديدة
قوله فلا شفعة : أي لا شفعة بالشراكة


المعنى الإجمالي
يخبر جابر بن عبدالله رضي الله عنهما أن النبي ﷺ قضى وحكم بالشفعة في كل شراكة لم تقسم وكان من جملة قضاءه أنه إذا وقعت الحدود بين الشركاء وصرفت الطرق بينهم على القسمة الجديدة فلا شفعة بالشراكة .


فقه الحديث
المسألة الأولى : يؤخذ من هذا الحديث بأن الشفعة إنما تكون في كل شركة لم تقسم وأن الشراكة إذا قسمت وعدلت الطرق على حسبها فلا شفعة إذاً وقد أخذ بهذا الحديث جمهور العلماء من المحدثين والفقهاء فأجازوا الشفعة بالشراكة قبل القسمة ومنعوها بعدها كما منعوا الشفعة بالجوار وممن ذهب إلى ذلك مالك والشافعي وأحمد في المشهور عنه رحمهم الله فنفوا الشفعة بالجوار وذهب آخرون إلى ثبوت الشفعة بالجوار وهم الحنفية
والقول بالشفعة بالجوار هو القول الحق إن شاء الله لما يأتي


أولاً : أن هذا الحديث خاص بالشفعة في الشركات ولم يتعرض للشفعة بالجوار وعلى هذا فيمكن أن نقول قضى النبي ﷺ بالشفعة في كل ما لم يقسم فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة بالشراكة


ثانياً : أن نفي شفعة الجار من هذا الحديث إنما هو بالمفهوم والقول بشفعة الجار هو حاصل بالمنطوق والمنطوق قد ورد من أحاديث وهي الحديث الأول : حديث ( الجار أحق بسقبه ) رواه البخاري وأبو داود والنسائي وابن ماجة عن أبي رافع رضي الله عنه وقال الألباني رحمه الله صحيح


الحديث الثاني : ( الجار أحق بشفعة جاره ينتظر بها وإن كان غائباً إذا كان طريقهما واحداً ) رواه أبو داود والترمذي عن جابر بن عبدالله وصححه الألباني رحمه الله في الإرواء


الحديث الثالث : حديث الحسن عن سمرة مرفوعاً ( جار الدار أحق بالدار ) صححه الترمذي ولكن فيه سماع الحسن من سمرة وفيه اختلاف وصحح هذا الحديث الألباني في الإرواء وذكر له طريقاً آخر عن أنس واعتبرها الألباني معززة لرواية الحسن عن سمرة لكنه قال الحسن وقتادة كلاهما مدلس وقد عنعن ونقل عن الترمذي أنه قال في حديث الحسن عن سمرة حسن صحيح ثم قال قلت لعله يكون كذلك بمجموع الطريقين .


وأقول : إن هذه الأحاديث الثلاثة كلها صحيحة وحديث أبي رافع في البخاري والباقي صحيحة وهي صريحة في الحكم بشفعة الجار وبهذا تعلم أن القول بالشفعة للجار هو القول الصحيح .


الوجه الثالث : أن الراوي لحديث الصحيحين وهو جابر بن عبدالله رضي الله عنهما والذي استدل به على نفي شفعة الجار هو الذي روى الحديث في إثبات شفعة الجار في قوله ( الجار أحق بشفعة جاره ينتظر بها وإن كان غائباً إن كان طريقهما واحداً ) ومن هذه الثلاثة الأوجه يتبين لنا رجحان القول بشفعة الجار التي ذهب إليها أبو حنيفة وأحمد في رواية عنه وأن قول ابن دقيق العيد رحمه الله فمن قال بعدم ثبوت الشفعة تمسك بها يعني رواية إنما الشفعة فيما لم يقسم ومن خالفه يحتاج إلى إضمار قيد آخر يقتضي اشتراط أمر زائد


قلت : قوله اشتراط أمر زائد هو أن نقيد نفي الشفعة بالشراكة فإذا قيدنا نفي الشفعة في الحديث بالشراكة سلم لنا ما دلت عليه الأحاديث الأخرى من شفعة الجوار


وخلاصة ما سبق رجحان هذا القول لأمور
الأمر الأول : أن حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنهما مفهوم وتلك الأحاديث الثلاثة أو الأربعة إذا جعلنا حديث أنس حديث مستقل منطوقة والمنطوق مقدم على المفهوم


الأمر الثاني : أن حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنهما في تخصيص الشفعة في الشراكة وانتهائها بالقسمة محتمل أن يكون المقصود به الشراكة فقط بإضمار في آخر الحديث حيث يقال فلا شفعة بالشراكة


الأمر الثالث : أن تلك الأحاديث الثلاثة أو الأربعة وكلها بلغت إلى درجة الصحة فحديث أبي رافع وحديث جابر بن عبدالله كلاهما صحيح لذاته أما حديث الحسن عن سمرة وحديث سعيد الجريري عن قتادة عن أنس فيكون كل منهما صحيح لغيره أو حسن لغيره على الأقل وقد تبين بهذا رجحان القول بالشفعة للجار إذا كان يدخل عليه ضرر من دخول أجنبي لا يدري ما حاله وقد دل على ذلك قوله إذا كان طريقهما واحداً


المسألة الثانية : أخذ من قوله في كل ما لم يقسم أن الشفعة إنما تجوز فيما يقسم بدون ضرر على كل من الشركاء المقتسمين فإذا كان هناك حمام صغير لا يصلح للقسمة انتفت الشفعة فيه وبهذا قال الشافعي وأحمد رحمهما الله


المسألة الثالثة : ذهب جمهور أهل العلم إلى أن الشفعة إنما تكون في الدور والعقارات الزراعية غير المنقولة أما المنقولات فلا شفعة فيها فإذا اشترك اثنان في سيارة ثم باع أحد الشريكين نصيبه من غير شريكه فهل له الشفعة في ذلك أم لا ؟ فعلى قول من يرى أن الشفعة في المنقولات جائزة ومشروعة جازت الشفعة وإلا فلا وهو قول الجمهور


المسألة الرابعة : أنهم خصصوا الشفعة فيما انتقل بعوض وهو البيع ومنعوها فيما انتقل بدون عوض كالهبة التي يراد بها وجه الله عز وجل وبالله التوفيق .


--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]

[ المجلد الرابع ]

رابط تحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf








رد مع اقتباس