
29-11-2015, 01:27AM
|
عضو مشارك - وفقه الله -
|
|
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
|
|
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -
[276]الحديث الثاني :
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال مطل الغني ظلم فإذا اتبع أحدكم على مليء فليتبع .
موضوع الحديث:
الحوالة
المفردات
المطل : منع قضاء ما استحق أداءه هكذا عرفه الفقهاء
الغني : هو القادر على أداء الدين وقد يكون الدين كثيراً فلا يقدر المُطالب على أداءه مع غناه
قوله ظلم :أي أنه حرام لأنه ظلم لصاحب الحق لكونه منعٌ للحق عن مستحقه .
اتبع : يعني جعل تابعاً لمن أحيل عليه .
مليء :المليء هو الغني الوفي .
قوله فليتبع :هذا أمر من الشارع _ وهل هو للوجوب أو للندب على خلاف بين أهل العلم
المعنى الإجمالي
صلوات الله وسلامه على نبينا محمد الذي ما ترك خيراً إلا دل الأمة عليه ولا ترك شراً إلا حذر الأمة منه فهاهو ﷺ يخبر أن مطل الغني ظلم وهو تأخير أداء ما وجب ولكونه ظلم فإنه إذا اتبع أحدكم على مليء فليتبع فقد يكون الذي يكون عليه الدين له دين على آخر وحينئذٍ فإذا أحال صاحب الدين على مليء يقدر على دفع دينه فينبغي له أن يتبع المحال عليه تعاوناً مع أخيه وإحساناً منه إليه . وبالله التوفيق .
فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من الحديث تحريم المطل للحق لمن هو قادر عليه أما من ليس بقادر فلا يسمى تأخيره مطلاً ولا يكون حراماً بل يجب إنضاره لقول الله تعالى (وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ ) [ البقرة : 280 ] وفي صحيح مسلم في قصة أبي اليسر رضي الله عنه وأنه كان له دين على رجل فجاء يتقاضاه حيث قال كَانَ لِي عَلَى فُلانِ ابْنِ فُلانٍ الْحَرَامِيِّ مَالٌ فَأَتَيْتُ أَهْلَهُ فَسَلَّمْتُ فَقُلْتُ ثَمَّ هُوَ قَالُوا لا فَخَرَجَ عَلَيَّ ابْنٌ لَهُ جَفْرٌ فَقُلْتُ لَهُ أَيْنَ أَبُوكَ قَالَ سَمِعَ صَوْتَكَ فَدَخَلَ أَرِيكَةَ أُمِّي فَقُلْتُ اخْرُجْ إِلَيَّ فَقَدْ عَلِمْتُ أَيْنَ أَنْتَ فَخَرَجَ فَقُلْتُ مَا حَمَلَكَ عَلَى أَنِ اخْتَبَأْتَ مِنِّي قَالَ أَنَا وَاللَّهِ أُحَدِّثُكَ ثُمَّ لا أَكْذِبُكَ خَشِيتُ وَاللَّهِ أَنْ أُحَدِّثَكَ فَأَكْذِبَكَ وَأَنْ أَعِدَكَ فَأُخْلِفَكَ وَكُنْتَ صَاحِبَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وَكُنْتُ وَاللَّهِ مُعْسِرًا قَالَ قُلْتُ آللَّهِ قَالَ اللَّهِ قُلْتُ آللَّهِ قَالَ اللَّهِ قُلْتُ آللَّهِ قَالَ اللَّهِ قَالَ فَأَتَى بِصَحِيفَتِهِ فَمَحَاهَا بِيَدِهِ فَقَالَ إِنْ وَجَدْتَ قَضَاءً فَاقْضِنِي وَإِلا أَنْتَ فِي حِلٍّ) فدل هذا الحديث على أن المعسر ينظر
ثانياً : قول النبي ﷺ مطل الغني ظلم . الظلم هو منع الحق عن مستحقه مع القدرة على أداءه وقد ذكر الصنعاني في العدة أن للعلماء خلاف في تفسيق الماطل هل يفسق بمرة واحدة أولا بد من التكرار لأن المطل إطالة المدافعة وقال قال النووي ومقتضى مذهبنا لا يشترط فيه التكرار لأن منع الحق بعد طلبه وانتفاء العذر عن أدائه يشبه المطل كثرة وإن تسمية النبي ﷺ له ظلماً يشعر بأنه كبيرة والكبيرة لا يشترط فيها التكرار لكن لا يحكم عليه بذلك حتى يظهر عدم عذره لأنه قد يكون معذوراً في الباطن وحاصل هذه الجملة أنه لا يحكم بفسقه إلا بعد تبين عدم العذر .
ثالثاً : يؤخذ من قوله فإذا اتبع بضم الهمزة وإسكان التاء وكسر الباء أحدكم رفع لأنه نائب فاعل فليتبع مفتوح الياء ساكن التاء مفتوح الباء الموحدة أي فليقبل الإحالة .
رابعاً : اختلف العلماء في هذا الأمر هل هو للوجوب أو للندب فذهبت الظاهرية إلى وجوب ذلك على من أحيل على مليء أي وجوب قبول الحوالة وذهب الجمهور من الفقهاء إلى أنه أمر ندب لما فيه من الإحسان إلى المحيل لتحصيل مقصوده وهو تحويل الحق عنه والإحسان لا يجب فكان مندوباً .
خامساً : قال ابن دقيق العيد وفي الحديث إشعار بأن الأمر بقبول الحوالة على المليء معلل بكون مطل الغني ظلم ولعل السبب فيه أنه إذا تعين كونه ظلماً والظاهر من حال المسلم الاحتراز عنه فيكون ذلك سبباً للأمر بقبول الحوالة لحصول المقصود من غير ضرر ويحتمل أن يكون ذلك لأن المليء لا يتعذر استيفاء الحق منه عند الامتناع بل يأخذه الحاكم قهراً ويوفيه
سادساً : استدل باشتراط أن يكون المحال عليه مليئاً أنها إذا صحت الحوالة ثم تعذر القبض بحدوث حادث من فلس أو غيره لم يكن للمحال رجوع على المحيل لأنه لو كان له رجوع ما كان لاشتراط الغنى فائدة .
وأقول : إن هذا القول يستلزم ضياع الحق والإضرار بصاحبه والذي يتبين أنه إذا تعذر استلام المحال به من المحال عليه جاز الرجوع إلى المحيل وإلا فإنه يلزم من ذلك الضرر على المحال وبالله التوفيق .
سابعاً : يشترط في الحوالة شروط أربعة هي :
الشرط الأول : تماثل الحقين لأنها تحويل للحق ونقل له فينقل على صفته ويعتبر تماثلهما في أمور ثلاثة هي الجنس والصفة والحلول أوالتأجيل
الشرط الثاني : أن تكون على دين مستقر
الشرط الثالث : أن تكون بمال معلوم
الشرط الرابع : أن يحيل برضاه أما المحال عليه لا يلزم رضاه .
--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]
[ المجلد الرابع ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf
|