عرض مشاركة واحدة
  #25  
قديم 29-11-2015, 01:23AM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -




باب الرهن وغيره

[275]الحديث الأول :
عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله ﷺ اشترى من يهودي طعاماً ورهنه درعاً من حديد .



موضوع الحديث :
الرهن



المفردات
تعريف الرهن : لغة الثبوت والدوام أو حبس شيء في مقابل آخر .
وشرعاً : جعل المال وثيقة فقد جعل النبي ﷺ درعه وثيقة في قيمة ثلاثين صاعاً من شعير .
قوله رهنه : أي جعله عنده رهناً في الثمن حتى يوفيه إياه .
درعاً من حديد : الوصف بقوله من حديد ليفهم أنه من دروع الحرب ذوات القيم العالية .


المعنى الإجمالي
صلوا ت الله وسلامه على نبينا محمد لقد كان مترفعاً عن الدنيا زاهداً فيها فكانت تأتيه الأموال إما من الجزية وإما من
الغنائم وإما من الفئ فينفقها في حينه ورغم أنه كان قادراً على تأمين القوت لأهله إما من غلال الأرض وإما مما يأتيه من الأموال التي سبق ذكرها ومع ذلك فقد أنفق ما بيده جميعاً ولم يجد قوتاً لأهله إلا أنه اشترى لهم من يهودي ثلاثين صاعاً من شعير ورهن بها درعه وإن هذا ليدل دلالة عظيمة على تقلله من الدنيا وإنفاقه للأموال التي تأتيه ﷺ ولقد كان ﷺ في السنة التاسعة والعاشرة حينما كثرت الأموال يجيز الوافدين كما هو معلوم لكل من استقرأ السيرة فلو طلب ثلاثين صاعاً من أصحابه لوجدها بالمجان ولكنه ترك ذلك كله واشترى من اليهودي ورهنه درعه صلوات الله وسلامه عليه .



فقه الحديث
أولاً : يؤخذ منه مشروعية الرهن وقد دل على مشروعيته كتاب الله تعالى حيث يقول الله عز وجل ( وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ ) [ البقرة : 283 ] فهذه الآية دلت على جواز الرهن في السفر إذا لم يكن هناك ائتمان من بعض المتبايعين لبعض وقد دل على جوازه في الحضر هذا الحديث


ثانياً: يؤخذ منه جواز معاملة الكفار من غير استفصال عن أموالهم من أين دخلت ومعلوم أن أموال الكفار على العموم وبالأخص اليهود يجمعونها من الربا ومهر البغايا وبيع الخـنـزير وغير ذلك من المعاملات الفاسدة المحرمة وقد أباح الله عز وجل معاملة الكفار فكان أصحاب رسول الله ﷺ يتعاملون مع الكفار بيعاً وشراءً وأخذاً وعطاءً ولا يسألونهم من أين جاءتكم هذه الأموال وقد حصل أن النبي ﷺ أقام هو وأصحابه بمكة ثلاث عشرة سنة يبايعون المشركين ويتعاملون معهم وعشر سنين في المدينة يبايعون اليهود ويتعاملون معهم ولا يسألون عن مصادر أموالهم وإن كان ذلك معلوماً ضرورة أن في كسبهم ما لا يحل .


ثالثاً:لعل بعض المتعنتين أو الجاهلين يقولون كيف نبايع اليهود والنصارى وكيف نبايع المشركين ونحن نعلم أن في معاملاتهم ما لا يحل لنا ؟ ونقول لهم إن الله حين أباح ذلك كان أرحم بعباده منكم ولو حرم الله عز وجل على المسلمين معاملة الكفار سواء كانوا أهل كتاب أو مشركين وثنيين أو ملحدين لا يؤمنون بدين لوقع عليهم الحرج والضرر إذ كان أغلب ما يستعملون من الآنية والثياب وغير ذلك كلها مما يجلبه الكفار ونحن الآن كذلك قد عشنا وعاش من قبلنا وهم يتعاملون مع الكفار من غير نكير من أحد من العلماء ومن أنكر ذلك ينكر عليه فقد كان النبي ﷺ يتعامل معهم وهذا يكفي في الاستدلال على حله


رابعاً: يؤخذ من هذا الحديث جواز البيع إلى أجل بأكثر من سعر يومه وقد ذهب إلى ذلك الجمهور وخالف في ذلك الزيدية ومنعوا البيع بأكثر من سعر يومه استدلالاً بحديث أسامة بن زيد رضي الله عنه حدث به ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ أَخْبَرَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ أَنَّ النَّبِيَّ _ قَالَ ( إِنَّمَا الرِّبَا فِي النَّسِيئَةِ) وعن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ ﷺ ( مَنْ بَاعَ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ فَلَهُ أَوْكَسُهُمَا أَوِ الرِّبَا ) ولكن هذين الحديثين متأولين بتأويل يخرج به كل منهما عما قصدوه وقد تأول الحديث الأول الإمام الشافعي في الرسالة وقال حديث أسامة بن زيد إنما هو جواب على شيء معين وكأنه سئل رسول الله ﷺ عمّا يجوز البيع فيه يداً بيد ويحرم فيه النسأ فقال ( إنما الربا في النسيئة ) هكذا تأوله الشافعي رحمه الله والخطابي رحمه الله والجمهور بل كل العلماء على هذا التأويل لم يخرج عن ذلك إلا من شذ وأما حديث ( من باع بيعتين في بيعة فله أوكسهما أو الربا ) فذلك كأن يفارقه من غير تعيين لأحد البيعين فمثلاً لو أعطى سلعة للمشتري وقال له إن أردت أن تأخذها نقداً فهي لك بثمانمائة (800) وإن أردتها نسيئة فهي لك بألف (1000) وذهب ولم يعين أحد البيعين ثم بعد أن مضت مدة قال أريدها نقداً ففي هذه الحالة لا يجوز أخذ الزيادة على أكثر من سعر يومه وهذا الحديث دليل على جواز الزيادة في البيع المؤجل لأن اليهود عرفوا بجشعهم وهلعهم على المال فهل يعقل أن ذلك اليهودي يعطي النبي ﷺ ثلاثين صاعاً بسعر يومها ويأخذ درعه فيها رهناً إلى أجل هذا لا يعقل أبداً .



والأمر الثاني : قول الله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ } [البقرة : 282 ] وقد وقع الإجماع على السلم وهو تقديم الثمن وتأخير السلعة وعكسه مثله وعليه الجمهور كما قلنا لكن لا بد من تحديد وقت الاستلام ومكانه وبالله التوفيق .



خامساً: يشترط في الرهن أن يكون مقابلاً للمال الذي جعل وثيقة فيه أو قريباً منه فإذا كان الدين خمسمائة ريال فلا يكون الرهن قيمته أقل من ذلك بكثير وثانياً : أن الرهن إن كان من المنقولات فينبغي أن يأخذه المرتهن لأن الله تعالى يقول ( فرهان مقبوضة ) أي يقبضها المرتهن وإن كان الرهان عقاراً أو شيئاً لا ينقل فلا بد أن يأخذ صكاً بذلك .



سادساً : إذا كان قد جعل الرهن في مقابل الدين فإن تعذر دفع الدين لصاحبه بيع الرهن بإشراف القاضي وأعطى صاحب الدين دينه ثم يعطيه الباقي وذلك يكون بواسطة أمين يتولى البيع ويقضي الدين ويرد الباقي إلى صاحبه .
وبالله التوفيق .


--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ]

[ المجلد الرابع ]

رابط تحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf









رد مع اقتباس